5 دلالات بعد مقتل قاسم سليماني بغارة أمريكية

إيران وأمريكا

5 دلالات بعد مقتل قاسم سليماني بغارة أمريكية


04/01/2020

بقتلها قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، تكون الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب قد أقدمت على خطوة ضد إيران لم يقوَ على القيام بها أيٌّ من الرؤساء الأمريكيين السابقين منذ الثورة الإيرانية في العام 1979. هنا يحضر الردُّ المتهاون للرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، عند اقتحام السفارة الأمريكية في طهران لدى اندلاع الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، وكذلك الردّ الضعيف للرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، عند استهداف القنصلية الأمريكية في بنغازي في ليبيا، ما أدى إلى مقتل السفير الأمريكي، كريستوفر ستيفنز، في العام 2012، إضافة إلى ثلاثة موظفين أمريكيين. 

اقرأ أيضاً: ترامب يكشف أسباب اغتيال سليماني
الضربة الجوية الأمريكية التي استهدفت سيارتي سليماني وأبو مهدي المهندس-القيادي بالحشد الشعبي العراقي-على طريق مطار بغداد الدولي في وقت مبكر صباح أمس اعتبرها المراقبون عنصراً جديداً ومحورياً في المواجهة الأمريكية-الإيرانية؛ وليس معروفاً ما إذا كانت ستقود نحو مزيد من التصعيد والاضطراب في المنطقة، أم إلى فتح باب الحوار السياسي والمفاوضات بين الجانبين.

دلالات
ولعل من الممكن الإشارة في هذا الصدد إلى خمس دلالات رئيسية، على الأقل، وهي:
الدلالة الأولى
هي أنّ واشنطن-التي قالت إنّ العملية إجراء عملي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين في الخارج بعد مقتل مقاول أمريكي على يد مليشيا "حزب الله" العراقي مؤخراً- عدّلت في قواعد الاشتباك، وأعادت إظهار قدرتها العسكرية والاستخباراتية العالية على ردع طهران وتذكيرها بأنّ أمريكا قوة عظمى، وأنّ على إيران ألا تنسى ذلك. فهي، في المحصلة، رسالة حازمة إلى إيران بأنّ أمريكا لا ولن تتهاون مع من يهدد موظفيها، أو مع من يعتدي على سفارتها الأكبر في العالم، في بغداد؛ في مشهدٍ راجت معه تحليلات قالت إنّ طهران وميليشيات الحشد الشعبي كسبت بالنقاط ضد واشنطن، باستهداف السفارة الأمريكية، وهو ما اضطر الجيش الأمريكي للردّ النوعي ضد أبرز قائد أمني وعسكري إيراني.

ترامب، بقتله سليماني والمهندس، إنما يعزز مواقعه الانتخابية والسياسية في صفوف قاعدته الانتخابية المحافظة وفي صفوف صقور وزارة الدفاع

الدلالة الثانية وتتمثل في تأكيد أنّ ترامب، بقتله سليماني والمهندس، إنما يعزز مواقعه الانتخابية والسياسية في صفوف قاعدته الانتخابية المحافظة، وفي صفوف صقور وزارة الدفاع "البنتاغون"، ولدى عموم المحافظين والقوميين في الولايات المتحدة؛ ممن يؤيدون إظهار قوة أمريكا في مواجهة أعدائها، ومن ضمنهم إيران والحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لها، لا سيما وأنّ قاسم سليماني موضوع على قائمة الإرهاب الأمريكية. وعلى الأرجح أنّه عبر حرب ترامب على الإرهاب، في هذا الإطار، يكون الرئيس الأمريكي قد تجاوز جزءاً كبيراً من مأزق المساءلة القانونية التي يواجهها في الأسابيع الأخيرة. وفي هذا السياق، يلفت الأستاذ في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حسن منيمنة، في حديث لـ "فرانس 24" إلى أنّه لا يمكن إغفال أنّ ثمة مسعى من ترامب لتحوير الخطاب السياسي في الداخل الأمريكي باتجاه يصبّ في مصلحته الشخصية والانتخابية.

اقرأ أيضاً: هذه أبرز ردود الفعل على مقتل قاسم سليماني
الدلالة الثالثة:
الواضح أنّ الصراع الأمريكي مع إيران في منطقة الشرق الأوسط لم يعد فقط حرباً في الوكالة بين الجانبين؛ بل بدا أيضاً مواجهة مباشرة بين الجيش الأمريكي والحرس الثوري الإيراني، وذراعه الخارجية "فيلق القدس". والترقب في المرحلة المقبلة يلحظ هذا المعطى.

المفاوضات؟
الدلالة الرابعة تتعلق بتصريحات الرئيس ترامب بأنّ "إيران لم تكسب حرباً ولكنها لم تخسر مفاوضات". ولعل في ذلك تذكير بالبراغماتية الإيرانية وبأنّ إيران لديها عقلية البازار، وبإمكانها -عند استيعاب الرسالة الأمريكية الأخيرة- أن تخرج باعتراف أمريكي بها ضمن قواعد جديدة يقودها التفاوض مع واشنطن. وإذا لم ترُدّْ إيران بشكل يخلّ بقدرة إدارة ترامب على امتصاص الردود الإيرانية المتوقعة؛ أيْ بقي الرد الإيراني في حدود معقولة ومقبولة، فإنّ هذا قد يفتح نافذة للتفاوض بين الجانبين. وفي هذا المعنى قال أحد مستشاري الرئيس ترامب ومدير التحالف الأمريكي-الشرق أوسطي لدعم الديمقراطية، توم حرب، في مداخلة لـ "فرانس 24" إنّ "الرئيس ترامب ليس رجل حرب بل رجل قوة"، مشيراً إلى أنّ المصالح الأمريكية تهددت في الآونة الأخيرة من جانب إيران ووكلائها في العراق، ولم يختر ترامب أن يكون ضعيفاً ويتحاشى تلك التهديدات ويغض الطرف عن غرور القوة الإيرانية وتجاوزها الخطوط الحمر.

خبير دولي: تدرك القيادة الإيرانية أنّ ردها المباشر على الأمريكيين سيؤدي إلى ضربات أمريكية موجعة على البنية التحتية داخل إيران

الدلالة الخامسة تتعلق بمحاولة إيران-من خلال تهديداتها بالانتقام القويّ لمقتل سليماني- أن تكسر رسالة الردع الأمريكية التي خلقها القضاء على رجل إيران؛ الذي قاد منذ عقود التدخل الإيراني في المنطقة العربية، وهندس عمل الميليشيات في العراق وسوريا وغيرهما. ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، فواز جرجس، في حديث لقناة "بي بي سي" أنّ القيادة الإيرانية تدرك أنّ الرد الإيراني المباشر على الأمريكيين ومصالحهم في المنطقة سيؤدي إلى ضربات أمريكية موجعة على البنية التحتية داخل إيران. ويوافق توم حرب على ذلك ويزيد بأنّ ردّ فعل أمريكا على أي ضربة إيرانية ضد المصالح الأمريكية في المنطقة سيتضمن مواقع النفط داخل إيران، مؤكداً أنّ إيران اليوم هي أضعف من أن تكون في وارد الدخول في مواجهة عسكرية وأمنية واقتصادية مع واشنطن.

اقرأ أيضاً: تفاصيل مقتل سليماني وعدد من مسؤولي الحشد الشعبي وحزب الله.. أسماء
وفي قراءته للتداعيات المحتملة لمقتل سليماني، قال الدكتور حسن منيمنة، في مداخلة لـ "فرانس 24" إنّ من الوارد أن تسعى إيران إلى مزيد من التصميم على قمع الاحتجاجات في العراق ولبنان وإجهاض التحرك الشعبي فيهما ضد الوجود والنفوذ الإيراني. ويوضح بأنّ إيران ستسفيد من الضربة الأمريكية ضد سليماني لحيازة مزيد من السيطرة على العراق ولبنان، وليس العكس.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية