لن تشارك فيها النهضة لأول مرّة منذ 2011... مؤشرات إيجابية للانتخابات البرلمانية التونسية

لن تشارك فيها النهضة لأول مرّة منذ 2011... مؤشرات إيجابية للانتخابات البرلمانية التونسية

لن تشارك فيها النهضة لأول مرّة منذ 2011... مؤشرات إيجابية للانتخابات البرلمانية التونسية


19/10/2022

بعد أقل من يومين على التحركات الاحتجاجية التي دعت إليها الأحزاب المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد، بقيادة حركة النهضة الإخوانية من جهة، والحزب الدستوري الحر من جهة أخرى، بهدف تعطيل إجراء الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) "تاريخ الثورة"، والتصدي لما تعتبره هذه الأحزاب مشروع الرئيس قيس سعيّد الذي انطلق في 25 تموز (يوليو)، انطلقت هيئة الانتخابات الإثنين في قبول الترشحات.

استحقاق انتخابي لن تشارك فيه حركة النهضة الإخوانية لأوّل مرّة منذ 2011، ولن تشارك فيه أغلب الأحزاب التونسية التي انخرطت في حملة معارضة للرئيس سعيّد، دعماً لحركة النهضة، التي دفعتها قرارات 25 تموز (يوليو) إلى خارج الحكم، وأنهت سيطرتها على البرلمان منذ "الثورة".

وكانت "النهضة" قد أطلقت حملة واسعة للتشكيك في مسار سعيّد وفي الانتخابات المقرّرة، وحاولت تحشيد الشارع لصالحها، عبر تنظيم عدّة تحركات احتجاجية، لإجباره على التراجع عن الإجراءات الاستثنائية التي أضرّت بوجودها في المشهد السياسي وفي مراكز الحكم.

هيئة الانتخابات تتفاجأ بالعدد الكبير من الترشحات

تبدو مؤشرات اليوم الأول من انطلاق عملية قبول الترشحات ايجابية جدّاً، فقد أكدت الهيئة الانتخابية تسجيل (304) مطالب ترشح، تنقسم بين (262) رجلاً و(42) امرأة، وقام حوالي (326) ألف مواطن بتزكية مترشحين للانتخابات، خلال الساعات الأولى من فتح باب الترشح، بحسب أرقام قدّمها رئيس الهيئة الذي أكد أنّ هذا العدد مرشح للارتفاع في ظل تواصل آجال الترشح.

تبدو مؤشرات اليوم الأول من انطلاق عملية قبول الترشحات ايجابية جدّاً

ومن المنتظر أن تتواصل عملية قبول الترشحات لمدة (10) أيام أخرى، على أن يتم البتّ في مدى مطابقة طلبات الترشح للشروط المطلوبة في أجل أقصاه 31 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي.

وقد أوضح الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري في تصريح لإذاعة "شمس إف إم" التونسية أنّ الهيئة "تفاجأت" من العدد الكبير من الترشحات، باعتبار أنّ شرط التزكية كان محلّ استنكار طيف واسع من المترشحين، وأفاد أنّ "الهيئة ستتثبت فيما بعد من الملفات"، مبيناً أنّه قبول مبدئي حالياً للترشحات مقابل تسلم المعني للأمر "لتوصيل إيداع".

إقبال مهم برغم المقاطعة

وكانت أحزاب المعارضة، أغلبها لم يكن موجوداً في المشهد البرلماني خلال العشرية الماضية، قد قرّرت مقاطعة الانتخابات البرلمانية المرتقبة، احتجاجاً على القانون الانتخابي الجديد الذي أقرّه الرئيس قيس سعيّد، ويسمح باختيار المرشحين على أساس فردي بدلاً من اختيار القوائم الحزبية، ويسمح بسحب الثقة من النائب في صورة إخلاله وتقصيره في أداء مهامّه وعمله.

هذا، وتشير نتائج سبر آراء إلى أنّ 67.5% من التونسيين لا يثقون في الطبقة السياسية، وتعود أسباب ذلك إلى الوعود الكاذبة وخدمة مصالحهم الشخصية، وصولاً إلى الوضع الاجتماعي الصعب، وذلك وفق إحصائيات سيغما كونساي.

استحقاق انتخابي لن تشارك فيه حركة النهضة الإخوانية لأوّل مرّة منذ 2011، ولن تشارك فيه أغلب الأحزاب الداعمة لها

 

ويزعم معارضو الرئيس أنّ القانون الانتخابي الذي أقرّه سعيّد، وستجري على أساسه الانتخابات البرلمانية، يؤسّس لنظام حكم الفرد الواحد ولبرلمان من دون صلاحيات، ويعطي للأحزاب السياسية دوراً أقلّ، ويقلّص من تمثيليتها ومشاركتها في الحياة السياسية، لكنّ سعيّد نفى محاولته إقصاء الأحزاب من البرلمان المقبل، وقال إنّ هذا القانون هو "تلبية لإرادة الشعب".

ومن أبرز شروط الترشح التي حدّدها القانون الانتخابي الجديد أن يكون المرشح تونسي الجنسية، مولوداً لأب تونسيّ أو لأم تونسيّة وغير حامل لجنسية أخرى بالنسبة إلى الدوائر الانتخابية بالتراب التونسي، إلى جانب بلوغه من العمر (23) عاماً كاملة على الأقل يوم تقديم ترشّحه.

واشترط القانون كذلك على المرشح أن يكون نقيّ السوابق العدلية، إلى جانب أن يكون غير مشمول بأيّ صورة من صور الحرمان القانونية ويقيم بالدائرة الانتخابية المترشّح عنها، إلى جانب تقديم بقائمة اسميّة تضم (400) تزكية من الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية معرّف عليها بإمضاء المزكّين لدى ضابط الحالة المدنية أو لدى الهيئة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيّاً.

برلمان دون حركة النهضة

ويجمع المتابعون للشأن العام في تونس على أنّ البرلمان المقبل سيكون مختلفاً كليّاً عن البرلمانات السابقة التي عرفتها البلاد خلال تاريخها السياسي؛ إذ سيكون المجلس التشريعي الجديد إفرازاً لقانون انتخابي سيعتمد لأول مرة التصويت للأفراد بدلاً من القوائم.

يجمع المتابعون للشأن العام في تونس على أنّ البرلمان المقبل سيكون مختلفاً كليّاً عن البرلمانات السابقة

وسيغيب عن المنافسة على مقاعده أغلب الأحزاب السياسية، بينما سيفتح المجال أمام المنافسة بين الأفراد في مختلف الدوائر الانتخابية المحلية، تنفيذاً للبرنامج الانتخابي الذي قدّمه سعيّد في رئاسيات 2019، ولاقى دعماً شعبياً منقطع النظير.

البرلمان الجديد سيكون أيضاً، ولأول مرّة، دون حركة النهضة التي فازت بأغلبيته طوال الأعوام الـ (10) الماضية، وترأسه الغنوشي منذ 2019 حتى 2021، وهو ما طلبه عدد كبير من التونسيين الذين خرجوا إلى الشارع يوم 24 تموز (يوليو) 2021، بكل محافظات البلاد، للمطالبة بإغلاق البرلمان، ومحاسبة حركة النهضة على "العشرية السوداء" التي قادت فيها الحكم بالبلاد.

يأتي ذلك في وقت أكدت فيه تقارير صحفية محلية أنّ "النهضة"، وعلى رغم إعلانها صراحةً مقاطعة الانتخابات، إلّا أنّ مسار جمْع التزكيات كشف أنّها استعانت بمستقلّين من خارج صفوفها للترشّح، ساعيةً من وراء ذلك، على ما يَظهر، إلى تجميع ثلث معطل يمكّنها من شلّ عمل البرلمان.

تشير نتائج سبر آراء إلى أنّ 67.5% من التونسيين لا يثقون في الطبقة السياسية

 

ويؤكد داعمو مسار سعيّد أنّ "البرلمان المقبل سيتشكل من نواب حقيقيين ملتصقين بهموم التونسيين، وسيتم الفرز الحقيقي لطبقة سياسية جديدة، وسيضم معارضة تقوم بدورها لخدمة التونسيين، والقرار الأخير سيكون بيد الشعب التونسي".

يُذكر أنّ الدستور الجديد قلّص من الصلاحيات الواسعة التي كانت ممنوحة للبرلمان في دستور 2014؛ إذ أصبحت الحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية بدلاً من البرلمان الذي لا يمكنه إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها إلا بتأييد ثلثي النواب، بينما كان ذلك يتم في السابق بتأييد نصف النواب زائد واحد.

هذا، وتشهد حركة النهضة تراجعاً واضحاً في نوايا تصويت التونسيين، بحسب نتائج سبر آراء، فيما يتصدّر زعيمها راشد الغنوشي قائمة الأشخاص الذين لا يثق فيهم التونسيون، بالمقابل، يواصل سعيّد تصدّر نوايا التصويت، وثقة الشباب.

دعم أمريكي

وكان رئيس هيئة الانتخابات قد استقبل يوم الجمعة الماضي وفداً أمريكياً يضم كريستوفر لي مون مساعد وزير الخارجية الأمريكي، وناتاشا فرانشيسكي القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة في تونس، وتطرق الاجتماع إلى المحطة الانتخابية المقبلة.

ودافع بوعسكر عن المسار الانتخابي قائلاً: إنّ القانون الانتخابي التونسي "يخول للجميع المشاركـة في الاستحقاق الانتخابي" كناخبين أو مترشحين، وإنّ الهيئة "حريصة كل الحرص على استقلالية قرارها وسلامة ونزاهة العملية الانتخابية وعلى تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافة وتعددية وتشمل شرائح المجتمع كافة".

ونقل بلاغ صادر عن هيئة الانتخابات عن كريستوفر لي مون قوله: إنّ "الإدارة الأمريكية ملتزمة بمواصلة دعمها للمسار الديمقراطي في تونس"، وأعرب عن تقديره "لحرص الهيئة على تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، وترسيخ مجلس تشريعي منتخب انتخاباً عاماً ومباشراً، مثل النجاح الذي حققته الهيئة في تنظيم استفتاء 25 تموز (يوليو) الماضي في فترة زمنية وجيزة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية