استعصاء سياسي عراقي ونذر اقتتال شيعي: متى يتدخل السيستاني؟

استعصاء سياسي عراقي ونذر اقتتال شيعي: متى يتدخل السيستاني؟


21/08/2022

تطورات متسارعة تشهدها الساحة السياسية العراقية، في ظلّ ثنائية الانسداد السياسي واستعراض القوة من أطراف العملية السياسية، وتحديداً الإطار التنسيقي الذي يضمّ مجموعة الأحزاب القريبة من إيران، وكذا التيار الصدري. هذا الاستعصاء السياسي الذي يصل إلى درجاته القصوى ويحمل نذر صدام مسلح وشيكة، يؤشر على عدم إمكانية حدوث انفراجة عبر آليات الحوار. ورغم دعوة الرئيس العراقي، مصطفى الكاظمي، سائر الأطراف بالبلاد إلى جلسة حوار، الأربعاء الماضي، إلا أنّ التيار الصدري أعلن مقاطعته الجلسة الحوارية بل ورفض نتائجها.

رفض مطالب الصدر

ومع احتدام الصراع بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، لا سيما بعد إعلان مجلس القضاء الأعلى عدم استجابته لمطالب الصدر بشأن حل البرلمان، مؤكداً على أنّه ليس من صلاحياته، فإنّ ثمّة أحاديث تتردد بشأن إمكانية تدخل المرجع الشيعي، علي السيستاني، ومنع الانزلاق لحرب أهلية بين القوى السياسية الشيعية.

ووفق وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية، فإنّ مرجعية النجف ما تزال تراقب الأحداث عن كثب وموقفها هو عدم التدخل، وقد نقلت الوكالة عن ثلاثة مقربين من السيستاني، قولهم إنّ الأخير يلتزم بهذا القرار تخوفاً من أن يتم تصنيف أيّ موقف له باعتباره انحيازاً لطرف على حساب الآخر.

غير أنّ السيستاني رسم خطوط حمراء منها رفض "إراقة الدماء"، بحسب المصادر التي تحدث للوكالة الأمريكية، كما نقلت على لسان مقرب من السيستاني قوله إنّ "مقتدى يعرف هذه الخطوط الحمراء ولن يتجاوزها". وتابع: "آية الله سئم من الديناميكيات السياسية العراقية الحالية، ولم يستأنف خطبته المعتادة يوم الجمعة التي تمّ تعليقها أثناء تفشي الوباء. ومارا تزال أبوابه مغلقة في وجه النخب السياسية في العراق، في إشارة إلى أنّه لا يوافق عليها".

الباحث العراقي نبيل جبار العلي: النجف سيتدخل في الوقت المناسب

وفي حديثه لـ "حفريات"، يوضح الباحث العراقي المتخصص في الشأن السياسي، نبيل جبار العلي؛ أنّ هناك "إشارات محدودة" تناولها الإعلام، المحلي والأجنبي، من قبل مصادر لم تفصح عن هويتها ومقربة من مرجعية النجف، ألمحت إلى أنّه سيتدخل في الوقت المناسب، وفي حال تجاوزت الأطراف السياسية الخطوط الحمراء. كما ذكرت تلك المصادر أنّ السيستاني يرفض استخدام السلاح، ومن ثم، استباحة الدم العراقي، أو القفز على نتائج العملية السياسية الديمقراطية.

ويرجّح الباحث العراقي المتخصص في الشأن السياسي، أن يتجنب المرجع الشيعي في النجف أيّ موقف قد يحسب لصالح طرف ما على حساب آخر، ولذلك توقفت خطب يوم الجمعة، منذ ما يقارب عامين، للأسباب نفسها.

جلسة الحوار لا تهم التيار الصدري

وفيما يتصل بموقف القضاء العراقي، الذي رفض مطالب الصدر بحلّ البرلمان، يقول جبار العلي إنّ "مجلس القضاء عبّر عن موقفه القانوني والدستوري بشأن مدى إمكانيته وقدرته على تلبية مطالب الصدر؛ حيث إنّ ذلك الأمر لا يدخل ضمن صلاحياته، مع الوضع في الاعتبار أنّ بيان مجلس القضاء لم يرفض الدعوى التي رفعها الصدريون وطالبوا فيها بحل مجلس النواب، وعليه، تم تمرير الدعوى إلى المحكمة الاتحادية المختصة بالنظر في القضايا الدستورية وتداخل السلطات".

العراق شهد مثل هذه النزاعات في السنوات السابقة وبعدها تحولت دائرة الصراع إلى تفاهمات وحوارات أفضت إلى حلول سياسية أنهت الخصومات المؤقتة

وشنّ مستشار زعيم التيار الصدري، صالح محمد العراقي، والمعروف محلياً بـ"وزير الصدر"، حملة انتقادات عنيفة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ضدّ جلسة الحوار التي دعا إليها الكاظمي، وطالب القوى السياسية بإجراء جلسة حوار علنية عبر بثّ مباشر يُعرض على الشعب العراقي لـ "ملء الكرسي الخالي".

كما رأى مستشار زعيم التيار الصدري أنّ اجتماع القوى السياسية "لا يهمّ التيار الصدري بشيء وليس فيه ما يخصّ الشعب".

وقال "وزير الصدر"، في بيان نشره على تويتر: "جلسة الحوار تبناها رئيس الوزراء مشكوراً، لكنّها لم تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وليس فيها ما يخص الشعب، أو ما يخصّ خدمته أو كرامته أو تطلعاته".

وأضاف: "نعم، إنّ أغلب الحضور لا يهمه سوى بقائه على الكرسي؛ لذا حاولوا تصغير الثـورة والابتعاد عن مطالبها. نعم، الثورة لا تريد من أمثالكم شيئاً سوى التنحي عن كرسي فرضتم تواجدكم عليه بغير وجه حق، بل كان جلّ همّكم تشكيل حكومة وفق مآرب البعض، كي يزيدوا من بسطتهم وتجذّر دولتهم العميقة فيتحكموا بمصير شعب رافض لتواجدهم، فيزوّروا الانتخابات ويجعلوها على مقاسهم".

المحلل السياسي عبد الناصر جبار لـ "حفريات": السيستاني هو حائط الصد" الذي بمقدوره منع أيّ اقتتال شيعي شيعي، كما هو معروف، لكنّه لن يتدخل ما دام الصراع سياسياً

وأشار العراقي إلى أنّه "من اللافت للنظر أنّ أحدهم توجّه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات. ولو كنا نحن الفاعلين لقالوا إنّ جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعيين والأمريكيين وما شاكل ذلك".

المحلل السياسي عبد الناصر جبار: الصراع الحالي سيؤول إلى حلّ سياسي

وتابع: "عموماً، جلستكم السرية هذه لا تهمنا بشيء، إلا أنّني أردت القول: لا تزيدوا من حنق الشعب ضدكم، ولا تفعلوا فعلاً يزيد من تخوف الشعب من العملية الديمقراطية التي تخيطونها على مقاسكم".

ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر جبار؛ أنّ السيد السيستاني هو "حائط الصدّ" الذي بمقدوره منع أيّ اقتتال شيعي شيعي كما هو معروف، لكنّه، إلى الآن، لن يتدخل ما دام الصراع سياسياً حتى هذه الساعة، موضحاً في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّه "حين يتحول هذا الصراع إلى اقتتال، بالتأكيد ستكون كلمته مسموعة، وتستجيب لها القوى السياسية كافة لحفظ الدم العراقي".

وفي تقدير جبار؛ فإنّ الصراع الحالي سيؤول، في نهاية المطاف، إلى حلّ سياسي وحوار يجمع القوى المختلفة، فالعراق شهد مثل هذه النزاعات في السنوات السابقة وبعدها تحولت دائرة الصراع إلى تفاهمات وحوارات أفضت إلى حلول سياسية تنهي الخصومة المؤقتة، ومن ثم، تقدم عجلة العملية السياسية إلى الأمام.

 

مواضيع ذات صلة:

وسط مناشدات ودعوات للتهدئة.. أنصار الصدر يواصلون اعتصامهم المفتوح في البرلمان العراقي

تسريبات المالكي.. إلى أين تقود المشهد السياسي المرتبك في العراق؟

انسحاب التيار الصدري في العراق: مناورة أم علامة على انسداد سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية