الحكومة الألمانية ترفع مستوى التهديد تجاه الإسلام السياسي... والإخوان في قلب العاصفة

الحكومة الألمانية ترفع مستوى التهديد تجاه الإسلام السياسي... والإخوان في قلب العاصفة

الحكومة الألمانية ترفع مستوى التهديد تجاه الإسلام السياسي... والإخوان في قلب العاصفة


13/03/2023

بعثت تصريحات للحكومة الألمانية أمام البرلمان مؤخراً، بشأن تنامي التهديدات الخاصة بتنظيمات الإسلام السياسي داخل البلاد، بعدة رسائل حول استراتيجية محتملة للتعامل مع تنظيمات الإخوان السياسي الموجودة في البلاد، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، وتوقع مراقبون رفع مستوى التهديد من جانب الحكومة تجاه تيارات التطرف، بما ينعكس على حزمة إجراءات أمنية وسياسية لمواجهة جرائم تنظيمات الإسلام السياسي في البلاد ومحاصرة أنشطتها.

 وقالت الحكومة الألمانية في ردٍّ على سؤال في البرلمان: إنّ أكثر من نصف قضايا الإرهاب التي يباشرها المدعي العام مُتَّهَم فيها متطرفون على صلة بتنظيمات الإسلام السياسي. وإنّ ما يعادل 52% من القضايا من إجمالي (451) قضية لعام 2022 تتعلق بشكل مباشر بتنظيمات التطرف الإسلاموية، بحسب موقع "دويتشه فيله".

وتعكس التصريحات من جانب حكومة برلين عزمها على إقرار حزمة إجراءات جديدة من شأنها التضييق على نشاط التنظيمات المتطرفة داخل الدولة، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، على حدّ تقدير مراقبين.

تهديد خطير على الأمن الداخلي

ومن جانبها، انتقدت أندريا ليندهولتس عضو البرلمان (البوندستاغ) عن الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الحكومة الاتحادية، متهمة إيّاها بالتركيز على جانب واحد من التطرف اليميني، وانتقدت السياسية الألمانية الأمر، واصفة إيّاه بأنّه "قصر نظر وخطير"، مضيفة أنّه "يجب تعزيز السلطات الأمنية بشكل أكبر من حيث الأفراد والقانون فيما يتعلق بتنظيمات التطرف الإسلاموي".

ومن جانبه، أكد الادعاء العام لوكالة الأنباء الألمانية صحة هذه الأعداد، ونقلت صحيفة "فيلت" عن ليندهولتس قولها إنّها ترى أنّ الأعداد توضح أنّ الإرهاب الإسلاموي ما يزال يُعدّ من أكبر التهديدات بالنسبة إلى الأمن الداخلي.

انتقدت ليندهولتس الحكومة الفيدرالية متهمة إياها بالتركيز من جانب واحد على التطرف اليميني

وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر: إنّ "ألمانيا ما تزال في نطاق الاستهداف المباشر من جانب المنظمات الإرهابية الإسلاموية".      

وحذّرت من الخطر الذي يشكّله الجناة المنفردون بدوافع إسلاموية، قائلة: "ألمانيا ما تزال في الطيف المستهدف المباشر للمنظمات الإرهابية الإسلامية". 

ماذا تعني هذه الأرقام؟

يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في ألمانيا جاسم محمد أنّ الخطورة تكمن ليس في عدد القضايا، لكن في حجم ونوع التهديدات الذي تمثله القضايا الجنائية المتعلقة بملف التطرف الإسلاموي داخل الدولة.    

ويوضح الخبير الأمني في تصريحات لـ "حفريات" أنّ جميع القضايا المتهم فيها عناصر تنتمي لتنظيمات التطرف والإسلام السياسي، التي تحدث عنها التقرير، كانت تمثل عمليات محدودة جداً مثل الطعن بالسكين، وحوادث أخرى اتهم فيها أفراد على صلة بالتنظيمات الإسلاموية، لكنّ الأمر يمثل تهديداً مباشراً لقيم الديمقراطية، لذلك كان من الضروري أن تتحرك الحكومة الألمانية باتخاذ عدة إجراءات في هذا الصدد.    

جاسم محمد: جماعة الإخوان تأتي في مقدمة التنظيمات المتطرفة التي تمثل تهديداً مباشراً للمجتمع الألماني، وتعمل الحكومة على مراقبة أنشطتها الحركية والمالية، وتتبع مصادر تمويلها وصلاتها بالخارج

ويوضح جاسم محمد أنّ الإعلام الألماني أقرّ سياسات جديدة بالتغطية، وذلك بعدم إبراز أو إظهار هذه القضايا على وسائل الإعلام لأسباب تتعلق بتأثيرها على إحداث اضطرابات نفسية أو تعزيز الخلافات الاجتماعية والعنصرية، وذلك في إطار خطة حكومية تستهدف تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي.

ويشير إلى أنّ تقرير الاستخبارات الذي جرت مناقشته في البرلمان مؤخراً، جاء بطلب من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري المحسوب على اليمين في ألمانيا، وهذا يعني أنّ محتوى التقرير ربما عكس ما تعتقده أندريا ليندهولتس عضو البرلمان (البوندستاغ) عن الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، لأنّها غضّت النظر عن مخاطر اليمين المتطرف، وهذا يعني قصور برؤية التطرف والإرهاب.

اليمين المتطرف... خطر داهم

وبحسب محمد، تواجه ألمانيا تهديدات متعددة تتعلق بالنشاط المتنامي لمجموعات اليمين المتطرف، إلى جانب التهديدات المتعلقة بالتنظيمات المتطرفة، وقد شهد عام 2022 أخطر تهديد للنظام الديمقراطي في ألمانيا، وهي مؤامرة (مواطنو الراين) التي نفذتها مجموعة من اليمين المتطرف بغرض الاستيلاء على الحكم، وتمّت السيطرة عليها من جانب السلطات الأمنية، لكنّ هذه التهديدات ما تزال قائمة، بحسب التقديرات الأمنية.

ما الإجراءات المحتملة في ضوء التقرير؟

وحول سياسات وتدابير الحكومة الألمانية واستخباراتها التي قد تترتب على هذا التقرير، يرى جاسم محمد أنّ ألمانيا تعمل وفق ما يجب أن تقوم به من إجراءات تجاه مصادر التهديدات ومنها الإسلاموية، في إطار استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف، تعتمد على تتبع مصادر التمويل، ومحاصرة النشاط، ورصد الدعاية خاصة التي تتم عبر الإنترنت بهدف تجنيد أعضاء جدد أو نشر أفكار تلك التنظيمات داخل المجتمع.    

وبحسب محمد، تعتمد الإجراءات في المقام الأول على تجفيف منابع الإٍسلام السياسي الفكرية، من خلال مراقبة المساجد والأئمة والمؤسسات الدينية ذات الصلة بالتنظيم، وأيضاً مصادرة مصادر التمويل من خلال تتبع تدفق التمويلات والتبرعات وأوجه إنفاقها، فضلاً عن سياسات التعاون بين التنظيمات المتطرفة في الداخل والجماعات الإرهابية خارج الحدود.

ويشير محمد إلى أنّ جماعة الإخوان تأتي في مقدمة التنظيمات المتطرفة التي تمثل تهديداً مباشراً للمجتمع الألماني، وتعمل الحكومة على مراقبة أنشطتها الحركية والمالية، وتتبع مصادر تمويلها وصلاتها بالخارج، وأيضاً حظر أيّ نشاط قد يهدد السلم الاجتماعي، لذلك قامت الحكومة بإغلاق عدة مؤسسات ذات صلة بالتنظيم خلال الفترة الماضية.

وينوّه محمد بقرار المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا باتخاذه خطوات جريئة لإبعاد جماعة الإخوان ومنظماتهم من المجلس، وأبرز تلك المنظمات جمعية(DMG)  التي كانت تُسمّى سابقاً (التجمع الإسلامي في ألمانيا)، والتي تُعدّ جزءاً من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين ومنظمتها المركزية داخل البلاد، وذلك بناء على الروابط والصلات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع تنظيم الإخوان المسلمين المُدان بقضايا إرهابية في عدة دول.  

من المرجح أن تستمر الحكومة الألمانية بتعزيز تدابيرها ضد الإخوان والجماعات الإسلاموية المتطرفة، بالتوازي مع رصد ومتابعة اليمين المتطرف الذي لا يقلّ خطورة عنها

وأشارت التقديرات الرسمية الصادرة من الأجهزة الأمنية الألمانية إلى أن ّعدد أعضاء الجمعية يصل إلى حوالي (1450) عضواً، وفق رئيس المركز الأوروبي.

كذلك تم إبعاد إبراهيم الزيات الذي يُعتبر وزير مالية الإخوان من المنظمات التي تعمل تحت مظلة المجلس، لذا يرجّح محمد أن تستمر الحكومة الألمانية بتعزيز تدابيرها ضد جماعة الإخوان والجماعات الإسلاموية المتطرفة، بالتوازي مع رصد ومتابعة اليمين المتطرف الذي لا يقلّ خطورة عن الجماعات الإسلاموية المتطرفة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية