أزمة الأحزاب السياسية في تركيا

أزمة الأحزاب السياسية في تركيا


09/12/2021

إلى أيّ حدّ تعاني الأحزاب السياسية التركية أزمة في سياساتها وتفاعلها مع المستجدات السياسية والاقتصادية؟ هل هناك مخرج من سياسة عنق الزجاجة التي يحاول حزب العدالة والتنمية الحاكم إبقاء الأحزاب عالقة فيها؟ ما مصير التحالفات الحزبية في الانتخابات المقبلة؟  

في هذا السياق، أشار الكاتب التركي دنيز يلدريم في مقال له في صحيفة جمهورييت التركية إلى أنّ من أبرز مؤشرات أزمة الحكم على الساحة السياسية في تركيا الانقسامات الحزبية والزيادة السريعة في عدد الأحزاب الجديدة. ولفت إلى أنّه كانت التسعينيات مثالاً خاصًا في هذا الصدد.

وقال يلدريم إنّه في واقع الأمر، في هذه البيئة، تطور ممثل جديد حوّل انقسام أحزاب يسار الوسط إلى ميزة، وهو حزب الرفاه. كما قال إنّه لعبت هذه الانقسامات والطموحات دورًا كبيرًا في فوز مرشحيه في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة في انتخابات 1994 البلدية.

ولفت الكاتب إلى أنّ حزب العدالة والتنمية خرج من هذه الأزمات وهذه الفجوات. لقد وصل إلى السلطة وحوّل تفكك سياسة يمين الوسط إلى فرصة ووسع قاعدته نحو هذه المنطقة. كما أنه منع أو حيّد جميع المبادرات الحزبية التي يمكن أن تنسق مع الأقسام المحافظة، والتي كان يعتقد أنها قد تنافسه في الوسط. على سبيل المثال، أضاف قادة الأحزاب القائمة إلى حركته، وجعلهم وزراء أو مدراء لأفرع الحزب.

وذكر كذلك أنّ من المثير للاهتمام أن الأمور تغيرت منذ الانتقال إلى النظام الجديد. من جهة، هناك زيادة كبيرة في عدد الأحزاب ومحاولاتها. الأمر الثاني المثير للاهتمام هو ملاحظة أن حزب العدالة والتنمية يمكنه القيام بخطوات تتوسع من مجال الرؤية الوطنية إلى الوسط والقاعدة القومية لليمين، وقبل ذلك إلى الليبراليين "اليساريين".

ونوّه إلى أنّه الآن، ومع تدهور الوضع الاقتصادي وازدياد هوامش المشروع الاستبدادي، بدأت مساحة مناورة هذا الحزب تتقلص. أدى هذا الانكماش أيضًا إلى تسريع الانقسامات داخل الحزب والمبادرات الحزبية الجديدة. وقال يلدريم إنّه إذا نظرنا إليها بتعريف واسع اليوم، فإن حركة الرؤية الوطنية تشهد أكثر فتراتها انقسامًا سياسيًا. يمكن احتساب حزب العدالة والتنمية وحزب السعادة وحزب الرفاه مرة أخرى وحزب ديفا وحزب المستقبل من بين تفرعات هذه الشجرة. لذا فإن الوضع معكوس بالنسبة لأولئك الذين يخططون للنظام الجديد كاستراتيجية تحالف ثابتة لعقد الكتلة من حولهم معًا.

استدرك يلدريم بالقول لكننا نرى أن هذه الأحزاب الجديدة التي أشرت إليها ليست فعالة بما يكفي في تحديد أجندة المعارضة السياسية وفي الاقتراع. وقال إنه كذلك؛ ما قيل دائمًا: "لا يوجد سوى حزب الشعب الجمهوري المعارض لحزب العدالة والتنمية. الناخبون اليمينيون المحافظون لا يقتربون من حزب الشعب الجمهوري. ليس هناك بديل؛ لهذا السبب لا توجد تحولات من قاعدة حزب العدالة والتنمية". وكانت قراءة مثيرة للاهتمام؛ كانت الرسالة مفادها "إذا كان حزب العدالة والتنمية هو الحزب الذي يعطي فقط رسالة على أساس الدين، فإنه سيفقد الأصوات".

شدّد الكاتب على أنّه في الوقت الحالي يمكننا القول إن هذه الفرضية تدحضها الحياة نفسها، من خلال الممارسة. خلاف ذلك، في هذه البيئة الاقتصادية، ستظل أصوات حزب العدالة والتنمية في استطلاعات الرأي حوالي 30 في المئة، ولن تكون أصوات هذه الأحزاب القائمة أقل من 5 في المئة. وقال: إذن هذه ليست المشكلة الوحيدة.

وأكّد الكاتب على أنّ الحكومة لديها الأدوات لتشكيل الرأي العام، كما أن لديها القوة الاقتصادية القسرية، لديها العصا التي تظهرها لمن ينفصل عنها. لكن هذه عوامل خارجية. هذا وحده لا يكفي للتفسير. من ناحية أخرى، يظهر المجال أن حزب السنة الدولية للصليب الأحمر آخذ في الارتفاع. لذلك، في الوقت الحالي، يمكن القول إن لغة الهيمنة للسلطة والمعارضة تطورت على محور القومية وحتى على أساس الشعبوية القومية.

كما أكد يلدريم على أنّ الأتراك يعيدون فحص تأثير سياسة العنونة "الشعبوية"، التي لها وظيفة مهمة للغاية من حيث العلاقة التي أسسها حزب العدالة والتنمية مع الجماهير أثناء وبعد صعوده، في الثقافة السياسية لتركيا.

وتساءل الكاتب في مقاله: هل يمكن أن تكون المشكلة الرئيسية للأحزاب المعنية أنها تفتقر إلى الوريد "الشعبوي" فيما يتعلق بالسياسة الجماهيرية؟

وأشار يلدريم كذلك إلى أنّ الجماهير سئمت الجمهورية، والأقسام الديمقراطية/ التقدمية في هذا البلد من كونها بلا زعيم وتعاني باستمرار من نفسية الهزيمة، لفترة طويلة. وقال إنّه عندما تضاف إلى ذلك الأزمات الداخلية لمراكز المقاومة التاريخية التي يديرون ظهورهم لها ويقرؤونها ويصغون إليها ويقيمونها، وعدم قدرتها على إدارة هذه الأزمات بشكل جيد، ويضاف إلى ذلك الفوضى الناتجة عنها، تصبح الصورة أكثر تشاؤماً وإحباط معنويات جميع الشرائح.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية