6 رسائل... ماذا وراء الظهور الإعلامي الأخير لمحمود حسين؟

6 رسائل... ماذا وراء الظهور الإعلامي الأخير لمحمود حسين؟

6 رسائل... ماذا وراء الظهور الإعلامي الأخير لمحمود حسين؟


26/12/2022

في محاولة جديدة لملء الفراغ التنظيمي الذي تعيشه جماعته منذ أعوام، ولقطع الطريق أمام خصومه مجدداً، ظهر محمود حسين، قائد جبهة إسطنبول بتنظيم الإخوان، للمرة الأولى في لقاء بثته إحدى الفضائيات التابعة للجماعة، بعد إعلانه تنصيب نفسه قائماً بأعمال المرشد، قبل نحو شهر.

وحمل اللقاء العديد من الرسائل والإشارات حول الوضع الراهن، وحالة الصراع داخل جماعة الإخوان، أبرزها كان التأكيد على شرعيته، وزعمه التواصل مع عناصر التنظيم بمصر، وتصفية الخصوم، والدعوة مجدداً للمّ الشمل، والجديد هو نفي التحلل التنظيمي الذي تعانيه الجماعة، وأخيراً محاولة قطع الطريق أمام القرار المرتقب من جبهة لندن بإعلان صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد.

التأكيد على شرعيته

ربما الرسالة الأكثر حضوراً على مدار أكثر من (60) دقيقة تحدث خلالها محمود حسين في اللقاء المسجل الذي تمّت إذاعته يوم الجمعة الماضي، تتعلق بمحاولاته المكثفة التأكيد على شرعيته وأنّه صاحب الحق الوحيد في تولي منصب القائم بأعمال المرشد العام خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وخلال حواره دعا محمود حسين عناصر الإخوان إلى "الاستمرار في العمل تحت قيادته، لامتلاكه (الشرعية) التنظيمية واللائحية، كونه عضواً بمكتب (إرشاد التنظيم)، ويحق له بناء على المادة الخامسة من اللائحة أن يكون القائم بالأعمال"، متابعاً أنّ "أعضاء مجلس شورى الإخوان في إسطنبول" هم من ضغطوا عليه، وأصروا على أن يحمّلوه المسؤولية".

أديب: حاول حسين نفي تهمة شق صف الجماعة، أو الوقوف وراء الخلاف المتجذر في الإخوان، بإلصاق هذه الاتهامات بمجموعة لندن

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب منير أديب لـ "حفريات": إنّ حسين حاول من خلال البيان واللقاء الرد بشكل مباشر على فكرة خروجه عن الشرعية التي تحاول مجموعة لندن الترويج لها بكثافة خلال الفترة الماضية، من خلال الاحتماء بإخوان الداخل المصري، ومحاولة إظهار أنّه يحظى بشعبية كبيرة.

التواصل مع إخوان مصر

ذكر محمود حسين خلال اللقاء أنّه متواصل مع إخوان مصر، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة تحمل الكثير من الإشارات؛ أهمّها استمرار نشاط الإخوان داخل مصر رغم الملاحقة الأمنية المكثفة والضربات الاستباقية للتنظيم المدرج على قوائم الإرهاب.

كما أنّها محاولة من جانب حسين لإظهار نفسه داخل التنظيم، وفي خضم الصراع المحتدم، وكأنّه يحظى بشرعية الإخوان داخل مصر في إشارة إلى إخوان السجون، ومنهم قيادات مكتب الإرشاد ومرشد التنظيم محمد بديع.

منير أديب: حاول حسين من خلال اللقاء الرد بشكل مباشر على فكرة خروجه عن الشرعية التي تحاول مجموعة لندن الترويج لها بكثافة خلال الفترة الماضية، من خلال الاحتماء بإخوان الداخل المصري، ومحاولة إظهار أنّه يحظى بشعبية كبيرة

ويشير منير أديب إلى أنّ البيان الأخير الصادر عن جبهة محمود حسين كان قد ذيّل بعبارة "الإخوان المسلمون- مصر"، وقد أراد بهذه العبارة أن يوحي بأنّ جبهته تمثل الإخوان في مصر، وأنّه ما يزال متواصلاً معهم في الداخل المصري، ومن جهة أخرى أراد محمود حسين أن يرد على ما أشاعته جبهة لندن بأنّه قد خرج عن الشرعية بتنصيب نفسه قائماً بأعمال المرشد، رغم أنّه هو ومجموعته من صاغوا البيان وحدهم، وليس هناك أيّ علاقة لإخوان الداخل بالأمر.

لستُ مسؤولاً عن انهيار التنظيم

هدف آخر أراد محمود حسين الوصول إليه من خلال اللقاء، بحسب الباحث منير أديب، هو محاولة نفي تهمة شق الصف التنظيمي للجماعة، أو الوقوف وراء الخلاف المتجذر في الإخوان منذ أعوام، بإلصاق كل هذه الاتهامات بمجموعة لندن، وتحميلها المسؤولية كاملة عن كافة الأزمات التي مر بها التنظيم خلال الفترة الماضية نتيجة تعمق الصراع.

وكان حسين قد تنصل من تحمله أيّ خلافات داخل التنظيم بقوله: "لم أُدِرْ أيّ ملف تسبب في أيّ مشكلة لـ (الإخوان) سواء بالداخل المصري أو بالخارج"، وزعم أنّ "التنظيم (منضبط) ولا وجود لمنشقين"، واصفاً (مجموعة لندن) بـ (الأقلية).

قطع الطريق أمام صلاح عبد الحق

هناك ارتباط بين ظهور محمود حسين على قناة وطن المملوكة لجبهته أصلاً، وبين البيان الذي سبق هذا الظهور بيومين أو (3) أيام، وكذلك هناك ارتباط بين ذلك البيان الأخير، وبين ما أشاعته جبهة إبراهيم منير بشأن تحركاتها بخصوص تعيين قائم جديد بأعمال المرشد العام خلفاً لإبراهيم منير.

إيراهيم منير

وبحسب أديب، حاول حسين من خلال ظهوره الإعلامي الأخير قطع الطريق أمام القرار المرتقب من جبهة لندن بتعيين صلاح عبد الحق قائماً بأعمال المرشد، بعد أن علم أنّهم بصدد الإعلان عن ذلك القرار مطلع العام المقبل، خلال شهر كانون الثاني (يناير).

استمالة قواعد التنظيم

ويرى أديب أنّ اللقاء تضمن إلى جانب الرسائل العامة رسائل أخرى موجهة إلى قواعد التنظيم، مفادها أنّه صاحب الشرعية والأحق بتولي منصب المرشد، وفقاً للمادة الخامسة من لوائح التنظيم، التي تنص على تولي أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سناً مهام القائم بأعمال المرشد.

وأيضاً حاول تصدير فكرة أنّه سيعمل وفق آلية تسمح بتمكين الشباب وضخ دماء جديدة بالمناصب التنفيذية داخل هيكل الإخوان في محاولة لاستمالة القاعدة الأكبر من قواعد التنظيم.

خلال الحوار حاول محمود حسين الحديث عن مقترح إبراهيم منير، قبل وفاته، باعتزال جماعة الإخوان في مصر للعمل السياسي بشكل مؤقت

وكان محمود حسين قد أعلن خلال حواره أنّه "سينشئ كياناً جديداً غير الرابطة التي تدير شأن (الإخوان) بالخارج، وسيقوم بتكوين (هيئة) جديدة لـ (الإخوان)، وهي ليست بديلاً - حسب قوله - عن مكتب (الإرشاد في إسطنبول)، وستكون مجرد (هيئة استشارية)".

الإخوان لن يعتزلوا العمل السياسي

خلال الحوار حاول محمود حسين الحديث عن مقترح إبراهيم منير، قبل وفاته، باعتزال جماعة الإخوان في مصر للعمل السياسي بشكل مؤقت، وهو مقترح يحظى بتأييد قطاع كبير داخل جبهة لندن وكذلك قيادات في التنظيم الدولي، وقد حاول إظهار المقترح باعتباره خروجاً عن أدبيات الإخوان ومخالفة للوائح التنظيم.

وأكد حسين خلال لقائه على استمرار ممارسة العمل السياسي للتنظيم في الداخل المصري، وهو تصريح يعكس استمرار الجماعة في محاولات اختراق المشهد السياسي المصري خلال الفترة المقبلة، سواء بشكل مباشر أو من خلال حلفاء.

وفي المحصلة، لا يمكن اعتبار اللقاء أو البيانات، وكذلك التحركات المتواصلة من جبهة إسطنبول التي يتزعمها محمود حسين، أنّها تمثل حسماً نهائياً لأزمة الصراع التنظيمي داخل الإخوان، فجميعها بحسب مراقبين لا تعدو كونها محاولات لخلق شرعية زائفة بهدف قيادة كيان منهار تماماً على المستوى التنظيمي، وترجح التقديرات أن تعلن جبهة لندن، التي ما تزال تلتزم الصمت حتى الآن، قرارات جديدة بداية العام المقبل، بعد أيام قليلة، من شأنها أن تقلب الموازين، وتعيد الصراع داخل التنظيم إلى المربع صفر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية