كيف جرى التنسيق بين إخوان باكستان وشهباز شريف لإسقاط الحكومة؟ ما دور واشنطن؟

كيف جرى التنسيق بين إخوان باكستان وشهباز شريف لإسقاط الحكومة؟ ما دور واشنطن؟


14/04/2022

مع وصول شهباز شريف، رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وزعيم المعارضة في الجمعية الوطنية (البرلمان)، إلى رئاسة الوزراء، في أعقاب سحب الثقة من عمران خان، فإنّ العلاقة التي تربط الأول بزعيم الجماعة الإسلامية الإخوانية سراج الحق تثير المزيد من المخاوف حول مدى تأثير ذلك على مسار الأحداث في باكستان، خاصّة فيما يتعلق بمساعي الإخوان نحو التمكين.

سامح إسماعيل: هناك ترتيبات جرت قبل شهر من سحب الثقة، كانت الجماعة الإسلامية طرفاً فاعلاً فيها، حيث يؤكد مسار الأحداث أنّها كانت حاضرة بقوة

كانت الجماعة الإسلامية قد ابتعدت عن المشهد السياسي لأعوام سابقة، قبل أن تعاود مرة أخرى محاولاتها من أجل الحصول على تمثيل نسبي في المؤسسات التشريعية، حيث عملت لوقت طويل في الشارع الباكستاني، مستخدمة استراتيجية التحريض والدعوة إلى التظاهر والاعتصام.

اجتماع غامض

في 9 آذار (مارس) الماضي، شهد منزل القيادي في الجماعة الإسلامية ميان أسلم اجتماعاً بين  أمير الجماعة الإسلامية سراج الحق، ورئيس الحكومة الجديد شهباز شريف، وحضر الاجتماع أيضاً قائدا حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية نواز مريم أورنجزيب، وسعد رفيق، إلى جانب ذلك، وصل محمود خان أشاكزاي زعيم البشتون، للقاء أمير الجماعة الإسلامية أيضاً.

كانت الجماعة الإسلامية قد ابتعدت عن المشهد السياسي لأعوام سابقة

وسائل إعلام محلية باكستانية أبرزت أهمّ محاور هذا الاجتماع، مؤكدة أنّ شهباز شريف استعرض مع سراج الحق سيناريوهات سحب الثقة من عمران خان، وعقب الاجتماع قال رئيس حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية أثناء حديثه لوسائل الإعلام: إنّه ينبغي انتخاب حكومة تمثيلية من قبل الشعب. وأضاف: "لقد اجتمعنا هنا لتغادر الحكومة، سنقوم بإقالة الحكومة بطريقة دستورية".

كما أفادت تقارير محلية في أعقاب اللقاء أنّ شهباز شريف طلب من سراج الحق دعم الجماعة الإسلامية لاقتراح سحب الثقة من رئيس الوزراء عمران خان، وبحسب المصادر، قالت الجماعة الإسلامية: إنّها اشترطت إجراء انتخابات جديدة لدعم اقتراح سحب الثقة، وسعت إلى الحصول على تأكيدات من المعارضة بذلك.

أمير الجماعة الإسلامية يحاول الضغط لاقتناص تعديلات على القانون الانتخابي، لفرض نظام التمثيل النسبي، وبالتالي ضمان الحصول على نسبة من مقاعد البرلمان، خاصة في مناطق نفوذ الجماعة في لاهور والمنصورة والسند

وقال سراج الحق: إنّ شهباز شريف عرض خيارات بشأن اقتراح حجب الثقة، لافتاً إلى أنّ سحب الثقة آلية ديمقراطية، وأنّ جماعته سوف تتخذ قرارها بعد التشاور حول اقتراحات شهباز شريف، مطالباً بتغيير النظام بدلاً من تغيير الأفراد.  

سراج الحق طالب جميع الأحزاب السياسية بالعمل سوياً من أجل إجراء إصلاحات انتخابية، والتي بدونها لا يكون إجراء الانتخابات، وهو الحلّ للمشكلة، بحسب تعبيره، معرباً عن أمله في أن تفكّر جميع الأطراف في ذلك، مطالباً بنظام التمثيل النسبي. مضيفاً: "إذا طُبّق نظام الله في البلاد؛ فسيكون هناك تطور، ونظام الله لم يُطبّق، وبالتالي تضررت الوحدة الوطنية.

سراج الحق يطالب الأحزاب السياسية بالعمل معاً

وعلى ما يبدو، فقد جرت ترتيبات قبيل شهر من سحب الثقة، كانت الجماعة الإسلامية طرفاً فاعلاً فيها، ويؤكد مسار الأحداث أنّها كانت حاضرة بقوة، بحسب تصريحات الدكتور سامح إسماعيل، الباحث في العلوم السياسية، التي خص بها "حفريات"، والذي لفت إلى ما سمّاه بـ"توزيع الأدوار"، حيث عملت الجماعة الإسلامية على تأليب الشارع الباكستاني عبر سلسلة من الاضطرابات والاعتصامات اليومية، كما تجدر الإشارة إلى أنّ الجماعة الإسلامية كانت تحتج ضد مجلس السند، طوال الأسابيع الماضية، اعتراضاً على قانون الحكومة المحلية لحكومة السند، مطالبة بنظام حكم محلي، مشابه للذي وضع خلال حكم الجنرال برويز مشرف، ودخلت الجماعة في السند في تحالف مع الحركة القومية المتحدة.

حقيقة الدور الأمريكي

إسماعيل لفت كذلك إلى الحضور المؤثر للسياسة الأمريكية في الداخل الباكستاني، ولم يستغرب وجود ضغوط أمريكية من أجل التخلص من عمران خان، بسبب مواقفه المناوئة لواشنطن، خاصّة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، مستدلاً على ذلك بتصريحات عمران خان في أواخر آذار (مارس) الماضي التي قال فيها إنّه تلقى رسالة تهديد من واشنطن، مضيفاً: "هددت أمريكا بإسقاط حكومتي؛ لأنّني رفضت إقامة قواعد عسكرية لها في أرضنا". مشدّداً على أنّه سوف يكمل "اللعبة إلى آخرها"، وأنّه "لن يركع أمام أحد"، ولن يسمح لشعبه بالركوع. وأضاف كذلك: "سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة، ولا تصطفّ ضدّ أحد، وإذا نجحت محاولات المعارضة، فإنّ الأجيال المقبلة لن تسامح".

رسالة التهديد الأمريكية، التي زعم خان أنّه تلقاها، دفعت الشارع إلى الخروج في تظاهرات صاخبة في أعقاب سحب الثقة من حكومته، شارك فيها عشرات الآلاف، وقالت صحيفة داون المحلية الباكستانية: إنّ "عشرات الآلاف من أنصار عمران خان خرجوا إلى الشوارع في مختلف المدن الباكستانية الكبرى، وعلى رأسها العاصمة إسلام آباد لدعمه وتأييده، بعد تصويت البرلمان لصالح حجب الثقة، في خطوة وصفها خان بالمؤامرة الأمريكية".

رسالة التهديد الأمريكية التي زعم خان أنّه تلقاها دفعت الشارع للخروج بتظاهرات في أعقاب سحب الثقة من حكومته

من جهته، حاول أمير الجماعة الإسلامية تصدير أزمة التهديد الأمريكي إلى المؤسسة القضائية الباكستانية، حيث طالب المحكمة العليا بتشكيل لجنة قضائية للتحقيق في خطاب التهديد، وقال في بيان صادر من لاهور: إنّ الأمّة منقسمة بشأن رسالة التهديد المزعومة، بحسب تعبيره، ويجب على المحكمة العليا تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في الخطاب، وقال: إنّ القضاء العالي هو مركز أمل الأمّة، وإنّ الشعب المنقسم لا يستطيع مقاومة المؤامرات الخارجية.

أمير الجماعة الإسلامية قال كذلك: إنّ الحكومة السابقة كانت تصف الرسالة بأنّها تدخل في الشؤون الداخلية، بينما تنفي الحكومة الجديدة وجود هذه الرسالة.

سراج الحق انتهز الفرصة، وطلب من الحكومة الجديدة إظهار ميلها لتطبيق الشريعة، والتعهد بدعم الفكر الإسلامي، وطالب الحكومة بتحمل مسؤولية ضمان الإصلاحات والتدابير لجعل العملية الانتخابية عادلة وشفافة.

وفيما يبدو، فإنّ أمير الجماعة الإسلامية يحاول الضغط لاقتناص تعديلات على القانون الانتخابي لفرض نظام التمثيل النسبي، وبالتالي ضمان الحصول على نسبة من مقاعد البرلمان، خاصة في مناطق نفوذ الجماعة في لاهور والمنصورة والسند، كما يوظف كعادته الخطاب الديني، من أجل دعم إيديولوجية جماعته الإخوانية، وكسب تأييد الشارع الباكستاني، وفيما يبدو فإنّ الصفقة التي عقدت يلزمها الكثير من آليات التنفيذ، وعلى رأسها مباركة الجيش.

مواضيع ذات صلة:

ما دور أمريكا في الإطاحة بعمران خان؟ وهل يحكم الإخوان باكستان؟

-رئيس وزراء باكستان الجديد شهباز شريف يثمن دور الخليج... ماذا قال؟

الإخوان المسلمون ونشر الفوضى في باكستان.. ما الهدف؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية