انتهاكات إسرائيل ترقى إلى جرائم حرب... هل فشل المجتمع الدولي في التعامل معها؟

انتهاكات إسرائيل ترقى إلى جرائم حرب... هل فشل المجتمع الدولي في التعامل معها؟

انتهاكات إسرائيل ترقى إلى جرائم حرب... هل فشل المجتمع الدولي في التعامل معها؟


01/11/2023

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة بدأت مجموعات حقوقية تُحذّر من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية الواسعة في حق المدنيين والأطفال بالقطاع، وتصفها بأنّها ترقى إلى "جرائم الإبادة الجماعية" و"جرائم الحرب".

ومع تطور الصراع لم تعد هذه الانتهاكات الإسرائيلية تقتصر على المدنيين والأطفال فحسب، بل باتت تشمل أيضاً المنظمات الأممية ووكالات الإغاثة والأمم المتحدة، متجاهلة بذلك كل القوانين الدولية. 

وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى مقتل (8525) فلسطينياً منذ بداية الصراع في 7 تشرين الأول (أكتوبر) المنقضي، وما يزيد عن (21500) مصاب، بينهم المئات في حالة حرجة.

ويعيش قطاع غزة، الذي يضم قرابة (2.5) مليون نسمة، أزمة إنسانية فادحة، بعدما فرضت القوات الإسرائيلية حصاراً شمل "منع المياه والغذاء والوقود"، في الوقت الذي تصل فيه مساعدات محدودة عبر معبر رفح البري.

استهداف طواقم الإغاثة والمنظمات الأممية

أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأوسط (الأونروا)، مقتل (53) من العاملين في المنظمة الأممية منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) المنقضي، وذكرت أنّ الضحايا الذين لقوا حتفهم نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة كرسوا حياتهم لمجتمعاتهم.

ولفتت الوكالة الأممية إلى أنّ أحد العاملين في الأونروا مات وهو يجمع الخبز، وترك وراءه (6) أطفال، وأضافت أنّه تأثر ما لا يقلّ عن (40) منشأة تابعة للأونروا نتيجة القصف المستمر.

لم تعد هذه الانتهاكات الإسرائيلية تقتصر على المدنيين والأطفال فحسب، بل باتت تشمل أيضاً المنظمات الأممية ووكالات الإغاثة والأمم المتحدة

من جانبه، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس: إنّ المنظمة لم تعد على اتصال بموظفيها ومنشآتها الصحية وشركائها الآخرين في قطاع غزة المحاصر.

وكتب تيدروس الإثنين على موقع (إكس) يقول: "هذا الحصار يجعلني أشعر بقلق بالغ على سلامتهم والمخاطر الصحية المباشرة للمرضى الضعفاء"، وأضاف: "نحث على توفير الحماية على الفور لجميع المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل".

وكالات الأخبار العالمية تعاني أيضاً جراء العدوان، فقد قال الجيش الإسرائيلي لوكالتي (رويترز وفرانس برس) الدوليتين للأنباء: إنّه لا يستطيع ضمان سلامة صحفييهما العاملين في قطاع غزة، الذي يتعرض لقصف وحصار إسرائيلي منذ نحو (3) أسابيع

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم

وكتب الجيش الإسرائيلي رسالة إلى وكالتي (رويترز وفرانس برس) هذا الأسبوع، بعد أن طلبتا ضمانات بألّا تستهدف الضربات الإسرائيلية الصحفيين التابعين لهما في غزة، بينما قالت (رويترز وفرانس برس): إنّهما قلقتان بشدة على سلامة الصحفيين في غزة.

ما يحدث في غزة "إبادة جماعية"

وجّه مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك كريغ مخيبر رسالة بتاريخ 28 تشرين الأول (أكتوبر) للمفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، ووصف ما يحدث في غزة بـ "الإبادة الجماعية".

وقال مخيبر في رسالته التي جاءت في (4) صفحات، وتسربت للإعلام: إنّ "إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا في غزة، ويبدو أنّ المنظمة (الأمم المتحدة) عاجزة عن وقفها"

أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين مقتل (53) من العاملين في المنظمة الأممية منذ 7 تشرين الأول الماضي

وتحدث خلال الرسالة عن عمله وخبرته في المجال، إذ قام بالتحقيق في خروقات حقوق الإنسان في فلسطين منذ الثمانينيات، وعاش في غزة كمستشار لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في التسعينيات، كما أشرف على عدة بعثات للأمم المتحدة في أماكن محتلة.

وأكد أنّه "أصبح واضحاً فشل المجتمع الدولي في أداء واجبه ومنع حدوث تلك الفظائع وحماية الضعفاء ومحاسبة مرتكبي الجرائم"، قائلاً: إنّ هذا ينطبق على الحالة الفلسطينية والقتل والاضطهاد المستمر والمتعاقب منذ تأسيس الأمم المتحدة.

وخلال رسالته، تحدث عن عمله كمحامٍ في مجال حقوق الإنسان، مؤكداً أنّ "مفهوم الإبادة الجماعية كان غالباً عرضة لسوء الاستخدام سياسياً، لكنّ المذبحة الجماعية الحالية للشعب الفلسطيني متجذرة في إيديولوجية استعمارية استيطانية وقومية في إسرائيل، مستمرة منذ عقود من الزمن"، مضيفاً أنّ "اضطهادهم وتطهيرهم المنهجي القائم بالكامل على كونهم عرباً، إلى جانب تصريحات النوايا الصريحة من قبل القادة في الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي، لا يترك مجالاً للشك أو النقاش".

وأوضح أنّ "منازل المدنيين والمدارس والكنائس والمساجد والمؤسسات الطبية في غزة تتعرض لهجمات عشوائية، حيث يتم قتل آلاف المدنيين في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، ويتم الاستيلاء على المنازل وإعادة تخصيصها على أساس العرق، ومذابح المستوطنين العنيفة تواكبها وحدات عسكرية إسرائيلية"، و"يسود نظام الفصل العنصري في جميع أنحاء البلاد".

أدلة دامغة عن انتهاك القانون الدولي وارتكاب جرائم حرب

وفي 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وجدت منظمة العفو الدولية أدلة دامغة على أنّ إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وانتهكت القانون الدولي الإنساني في حربها على قطاع غزة، وذلك في تقرير نشرته المنظمة وثّق هجمات إسرائيلية عشوائية غير قانونية على القطاع.

وقالت المنظمة: إنّ إسرائيل لم تتخذ الاحتياطات الممكنة لتجنب قتل المدنيين في غزة، ولم تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ونفذت هجمات موجهة إلى أهداف مدنية، ممّا أدى إلى خسائر كبيرة بين المدنيين ومقتل عائلات بأكملها.

وأضافت المنظمة أنّ إسرائيل استهترت بشكل صادم بأرواح المدنيين، ودمرت البنية التحتية في القطاع، مؤكدة أنّها لم تجد أدلة على ادعاء الجيش الإسرائيلي أنّه يهاجم أهدافاً عسكرية فحسب.

وكالات الأخبار العالمية تعاني أيضاً جراء العدوان، فقد قال الجيش الإسرائيلي لوكالتي (رويترز وفرانس برس) إنّه لا يستطيع ضمان سلامة صحفييهما

وشددت منظمة العفو الدولية على أنّ إسرائيل مارست نظام فصل عنصرياً ضد الفلسطينيين، وفرضت عقاباً جماعياً وحصاراً غير قانوني على قطاع غزة، حوّله إلى أكبر سجن مفتوح في العالم.

ووصلت المنظمة إلى نتائجها عبر تحليل صور الأقمار الصناعية، والتحقق من صور ومقاطع الفيديو، والتحدث إلى شهود عيان للتحقيق في عمليات القصف على غزة التي بدأتها القوات الإسرائيلية في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس.

استهداف الطواقم الطبية والمستشفيات 

هذا، وحدد الناطق باسم الهلال الأحمر الفلسطيني عبد الجليل حنجل، في حديث لموقع (سكاي نيوز عربية)، الانتهاكات التي وقعت بحق المنشآت والطواقم الطبية في عدد من النقاط، قائلاً: "هناك استهداف مستمر للطواقم الطبية، من بينهم (4) مسعفين من جمعية الهلال الأحمر قتلوا خلال عملهم في نقل المصابين إلى المستشفيات".

استهداف طواقم الإغاثة والمنظمات الأممية

وتعرّض أكثر من (24) مستشفى في منطقة شمال غزة للتهديد بالإخلاء العاجل، وعلى رأسها مستشفى القدس الذي يتبع الهلال الأحمر، وقد تلقى اتصالين هاتفيين شديدي اللهجة بضرورة إخلاء المستشفى إلى مكان آخر، كما قامت القوات الإسرائيلية باستهداف الأبراج السكنية الملاصقة للمستشفى من الجهة الشرقية، إضافة إلى تنفيذ أحزمة نارية في محيط المقر.

ويضم مستشفى القدس قرابة (400) مصاب، ونحو (13) ألفاً من النازحين، وهناك خطورة شديدة لما يجري الآن، وقد تمّت مناشدة اللجنة الدولية للهلال الأحمر والصليب الأحمر بضرورة التحرك لوقف تلك التهديدات الإسرائيلية لما في ذلك من خطورة على حياة المواطنين.

وجدت منظمة العفو الدولية أدلة دامغة على أنّ إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، وانتهكت القانون الدولي الإنساني

وكانت "مجزرة مستشفى المعمداني" قد أثارت ردود فعل دولية غاضبة، بعد قصفه من قبل الجيش الإسرائيلي، ممّا أدى إلى مقتل أكثر من (500) شخص أغلبهم أطفال ونساء، احتموا بالمستشفى بعد تهجيرهم من منازلهم.

تحرك لاتيني ضد إسرائيل

وقد تحركت (3) دول في أمريكا اللاتينية ضد ما اعتبرته "انتهاكاً إسرائيلياً للقانون الإنساني الدولي" في غزة، مع بدء عملية برية ترافقت مع قصف مكثف للقطاع المحاصر، إذ أعلنت بوليفيا الثلاثاء قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، على خلفية الحرب مع حركة حماس في قطاع غزة.

وقال نائب وزير الخارجية البوليفي فريدي ماماني في مؤتمر صحفي: إنّ الحكومة "قرّرت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة إسرائيل، رفضاً وإدانةً للهجوم العدواني وغير المتكافئ الذي يُشنّ في قطاع غزة".

كما أعلنت وزيرة الرئاسة البوليفية ماريا نيلا برادا أنّ لاباز بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى القطاع، وتابعت: "نطالب بوضع حدّ للهجمات" في قطاع غزة، مشيرة إلى أنّ هذه الهجمات "تسبّبت حتى الآن بمقتل آلاف المدنيين وبتهجير قسري للفلسطينيين".

أعلنت بوليفيا الثلاثاء قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل على خلفية الحرب في غزة

كذلك أعلن الرئيس التشيلي جابرييل بوريتش أنّ بلاده استدعت سفيرها لدى إسرائيل للتشاور، بعد انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي في قطاع غزة

وكتب بوريتش في منشور على منصة التواصل الاجتماعي (إكس): "تدين تشيلي بشدة وتراقب بقلق بالغ هذه العمليات العسكرية".

وقالت وزارة الخارجية في بيان: "تدين تشيلي بشدة وتراقب بقلق بالغ هذه العمليات العسكرية"، وإنّ تشيلي تعتبر العمليات الإسرائيلية بمثابة "عقاب جماعي" للسكان المدنيين في غزة، داعيةً إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية، وإطلاق سراح الرهائن الذين يحتجزهم مسلحو حركة حماس، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة.

وفي تحرك موازٍ، أعلن الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو، في رسالة على منصة (إكس) أيضاً، استدعاء سفير بلاده لدى إسرائيل بسبب حربها في غزة.

وقال بيترو: "قررت استدعاء سفيرنا لدى إسرائيل، إذا لم توقف إسرائيل المذبحة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، فلن نتمكن من البقاء هناك".

الأمم المتحدة تندد

وكان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش قد ندّد الأسبوع الماضي بـ "انتهاكات للقانون الدولي" في غزة، ودعا إلى وقف إطلاق نار فوري، وقال غوتيريش: إنّه لا شيء يبرر "الهجمات المروعة من قبل حماس"، في إشارة إلى عمليات شنّتها الحركة في إسرائيل، لكنّه حذّر من "العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".

وأمام مجلس الأمن أعرب الأمين العام عن "القلق البالغ بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة"، وأكد أنّ "أيّ طرف في الصراع المسلح ليس فوق هذا القانون"، من دون الإشارة صراحة إلى إسرائيل.

غوتيريش يحذّر من العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني

وقال: إنّ "الشعب الفلسطيني خضع على مدى (56) عاماً للاحتلال الخانق"، وشدّد أمام الهيئة على أهمية الإقرار بأنّ "هجمات حماس لم تأتِ من فراغ".

وأثارت تصريحات غوتيريش حفيظة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي خاطب الأمين العام بحدّة، مذكّراً بمدنيين بينهم أطفال قتلوا في هجمات شنّتها حماس على الأراضي الإسرائيلية.

مواضيع ذات صلة:

رسائل الحرب.. هل يفقد العقل العربي ثقته في قيم الحضارة؟

الاقتصاد الإسرائيلي يئن والخسائر تتضخم.. هذا ما تكبده الاحتلال جراء العدوان على غزة

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية