بعد قرابة قرن من التأسيس... ماذا تبقى من جماعة الإخوان المسلمين؟

بعد قرابة قرن من التأسيس... ماذا تبقى من جماعة الإخوان المسلمين؟

بعد قرابة قرن من التأسيس... ماذا تبقى من جماعة الإخوان المسلمين؟


26/03/2025

بعد (3) أعوام من الآن يمرّ قرن على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد البنا في العام 1928. ولكن مع اقتراب هذا التاريخ المهم، تواجه الحركة واحدة من أعمق أزماتها، في ظل وضعها على قوائم الإرهاب في العديد من دول المنطقة، وكذا انقسام قيادتها، وانسحاب عدد كبير من أعضائها، بينما يقبع الصف الأول من كوادر مكتب الإرشاد في السجون.

جاء الربيع العربي بجماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر في العام 2012، وفشلت الجماعة في اختبار السلطة، وفي التوصل إلى تسويات مع المعارضة السياسية، وجاءت نقطة التحول الحاد في العلاقات بين الإخوان والمعارضة أثناء عملية كتابة الدستور، فقد انسحبت المعارضة من الجمعية التأسيسية للضغط على الإخوان لتغيير سياساتهم.

 وعلى الرغم من اعتماد دستور الإخوان بنسبة 63.8% من الأصوات، إلّا أنّ (3) محافظات مصرية كبرى رفضته، على رأسها العاصمة القاهرة، كما ارتفعت التوترات بين الإخوان والمؤسسات الدينية، بما في ذلك كلّ من الأزهر والكنيسة القبطية.

 وصل الاستقطاب إلى ذروته في حزيران (يونيو) 2013، وانتهى الأمر بإنهاء حكم الإخوان، ووضع البلاد على مسار سياسي جديد.

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا

انقسام حاد داخل الجماعة

في النصف الأول من العام 2015 بدأ عدد من شباب الإخوان في التشكيك في فعالية الجماعة، ودعوا قيادتهم إلى تقديم استراتيجية معارضة واضحة، وعدم دفعهم إلى المخاطرة بحياتهم بالانضمام إلى المظاهرات التي لا يوجد وراءها أيّ خطة سياسية. وشهدت هذه اللحظة أوّل نزاع حول القيادة داخل الحركة. 

وفي العام نفسه ظهرت مجموعة جديدة تقوم على استخدام العنف بقيادة محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، الذي اقترح نهجاً جديداً لتصعيد الهجمات العنيفة، بدءًا من كانون الثاني (يناير) 2015 من أجل تمهيد الطريق لما اعتقد أنّه قد يكون فرصة لإسقاط النظام

عارضت القيادة التاريخية هذا التغيير في الاستراتيجية، بقيادة الهارب آنذاك محمود عزت، نائب المرشد العام، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة، الموجود في إسطنبول. وانتهت هذه الموجة من العنف بعد مقتل كمال على يد الأمن المصري في تشرين الأول (أكتوبر) 2016. 

رغم ضعف هذا الجناح بسبب نقص التمويل، إلا أنّه ما يزال موجودًا تحت اسم المكتب العام، ويعمل باستقلالية تامة عن القيادة التاريخية، وله مكتبه التنفيذي الخاص، كبديل لمكتب الإرشاد، ومجلس شورى عام. ولا يتفق مع القيادة التاريخية إلا في اختيار محمد بديع المعتقل مرشدًا عامًا للإخوان

وسرعان ما حدث انقسام جديد بين القيادة التاريخية نفسها، ولم يتعلق هذا الخلاف بالاستراتيجيات، بل بمن له الحق في قيادة التنظيم. كان الخلاف بين إبراهيم منير، الذي كان يقيم في لندن، والمسؤول عن إدارة الجماعة، منذ اعتقال محمود عزت  نائب المرشد والقائم بأعماله، من قبل السلطات المصرية في آب (أغسطس) 2020. وتم تعيين منير نائبًا وقائمًا بأعمال المرشد المعتقل محمد بديع.

ومع ذلك، لم يوافق محمود حسين، الأمين العام للجماعة، على هذا القرار، فألغى منير منصب الأمين العام الذي كان يشغله حسين. ومن جانبه، قام حسين بإعفاء منير من مهامه كنائب للمرشد العام للحركة، في خطوة اعتبرها منير غير شرعية. 

الأمين العام للجماعة: محمود حسين

توفي إبراهيم منير في العام 2022. وفي آذار (مارس) 2023 تولى صلاح عبد الحق منصب القائم بأعمال المرشد لجماعة الإخوان. وكانت هناك عدة مبادرات للمصالحة بين المعسكرين منذ ذلك الحين. وبحسب حلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي داخل الجماعة، فإنّ الفجوة بين المعسكرين تقلصت، وهذا النزاع الإداري سينتهي قريبًا.  

الخلاف بين محمود حسين وعبد الحق إداري بحت، ويدور حول من يملك الحق في قيادة التنظيم. إلّا أنّ الخلاف بين هذين الجناحين والمكتب العام يدور أكثر حول توجهاتهما السياسية تجاه النظام في مصر. 

كان إبراهيم منير قد دعا في تمّوز (يوليو) 2022 إلى مبادرة مصالحة مع النظام المصري، تقضي بعدم تنافس الإخوان على السلطة السياسية، مقابل إطلاق سراح جميع معتقلي الإخوان. من جانبه يتبنّى المكتب العام نهجًا أكثر راديكالية، معتبرًا أنّ الثورة وحدها كفيلة بإطلاق سراح المعتقلين، بدلًا من " المفاوضات المذلة " مع النظام المصري. 

وعلى الرغم من الخلاف حول القيادة، فإنّ هذه المجموعات الثلاث تشترك في شيء واحد: الافتقار إلى رؤية سياسية؛ الأمر الذي يترك الحركة دون استراتيجية فعالة للتعامل مع الجمود السياسي الحالي. 

القائم بأعمال المرشد العام الراحل: إبراهيم منير

تفكك التنظيم بنيويًّا

انشغلت مختلف الفصائل القيادية بصراعها على قيادة الجماعة، لدرجة أنّها لم تُعر الجماعة نفسها اهتمامًا يُذكر، وقد خلّفت هذه الخلافات القيادية خيبة أمل لدى العديد من شباب الإخوان المسلمين. 

أصبح هناك شعور واسع النطاق بين شباب الإخوان بأنّ القيادة لا تفتقر إلى الرؤية فحسب، بل إنّ الكثيرين يحمّلونها مسؤولية الهزيمة السياسية، وقد ذهب بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى حدّ اتهام القيادة بالفساد والخيانة.

أصبح هؤلاء الشباب متطرفين وسلبيين في آنٍ واحد؛ فمعظمهم لا يتفق مع النهج السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الذي تبنته بعد العام 2011، ويجادلون بأنّه كان على الجماعة اتخاذ خطوات أكثر جذرية للقضاء على شبكات النظام القديم وإحداث تغييرات ثورية في البلاد.

 وهذا هو حال، على سبيل المثال، عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين كان عضوًا نشطًا لكنّه ترك التنظيم بعد عام 2013. واتهم نهج القيادة بعد عام 2011، ومع غياب مشروع سياسي وتنظيم موحد، تأكد العديد من هؤلاء الشباب أنّ استخدام العنف سيكون بمثابة انتحار سياسي، فغادر العديد من هؤلاء الإخوان النشطين البلاد بحثًا عن فرص للدراسة أو العمل في الخارج، بينما قرر آخرون التركيز على عائلاتهم، وتجنب أيّ حديث عن القضايا السياسية. 

وعلى الأرض، تفتقر المجموعات الثلاث المتنافسة على القيادة إلى أيّ مشروع سياسي. وما تزال غير متأكدة من نوع النظام السياسي الذي تسعى إليه، والاستراتيجيات التي يمكنها من خلالها تحقيق هذا المشروع. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية