الأكاذيب والإشاعات سلاحا الإخوان المسلمين ضد مصر

الأكاذيب والإشاعات سلاحا الإخوان المسلمين ضد مصر

الأكاذيب والإشاعات سلاحا الإخوان المسلمين ضد مصر


12/08/2023

إما أنّ تكون معهم أو ضدهم، تلك ثنائية العقل الإخواني تجاه الآخر؛ يرى فيه إما تابعاً أو منافساً، وفي الحالة الأولى يمدح بينما في الثانية يستبيح كل شيء من أجل التشويه.

ليست المشكلة لدى الإخوان تجاه الآخر، سواء السياسي والديني والاجتماعي في الخلاف فقط، بل في أحقية الخلاف؛ إذ ترى الجماعة أنّها هي الحق وما دونها باطل، ولهذا فالاختلاف مع الحق يعني تأييد الباطل، وبالتالي كل شيء مباح لهزيمة الباطل.

تلك المعادلة هي من تجعل المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين يظهرون كالقطيع، في مواقفهم تجاه الآخر بشكل عام، دون وجود للفرد المستقل بقراره. وأوضح مثال ذلك على ذلك مواقف الإخوان المسلمين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ قبل أن تطيح بهم ثورة 30 يونيو الشعبية التي أيدها الجيش، كان الإخوان يرون في السيسي "وزير الدفاع" الأمثل، وكالوا له المديح ليل نهار، لكن حين انحاز لإرادة الشعب وأنهى حكم الإخوان المسلمين، صار "الشيطان الأكبر" بالنسبة إليهم، وأباحوا توجيه كل سباب أو تهم أو انتهاك للأعراض بحقه، وبحق والدته، حيث وجدت التهمة التصديق والترديد من غالبية الإخوان المسلمين ومحبيهم، ما يعني أنّ تلك الجماعة عبارة عن قطيع، كل من يخالف مشيئة الراعي فمصيره الإقصاء والمحو، بكل طريقة غير المشروعة قبل المشروعة.

حرب الأكاذيب

انطلاقاً من الإيمان بكون الآخر غير الإخواني على باطل، يصبح هذا الباطل بلا حقوق، سواء أكانت حقوقه الطبيعية كفرد أم حق الإخوة الدينية التي يفترض بجماعة تنتسب إلى الإسلام الالتزام بها.

لكن عملاً بمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لا تجد الجماعة حرجاً في التلون والتحول في المواقف على حسب ما تقتضيه المصلحة العامة للجماعة، التي تأتي قبل كل اعتبار آخر.

لا تجد الجماعة حرجاً في التلون والتحول في المواقف

ولهذا لا تنطلق الجماعة من أسس مشتركة مع الآخر في البلاد التي تتواجد فيها، بل ترى في أي علاقة مع الآخر شكلاً واحداً إما التابع أو المتبوع. وفي ظل إيمان الجماعة بأنّها تمثّل الحق وحدها، تفقد حياة الفرد أهميتها، ويتحول إلى مجرد شيء يمكن استباحته إذا ما وقف في وجه المشروع الحق.

في ظل هذه الأيديولوجية الموروثة من البنا وقطب، برر الإخوان الإخفاق السياسي بعدم ملائمة البيئة وعيوب المجتمع، وغطوا على أي جهود لتقييم الجماعة من الداخل

مثال آخر يقدمه تعامل الجماعة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها أردوغان، نشط الإخوان المسلمون العرب في دعم أردوغان عبر وسائل الإعلام التقليدية وغيرها، ووظفوا الدين في ذلك. والجانب الآخر أنّ الجماعة روجت أكاذيب بشأن المرشح المنافس كمال كليجدار أوغلو، وتم اتهامه بالنفاق الديني ومحاربة الدين والعرب. لكنّ تلك الأصوات التي كانت تحذر العرب من طرد كليجدار لهم حال فوزه بالرئاسة لم تنطق بينما شرطة أردوغان تطارد العرب في مدن تركيا، وتقوم بترحيلهم قسراً إلى بلادهم، دون أي مراعاة لحقوق الإنسان.

مصر والسيسي

وعبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر ما يتناقله ويتبناه مؤيدو الإخوان المسلمين، تتكشف العقلية التي أرادت يوماً أن تحكم المنطقة، وتسوق نفسها على أنّها الخيار الوحيد لخير المنطقة. يتناقل الإخوان بينهم وينشرون أكاذيب تتعلق بمصر والرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر مما ينال البقية من خصومهم.

يقول الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، إنّ "مصر والسيسي هما صمام الأمان، وبالتالي حجر العثرة أمام تغول الإخوان واستعادة ما كانوا عليه في 2012 ولهذا ينالهما الكثير من الأكاذيب".

وأضاف لـ"حفريات" بأنّ لدى الإخوان مشكلة مع الدولة الوطنية ومصر، ويريدون السيطرة على مصر واختراق العقل العربي عبر القاهرة، خاصة أن التنظيم يتواجد في أكثر من 80 دولة لكنهم لا يرون أهمية لأكثر الفروع، حتى في دول كثيرة دون السيطرة على مصر.

منير أديب: الإخوان يريدون أن يُظهروا مصر بلا آمن

يوضح أديب بأنّ الإخوان يرون أن "السيطرة على السلطة في مصر تمكنهم من الوصول إلى السلطة في بقية البلاد العربية، بهدف تحقيق حلم دولة الخلافة، أو كما يسمونها أستاذية العالم". بالتالي "يستهدفون الرئيس السيسي لأنه حجر العثرة الحقيقي أمام مشروعهم، ويريدون الانتقام منه، لتبرير فشلهم في أحداث الربيع العربي، التي جلبت عليهم تعقيدات كبيرة".

الباحث منير أديب لـ"حفريات": منذ الإطاحة بهم والإخوان يتحدثون عن مصر كدولة قزمة، ويروجون لهذا المعنى، للحط من شأن خصومهم ومن شأن البلد

أما عن التهم التي يتناقلها الإخوان عن الدولة المصرية، وتحويلهم الحقائق إلى أكاذيب، ونشر أخرى حول الواقع، يوضح أديب أنّ الإخوان يريدون أن يُظهروا مصر بلا دولة وبلا آمن. وأفاد بأنّهم منذ وقت الإطاحة بهم في ثورة 30 يونيو الشعبية، وهم يتحدثون عن مصر كدولة قزمة، ويروجون لهذا المعنى، للحط من شأن خصومهم ومن شأن البلد لأنهم ليسوا في السلطة، "لكن لو عادوا إلى السلطة بأي شكل سيروجون صورة وردية عن مصر، ونسبة الفضل في ذلك التحول إليهم، وهو أمر لم يحدث في الأساس، وكأنّ الصور التي يروجون لها هي عن التنظيم وليس الدولة".

الأخلاقية الزائفة

أما خصوم الجماعة فلا حقوق لهم، ومن المباح انتهاك خصوصياتهم، وتلفيق كل شيء بحقهم، دون اعتبار لمنطق أو قيم أخلاقية، فكل من يعارض الجماعة منزوعة منه تلك الحقوق، بل وحتى تلك الحقوق لا توجد لأفراد الجماعة.

وكتب خيري عمر في مقاله المنشور في مركز "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" بأنّه من خلال استخدام جماعة الإخوان المسلمين خطاب سيد قطب، صارت الجماعة أكثر اقتناعاً بأنّ العالم الخارجي هو المخطئ؛ حيث اعتبر قطب أنّ مشكلة الإسلام تكمن في جهل المجتمع والعداء العالمي، فيما يسلم منطقياً بصلاح الفئة العصبة المؤمنة لحمل عبء الدعوة. وتابع عمر بأنّه وفي "ظل هذه الأيديولوجية الموروثة من البنا وقطب، بررت الجماعة الإخفاق السياسي بعدم ملائمة البيئة وعيوب المجتمع، وغطت على أي جهود لتقييم الجماعة من الداخل."

العنف متأصل في جماعة الإخوان المسلمين

ويبين الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، التناقض بين الحديث النظري لدى الإخوان المسلمين عن القيم والأخلاق، ورسائلهم المنشورة عن الخصومة مع الآخر، وما تحتويه من وصايا وقيم عليا، وبين واقع التطبيق لدى الجماعة، التي تقوم على فكرة الاعتقاد بضلال وخطأ المجتمع.

الجماعة تعتبر نفسها، كما يردف أديب، تنظيماً دعوياً، مهمته "إحياء القيم التي يرونها ميتة في المجتمعات العربية والإسلامية، لكن الحقيقة أنّهم تنظيم بلا قيم". أما عن التعامل مع الآخر، فيوضح أديب أنّ "الإخوان من أكثر التنظيمات التي تشوه الآخر، وتغتاله معنوياً إن لم يكن جسدياً".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية