تونس... تكريس ثقافة الاستقواء بالأجنبي لتحقيق الأجندات الحزبية

تونس... تكريس ثقافة الاستقواء بالأجنبي لتحقيق الأجندات الحزبية

تونس... تكريس ثقافة الاستقواء بالأجنبي لتحقيق الأجندات الحزبية


05/01/2023

على الرغم من الحرص المستمر على رفض التدخل الأجنبي في الشأن التونسي من قبل الأطراف السياسية والاجتماعية الفاعلة، غير أنّ بعض الأطراف السياسية، في مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، التي تولت حكم البلاد على امتداد (10) أعوام وُصفت بـ"العشرية السوداء"، أصرت على اللجوء إلى دعم بعض الدول الإقليمية على غرار تركيا وقطر وبعض الدول الغربية، وتشريكها في الشأن التونسي.

النهضة حاولت خلال العامين الماضيين اللعب على وتر المظلومية وحقوق الإنسان لتشويه العملية السياسية في تونس، ما بعد 25 تموز (يوليو) 2021، لاستمالة حلفائها بالخارج لضرب خصومها، خاصة عندما تتوتر مناخات الحرية والديمقراطية، وهو ما تُحسن الجماعة استغلاله.

بعض الأطراف السياسية، في مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، أصرت على اللجوء إلى دعم بعض الدول الإقليمية على غرار تركيا وقطر وبعض الدول الغربية.

 محاولات الارتماء في أحضان القوى الأجنبية تحدّث عنها الرئيس سعيّد مراراً، وحذّر من الخيانة والاستقواء بالخارج والإضرار بالسيادة الوطنية، التي أكد على أنّها ملك للشعب التونسي وحده دون سواه.

سعيّد يتهم أطرافاً بتلقي أموال ضخمة من الخارج

وفي أحدث تصريح له، اتهم الرئيس التونسي سعيّد الأربعاء أشخاصاً بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل السير العادي للدور الثاني لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، أو تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، فضلاً عن تلقيهم مبالغ ضخمة من الخارج بهدف المزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية.

وأكد سعيّد لدى استقباله وزير الداخلية توفيق شرف الدين، والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان، بقصر قرطاج، على ضرورة تطبيق القانون على الجميع، لأنّ أمن الدولة والسلم الاجتماعي لا يمكن أن يترك من يسعى يائساً لضربها خارج دائرة المساءلة والجزاء.

ويتهم سعيّد الطبقة السياسية التي حكمت البلاد عقب ثورة 2011 بإغراق البلد في الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ورهن القرار السيادي بيد القوى الأجنبية، ويؤكد أنّه يسعى لإصلاح الأوضاع، وفقاً لمطالب شعبية نادت بضرورة محاسبة حركة النهضة الإخوانية، وكل من شارك في العملية السياسية التونسية خلال الأعوام الـ (10)  الماضية، التي يطلقون عليها "العشرية السوداء". 

محاولات إخوانية للارتماء في أحضان الخارج

حركة النهضة الإسلامية، التي مسكت زمام الأمور في تونس بعد ثورة 2011، لا تخفي رغبتها في حدوث نوع من الضغط الخارجي الذي يوقف الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021، وقد تحوّلت رغبتها اليوم إلى رغبة في تعطيل الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة.

النهضة حاولت خلال العامين الماضيين اللعب على وتر المظلومية وحقوق الإنسان لتشويه العملية السياسية في تونس.

في محاولة جديدة للضغط على الحكومة التونسيّة، كلّف القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري مؤخراً مكتبَ محاماة في مدينة جنيف السويسرية؛ برفع دعوى قضائيّة ضدّ وزير الداخلية توفيق شرف الدين.

واتهم البحيري النظام التونسي بتعمّد تعطيل النظر فيما رفعه زملاؤه المحامون من دعاوى ضدّ وزير الداخلية، وكل من تورطوا في اختطافه واحتجازه قسرياً، بحسب مزاعمه.

القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري

وأضاف أنّ هذه الدعاوى مسجلة لدى المحاكم الابتدائية بتونس وبنزرت والمحكمة العسكرية منذ نهاية العام الماضي، لافتاً إلى أنّ النيابة العمومية أحالت الدعاوى على الفرق الأمنية المختصة للبحث، وأنّه "تمّ التذكير بها في 4 شباط (فبراير) و30 حزيران (يونيو) الماضييْن من دون جدوى"، حسب زعمه.

وقبيل الانتخابات، تحوّل عدد من قيادات الحركة إلى جنيف السويسرية للمشاركة في الدورة الـ (41) لعرض التقرير الدوري الشامل للدولة التونسية أمام مجلس حقوق الإنسان، لمدة (3) أيام.

وشارك في هذه الدورة المنظمة بجنيف عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني (محامي الوزير الإخواني السابق نور الدين البحيري)، وعضو جبهة الخلاص رضا بلحاج، والناشطة السياسية والقيادية بجبهة الخلاص شيماء عيسى، وأمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وعدّة وجوه أخرى.

والعام الماضي، شارك الناطق الرسمي باسم الحركة فتحي العيادي في اجتماع لاتحاد البرلمانات الدولية بتكليف من زعيم حزبه راشد الغنوشي، إلى جانب رئيس كتلة حزب قلب تونس البرلمانية أسامة الخليفي، وقد تلا الأخير بياناً للغنوشي بشأن الوضع السياسي في تونس.

محاولات الارتماء في أحضان القوى الأجنبية تحدّث عنها الرئيس سعيّد مراراً، وحذّر من الخيانة والإضرار بالسيادة الوطنية.

وبالرغم من أنّها تنفي علناً طلبها أيّ دعم أجنبي، إلّا أنّ مصادر أشارت حينها إلى أنّ نواب من حركة النهضة طلبوا من وفد أمريكي زار تونس آنذاك الضغط على سعيّد لإنهاء العمل بالإجراءات المذكورة.

تأكيد مدني على تدخل القوى الأجنبية

وكان الخبير الدبلوماسي التونسي عبد الله العبيدي قد قال في تصريحات سابقة: إنّ هناك وصاية منصبة على تونس من قبل عدد من القوى الغربية، مؤكداً وجود وثائق تثبت أنّ حدود تونس بيد قوى غربية، وأنّ هذه الأطراف الأجنبية تسيطر على منشآت حساسة على غرار الموانئ والسدود ومولدات الكهرباء وغيرها من المواقع الاستراتيجية والحساسة، مشيراً في هذا الصدد إلى بريطانيا.

وقد حذّر أكثرمن (22) جمعية تونسية من مساعي حركة النهضة الإسلامية وحلفائها لتضليل وتأليب الرأي العام العالمي، خاصة "الكونغرس" والإدارة الأمريكية، وتحريض دول أجنبية على التدخّل في الشؤون التونسية.

الخبير الدبلوماسي التونسي عبد الله العبيدي

واعتبرت هذه الجمعيات، ومن أبرزها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أنّ مساعي حركة النهضة في الالتجاء لقوى الأجنبية "وصمة عار على جبين هؤلاء السياسيين الذين شارك عدد منهم في الحكم منذ نهاية 2011، مشاركة اتسمت بإعلاء مصالحهم الحزبية والشخصية، وتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانتشار الفساد، وتقسيم التونسيين بشكل لم يسبق له مثيل منذ الاستقلال"، وفق ما جاء في البيان.

هذا، ويذهب مراقبون وأوساط سياسية تونسية في تفسير تطلع النهضة، التي تأسست قبل (40) عاماً، للحصول على دعم أجنبي في مواجهة خصومها، إلى أنّ الحركة باتت متوجسة حول مستقبلها الذي يكتنفه الكثير من الغموض، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية التي تعصف بتماسكها الذي لطالما تباهت به.

وقد ساهمت الإجراءات التي اتخذها الرئيس سعيّد في تحجيم نفوذ النهضة، حين جمّد البرلمان الذي كانت تفرض سطوتها عليه، وأقال الحكومة برئاسة  المشيشي الذي كان حليفاً للحركة الإسلامية، ورفع الحصانة عن النواب البرلمانيين تمهيداً لمحاكمة بعضهم.

مواضيع ذات صلة:

- دعوا إلى حوار شامل... ما الذي تسعى إليه رموز العشرية الماضية بتونس؟

الأحزاب التونسية المقاطعة للانتخابات... هل تخترق البرلمان عبر مستقلين؟

لن تشارك فيها النهضة لأول مرّة منذ 2011... مؤشرات إيجابية للانتخابات البرلمانية التونسية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية