الأردن: ما موقع الإخوان المسلمين في خارطة الانتخابات البرلمانية القادمة؟

 الأردن: ما موقع الإخوان المسلمين في خارطة الانتخابات البرلمانية القادمة؟

الأردن: ما موقع الإخوان المسلمين في خارطة الانتخابات البرلمانية القادمة؟


16/05/2024

بالرغم من أنّ (4) أشهر فقط تفصلنا عن موعد إجراء الانتخابات النيابية في الأردن التي تقرر إجراؤها في العاشر من أيلول (سبتمبر) المقبل، خلافاً لتقديرات صالونات سياسية ونخبوية في عمّان باحتمالات تأجيل الانتخابات على خلفية "حرب غزة" وانتظاراً لانتهاء هذه الحرب، إلّا أنّ الحراك الانتخابي على مستوى إبداء الرغبات بالترشح وتشكيل القوائم بدأ بالتبلور في مرحلة جس النبض، ويشهد العديد من الدوائر الانتخابية تحركات "أوّلية" لمرشحين محتملين، لم تصل في غالبيتها إلى الإعلان عن تشكيل قوائم انتخابية على مستوى المحافظات أو على مستوى القوائم الوطنية في المملكة.

وربما يرتبط ما يمكن وصفه بخفوت الحراك الانتخابي، أو على الأقلّ تأخير إعلان نتائجه، بعدة عوامل؛ لعل من بينها: رهانات لدى قوى حزبية وشعبية كانت تعتقد بإمكانية تأجيل الانتخابات، وانشغال القوى السياسية والحزبية بتطورات الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، ثم النظام الانتخابي والتغييرات التي طرأت على العملية الانتخابية، بما فيها خوض الانتخابات عبر قوائم في المحافظات وفي المملكة، وهو ما يؤخر الحراك الانتخابي بفاعلية إلى حين إنجاز تشكيل القوائم، بالإضافة إلى تخصيص نسبة من مقاعد البرلمان للأحزاب السياسية، يتطلب التروي من قبل القوى السياسية في فرز مرشحيها للمحافظات وعلى مستوى المملكة.

ومن المرجح أنّ تلك الأسباب يمكن إسقاطها على كافة القوى السياسية والحزبية، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين، لكن وفقاً لتقسيم الأحزاب السياسية إلى يمين ويسار ووسط، يبدو أنّ الأحزاب الوسطية هي الأكثر حراكاً استعداداً لهذه الانتخابات، وبالمقابل يبدو أنّ جماعة الإخوان المسلمين هي الأقلّ حراكاً استعداداً لها، وأعتقد أنّ ذلك مرتبط بعاملين؛ الأوّل: تركيز النشاط الجماهيري والسياسي للجماعة على تطورات حرب غزة، وبمرجعية تتجاوز مقاربات التضامن مع حركة حماس إلى الانخراط في المعركة بشكل مباشر، وضمن حسابات بعيدة تتضمن استعدادات إخوانية لأن يكون الأردن الساحة البديلة القادمة لحركة حماس، بالإضافة إلى ما تعنيه الحرب في غزة من تداعيات على الإسلام السياسي في المنطقة، والثاني: انشغال الجماعة بانتخابات هيئاتها القيادية، تلك الانتخابات التي تُجرى بمرجعية اشتداد الخلافات بين تياري الحمائم والصقور، وظهور تيار شبابي جديد يقود "ربيعاً" من داخل الجسم الإخواني، إلّا أنّ هذا التيار، بالرغم من تأثيره في نتائج الانتخابات، إلّا أنّه لا يتعدى كونه حالة اعتراضية لا تملك مشروعاً سياسيّاً بديلاً، وهو غير قادر على إنتاج تيار ثالث يتجاوز ثنائية "الحمائم والصقور".

رهانات لدى قوى حزبية وشعبية كانت تعتقد بإمكانية تأجيل الانتخابات، وانشغال القوى السياسية والحزبية بتطورات الحرب بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، ثم النظام الانتخابي والتغييرات التي طرأت على العملية الانتخابية

لا شك أنّ مشاركة الإخوان المسلمين في الأردن بالانتخابات النيابية القادمة تخضع لحسابات داخل الجماعة، بعضها ليس مرتبطاً بمعطيات محلية في الأردن فقط، لكن على الصعيد المحلي فإنّ الإخوان يخوضون الانتخابات القادمة في ظل سياقات ربما تحدد حجم المقاعد التي يمكن أن يحصلوا عليها في القوائم الوطنية وقوائم المحافظات، ولعل أبرزها:

أوّلاً: تراجع شعبية الإخوان ليس في الانتخابات البرلمانية فقط، بل في النقابات المهنية والاتحادات الطلابية أيضاً، وغيرها من الهيئات التمثيلية، وقد أصبح واضحاً أنّ صورة الإخوان الذين يسيطرون على الشارع قد تراجعت بشكل كبير خلال الأعوام السابقة، ولم يعد مرشحون من اتجاهات عشائرية وحزبية يطلبون دعم الإخوان بوصفهم قوة ضاربة، كما أنّ رهانات الإخوان على ازدياد شعبيتهم بعد حرب غزة تبدو أمراً ليس مؤكداً لأسباب مختلفة.

ثانياً: ينطلق الإخوان في الانتخابات من حجم كتلة تصويتية تكاد تكون ثابتة، وتتركز في العاصمة ومحافظتي الزرقاء وإربد، لأسباب ديموغرافية معروفة، وهي المحافظات الأقلّ إقبالاً على التصويت، أي أنّ زيادة حجم التصويت في هذه المحافظات، لا سيّما بعد تصويت أبناء المحافظات في أماكن إقامتهم (عمّان والزرقاء)، لن تكون في صالح قوائم الإخوان المسلمين.

ثالثاً: في الوقت الذي تتوفر فيه إمكانية بناء تحالفات واسعة بالنسبة إلى التيارات اليسارية والقومية بالإضافة إلى أحزاب الوسط، فإنّ هذه الإمكانية تبدو أقلّ حضوراً بالنسبة إلى الإخوان المسلمين، إذ يقتصر تحالف الإخوان على حزب الوحدة الشعبية اليساري، وبصورة تعكس تحالفات قائمة بين الجبهة الشعبية مع حركة حماس في غزة والضفة الغربية.

رابعاً: إنّ الشعارات والمقاربات ذات المرجعيات التي تنتمي لفضاءات الإسلام السياسي لم تعد حكراً على جماعة الإخوان المسلمين، فهناك العديد من التيارات الإسلامية التي انشقت عن الإخوان المسلمين سحبت من رصيد الإخوان المسلمين، وأثبت بعضها حضوراً لافتاً منذ عام 2006، ينضاف إلى ذلك أنّ احتمالات تيارات "غاضبة" من الجمود الإخواني، ربما تفرزها الانتخابات الإخوانية الحالية، ومن المرجح أن تنضم إلى تيارات وأحزاب إسلامية سبق أن انشقت عن الإخوان.

ربما تكون هذه الصورة الأوّلية للانتخابات القادمة، وما لم تحدث تطورات نوعية جديدة فإنّ المرجح أن تتراوح حصة الإخوان في المجلس النيابي القادم ما بين (14 إلى 18) مقعداً من أصل (138) مقعداً، وهي نسبة غير مؤثرة، فيما ستكون الأغلبية للأحزاب الوسطية .




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية