ما هي خيارات الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن؟

فلسطين

ما هي خيارات الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن؟


30/01/2020

كان الفلسطينيون ينتظرون، طوال الأعوام الماضية، قرارات حاسمة لإنهاء الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والحصول على حقوقهم التي سلبت منهم، فمنهم من كان يحلم بحقّ العودة، وآخرون كانوا يسعون إلى حلّ الدولتين، إلا أنّ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، قضى على كلّ ذلك من خلال إعلانه في واشنطن أول من أمس خطة السلام بين "إسرائيل" والفلسطينيين، المعروفة بـ "صفقة القرن"، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تجاوز ترامب كافة الاتفاقيات الدولية، وأبرزها حلّ الدولتين، التي يوافق عليها المجتمع الدولي، وقرّر أن ينهي قضية اللاجئين الفلسطينيين.

مخيمر أبو سعدة: مواجهة ما تسمى "صفقة القرن" تكون من خلال إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل المقاومة الشعبية

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، تسريباً لمعلومات عن بنود صفقة القرن، قبل يومين من إعلانها في البيت الأبيض، وهي: إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة على مساحة 70% من أراضي الضفة الغربية، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة شعفاط، شمال شرق القدس، وعودة السلطة لقطاع غزة، ونزع سلاح حركتَي الجهاد وحماس، والسماح لإسرائيل بضمّ ما بين 30 إلى 40% من أراضي المنطقة "ج" بالضفة الغربية.
وقال الرئيس الأمريكي، خلال إعلان "صفقة القرن" في البيت الأبيض: "إننا نخطو خطوة كبيرة باتجاه السلام، والشعب الفلسطيني يستحقّ فرصة لتحسين مستقبله".
وأضاف: "صياغة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين مهمة صعبة ومعقدة، وهذه الخطّة للسلام مختلفة تماماً عن الخطط السابقة، ورؤيتي تتيح فرصة للطرفين ضمن حلّ الدولتين، وسنعمل على تحقيق اتصال جغرافي بين أراضي الدولة الفلسطينية".

 آلاف الفلسطينيين خرجوا في تظاهرات حاشدة في قطاع غزة والضفة الغربية
وزعم الرئيس الأمريكي أنّ "إسرائيل تخطو خطوة كبيرة نحو السلام، والقدس ستظلّ عاصمة غير مقسمة لإسرائيل"، وتابع: "واشنطن مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضٍ محتلة" لم يحددها.
وفي أول تعليق له على الخطة بعد أن أعلنها ترامب، رد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنها "لن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهبت مشاريع التآمر في هذه المنطقة".
وقال عباس عقب اجتماع القيادة الفلسطينية: "هذه المؤامرات والمخططات ستذهب إلى فشل وزوال ولن تُسقط حقاً ولن تنشئ التزاماً ... وسنعيد هذه الصفعة صفعات إن شاء الله".

اقرأ أيضاً: صفقة القرن: يوم أسود في التاريخ الفلسطيني‎
فما هي السيناريوهات المتوقعة لمواجهة صفقة القرن؟ ولماذا اختار الرئيس الأمريكي هذا التوقيت لإعلان خطته للسلام؟ وما هي خيارات الفلسطينيين لمواجهة الصفقة؟ وهل ستلغي السلطة الفلسطينية الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي؟ وما هو مستقبل السلطة الفلسطينية؟ وما هو مصير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"؟
الابتعاد عن حلّ الدولتين
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، لـ "حفريات": "الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حاول خلال مؤتمره الصحفي التلويح بأنّ هناك فرصة تاريخية لإقامة دولة فلسطينية، ولكن وفق ما تمّ الحديث عنه؛ فإنّ مستقبل حلّ الدولتين قد ابتعد كثيراً؛ لأنّ ما يراد تحقيقه هو دولة كرتونية، لا سيطرة سياسية، ولا أمنية، ومقطعة الأوصال، ولا تملك حدوداً مع الدول المجاورة".

اقرأ أيضاً: المواجهة الفلسطينية المطلوبة لصفقة القرن
ويضيف: "ترامب يعمل على تنفيذ وعوده للمسيحيين الإنجيليين، والذين يعدّون القاعدة الصلبة له في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة مع قرب انتخابات الرئاسة الأمريكية، أواخر هذا العام، وهو في حاجة إلى دعمهم مجدداً، إضافة إلى دعم اليهود؛ لذا فهو يتقرب من دولة الاحتلال، ويحقق لنتنياهو أكثر مما كان يتمنى، إضافة إلى محاولة ترامب إبعاد الأضواء عن محاولة عزله في مجلس الشيوخ الأمريكي".


