مستقبل النفط والبدائل الكهربائية

مستقبل النفط والبدائل الكهربائية


16/06/2022

هيلة المشوح

صوّت مشرعون أوروبيون في الاتحاد الأوروبي الأربعاء قبل الماضي على حظر بيع السيارات والشاحنات الصغيرة التي تعمل بالديزل والبنزين بحلول عام 2035، وذلك بمسوغات بيئية واتفاقات مناخية لتحقيق الأهداف الخضراء في المنطقة الأوروبية. وصوت البرلمان الأوروبي بأغلبية 339 عضواً لصالح الخطط التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، مقابل 249 صوتاً ضد الاقتراح. والمستهدفات التي يطرحها الاتحاد خلف هذا التحرك تتمثل في خفض الانبعاثات من السيارات بنسبة 100% عام 2035، مقارنةً بعام 2021، وبحلول عام 2030 يكون الهدف من خفضها قد تحقق بنسبة 50%، ومن ثم الوصول إلى بيئة متوازنة في الكربون بحلول عام 2050، وخفض نسبة الاحتباس الحراري التي تعد خطراً بيئياً بدأ يستفحل خلال السنوات الماضية.
في السابق كنا نعتقد أن التهديدات لاقتصادنا في الخليج تتلخص في نضوب النفط، لكن قيادات المنطقة، خاصة في السعودية والإمارات، أدركت مبكراً طبيعة هذه التهديدات، فعملت على تنويع مصادر الاقتصاد وعلى التحول من دول ريعية إلى دول متعددة المصادر ومتنوعة الخيارات، عبر الاتجاه إلى ماهو أكثر قوة وجذباً كالسياحة التي تتنامى بشكل متسارع لتهيئة البيئة الجاذبة واستغلال كل المصادر المتاحة كالمناخ والتراث والشواطئ والصحاري والقوى الناعمة المتعددة لجذب أكبر عدد من السياح حول العالم. وعطفاً على إعلان سابق لمكتب دبي الإعلامي بأن إمارة دبي استقبلت أكثر من 4.88 مليون سائح خلال الفترة من يناير وحتى أكتوبر 2021 (أي في أقل من عام) رغم الظروف العالمية لجائحة كورونا، حيث احتلت دبي المرتبة الثانية عالمياً من حيث نسبة الإشغال في الفنادق (63%). علماً بأن إمارة دبي، وبحلول عام 2025 تستهدف استقطاب 25 مليون سائح من مختلف العالم، بينما تستهدف السعودية في رؤيتها المستقبلية استقطاب 100 مليون سائح بحلول عام 2030. وهذه الرؤى التي تتحول إلى واقع يوماً بعد آخر هي بحد ذاتها اقتصاد قائم ينافس النفط في عوائده ومدخلاته. 
البدائل الصديقة للبيئة ستقلل من أهمية النفط على المدى البعيد، أي حين تصبح دول الخليج قد اعتمدت فعلياً وبشكل كامل على مصادر متجددة للاقتصاد، فعدد السيارات الكهربائية سيزداد باستمرار، مع مغريات التقنية وحداثة الصناعة، لكن ليس بشكل كاف لإحداث تأثير كبير في الطلب على النفط على المدى القريب. فحتى وكالة الطاقة الدولية، وهي أكبر مشجع وداعم للسيارات الكهربائية، ترى أن أكبر انخفاض مستقبلي على النفط لا يأتي من السيارات الكهربائية، وإنما من تحسن كفاءة سيارات البنزين والديزل. نعم، إن تحسن أداء البنزين والديزل سيخفض تصاعد الانبعاثات الكربونية ويطور آلية عمل الشركات المصنِّعة للسيارات كي تنافس البدائل المستقبلية، مع العلم أن السيارات الكهربائية الجديدة المباعة حالياً في العالم لا تشكّل أكثر من 3 في المئة من إجمالي السيارات حول العالم، مع توقعات بارتفاع نسب نمو مبيعاتها، لكن ليس بحجم كبير للغاية.
لا شك في أن السيارات الصديقة للبيئة، والتي تعمل بالطاقة الكهربائية الآمنة، لن تكون صديقةً لاقتصادنا بشكل أو بآخر، لكنها ستكون صديقةً لاحتياجاتنا، والأهم لابتكاراتنا حول اقتصاد مستدام وتنمية لا تتوقف.. ولتنويع مصادر الدخل في منطقة الخليج قد تكون الصناعة الكهربائية أحد مستهدفاتنا الصناعية.. فمن يعلم! 

عن "الاتحاد" الإماراتية

الصفحة الرئيسية