
في مقطع فيديو مفاجئ ظهر قائد لواء النقل العام التابع للحماية الرئاسية، المصنف كأحد أبرز المطلوبين لدى أمن عدن، العميد أمجد خالد، ظهر يوم عيد الأضحى الفائت يهدد ويتوعد قيادة حزب (الإصلاح) بـ "نشر الغسيل" وكشف ما وصفها بـ "التفاهمات"، في خطوة بدت كمحاولة لفتح ملفات غامضة تتعلق بصفقات سرّية.
في تطور أمني خطير كشفت اللجنة الأمنية العليا في اليمن، برئاسة الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، عن تفكيك شبكة إرهابية وصفت بـ "الأخطر" في المحافظات المحررة، يقودها المدعو أمجد خالد، قائد لواء النقل السابق، بصلات وثيقة مع ميليشيات الحوثي وتنظيمي (القاعدة وداعش).
اللجنة قالت إنّها قامت بتفكيك واحدة من أخطر الخلايا الإرهابية المرتبطة بميليشيا الحوثي وتنظيمي (القاعدة وداعش)، في محافظة تعز، وتنفذ عمليات اغتيال وتفجير في مناطق متفرقة.
"تفكيك شبكة أمجد خالد كشف تداخل الإرهاب مع السياسة، وفضح علاقات سرّية جمعت الحوثيين بتنظيمي القاعدة وداعش تحت مظلة حزبية مشبوهة."
وأكدت اللجنة الأمنية أنّ الحملة الأمنية التي استهدفت هذه الخلية كشفت عن ارتباطها المباشر بالقيادي الحوثي محمد عبد الكريم الغماري، وعبد القادر الشامي، كما ثبت تورط أمجد خالد، القائد السابق للواء النقل، بإدارة شبكة إرهابية خطيرة تعمل لصالح الحوثيين.
هذا الكشف، الذي أُعلن عنه في اجتماع أمني رفيع المستوى بالعاصمة المؤقتة عدن، يوم السبت 28 حزيران (يونيو) 2025، أثار صدمة واسعة، ليس فقط لخطورة الشبكة، بل لارتباطاتها المباشرة بقيادات حوثية عليا، وعلى رأسهم محمد عبد الكريم الغماري، رئيس أركان الميليشيات، وعبد القادر الشامي، نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات الحوثي.
شبكة إرهابية عابرة للحدود
وفقًا لتقارير استخباراتية عُرضت خلال الاجتماع الأمني، فإنّ الشبكة التي يديرها أمجد خالد نفذت سلسلة من العمليات الإرهابية التي استهدفت استقرار المحافظات المحررة، بما في ذلك عدن وتعز ولحج والبيضاء. ومن أبرز هذه العمليات اغتيال مدير برنامج الأغذية العالمي في مدينة التربة بمحافظة تعز، مؤيد حميدي، عام 2023، إلى جانب عمليات تخريبية واغتيالات لقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات دينية ومجتمعية. كما اتهمت اللجنة الأمنية الشبكة بتنسيق عمليات التخابر بين الحوثيين وتنظيمي (القاعدة وداعش)، في مخطط يهدف إلى إسقاط المدن المحررة من الداخل.
"في زمن التحالفات القاتلة، أمجد خالد تحول من قائد عسكري إلى ورقة ابتزاز، تتحرك بتوجيه حزبي وتنفّذ أجندات عابرة للحدود والضمير."
وأكدت مصادر أمنية أنّ الأجهزة الأمنية في تعز نجحت في ضبط المنفذين الرئيسيين لعملية اغتيال حميدي، بالإضافة إلى عشرات المتورطين في عمليات تفجير واغتيالات أخرى. كما تم ضبط معامل لتصنيع المتفجرات وسيارات مفخخة، إلى جانب عبوات Gutenberg ناسفة وألغام مخبأة في منازل سكنية بمديرية الشمايتين، ممّا يكشف عن البنية التحتية المتطورة التي كانت تديرها الشبكة.
أمجد خالد ليس وجهًا جديدًا في المشهد اليمني. بعد تحرير عدن عام 2015 بدعم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، عُيّن أمجد خالد قائدًا للواء النقل العام ضمن ألوية الحماية الرئاسية التي شكلها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، بدعم من نائب الرئيس آنذاك علي محسن الأحمر. استمر خالد في منصبه حتى عام 2018، وشارك في مواجهات إلى جانب تنظيم الإخوان ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن. بعد هزيمته فرّ إلى مدينة التربة جنوب تعز عام 2019، حيث وفر له تنظيم الإخوان ملاذًا آمنًا في مديريتي الشمايتين والمقاطرة التابعتين لمحافظة لحج.
في التربة استغل خالد منصبه العسكري لتوفير مظلة لعناصر إرهابية نفذت هجمات استهدفت قيادات بارزة في الدولة اليمنية. وثائق صادرة عن النيابة العامة المتخصصة في مكافحة الإرهاب، بتاريخ 25 تموز (يوليو) 2023، أكدت تورط خالد في (7) عمليات إرهابية، منها تفجير موكب محافظ عدن أحمد لملس وتفجير بوابة مطار عدن الدولي في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، الذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين. كما بثت شرطة عدن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 تسجيلات مرئية تظهر خالد وهو يوجه عناصر إرهابية لتنفيذ عمليات ضد قيادات المجلس الانتقالي.
تحالفات مشبوهة وهروب متكرر
على الرغم من صدور حكم إعدام بحق خالد وأعضاء شبكته في 29 نيسان (أبريل) 2024 من المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب، إلا أنّه تمكن من الفرار مرات عدة بمساعدة قوى موالية لتنظيم الإخوان. في شباط (فبراير) 2025 أوقفته قوات أمنية في التربة بناءً على توجيهات المجلس الرئاسي، لكنّه فرّ من السجن بتواطؤ من حزب (الإصلاح)، حسب مصادر أمنية. وفي حزيران (يونيو) 2025 داهمت قوات موالية للإخوان مقرات خالد في التربة، ممّا دفعه للتهديد بنشر تسجيلات ووثائق تكشف اتفاقاته مع قيادات الحزب.
"خلف واجهة المنصب، نسج أمجد خالد خيوط شبكة إرهابية، أدارها من التربة لتغرس الموت في جسد المدن المحررة باسم الولاء والانتماء."
وبحسب (العين الإخبارية) فإنّ حزب (الإصلاح) يواصل مناوراته، محاولًا استخدام خالد كورقة ضغط على الشرعية. ورغم ضبط بعض أتباعه نقل الحزب آخرين إلى بلدة المنصورة جنوب تعز، في محاولة لاحتواء الأزمة دون التعامل الحاسم مع الشبكة الإرهابية.
في سياق متصل، عادت قناصة الحوثيين لاستهداف المدنيين في تعز ولحج، في تصعيد يعكس استمرار الميليشيات في نهجها الإرهابي. هذه العمليات، التي أطلق عليها "صياد الموت"، تتزامن مع الكشف عن شبكة خالد، وهو ما يشير إلى تنسيق محتمل بين الحوثيين والعناصر الإرهابية في استهداف المدنيين والقيادات الأمنية.
ملاحقات دولية
أقرت اللجنة الأمنية العليا بملاحقة المطلوبين أمنيًا، بمن فيهم أمجد خالد، الذي يُعتقد أنّه يقيم حاليًا في دولة إقليمية داعمة للحوثيين. وأعلنت عن مخاطبة الشرطة الدولية (الإنتربول) والدول الشقيقة لاسترداده ومحاكمته. هذا الإجراء يعكس تصميم السلطات اليمنية على مواجهة الإرهاب بكل أشكاله، في ظل تحديات معقدة تفرضها التحالفات الإرهابية العابرة للحدود.
يكشف تفكيك شبكة أمجد خالد عن عمق التحديات الأمنية التي يواجهها اليمن، حيث تتداخل الميليشيات الحوثية مع تنظيمات إرهابية مثل (القاعدة وداعش) في مخططات تستهدف زعزعة استقرار المحافظات المحررة. ومع استمرار الانتهازية السياسية لبعض الأطراف، كحزب (الإصلاح) الإخواني، تظل الجهود الأمنية للشرعية حاسمة في مواجهة هذا الخطر المتصاعد. ويمكن القول إنّ ملاحقة خالد وأتباعه، سواء داخل اليمن أو عبر الإنتربول، خطوة ضرورية لاستعادة الأمن وتعزيز الاستقرار في بلد يعاني من ويلات الحرب والإرهاب منذ عقود.