ويواصل حديثه: "في الحقيقة؛ تمّ فعلياً تنفيذ العديد من الأمور المتعلقة بهذه الصفقة، أهمها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتجفيف الدعم لـ "الأونروا"، للقضاء على قضية اللاجئين، والاعتراف بضمّ هضبة الجولان وشرعنة المستوطنات ونهب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، ولكن كلّ ذلك سيبقى مرهوناً بصمود الشعب الفلسطيني، ومواجهته للاحتلال، وبقاء الفلسطيني متجذراً في وطنه سيعمل على إفشال هذه المؤامرة".
خيارات قوية
وبحسب أبو سعدة؛ فإنّ السلطة الفلسطينية تمتلك خيارات قوية للردّ على الصفقة، مثل: إعلان النفير العام، وتفعيل المقاومة الوطنية والشعبية، وتنفيذ قرارات قطع العلاقة مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، ودعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للانعقاد، والمواجهة باستعادة الوحدة الوطنية والتراجع عن قرارات الانقسام.
ويبيّن أستاذ العلوم السياسية؛ أنّ "مواجهة ما تسمى "صفقة القرن" فلسطينياً تكون من خلال إنهاء الانقسام، وتعزيز حالة الوحدة الوطنية، وتفعيل المقاومة الشعبية، وتوسيع دائرة التأييد العربي والإسلامي والدولي، والعمل على زيادة حملات المقاطعة الدولية، ويمكن أن تصل الأمور إلى إلغاء الاتفاقيات مع الاحتلال، وحلّ السلطة الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: لماذا صار زمن إشهار الثورة الفلسطينية أقسى الشهور؟
ويفيد بأنّ "الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حاول من اللحظة الأولى العمل على إنهاء "الأونروا"؛ لأنّها تخلد قضية اللاجئين، وتحافظ على حقوقهم، وأوقف الدعم الأمريكي لوكالة (الأونروا)"، مشيراً إلى أنّه "يمكن لـ (الأونروا) أن تستمرّ في عملها من خلال توفير الدعم الكافي لها حتى تواصل أنشطتها، وهذا من شأنه العمل على إفشال أيّة محاولة لإنهاء قضية اللاجئين وتصفيتها".
تصفية القضية الفلسطينية
وفي السياق نفسه، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي، هاني حبيب، لـ "حفريات": "الولايات المتحدة الأمريكية استغلت أسوأ الظروف التي يمرّ بها الفلسطينيون والعرب لتعمل على تصفية القضية الفلسطينية، و"إسرائيل" كانت تتربص وتعمل على تجهيز خططها، والخطة الأمريكية ليست منفصلة عن مجال التفكير الإسرائيلي، فهو ما كانت تفكر به مراكز الدراسات الإسرائيلية، فما أعلنه ترامب هو مخطط إسرائيلي يسعى للسيطرة على كلّ الأرض الفلسطينية".


ويضيف: "الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لن يذهب إلى حلّ السلطة الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن؛ فقد سبقت ذلك أحداث كثيرة ومهمة، ولم يتم حلّ السلطة، ولم يعد يهم "إسرائيل" إن تغيّرت السلطة الفلسطينية أم لا، ومن المتوقع أن تكون خيارات السلطة الفلسطينية، وحركة حماس في مواجهة صفقة القرن محدودة، بعد أن استُنزفت قدراتهم في الأعوام الماضية، وحصروا أنفسهم في زوايا محدودة، وتجردوا من خيارات كثيرة، من الممكن أن تكون أكثر تأثيراً على إسرائيل في المجتمع الدولي".

هاني حبيب: الولايات المتحدة استغلت أسوأ الظروف التي يمرّ بها الفلسطينيون والعرب لتعمل على تصفية القضية الفلسطينية

ويتابع: "من المتوقع أن تكون ردة الفعل الجماهيرية على إعلان صفقة القرن أقوى من ردة الفعل السياسية الفلسطينية، لذلك من الضروري تفعيل كافة أشكال المقاومة الشعبية، وتطويرها ودعمها لتكون واسعة النطاق، وإفساح المجال أمام المتظاهرين بالضفة الغربية للوصول إلى مناطق التماس، وعدم اعتراضهم من قِبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، فتلك السياسة ترهق الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى توحيد الصفّ الفلسطيني وإنهاء الانقسام بين حركتَي فتح وحماس".
هل ستلغي السلطة الاتفاقيات مع الاحتلال؟
وتوقّع حبيب أن تعلن السلطة الفلسطينية إلغاء الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، كما أعلنت من قبل، إلا أنّها لا تستطيع تنفيذ ذلك؛ لأنّ تحويل الأموال والتعاون الاقتصادي والزراعي وتنقل المواطنين عبر المعابر جزء من الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي.

من المتوقع أن تكون ردة الفعل الجماهيرية على إعلان صفقة القرن أقوى من ردة الفعل السياسية الفلسطينية
وكان آلاف الفلسطينيين قد خرجوا في تظاهرات حاشدة في قطاع غزة والضفة الغربية؛ حيث أحرق الشبان إطارات السيارات، ورفعت شعارات تطالب بوحدة الفلسطينيين.
ويقول الشاب خليل عبد العال، لـ "حفريات": "تلك الصفقة تسعى للقضاء على حقّ العودة، الذي نحلم به منذ أن تمّ تهجير آبائنا وأجدادنا من أراضيهم، عام 1948، وهو الجزء الثاني من وعد بلفور المشؤوم، الذي منح اليهود وطناً على أرضنا، فنحن لن نقبل بذلك، وسوف نقاوم حتى آخر نفس لاستعادة أراضينا متحدّين كافة المخططات".
ويضيف: "مدينة القدس هي عاصمة الفلسطينيين، وليست شعفاط، وحقوقنا معروفة، ولن نقبل بتلك الصفقة على الإطلاق، فنحن قدمنا الكثير من أجل قضيتنا، ومستعدون لتقديم المزيد، من أجل التصدي لكافة المؤامرات والخطط".
رفض شعبي
أما المواطن الفلسطيني، سليمان حمادة، فأبلغ "حفريات": "ترامب لا يمتلك شيئاً ليقدّمه لإسرائيل، فنحن أصحاب الأرض ونرفض ذلك، وبشدة، ويجب على السلطة الفلسطينية التصدي لتلك المؤامرة والانسحاب من كافة الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي والتوجه للمحافل الدولية؛ كي لا تمرّ تلك الصفقة كما مرّ وعد بلفور".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية