تواجه قطر، أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم، موقفاً صعباً بسبب ضعف الطلب العالمي على الغاز المرتبط بتفشي فيروس كورونا المستجد، ما قد يدفعها إلى اتباع أحد خيارين، كلاهما مر؛ تقليص الإنتاج، أو إشعال "حرب أسعار" من أجل ضمان حصة بالسوق العالمية، وفق ما أوردت وكالة "بلومبيرغ".
ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أنّ "حرب الأسعار" قد تدفع بأسعار الغاز للوصول إلى أرقام بالسالب.
وبدأت قطر، في شباط (فبراير) الماضي، إعادة توجيه شحنات الغاز الطبيعي المسال بعيداً عن آسيا؛ حيث كان فيروس كورونا يعوق المبيعات، وراحت ترسلها بدلاً من ذلك إلى شمال غرب أوروبا، لكن هذا الحل السريع لم يفد طويلاً؛ إذ سرعان ما اجتاح وباء كورونا أكبر الاقتصادات الأوروبية، وترك قطر تكافح حتى من أجل أماكن تخزين للشحنات غير المبيعة.
اقرأ أيضاً: الخطوط الجوية القطرية تسرح عدداً كبيراً من موظفيها
وفي ظل تلك الظروف، ستضطر قطر إلى اتخاذ قرار مصيري ذي عواقب بعيدة المدى، فمن شأن خفض إنتاج الغاز، وهو صادراتها الرئيسية، أن يضغط على الإيرادات الحكومية، في وقت يزيد فيه تراجع البترول الضغط على أسعار الغاز الطبيعي المسال، التي يرتبط بعضها بالنفط.
قطر تواجه موقفاً صعباً بسبب ضعف الطلب على الغاز المرتبط بتفشي فيروس كورونا المستجد
أما إذا تبنّت قطر قرار خفض الأسعار لتأمين مزيد من المبيعات، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم انهيار الصناعة، ويهدد هوامش الربح حتى بالنسبة للمنتجين ذوي التكلفة المنخفضة.
ويمكن أن ينتهي الأمر، حسب "بلومبيرغ"، إلى دفع الأسعار إلى ما دون الصفر، مما يعني أنّ قطر ستخسر في الحالتين، بغض النظر عن الخيار الذي تتخذه.
ويشير غراهام فريدمان، المحلل لدى شركة "وود ماكنزي" الاستشارية، إلى أنّ "الطلب متراجع، وكلفة التخزين مرتفعة للغاية بهذا الوقت من العام. ويبدو أنّ ذلك سيستمر لمدة تتراوح ما بين 12 إلى 18 شهراً المقبلة".
هذا ويشهد القطاع العقاري في السوق القطري ضعفاً حاداً من حيث الإقبال عليه، في وقت يشكل فيه المعروض فائضاً كبيراً عن الحاجة الفعلية للسكان والمستثمرين.
وجاء في تقرير حديث صادر عن جهاز قطر للاستثمار، أنّ تراجعاً حاداً وصلت نسبته إلى 24% طرأ على رخص البناء الممنوحة في السوق القطرية خلال نيسان (أبريل) الماضي، مقارنة مع الشهر السابق له آذار (مارس) 2020، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
اقرأ أيضاً: لمواجهة كورونا.. قطر تعقد واحدة من أكبر صفقات القروض
وقال جهاز قطر للإحصاء، في تقرير نشر اليوم، إنّ عدد رخص البناء الممنوحة في السوق القطرية خلال نيسان (أبريل) الماضي، بلغ 483 رخصة، نزولاً من 637 رخصة في آذار (مارس) السابق له.
أما رخص إتمام البناء، فقد تراجع هذا النوع من الرخص بنسبة 31% خلال نيسان (أبريل) الماضي، مقارنة مع الشهر السابق عليه، إلى 260 رخصة إتمام بناء فقط، نزولاً من 275 رخصة في آذار (مارس) السابق له.
تراجع حاد يطرأ على رخص البناء الممنوحة في السوق القطرية يعكس الأزمة الحقيقية للقطاع
في وقت تعاني فيه المالية العامة للحكومة القطرية تحت وطأة تبعات جائحة كورونا، يسعى جهاز قطر للاستثمار، لاقتراض نحو 8 مليارات دولار بضمان حيازات الأسهم لديه، وذلك بحسب ما نقلته وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر مطلعة على الأمر، مطلع الشهر الجاري.
وتأتي مساعي جهاز قطر للاستثمار "صندوق الثروة السيادي" مع تضرر السيولة والمالية العامة لدى الدوحة بفعل كورونا، حيث اقترضت الدولة التي يعتمد جل اقتصادها على صادرات الغاز الطبيعي نحو 10 مليارات دولار في نيسان (أبريل) الماضي من خلال طرح سندات.
بدورها، قالت المصادر للوكالة إنّ الصندوق دخل في مفاوضات مع بنكي "جي.بي.مورغان"، و"يو.بي.إس" للحصول على قرض هامشي بضمان استثماراته في الأسهم الأوروبية، في ما قد تكون واحدة من أكبر صفقات القروض الهامشية بالمنطقة.
وتئنّ قطر تحت وطأة تراجعات أسعار الغاز التي انخفضت بالتزامن مع هبوط أسعار النفط بنحو 50% في آذار (مارس) الماضي.
كما تعاني المالية العامة للدولة في خضم قطيعة عربية أدت إلى تدخل جهاز الثروة السيادي لديها لضخ السيولة الدولارية بالبنوك لتعويض العجز.
هذا وتكبّدت قطر أكبر حصيلة من الإصابات بفيروس كورونا التاجي في يومٍ واحدٍ، وذلك بعد أن سجلت، أمس، أكثر من 1500 حالة إصابة بفيروس كورونا، مما أودى بالبلد الخليجي لتخطي حاجز الـ 25 ألف إصابة بمرض "كوفيد-19".