أشادت وسائل إعلام موالية لنظام العدالة والتنمية التركي بالخطة التي أطلقها الرئيس رجب طيب أردوغان، بما يتعلق بالإصلاح في مجال حقوق الإنسان.
ووصفت الوسائل الإعلامية تلك الخطة بأنها "رائدة"، وأنّ تركيا بموجبها "سترتقي" في مجال حقوق الإنسان بحلول العام 2023، وستضمن "استقلالية القضاء والعدل ومكافحة التمييز بمختلف أشكاله".
وقالت صحيفة حرييت المُقربّة من الحكومة: "تركيا تعمل على ترقية مجال حقوق الإنسان بحلول عام 2023"، وهي صحيفة مستقلة اشترتها عائلة ديميرورين التي تدعم حزب العدالة والتنمية في عام 2018.
موقع أحوال تركيا يصف خطة أردوغان بأنّها محاولة يائسة للتخلّص من السمعة السيئة التي أضرت بعلاقاته مع أمريكا وأوروبا
وكشفت الصحيفة أنّ الحكومة التركية ترى أنّ خطة عمل حقوق الإنسان جزء من عملية تؤدي إلى دستور جديد، وقال أردوغان في خطاب: "سنركز أكثر على جهودنا فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، وخاصة فيما يتعلق بحوار تحرير التأشيرات"، لذلك من الواضح أنّ حزب العدالة والتنمية يرى هذه الخطة على أنها تنازل أمام الاتحاد الأوروبي لاستئناف المحادثات.
وتضمنت خطة الرئيس التركي، الذي يقود حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، مقترحات قانونية مثل منع الاحتجاز التعسفي، وذلك ضمن 11 بنداً تقول الحكومة إنها ستعمل على تطبيقها في غضون العامين المقبلين، لكنّ أكبر حزبين معارضين لها وجدا فيها "تكراراً لقوانين محلّية لا تتقيد بها أنقرة".
كاتشماز: كيف يمكننا أن نصدق خطة أردوغان بينما احتجز الأمن امرأة كردية تبلغ من العمر 71 عاماً وأخرى 79 عاماً
بالمقابل، وصف موقع أحوال تركيا خطة أردوغان بمحاولة يائسة للتخلص من السمعة السيئة التي لحقت بصورة الحكومة والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أنّ الكلمات اللطيفة والوعود الفارغة لن تقنع حلفاء تركيا القدامى، ولا ملايين المواطنين الأتراك الذين يخشون بشدة ممّا قد تفعله حكومتهم بهم إذا قالوا شيئاً خاطئاً، أو صوّتوا للحزب الخطأ، أو انتموا إلى مجموعة عرقية خاطئة.
وأضاف الموقع: إنّ شعب تركيا يستحق أفعالاً وليس مجرد وعود، ويريد حلفاء تركيا أيضاً رؤية إصلاحات ملموسة، بما في ذلك إنهاء المضايقات القضائية للأصوات المنتقدة، مثل صلاح الدين دميرطاش وعثمان كافالا وأحمد ألتان، يريدون أن يروا انتخابات حرّة ونزيهة، ومؤسسات دولة ديمقراطية، وتعددية إعلامية، لكن لا تهدف أي من هذه الوعود إلى تحقيق هذه الأهداف، ولن تقنع وسائل الإعلام الحكومية المتشككين بأنها ليست أكثر من ضمادة تجميلية على جرح كبير.
ياركداش: ألا يتابع أولئك الذين يتحدّثون عن حقوق الإنسان كيف أنّ الشرطة تمنع نواباً منتخبين من الحديث للإعلام
ووصف نائبان في البرلمان عن حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وهما "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد، خطة أردوغان بـ"مجرّد كلام فارغ ومُستهلك".
وقال حسين كاتشماز: "كيف يمكننا أن نصدّق خطة الرئيس التركي التي تتضمن إصلاحات قضائية، بينما احتجز الأمن امرأة كردية تبلغ من العمر 71 عاماً وأخرى 79 عاماً، في اليوم ذاته الذي أعلن فيه أردوغان عن خطته التي تحتوي على بنود مكررة في القانون التركي لا تلتزم بها الدولة؟"، وفق ما نقلته عنه العربية.
وأضاف النائب عن الحزب المؤيد للأكراد: "لقد تزامن الإعلان عن تلك الخطة مع احتجاز عشرات الصحفيين وأعضاء في الأحزاب المعارضة"، مشدداً على أنّه "لا أحد يمكنه أن يصدّق ما تحدّث عنه الرئيس التركي".
من جانبه، رفض النائب عن حزب "الشعب الجمهوري باريش ياركداش" التعليق على الخطة، معتبراً أنها "لا تستحق المناقشة".
وقال النائب عن حزب "المعارضة الرئيسي": "ألا يتابع أولئك الذين يتحدّثون عن حقوق الإنسان كيف أنّ الشرطة تمنع نواباً منتخبين من الحديث لوسائل الإعلام؟"، مستشهداً بمنع السلطات لنواب من الحزب المؤيد للأكراد من عقد مؤتمر صحفي قبل ساعات من إطلاق الخطة.
منظمة العفو الدولية: خطة العمل الخاصة بحقوق الإنسان التي أعلنت عنها أنقرة تفتقر إلى التفاصيل
ولا يختلف كثيراً موقف النائبين في البرلمان التركي من خطة أردوغان عن مواقف منظمات دولية معنّية بحقوق الإنسان، وناشطين آخرين يقبع أصدقاؤهم المدافعون عن الحرّيات في تركيا خلف القضبان.
وقالت مسؤولة الحملات المعنية بتركيا في منظمة "العفو الدولية"ميلينا بويوم: إنّ "خطة العمل الخاصة بحقوق الإنسان التي أعلنت عنها أنقرة في 2 آذار (مارس) الجاري، تفتقر إلى التفاصيل، لا سيّما فيما يتعلق بوضع القضاء والمحاكمات غير العادلة ذات الدوافع السياسية، وكذلك الاحتجاز المطوّل".
وأضافت: إنّ "السلطات لم تقدم بعد على اتخاذ خطوات ملموسة، حيث ترفض أنقرة إلى الآن الالتزام بأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهو ما يعني تدهوراً خطيراً لحقوق الإنسان"، مشددة على أنّ "خطة الرئيس التركي لا تتطلب تشريعات جديدة".
من جهته، اعتبر المدوّن والصحفي المعروف يافوز بايدار، المقيم خارج تركيا منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس أردوغان منتصف العام 2016، أنّ "الرئيس التركي غير جادٍّ في تحسين حقوق الإنسان في البلاد".
يافوز بايدار: الرئيس التركي غير جادٍ في تحسين حقوق الإنسان في البلاد، وخطتة عبارة عن بنود ستظل غير ملموسة
وقال الصحفي التركي الذي يُعرف بدفاعه عن حقوق الإنسان: إنّ "خطة أردوغان في الواقع نصّ طويل مكوّن من عدّة صفحات تشبه مجموعة من التعهدات والنصوص السابقة التي كانت تعمل عليها أنقرة دون أن تسجّل أي نتائج ملمّوسة، وهي ليست سوى جبل من الكلمات التي تتجاهل أسباب مشاكل حقوق الإنسان في تركيا، كالبنود الإشكالية في القانون الجنائي، وقانون مكافحة الإرهاب، وحالات تعذيب واختطاف المعارضين".
وأضاف: إنّ "معظم بنود هذه الخطة تتعلق بحقوق الإنسان، لكنها أقلّ ارتباطاً بالتحسينات الإدارية المطلوبة التي يحتاجها الجهاز القضائي في تركيا، وهي لا ترتقي إلى مستوى الوعود التي قطعتها أنقرة في احترام أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
إلى ذلك، استبعد بايدار لجوء السلطات إلى اتخاذ قرارات فعلية من شأنها تحسين ظروف المدافعين عن حقوق الإنسان كتطبيق لتلك الخطة، قائلاً في هذا الصدد: "لا يمكن للسلطات إطلاق سراح كافالا أو دميرتاش، وكذلك أحمد آلتان رئيس التحرير والمؤلف البالغ من العمر 71 عاماً القابع خلف القضبان، هؤلاء 3 شخصيات بارزة، وهم من رموز المجتمع المدني والصحافة الحرّة والنضال الكردي من أجل الحقوق الديمقراطية".
وأشار إلى أنّ "قضية هؤلاء المحتجزين الـ3 سياسية بحتة، ولا علاقة لها بالقانون أو العدالة"، لافتاً إلى أنه "طالما تستمر الحكومة بممارسة القمع، فإطلاق سراح أيّ منهم يكاد يكون مستحيلاً، ذلك أنّ الإفراج عنهم سيكون بداية انهيار سلطة أردوغان".