
بعد أن فشلت كل محاولات العودة إلى المشهد السياسي، ومخططات الإطاحة بمسار 25 تموز/ يوليو وإنهاء حكم الرئيس قيس سعيد، لا تزال جماعة الإخوان وأذرعها في تونس تحاول التشويش على الانتخابات الرئاسية التي ستجرى بعد أسبوعين على أقصى تقدير، رغم فرضية المشاركة فيها عبر دعم أحد المرشحين كخطة احتياطية.
وتشكل الانتخابات الرئاسية محطة مفصلية في خضم ظرف حساس تمرّ به البلاد التونسية، وهي تعتبر مواصلة لمسار 25 تموز/يوليو الذي بدأ به الرئيس قيس سعيد من خلال عملية متكاملة أطاح فيها بالنظام القديم وأرسى دستورًا جديدًا وأجريت إثره انتخابات برلمانية.
ويرى بعض المراقبين، أن الرئيس قيس سعيد هو الأوفر حظًا في الانتخابات، نظرًا لأن باقي الأسماء المطروحة لا تشكل منافسة قوية، ولعل التخوف الأكبر اليوم، بحسب موقع "العهد الإخباري"، هو نسبة المشاركة في الانتخابات في ظل انقسام سياسي كبير بين المعارضين والمناصرين لمسار 25 تموز /يوليو.
دعم منافس قيس سعيد
في الأثناء، يعمل الإخوان على إيجاد بديل للإخواني عبد اللطيف المكي لدعمه"، فيما يرى مراقبون أن "الملاذ الوحيد لقوى المعارضة يكمن في المشاركة في هذه الانتخابات عن طريق دعم المرشح العياشي زمال الذي كان نائبا في برلمان الإخوان لسنة 2019 عن حزب تحيا تونس".
ولدى الإخوان خيار آخر لمواجهة الرئيس قيس سعيد عبر دعم زهير المغزاوي رئيس حركة الشعب القومية"، لكن المغزاوي معروف بمناهضته للإخوان حيث صرح مؤخرا، بعد محاولات الإخوان لإغرائه، أنه يرفض أن يكون مطية لعودة منظومتهم.
في السياق، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي نبيل غواري إن المرشح الرئاسي العياشي زمال لا يحمل الأفكار الإخوانية، وإنما حاول من خلال خطابه الانتخابي استمالة جماعة الإخوان وهو ما استجابت إليه الجماعة.
وأكد في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن تعهده بالإفراج عن المساجين من السياسيين على رأسهم راشد الغنوشي رئيس النهضة أسال لعاب الإخوان، مضيفا أن زمال يغازل الخزان الانتخابي للنهضة رغم تراجعه، وذلك لم يأت من فراغ، خاصة أنه كان عضوا في حزب حركة "تحيا تونس" الذي يقوده رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، الذي سبق وتحالف مع حركة النهضة.
وتابع "زمال هو جزء من تحالف قديم بين حزب حركة تحيا تونس وحركة النهضة في 2017، وبالتالي هو أقرب إلى حركة النهضة منها إلى تيار سياسي آخر ".
وأضاف أن "زمال مرشح كل القوى المتحالفة مع الإخوان، وهو ممثل لهم بعد أن تمت الإطاحة بهم وسحب البساط من تحت أقدامهم".
المصالحة الوطنية تدغدغ الإخوان
وبدأ العياشي زمال الإثنين الماضي حملته الانتخابية بخطاب سياسي يستميل به أنصار حركة النهضة الإخوانية، حيث تعهد بالإفراج عن المساجين من السياسيين والمعارضين من الجماعة وحلفائها.
كما تعهد حال فوزه بالانتخابات بإجراء مصالحة وطنية شاملة وصياغة دستور جديد وانتخابات تشريعية مبكرة وتكوين المحكمة الدستورية.
تعهده بالإفراج عن المساجين من السياسيين على رأسهم راشد الغنوشي رئيس النهضة أسال لعاب الإخوان
وقد نشر الإخواني رضوان المصمودي على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بيانا اليوم الجمعة، وقع عليه رفقة مجموعة من قيادات النهضة في الخارج وشخصيات سياسية أخرى متحالفة معها للتصويت لزمال.
ودعا البيان إلى عدم مقاطعة الانتخابات الرئاسية والمشاركة فيها، مشددا على ضرورة "التصويت بكثافة لصالح العيّاشي زمّال بعد التزامه بطيّ صفحة الماضي والإفراج عن كافة المساجين السياسيّين وإرجاع الاعتبار لمؤسّسات الدولة وضمان استقلال القضاء".
حركة النهضة تخطط لإرباك المسار الانتخابي
من جانبه، أكد نزار الجليدي المحلل السياسي التونسي، أن حركة النهضة الإخوانية تقف وراء التظاهرات الأخيرة التي شهدتها تونس، حيث أن الجماعة تخطط لإرباك المشهد في ظل التجهيزات الدائرة داخل البلاد لإجراء الانتخابات الرئاسية في تونس
وأضاف الجليدي في تصريحات لموقع "الوئام"، أن التظاهرات الأخيرة في تونس كان لها أهداف مشبوهة أولها الانتقام من نظام الرئيس التونسي قيس سعيد والسعي لإسقاطه ردًا على محاربته للإخوان وقيادات الجماعة والتي أدت في النهاية لاقتراب سقوط حركة النهضة بالإضافة إلى الزج بأبرز قياداتها في السجون.
وأوضح المحلل السياسي، أن قرارات الرئيس قيس سعيد التاريخية والتي عرفت بقرارات 25 يوليو كانت سببًا في فضح حركة النهضة وكشف تجسسها على الأمن القومي والتورط في دعم الإرهاب وتنظيماته وتسفير الشباب التونسي لمساندة التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التخابر مع دول أجنبية كل هذه أسباب أدت إلى محاكمة كبار قيادات النهضة وعلى رأسهم راشد الغنوشي زعيم الحركة.
وتابع “الجليدي”: “النهضة كانت تتخيل مساندة الشعب لتظاهراتها وقلب الأوضاع وإزاحة قيس سعيد من منصبه على أمل تكرار تجربة الربيع العربي من جديد ولكن الشعب التونسي أحبط مخططها وأفشله”.
يحاولون تأليب الرأي العام
ومع اقتراب موعد السباق الرئاسي، حذر محللون سياسيون من إستراتيجية إخوانية جديدة للتأثير على الرأي العام التونسي، عبر صفحات مشبوهة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي مدفوعة الأجر ومدعومة ماليا، تدعو للتمرد ورفض النظام القائم وتدعو لعدم المشاركة في الانتخابات.
وتحدثت تقارير إعلامية عن وجود جهات متعددة تشن حملات على الشبكات الاجتماعية، إلا أن جميعها تتشارك في هدف واحد، وهو توجيه الرأي العام ضد الرئيس قيس سعيد ومسار 25 يوليو/تموز (بداية تحرك سعيد تحت ضغط الشارع في عام 2021 لمواجهة هيمنة الإخوان على السلطة)، الذي أنهى نفوذها وضرب مصالحها السياسية والمالية.
في السياق، قال المحلل السياسي التونسي محمد الميداني لـ"العين الإخبارية"، إن جماعة الإخوان تعمل في الخفاء مع لوبيات رجال الأعمال ممن تضررت مصالحها منذ الإطاحة بحكم حركة النهضة الإخوانية، لإرباك الوضع العام متعللة بالمصاعب الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أنه "مع اقتراب موعد الانتخابات انتشرت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي مدفوعة الأجر ومدعومة ماليا، تدعو للتمرد ورفض النظام القائم وتدعو لعدم المشاركة في الانتخابات".
كما أكد أن "جماعة الإخوان تستخدم نفس الأساليب التي كانت تستعملها عندما كانت في فترة الحكم، وهي توظيف صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بنشر محتويات زائفة ومضللة عبر فيديوهات ومنشورات كانت تروجها شركة أنستالينغو".
و"أنستالينغو" هي شركة متخصصة في إنتاج وتطوير المحتوى الرقمي، ومتهمة بالسعي للتلاعب بالرأي العام وزعزعة الأمن القومي لصالح حركة "النهضة"، وينظر القضاء التونسي في قضية علاقة الحركة بالشركة.