هل يتبرأ الفلسطينيون من الاتفاقيات مع إسرائيل؟

فلسطين

هل يتبرأ الفلسطينيون من الاتفاقيات مع إسرائيل؟


11/02/2020

تغريد علي

لم يخفِ ترامب منذ انقلابه وإسقاطه كافة القرارات والاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والتي تتعلق بالصراع العربي الصهيوني وحق عودة اللاجئين والتي تمت برعاية دولية وأمريكية، نواياه حول السلام في الشرق الأوسط، ليجرؤ على القيام بخطوات لم يجرؤ أي رئيس أمريكي القيام بها، والتي كانت بدايتها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في 15 أيار(مايو) 2018، مروراً بإعلان صفقة القرن في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي.

وقعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل منذ تسعينيات القرن الماضي ثماني اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية أبرزها اتفاقية أوسلو عام 1993

وبعد إصرار الإدارة الأمريكية على تمرير الصفقة التي اخترعتها وأعدتها واشنطن دون موافقة الأطراف المعنية بعملية السلام، وبعيداً عن قرارات الشرعية الدولية، يرى محللون أنّ على السلطة الفلسطينية التحلل والتخلص من اتفاقية أوسلو وكافة الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال للرد على القرار الأمريكي.

ووقعت السلطة الفلسطينية وإسرائيل منذ تسعينيات القرن الماضي ثماني اتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية أبرزها اتفاقية أوسلو عام 1993، واتفاقية غزة أريحا عام 1994، واتفاقية طابا في العام 1995، واتفاقية واي ريفر الأولى والثانية في العامين 1998 و1999، وتقرير ميتشل عام 2001، وخريطة الطريق عام 2002، واتفاقية المعابر في العام 2005.

وكان المجلس المركزي قد قرر في آذار (مارس) عام 2015، وفي نهاية تشرين الأول (أكتوبر)2018، بإنهاء السلطة الفلسطينية اتفاقياتها الموقعة مع سلطات الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية في تقرير نشرته عن دبلوماسي إسرائيلي رفيع في 8 شباط (فبراير) 2019، أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت وثيقة قدمت فيها تقديراتها لموضوع العلاقات مع السعودية، موضحة أنّ الأخيرة غير مستعدة حاليًا للتطبيع أو الموافقة على صفقة القرن.

اقرأ أيضاً: وثيقة فلسطينية ترصد 300 تجاوز قانوني في "صفقة القرن"

ونقلت القناة عن مسؤول سابق في الإدارة الأمريكية أنّ وزير الخارجية الأميريك مايك بومبيو طلب من العاهل السعودي الملك سلمان دعم خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط بعد أن يتم نشرها، إلا أن الملك سلمان أبلغ بومبيو أنّ المملكة لن تقدم الدعم لهذه المبادرة، في حال عدم تلبيتها لمطالب الفلسطينيين، خصوصاً فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: "فلسطين ع البسكليت": للتعريف بالقرى المهددة بالاستيطان والمصادرة

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أكد: لن أقبل بضم القدس لإسرائيل إطلاقاً، ولن يسجل في تاريخي أنني بعت عاصمتنا الأبدية.

وجدد عباس في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في 2 شباط (فبراير) الجاري لمواجهة مخاطر الخطة الأمريكية على القضية الفلسطينية ومنع ترسيمها كمرجعية دولية جديدة، رفض "صفقة القرن" جملة وتفصيلاً، وتحدث بأنه يبحث عن حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية، ولن يقبل أن تكون أمريكا وحدها وسيطاً لعملية السلام.

اقرأ أيضاً: المواقف التركية تجاه فلسطين عبر 7 عقود: ما أبرز التحوّلات؟

وأعلنت الجامعة العربية رفضها خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، قائلة إنّ الخطة لن تؤدي إلى اتفاق سلام عادل.

وقال أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة خلال اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة إنّ الفلسطينيين يرفضون الوضع الحالي؛ لأنه لا يُلبي تطلعاتهم ويضعهم فعلياً تحت احتلال، وسيكون من قبيل العبث أن تُفضي خطة للسلام إلى تكريس هذا الاحتلال وشرعنته.

اقرأ أيضاً: هل أفسد التنظيم الدولي للإخوان العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية؟‎

وقرر وزراء الخارجية العرب التأكيد على عدم التعاطي مع خطة السلام الأمريكية أو التعاون مع الإدارة الأمريكية بشأنها، وأنّ مبادرة السلام العربية التي طرحت عام 2002 هي الحد الأدنى المقبول عربياً لتحقيق السلام، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

التحلل من كافة الاتفاقيات

بدوره، يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ "حفريات": "لم يتبق من الاتفاقيات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي ومن بينها اتفاقية أوسلو ما يمكن الرهان عليه، مبيناً أنّ المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين اتخذا قراراً خلال العام 2015، بأنّ اتفاق أوسلو قد انتهى، وعليه يجب وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي بعد تنصّله من كافة التزاماته تجاه الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: أطفال فلسطينيون يعترفون لـ"حفريات" بانتهاكات محاكم الاحتلال الإسرائيلي العسكرية

ويضيف أنّ "اتفاق أوسلو كغيره من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال شكلت غطاء على سياسة الاحتلال العنصرية خلال ربع قرن من المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، مشيراً إلى ضرورة مغادرة كافة الاتفاقيات والتحلل منها بشكل نهائي، والتوجه نحو إستراتيجية تقوم على سحب الاعتراف بدولة الاحتلال، ووقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي والاتفاقيات الأمنية التي تتعلق بالتنسيق الأمني مع إسرائيل، وكذلك التخلص من الاتفاقيات المدنية التي تتعلق بالسجل السكاني وسجل الطابو، والتوجه نحو إطلاق إستراتيجية وطنية تقوم على إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإطلاق العنان للمقاومة الفلسطينية الشعبية لمواجهة إجراءات الاحتلال على الأرض".

اقرأ أيضاً: ما هي خيارات الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن؟

واعتبر أبو ظريفة أنّ "إعلان صفقة القرن لن يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، ولن يتسبب في ضياع كافة الحقوق الفلسطينية والوطنية، ولكن المطلوب حالياً هو تغيير وظيفة السلطة من سلطة تخضع للاحتلال الإسرائيلي إلى سلطة تحرر وطني، تقوم على توفير الحماية الأمنية من بطش واعتداءات المستوطنين وإجراءات الاحتلال التعسفية والعنصرية".

أبو ظريفة: إعلان صفقة القرن سيعيد حشد العالم خلف قضية فلسطين العادلة

إعادة ترتيب الوضع الفلسطيني

ولفت إلى أنّ "إعلان صفقة القرن سيعيد حشد العالم خلف قضية فلسطين العادلة، ولن تستطيع كافة المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية والتي جوبهت جميعها بالفشل في وقت سابق من القضاء عليها، مؤكداً أنّ هذه المؤامرات أوصلت رسائل الشعب الفلسطيني للعالم بأنّ ما تقوم به الإدارة الأمريكية هو نقيض لقرارات الشرعية الدولية، وهي محاولات لخدمة المصالح الإسرائيلية على حساب مصير الشعب الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: صفقة القرن: يوم أسود في التاريخ الفلسطيني‎

وبسؤال أبو ظريفة عن مدى إمكانية إجراء انتخابات فلسطينية شاملة، وإنهاء الانقسام للرد على الإعلان الأمريكي، قال إنّ "المرحلة الحالية تتطلب إعادة ترتيب النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة، والتوافق على إستراتيجية وطنية تقوم على الشراكة السياسية لمجابهة كافة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: المواجهة الفلسطينية المطلوبة لصفقة القرن

وطالب أبو ظريفة بضرورة "نصرة العالم القضية والحقوق الفلسطينية، ودعم قرارات الشرعية الدولية، والتي أعطت الفلسطينيين الحق في إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وفق القرار رقم 194، وتوحيد كافة الطاقات والإمكانيات من أجل إسقاط هذه الصفقة".

اعتداء على الحقوق الفلسطينية
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، عبد الستار قاسم إنّ "الشرعية الدولية ليست لها قيمة أمام القوة، وإنّ ما يحدث على الساحة الدولية بعد إعلان ترامب لصفقة القرن يبين بشكل واضح أنّ منطق القوة وليس منطق القانون والشرعية هو السائد حالياً، حتى وإن بدت كافة المواثيق والقرارات الدولية تصب في صالح الشعب الفلسطيني"، مؤكداً بأنه "لا بد من التخلص من جميع الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال والتي التزمت بها السلطة الفلسطينية من طرف واحد، وأبقت الفلسطينيين رهينة لإسرائيل سياسياً واقتصادياً".

اقرأ أيضاً: الفلسطينيون يلوحون بالتصعيد

ويرى قاسم، في حديثه لـ "حفريات"، أنّ "القيادة الفلسطينية لا تزال تثق بالولايات المتحدة كشريك في عملية السلام، من خلال مطالبة الجانب الفلسطيني بمجموعة دولية تتولى الوساطة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسوف تشتمل المجموعة حتماً على عضوية الولايات المتحدة الأمريكية والتي ستتولى زمام الأمور بها، كما هو الحال مع الرباعية الدولية والتي تتكون من أربعة أطراف يسيطر الجانب الأمريكي عليها بشكل كامل".

اقرأ أيضاً: لماذا صار زمن إشهار الثورة الفلسطينية أقسى الشهور؟

وبيّن أن إعلان ترامب هو اعتداء صارخ على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، مبيناً أنّ "القرار يمهد لأن تنتهي الأراضي الفلسطينية بيد إسرائيل والتي تريدها بدون سكان فلسطينيين، وسيعمل الاحتلال جاهداً مع بعض الأطراف العربية والأوروبية والأمريكية والإسرائيلية على خنق المجتمع الفلسطيني معيشياً وأمنياً ودفع الشباب الفلسطينيين للهجرة إلى خارج الوطن، لتكون المعركة المقبلة ضد السكان وليس على الأرض فقط".

خيارات فلسطينية متعددة
ولفت قاسم إلى أنّ "إعلان صفقة القرن سيؤثر على بعض الدول العربية المجاورة والتي تشتمل على أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين كلبنان والأردن، وسيكون من أكثر المتأثرين من الصفقة هي الأردن والتي لا تزال ترى فيها إسرائيل بأنها الوطن البديل للشعب الفلسطيني".

عبد الستار قاسم: خيارات متعددة يتوجب القيام بها كاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهو غير وارد في الوقت الحالي

وتابع أنّ "الشعب العربي والفلسطيني بات ينصرف نحو الاهتمام بالقضايا المعيشية والمصير الفردي، وعدم الاكتراث بقضايا الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك لعدم ثقة معظم هذه الشعوب بقيادتها، وكذلك فقدان ثقتها بالمؤتمرات الدولية التي يتم انعقادها بين الفينة الأخرى، والتي لم تؤت ثمارها، أو تنفذ التزاماتها اتجاه الشعب الفلسطيني".

وبسؤال قاسم عن الخيارات أمام السلطة الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن قال: "هناك خيارات متعددة يتوجب القيام بها كاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهو غير وارد في الوقت الحالي بعد تأكيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه مع قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وكذلك إعادة بناء المجتمع الفلسطيني المتدهور اجتماعياً واقتصادياً لمواجهة التحديات وفق منظومة وطنية وميثاق وطني فلسطيني جديد، بالإضافة إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات رئاسية، وإيجاد قيادة فلسطينية جديدة للسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية