ما دور أمريكا في الإطاحة بعمران خان؟ وهل يحكم الإخوان باكستان؟

تطورات متلاحقة شهدها الوضع السياسي في باكستان، بعد إعلان حالة الاستنفار الأمني في المطارات، وصدور قرار بمنع مغادرة أيّ مسؤول قبل الحصول على إذن، وذلك إثر نجاح المعارضة الباكستانيّة مساء السبت 9 نيسان (أبريل) الجاري، في جمع الأصوات اللازمة؛ لحجب الثقة عن رئيس الوزراء عمران خان، حيث حشدت المعارضة 174 صوتاً، كانت كفيلة للإطاحة بلاعب الكريكت السابق.

وربما يدفع عمران خان ثمن سياسة الممانعة، التي اتبعها تجاه الولايات المتحدة؛ حيث سبق واتهم خصومه، خصوصاً في المؤسّسة العسكرية، بموالاة الولايات المتحدة، والسماح لها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وسط تقارير أفادت بأنّ عمران خان، كان يدبر للتخلص من قائد الجيش، ومدير المخابرات الباكستانيّة.

كواليس اللحظات الأخيرة

تقارير محلية باكستانية، أكّدت أنّ عمران خان حاول إقناع المعارضة، بإجراء انتخابات مبكرة في غضون 90 يوماً، وبحسب التفاصيل، أرسل رئيس الوزراء، عمران خان، مساء الجمعة الماضي، بعض وزرائه إلى بعض الشخصيات البارزة في المؤسسة العسكرية، لطلب مساعدتهم في إقناع المعارضة بإجراء انتخابات مبكرة، بعد استقالة رئيس الوزراء، لكن المؤسّسة العسكرية قالت إنّها لا تستطيع التدخل في الشؤون السياسيّة، واقترحت أن يحل السياسيين مشكلاتهم بأنفسهم.

مصادر معارضة قالت إنّ بعض الأعضاء الرئيسيين في المؤسّسة العسكرية، التقوا برئيس الوزراء عمران خان في بني جالا، ووفقاً لمصادر المعارضة، فقد سعى رئيس الوزراء إلى الحصول على تأكيدات بأنّه في حالة استقالته، فإنّ الحكومة المستقبلية (من أحزاب المعارضة)، لن ترفع دعاوى ضده وضد حكومته. حسبما ذكرت "جيو نيوز" نقلاً عن مصادر مطلعة.

اقرأ أيضاً: الإطاحة بعمران خان... ما الخيارات المتاحة أمامه؟ ومن سيخلفه؟

في وقت سابق، وبناءً على طلب الحكومة، التقت المؤسّسة العسكرية، أولاً برئيس الوزراء، ثم زعماء المعارضة؛ للمساعدة في التوصل إلى توافق بين الطرفين؛ لتحقيق الاستقرار السياسي، لكن تصريحات عمران خان، لإحدى القنوات التلفزيونية، كانت مثيرة للجدل؛ حيث قال إنّ المؤسّسة العسكرية، نقلت إليه رسالة المعارضة بشكل صارم، بضرورة إجراء انتخابات مبكرة.

لقد أرادت واشنطن التخلص من عمران خان منذ اندلاع العمليات العسكرية في أوكرانيا

تقارير محلية أخرى، أكدت أنّ المؤسسة العسكرية قدمت لرئيس الوزراء ثلاثة عروض من المعارضة، لم يتم الإفصاح عن تفاصيلها، لكنّ الثابت أنّ المؤسّسة العسكرية، التقت بقادة المعارضة، بعد لقائها برئيس الوزراء، ووضعت أمامهم عرض الحكومة باستقالة رئيس الوزراء، وحل مجلس الأمة، في حال سحبت المعارضة اقتراح سحب الثقة، وتم إخبار قادة المعارضة، أنّهم إذا وافقوا، يمكن إنقاذ البلاد من أزمة سياسية محتملة. ومع ذلك، لم تكن المعارضة مستعدة بأيّ حال من الأحوال لسحب اقتراح سحب الثقة.

الإخوان والتخطيط لثورة دينيّة

من جهته، قال سراج الحق، أمير الجماعة الإسلاميّة، الذراع السياسية للإخوان في باكستان، على هامش حفل إفطار رمضاني في المنصورة، إنّ أعضاء البرلمان من الحكومة والمعارضة قالوا الحقيقة عن بعضهم البعض في البرلمان، وقد تم الكشف عن المعارضة في حزب حركة الإنصاف (PTI) الحاكم، وأضاف مهاجماً الجميع: "هؤلاء هم نفس الوجوه، الذين يحكمون البلاد منذ 74 عاماً"، قبل أنّ يفصح عن أمنياته بحدوث ثورة إسلاميّة في البلاد، حيث قال: "فقط ورثة المنبر والمحراب، هم من يستطيعون إحداث ثورة في البلاد".

اقرأ أيضاً: الحرب الروسية الأوكرانية... هل بوسع باكستان والهند تحمّل البقاء على الحياد؟

ووجه دعوة صريحة إلى رجال الدين، للانضواء تحت راية الإخوان في الثورة المرتقبة قائلاً: "نناشد العلماء والمشايخ، أن يخرجوا من المساجد؛ لعزة الدين، وأن يجعلوا البلاد مهد القرآن والسنة".

اقرأ أيضاً: أبرز 4 مُحددات تتحكم في مستقبل العلاقات الإيرانية الباكستانية

الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، خصّ "حفريات" بتصريحات، قلّل فيها من قدرة التيار الإخواني على استغلال الأزمة، والتحرك الثوري للإمساك بزمام السلطة، ذلك أنّ المؤسسة العسكرية في باكستان، ذلك البلد النووي، لن تسمح بهكذا تحرك، كما أنّ التيار الإسلامي في باكستان منقسم على نفسه، ويمثل الإخوان فصيلاً محدوداً منه.

ولفت أنور إلى البعد الخارجي للأزمة السياسيّة في باكستان، منوهاً أنّ عمران خان اعترف بأنّه تلقى رسالة تهديد من واشنطن، حملها إليه سفير باكستان في الولايات المتحدة، حيث أرادت واشنطن التخلص من عمران خان، منذ اندلاع العمليات العسكرية في أوكرانيا، إثر قيام رئيس الوزراء الباكستاني بزيارة العاصمة الروسية موسكو، صباح اليوم التالي لبدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وأعلن دعمه للموقف الروسي، ما دفع دول الاتحاد الأوروبي تجاه ممارسة الضغط على إسلام آباد، للانخراط ضمن العقوبات الدولية على روسيا، والتصويت ضدها، وهو ما رفضه الجانب الباكستاني، حيث أكّد عمران خان أنّ "باكستان بلد مستقل، يرفض الإملاءات". مضيفاً: "هل نحن عبيد لكم؛ لنفعل ما تقولون؟".

أحمد فؤاد أنور: التيار الإخواني غير قادر على استغلال الأزمة، فالمؤسسة العسكرية في باكستان، لن تسمح بهكذا تحرك، كما أنّ التيار الإسلامي في البلاد منقسم على نفسه، ويمثل الإخوان فصيلاً محدوداً منه

وبالطبع فإنّ موقف عمران خان من الأزمة الأوكرانية، يبدو مختلفاً عن موقف قائد الجيش، قمر جاويد باجوا، الذي انتقد العملية العسكرية الروسية بشكل صريح، وذلك استمراراً لمسلسل الخلاف الذي بدأ منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بين رئيس الوزراء وقائد الجيش، حيث يرفض الأخير سياسة الابتعاد عن واشنطن، التي يصر رئيس الوزراء على انتهاجها، خاصّة منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وفي المقابل فقد اتجه عمران خان بقوة نحو موسكو، وجرى تدشين عدة مشروعات للتعاون المشترك، أبرزها مشروع خط أنابيب؛ لنقل الغاز الروسي إلى باكستان، كما اتجه نحو بكين، حيث انخرطت إسلام آباد ضمن مشروع طريق الحرير.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون ونشر الفوضى في باكستان.. ما الهدف؟

وعليه فإنّ سياسات عمران خان المزعجة لواشنطن، ربما ساهمت إلى حد كبير في الإطاحة به، وهي إطاحة ليست مستغربة في باكستان، التي لم يكمل غالبية رؤساء الحكومات السابقة فيها مددهم، لكنّها المرة الأولى التي تأتي فيها الإطاحة بالحكومة، عن طريق سحب الثقة، وربما تلقي المؤسّسة العسكرية بثقلها في الأيام المقبلة، من أجل توجيه المسار السياسي، وتصحيح بوصلته، وكذلك تأمين البلاد من أيّ محاولات إرهابيّة، أو تحركات إخوانيّة، بهدف جني مكاسب مؤقتة، ولو على حساب الاستقرار السياسي في البلاد.