كيف حاولت قطر إعادة تموضعها إقليمياً بعد المقاطعة؟.. إذاعة فرنسية تجيب

كيف حاولت قطر إعادة تموضعها إقليمياً بعد المقاطعة؟.. إذاعة فرنسية تجيب


05/06/2020

بعد قرار مقاطعة دول الرباعي العربي؛ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لقطر، في 5 حزيران (يونيو) 2017، وبدلاً من أن تراجع الدوحة سياساتها وتتقرب من أشقائها، عمّقت الخلافات وسارعت نحو تركيا وإيران، لإعادة تموضعها اقليمياً، معتمدة على دولتين تسعيان لنشر الخراب في كثير من الدول العربية.

 

 

ولجأت قطر، لعقد الكثير من الاتفاقيات مع تركيا أهمها افتتاح القاعدة العسكرية التركية، واستضافت عدداً كبيراً من الجنود الأتراك فيها، وباشرت بتنفيذ اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مجالات التدريب العسكري وتشكيل لجنة عسكرية مشتركة، هذا بالإضافة للاتفاقيات الأمنية التي أكد الكثير من المطلعين أنّها مرتبطة بتنظيم مونديال الدوحة عام 2022، والاستعانة بالقوات التركية في تأمين المنشآت وتنظيم مجريات المونديال من الناحية الأمنية.

وبمناسبة مرور 3 أعوام على مقاطعة الدول الأربعة لقطر، فتحت إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية الملف، مؤكدة أنّ الدوحة "خرجت عن الصف العربي باللجوء إلى تركيا".

بعد المقاطعة الرباعية لقطر عقدت الدوحة الكثير من الاتفاقيات العسكرية والأمنية مع تركيا

وتحت عنوان: "الوضع الراهن.. بعد ثلاثة أعوام من مقاطعة قطر"، أشارت الإذاعة الفرنسية، في تقرير لها، إلى أنّ الدوحة حاولت استرضاء دول مجلس التعاون الخليجي خلال تنظيمها لمباريات كأس الخليج في قطر ولكنها فشلت.

ونقلت الإذاعة الفرنسية عن مراقبين يتوقعون رضوخ قطر لمطالب دول المقاطعة، قبل نهاية العام لاسيما بعد أزمة فيروس كورونا المستجد التي أثرت على الإمارة؛ صحياً واقتصادياً.

وأوضحت الإذاعة أنّه "بعد ثلاثة أعوام، وعلى الرغم من محاولات الكويت وسلطنة عمان للتوسط لحل الأزمة، لا تزال قطر معزولة في مجلس التعاون الخليجي، بسبب تعنتها لرفض المطالب، ولجوئها إلى تركيا، عراب دعم تنظيم الإخوان المصنف في الكثير من الدول كتنظيم إرهابي رغم أنّ أهم مطالب دول المقاطعة التخلي عن دعم التنظيمات المتطرفة".

ونقلت الإذاعة، عن الباحث في شؤون منطقة الخليج، نبيل نويرة، قوله إنّ المقاطعة أدت بشكل ملموس، إلى إغلاق المجال الجوي والبحري للطائرات والسفن من وإلى الدوحة.

وأوضح أنّ قطر بدلاً من العودة إلى الصف العربي لجأت إلى حلفاء آخرين في المنطقة مثل تركيا.

وأشار إلى أنّ هذا الموقف جعل الإمارة "أقل ميلاً للتفاوض من أجل إنهاء الأزمة، ومتعنتة في الامتثال للطلبات الثلاثة عشر التي قدمتها دول رباعي مكافحة الإرهاب والتي تشمل أيضاً إغلاق قناة الجزيرة القطرية".

أما عن العلاقات الإيرانية القطرية فقد سارعت الدوحة بعد المقاطعة إلى عقد اتفاقيات مع نظام ولاية الفقيه، ضاربة بالأمن الإقليمي والخليجي عرض الحائط.

البداية كانت عندما أعلنت قطر عودة سفيرها إلى طهران في 23 آب (أغسطس) من العام 2017.

وفي حين يشكل العالم قوة لردع تهديدات إيران بالمياه الدولية، تفتح الدوحة منفذاً جديداً لطهران وتدعمها في مواصلة إرهابها بالشرق الأوسط.

وفتحت قطر حدودها البحرية لحرس الحدود الإيراني ليتحرك بشكل متحرر من أي قيود، بعد توقيع مذكرة تفاهم حدودية مع النظام القطري في  آب (أغسطس) 2019.

وفي اليوم الثاني من الاجتماع الدبلوماسي الحدودي بين طهران والدوحة الذي عقد في العاصمة الإيرانية، أقر قائد خفر السواحل الإيراني قاسم رضائي بالتسهيلات التي تقدمها قطر لبلاده، مشيراً إلى ما أسماه بـ"العلاقات المتأصلة والتعاون التاريخي والاقتصادي الجيد".

وتشترك إيران وقطر في 268 كيلومتراً كحدودٍ بحرية، اعتبرها رضائي تحظى بأهمية، ولا تخفي طهران توجهها لعقد مزيد من الاجتماعات والتعاون بين قادة حرس حدود البلدين لمتابعة البروتوكولات. ويمثل ذلك ضوءاً أخضر لمزيد من التوسع الإيراني بالمنطقة.

وأعلنت قطر على لسان رئيس إدارة أمن السواحل القطرية عبدالعزيز المهندي، تدشين ميناء خاص بالسفن الإيرانية، فضلاً عن تقديمها خدمات مالية للتجار الإيرانيين داخل أراضيها رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.

وكشفت وكالة أنباء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صدا وسيما)، تفاصيل ما تمخض عنه اجتماع الحدود بين رضائي والمهندي، والذي انتهي بتوقيع مذكرة تفاهم حدودية تقضي بوجود تنسيق في الدوريات البحرية المشتركة بين البلدين، إلى جانب عقد اجتماعات ميدانية دورية مرة كل 6 أشهر وأخرى طارئة حينما يستدعي الأمر.

وكشف رضائي عن وجود اتفاق بين الجانبين؛ الإيراني والقطري، يتعلق بتعزيز قدرات البلدين، لا سيما فيما يخص زيادة القدرات الإنتاجية والاستهلاكية لدى الدوحة إلى جانب تحسين مستوى التجارة الثنائية من خلال التسهيلات اللازمة من قبل قوات خفر الحدود.

وفي شرعنة جديدة من قطر للدور الإيراني المهدد لأمن الملاحة البحرية الدولية، اتفقت الدوحة وطهران على إقامة مناورات ما تُسمى بـ"النجدة والإنقاذ البحري" في المنطقة.

لكن أخطر ما في تصريح المسؤول القطري تأكيده التوصل مع إيران إلى صياغة لمكافحة الجرائم الحدودية، بما يعطي لطهران ضوءاً أخضر بمواصلة إرهابها للسفن التجارية باسم تلك الاتفاقية تحت مسمى "مكافحة الجريمة".

وفي مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2019، ناقش قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني، حسين خانزادي، مع نظيره القطري تجديد التفاهمات العسكرية بين البلدين، في دلالة صارخة على عمق التعاون أمنياً وعسكرياً بين الدوحة وطهران رغم تهديدات الأخيرة لأمن دول الجوار.

وذكرت وكالة أنباء فارس الناطقة بلسان ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، أنّ اللقاء تضمن ترحيباً قطرياً بتواجد قطع بحرية عسكرية إيرانية داخل موانئ الدوحة.

وكذلك دعوة ضباط قطريين لزيارة جامعة القيادة والأركان التابعة للجيش الإيراني "دافوس"، إضافة إلى الاستفادة مما وصفتها بقدرات إيران العسكرية التدريبية العالية، على حد تعبيرها.

وأشارت وكالة أنباء فارس إلى أنّ قائدي البحرية؛ القطري والإيراني، بحثا تجديد مذكرات تفاهم ذات طبيعة عسكرية وأمنية بين البلدين، فضلًا عن تعزيز الخبرات بالمجال التدريبي بحرياً.

ليس هذا فحسب، بل دعا خانزادي قطر بوصفها دولة صديقة وجارة لبلاده إلى المشاركة في تدريبات بحرية إيرانية سنوية بمجال الإنقاذ والإغاثة بدعوى تعزيز الأمن البحري.

وشمل اللقاء رفيع المستوى دعوة قطر للمشاركة بصفة مراقب في مناورات بحرية بعنوان "أيونز" أو اجتماع قادة القوات البحرية المطلة على المحيط الهندي، بحسب وكالة "فارس".

هذا وكشفت وسائل إعلام إيرانية تفاصيل زيارة وفد عسكري رفيع المستوى على رأسه علي رضا تنكسيري، نائب قائد القوة البحرية في ميليشيا الحرس الثوري، إلى قطر، في آذار (مارس) 2018، بعد أقل من عام واحد من مقاطعة الدوحة التي دعمت لسنوات تنظيمات متطرفة إقليمياً.

الدوحة تسارع إلى عقد اتفاقيات مع نظام ولاية الفقيه ضاربة بالأمن الإقليمي والخليجي عرض الحائط

وفي دلالة واضحة على خدمة قطر لمصالح حليفتها إيران المأزومة على خلفية تصاعد التوتر عسكرياً مع واشنطن، أقرت الدوحة بزيارة وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران سراً، في أيار (مايو) 2019.

وكشفت وسائل إعلام قطرية، نقلاً عن مسؤول رسمي، لم تفصح عن هويته، أنّ وزير الخارجية القطري التقى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف بدعوى بحث خفض حدة التوتر في المنطقة، على حد تعبيرها.

يذكر أنّ الدوحة أعلنت صراحة رفضها العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بما فيها تشديد الحظر على صادرات النفط الخام التي تراجعت بشدة مؤخراً.

وفي تأكيد حينها على ارتهان النظام القطري بمصالح نظام ولاية الفقيه المسيطر على حكم طهران، طلب أمير قطر من الرئيس الإيراني حسن روحاني توسيع العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وفقاً لوسائل إعلام رسمية.

وهاجم روحاني، في اتصال هاتفي مع تميم، حزيران (يونيو) 2019، مخرجات القمتين؛ الخليجية والعربية اللتين عقدتا في مكة المكرمة نهاية  أيار (مايو) من نفس العام.

آخر فصول العلاقات القطرية الإيرانية كانت مع مطلع العام الثالث على مقاطعة دول الرباعي للدوحة، في كانون الثاني (يناير) 2020؛ حيث زار أمير قطر طهران وأجرى مباحثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.

زيارة أمير قطر الرسمية الأولى إلى العاصمة الإيرانية طهران، جاءت بعد أيام قليلة من مقتل قائد فيلق القدس الذراع الخارجي لميليشيا الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إثر غارة نفذتها طائرة أمريكية مسيرة استهدفت موكبه قرب مطار بغداد بالعراق لتضع نهاية لرأس حربة إرهاب إيران.

وفسر مراقبون تلك الزيارة بأنّها دليل على تحالف قطر مع النظام الإيراني، الحليف الأقرب للدوحة إقليمياً، منذ المقاطعة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دعا أمير قطر في اتصال هاتفي مع روحاني، الشهر الماضي، لضرورة تعزيز العلاقات والتعاون تجارياً واقتصادياً بين إيران وقطر، مؤكداً على أهمية بذل مسؤولي الدوحة وطهران جهودهم في هذا السياق.

ووصف أمير قطر العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بسبب سياستها العدائية بـ "الظالمة"، داعياً إلى رفعها.

وكانت دول الرباعي العربي؛ السعودية، الإمارات، البحرين، مصر، أعلنت في 5 حزيران (يونيو) العام 2017، عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر بسبب دعمها التطرف، وهو ما تنفيه الدوحة.

وأعلنت دول الرباعي آنذاك إغلاق المجال البحري والجوي أمام الطائرات والبواخر القطرية، كما أقرت قائمة بمطالب من 13 بنداً لم تلتزم بها قطر حتى اليوم.

وتوقعت أوساط سياسية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بانفراجة في الأزمة الخليجية قبل انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأربعين، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، لكن الدوحة فوّتت فرصة المصالحة مع الدول المقاطعة بغياب أمير قطر عن القمة.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية