الأحزاب التونسية المقاطعة للانتخابات... هل تخترق البرلمان عبر مستقلين؟

الأحزاب التونسية المقاطعة للانتخابات... هل تخترق البرلمان عبر مستقلين؟

الأحزاب التونسية المقاطعة للانتخابات... هل تخترق البرلمان عبر مستقلين؟


20/10/2022

برغم أنّ الأحزاب الرافضة لمسار 25 تموز (يوليو) أكدت نيّتها مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة، بذريعة رفض المسار الذي يصفونه بـ "لانقلابي"، وتحكّم الرئيس قيس سعيد بكل تفاصيل اللعبة السياسية، وعدم إعطاء الفرصة للمعارضة في أخذ القرار، غير أنّ عدداً من الشخصيات السياسية ومسؤولين حكوميين حذّروا من سعي بعض تلك الأحزاب لاختراق البرلمان المقبل من خلال المستقلين أو قيادات من الصف الثاني أو الثالث وغير معروفة من داخلها.

هذه المخاوف تحدّث عنها رئيس حزب التحالف من أجل تونس سرحان الناصري، الذي أكد أنّ حركة النهضة الإخوانية أعلنت مقاطعتها للانتخابات، في حين أنّها قدّمت مرشحين بصفة مستقلة في عدد من الدوائر الانتخابية، مشيراً إلى أنّهم جمعوا تزكياتهم، وقدّموا طلبات ترشحهم، حسب تأكيده.

الأحزاب المقاطعة فقدت وزنها ولا شجاعة لها 

وأضاف الناصري، في تصريح لإذاعة "شمس إف إم" التونسية أمس الأربعاء، أنّ من تمرّس في التحايل السياسي لا يمكنه اليوم تغيير طبعه، داعياً إيّاهم إلى التحلي بالجرأة والشجاعة والكشف عن انتماءاتهم، حسب تعبيره.

وفي تصريح سابق للإذاعة نفسها قال الناصري: إنّ كل من أعلن مقاطعته للانتخابات التشريعية القادمة هو متحيل سياسي، وفق توصيفه، وشدّد على أنّ الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها فقدت وزنها، ولا شجاعة لها للترشح بأسمائها.

وأكد رئيس حزب التحالف من أجل تونس أنّ الأحزاب سترشح مستقلين، وسوف يكونون غواصات لهذه الأحزاب، معتبراً أنّ الأحزاب المقاطعة أصبحت من الماضي، وسئم الشعب من تواجدهم؛ لأنّهم لا برامج لهم، واختاروا المقاطعة لحفظ ماء الوجه.

وأشار الناصري إلى أنّ المقاطعة بحجة "الانقلاب" على الديمقراطية والديكتاتورية مبررات واهية وكلام فارغ؛ لأنّه لا وزن لهذه الأحزاب.

هذا، وتتوقع أوساط سياسية وصحفية ترشح شخصيات من حركة النهضة بصفة فردية، أو عبر أحزاب لا تشملها المساءلة القانونية، وتحمل أفكار الحركة، وتستبعد هذه الأوساط أن يخلو المشهد السياسي في تونس من وجود الإسلاميين، وذلك لقدرتهم على المناورة والتموقع بأشكال مختلفة.

سرحان الناصري: حركة النهضة الإخوانية أعلنت مقاطعتها للانتخابات، في حين أنّها قدّمت مرشحين بصفة مستقلة في عدد من الدوائر الانتخابية

 

من جانبها، أكدت القيادية بحركة الشعب (قومية) ليلى حداد في تصريح لإذاعة "شمس إف إم" أنّ "الأحزاب التي تدّعي المقاطعة ترشحت بوجوه جديدة، لكنّها تعلن في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية مقاطعتها لهذه الانتخابات"، مضيفة أنّه "عند صدور نتائج الانتخابات التشريعية سيكتشف الرأي العام أنّ عدد مرشحي الأحزاب أكثر من المترشحين بصفة فردية".

وبحسب تصريحات ليلى حداد، فإنّ بعض الأحزاب، إضافة إلى دعم المستقلين، اختارت دعم ترشيح بعض الوجوه غير المعروفة من داخلها.

أحزاب مقاطعة تحاول اختراق البرلمان

وتزداد المخاوف في تونس، مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقبلة، من سعي بعض الأحزاب المقاطعة لدعم بعض الأشخاص المستقلين للوصول إلى المؤسسة التشريعية، ثم وضع عراقيل أمام المنظومة السياسية المقبلة بهدف إسقاطها من خلال اختراق مؤسساتها المنتخبة.

بدوره، قال الناشط السياسي رياض جراد في تصريح لقناة "التاسعة" الخاصة الثلاثاء: إنّه يملك معطيات تشير إلى نية بعض الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن بقيادات غير معروفة من الصف الثاني أو الثالث أو حتى الرابع، واصفاً ذلك بـ"الانتهازية".

وكان والي (محافظ) تونس كمال الفقيه قد أكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنّ الرافضين للمشاركة في الانتخابات غير قادرين على إقناع الناخب التونسي والفوز، وبالتالي يلجؤون إلى خيارات أخرى.

ووصف الفقيه تلك الأحزاب المقاطعة بأنّها تثير الشفقة، وقال إنّها تريد العودة إلى المشهد عبر ما وصفه بـ "سياسة الغواصات"، ويبدو أنّه اتهام مبطن لها بالسعي للعودة إلى المشهد عبر استغلال منظومة التصويت على الأفراد لدعم بعض المستقلين.

وقال: إنّه يعلم جيداً نوايا هذه الأحزاب، ولن تمر، لكنّه أشار إلى أنّ الشعب إذا اختار المرشحين المدعومين من تلك القوى الحزبية وقرر العودة إلى منظومة ما قبل 25 تموز (يوليو) 2021 بانتخابهم، فهذا حق مكفول وفق الدستور الجديد، وبالتالي عليه أن يتحمل خياراته.

ليلى حداد: الأحزاب التي تدّعي المقاطعة ترشحت بوجوه جديدة، لكنّها تعلن في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية مقاطعتها لهذه الانتخابات

 

وأضاف والي تونس أنّ خطابات المعارضة تعبّر عن محاولة لافتكاك تموقع لا غير، وقال إنّ تلك القوى الحزبية أصبحت غير قادرة على مواجهة الشعب، لذلك اختارت المقاطعة.

وكانت حركة النهضة المنضوية تحت جبهة الخلاص قد أعلنت في بيان الشهر الماضي مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة، قائلة إنّ قرار الرفض يأتي "انسجاماً مع موقفها ‏المبدئي" من إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021.

هل تقاطع النهضة الانتخابات؟

يُذكر أنّ عبد اللطيف المكي، القيادي المستقيل من حركة النهضة، أعلن في حزيران (يونيو) الماضي تأسيس حزب جديد يضم عدداً من المستقيلين من الحركة، يحمل اسم "العمل والإنجاز"، قد يكون بديلاً للحركة التي اهتزت صورتها لدى الرأي العام، وتراجعت شعبيتها بعد أعوام الحكم.

وإلى جانب حركة النهضة، قررت "جبهة الخلاص الوطني" التي تضم أحزاباً وازنة في الساحة السياسية، إلى جانب ائتلاف حزبي يضم (5) أحزاب، ومعهم الحزب الدستوري الحر، مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وتعتبر هذه الأحزاب المقاطعة أنّ القانون الانتخابي الذي أقره سعيّد يؤسّس لنظام حكم الفرد الواحد، ولبرلمان من دون صلاحيات، ويعطي للأحزاب السياسية دوراً أقلّ، ويقلّص من تمثيليتها ومشاركتها في الحياة السياسية، إلى جانب إلغائه آلية التناصف التي تضمن وصول أكبر عدد ممكن من النساء إلى السلطة التشريعية.

وتُعدّ الانتخابات البرلمانية المرتقبة المحطّة الأخيرة من خريطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيّد منذ 25 تموز (يوليو) من العام الماضي، وقد بدأها بتنظيم استشارة إلكترونية شعبية حول الإصلاحات السياسية والدستورية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية