
تواجه جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا واحدة من أكبر أزماتها منذ عقود، مع تنامي الضغوط الأمنية والمالية والقانونية التي بدأت تطال شبكاتها التقليدية في عدة دول، على رأسها فرنسا وألمانيا والنمسا.
في فرنسا تصاعدت وتيرة المواجهة بعد صدور تقرير حكومي وصف الجماعة بأنّها تنشط ضمن شبكة مؤسسات تسعى إلى إعادة أسلمة المجتمع وزعزعة قيم الجمهورية. التقرير دعا إلى إجراءات تشريعية عاجلة تشمل تجميد التمويل ومراقبة الجمعيات الدينية المرتبطة بها؛ وفي استجابة مباشرة لذلك جُمّدت أصول المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، أحد أبرز المؤسسات المتهمة بالارتباط بالجماعة، وشرعت السلطات في إجراءات لحل الجمعية المشرفة عليه، وفق (سكاي نيوز).
في فرنسا تصاعدت وتيرة المواجهة بعد صدور تقرير حكومي وصف الجماعة بأنّها تنشط ضمن شبكة مؤسسات تسعى إلى إعادة أسلمة المجتمع وزعزعة قيم الجمهورية.
وقد ردّ المعهد على القرار ووصف الخطوة بأنّها غير مفهومة وتحمل عواقب خطيرة، غير أنّ الأصوات الرسمية تصر على وجود ثغرات تمويلية وتنظيمية مثيرة للريبة.
النمسا، التي صنفت الجماعة كتنظيم محظور منذ عام 2021، انضمت مؤخرًا إلى فرنسا في طرح مبادرة مشتركة داخل البرلمان الأوروبي تدعو إلى فرض رقابة أوسع على المؤسسات المرتبطة بالإخوان وفتح تحقيقات معمقة في آليات التمويل العابرة للحدود.
وفي ألمانيا، التي لطالما اعتُبرت من أكثر الدول الأوروبية تساهلًا تجاه نشاط الجماعة، بدأت الأجهزة الأمنية في تضييق الخناق تدريجيًا، حيث أدرجت الاستخبارات الإخوان ضمن "أخطر التهديدات الإيديولوجية للنظام الديمقراطي"، وبدأت بتنفيذ عمليات مراقبة مشددة شملت مساجد وجمعيات ثقافية في ولايات رئيسية، في خطوات تحظى بدعم سياسي واسع.
هذه التطورات تأتي في وقت يشير فيه محللون ومسؤولون أوروبيون إلى أنّ الجماعة لم تعد تحتفظ بالغطاء المجتمعي أو السياسي نفسه الذي استفادت منه سابقًا. وتقول السيناتور الفرنسية نتالي غوليه: إنّ بلادها لا تستهدف جماعة الإخوان على وجه التحديد، بل تتحرك ضمن جهود أوسع لمواجهة الراديكالية الإسلامية بجميع أشكالها. وتشير إلى أنّ هناك تنسيقًا يجري حاليًا بين عدد من العواصم الأوروبية لوقف تمويل المنظمات غير الحكومية التي يتزعمها أشخاص على صلة بالجماعة، خاصة تلك التي تنشط تحت شعارات إنسانية وثقافية.
النمسا انضمت مؤخرًا إلى فرنسا في طرح مبادرة مشتركة داخل البرلمان الأوروبي تدعو إلى فرض رقابة أوسع على المؤسسات المرتبطة بالإخوان وفتح تحقيقات بتمويلاتها.
وكشفت المتحدثة عن عقدها اجتماعًا في مجلس الشيوخ مع عدد من السفراء الأوروبيين والأجانب، ناقشوا خلاله استراتيجية موحدة لمواجهة تمدد جماعة الإخوان في القارة، مشيرة إلى وجود تقارب واضح بين العواصم الغربية في هذا الملف، تمهيدًا لاعتماد نهج مشترك أكثر فاعلية.
في بريطانيا ما تزال الجماعة تتمتع بهامش من حرية الحركة، وإن باتت أكثر حذرًا في أسلوب عملها. ويقول عضو حزب العمال البريطاني مصطفى رجب في تصريح لـ (سكاي نيوز): إنّ الجماعة تعتمد على واجهات تجارية واستثمارات خاصة لتأمين تمويلها، وتلجأ إلى تنظيم فعاليات عامة تحمل طابعًا ثقافيًا أو اجتماعيًا لكنّها موجهة بشكل غير مباشر من قبل الإخوان.
وتابع: "أمس كان هناك مؤتمر جرى تنظيمه تحت لافتة الجالية العربية، لكنّه تم بدعم وتمويل من تنظيم الإخوان، وكان الهدف الأساسي منه هو استقطاب عناصر جديدة من جنسيات عربية مختلفة"، محذرًا من أنّ الجماعة باتت تستغل أدواتها المالية لخدمة أجنداتها السياسية داخل بريطانيا.
ودلل على ذلك بالقول: إنّ "الإخوان يستخدمون التمويل في دعم بعض أعضاء البرلمان، سواء بشكل مباشر أو عبر حملاتهم الانتخابية، ممّا يمنحهم قدرة على ممارسة ضغط سياسي في أوقات حساسة، مثل مناقشة أيّ تشريعات أو قرارات تتعلق بالتضييق على نشاطهم".
ويشير إلى أنّ بعض هذه الأنشطة باتت تُستخدم أيضًا لبناء نفوذ سياسي، ومن ضمن ذلك محاولات دعم حملات انتخابية لعدد من النواب، بما يسمح للجماعة بالحفاظ على موطئ قدم داخل مؤسسات التأثير.