كيف كشفت أحداث آخر 10 أعوام الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان؟

كيف كشفت أحداث آخر 10 أعوام الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان؟

كيف كشفت أحداث آخر 10 أعوام الوجه الحقيقي لجماعة الإخوان؟


10/08/2023

ظلّ تنظيم الإخوان المسلمين يروّج لعقود أنّ الحكّام هم من يقفون عائقاً ضدّ انتشار الجماعة وتبوّئها مكانتها الطبيعية، بما ينشره الحكّام من شائعات عن عنف الجماعة واتصالها بالغرب وتمويلها المريب، وزعم الإخوان أنّ دافع الحكومات المتعاقبة في تشويههم هو خوف تلك الحكومات من وصول الإخوان إلى الحكم وتطبيقهم لمنهجهم الإسلامي الذي فيه الخير كلّ الخير للأمّة وللعالم أجمع، وزعموا أيضاً أنّ الغرب، بشقّيه؛ الأمريكي والأوروبي، يساعد حكّام المنطقة في حربهم ضدّ الإخوان كراهية في الإسلام ذاته، وحازت فترة حكم الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك على أعلى قدر من الاتهامات الإخوانية، فعلى مدار 3 عقود اعتبروه العقبة الأكيدة في تحقيق مشروعهم الإسلامي في الحكم.

ولأسباب متعددة؛ آمن بادّعائهم قطاعٌ لا بأس به من المصريين، وحلمَ البسطاء منهم بالحرّية، والديمقراطية، والتعددية، والرخاء، والأمن والأمان، الذي وعدهم به الإخوان عبر شعارهم الانتخابي (الإسلام هو الحل)، الذي رفعوه في كلّ مناسبة انتخابية، وقام منظّرو الجماعة  بإيهام أتباعهم ومؤيّديهم ومناصريهم أنه ليس مجرّد شعار، بل هو مشروع شامل، يشمل كلّ مناحي الحياة.

ارتكز تنظيم الإخوان في التجييش على خطاب الحنين إلى ماضٍ إسلامي قديم

وفي ظلّ ارتباك الدولة بعد أحداث 25 كانون الثاني (يناير)، وتنحّي مبارك عن السلطة في 11 شباط (فبراير) 2011، حصل الإخوان على فرصتهم المنشودة في الحكم، فقد زالت المعوقات التي تمنعهم من تطبيق مشروعهم الشامل. واليوم وبعد 10 أعوام من تلك اللحظة، يمكننا تقييم رحلة الإخوان الأخيرة منذ الصعود والهبوط والتيه، وكيف كشفت الأحداث عن الوجه الحقيقي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وحقيقة مشروعهم.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: أزمات وصراعات داخلية وركوب موجة الاحتجاجات

الحقيقة الأولى: قوّة الإخوان الهشة: بعد تنحّي مبارك طرح الإخوان أنفسهم قوّة وحيدة في الشارع المصري، والحقيقة أنّ هذه القوّة عند الاختبار الحقيقي ظهرت على حقيقتها، وأنها قوّة هشة للغاية، صُنعت بالدعاية والخطاب العاطفي، فالأعداد الكثيرة التي جمعها الإخوان في تنظيمهم تمّ جمعها عبر خطاب يرتكز على الحنين إلى ماضٍ إسلامي قديم، أوهموا الجميع أنهم امتداد له، أو أنهم يحملونه كما حمل الأوائل من المسلمين الإسلام، وأنّهم سينتصرون كما انتصر الرسول الكريم على قريش والكفار والمشركين، لذلك كانت تصريحاتهم مع تنحّي مبارك تتركّز حول مفهومين: الأوّل "أنّ ما حدث هو تمكين من الله لهم"، والثاني أنه "تتويج لجهادهم في سبيله".

 وقد غرّ الإخوان كثرتهم العددية، ولم ينتبهوا إلى أنّ هذه الأعداد تصلح في المظاهرات، وتصلح في الهجوم على الخصوم، لكنها لا تملك القدرة على إدارة الدولة، ولا توجيهها، ولا اتخاذ القرارات السليمة والصحيحة، بل أحياناً تصبح الجماهيرية عائقاً أمام اتخاذ القرار السليم، نظراً للجوء القيادة إلى نفاق الجماهير لكي لا تفقدها، ولا يمكن إغفال أنّ تلك القوّة جاءت بسبب الأوضاع السياسية في العهد السابق، فإصرار رجال "دولة مبارك" على تفتيت الأحزاب وإضعافها والإجهاز على الحياة السياسية في مصر، صبّ في خانة الإخوان، وجعلهم في صدارة المشهد دون منازع، من غير أن يبذلوا جهداً يُذكر.

غرّ الإخوان كثرتهم العددية ولم ينتبهوا إلى أنّها تصلح في المظاهرات والهجوم على الخصوم وليس إدارة الدولة

 تكرار الخطاب الإخواني العاطفي جعل كثيراً من الشعب يصدّق أنهم أمل، وأنهم يملكون حلاً جذرياً لما تعانيه الدولة من تأخر وضعف، إلّا أنّ الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية وقتها لم تكن بهذا القدر من السوء، لكنّ الرتابة والاختناق السياسي وضياع الفرص وصمّ الآذان عن آلام المواطنين لم يكن من السهل على الشعب تجاوزها.

الحقيقة الثانية: جماعة الإخوان لا تعرف الشراكة: حاول الإخوان إيهام القوى المدنية أنهم جماعة تميل إلى المشاركة مع الآخرين ولا تحبّ الانفراد بالحكم، أشاعوا هذا المفهوم أثناء اختراقهم النقابات، فبعد تمكّنهم من أيّ نقابة يتنكّرون لوعودهم، ولا يقبلون أيّ شريك، بل يستأثرون بكلّ المقاعد في شره واضح للسلطة.

اقرأ أيضاً: مستشار بن لادن يكشف خفايا علاقة تنظيم القاعدة بالإخوان.. ماذا قال؟

وعندما سنحت لهم فرصة الوثوب إلى أعلى سلطة في البلاد، مارسوا تلك الحيلة، فاجتمعوا بقوى المجتمع المدني في فندق "فيرمونت" الشهير، وأصدروا بياناً للتأكيد على الشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجامع، الذي يُعبّر عن جميع أطياف ومكوّنات المجتمع المصري، ويتمثل فيه الأقباط والشباب والمرأة، وأن يضمّ الفريق الرئاسي وحكومة الإنقاذ الوطني جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس هذه الحكومة شخصية وطنية مستقلة، وتكوين فريق إدارة أزمة يشمل رموزاً وطنية، للتعامل مع الوضع الحالي وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب وفريقه الرئاسي وحكومته بشكل كامل، فهل صان الإخوان هذا الاتفاق أم تنكّروا له؟

الوقائع تؤكد أنّ الإخوان قدّموا هذه التعهدات من باب الخداع، وأثبتت التجربة أنهم يستخدمون قوى غيرهم سُلّماً للوصول إلى الحكم والسلطة، ثمّ يرمونهم في العراء، وقد حاولوا تفتيت أيّ قوة سياسية أو اجتماعية يمكن أن تنافسهم بعد تولّيهم الحكم.

اقرأ أيضاً: الإخوان والنمسا.. هل استغل الإسلامويّون الحريات الأوروبية لنشر التطرف؟

الحقيقة الثالثة: جماعة الإخوان لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالرأي الآخر: فقد حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامي ليخوّفوا الجهاز الإعلامي من أن يقول كلمته، واستعداداً لجعل إعلامهم الخاص ليكون الإعلام الرسمي للدولة المصرية، وحاصروا المحكمة الدستورية على أمل ألّا تنعقد، وتظلّ سلطة الرئيس الإخواني محمد مرسي -وهي سلطة تنفيذية في الأساس- هي السلطة الوحيدة في البلاد، ومع كلّ خطوة يخطوها الإخوان ليدعموا مركزهم كانوا يهدمون جزءاً من الدولة المصرية.

حاول الإخوان إيهام القوى المدنية أنهم جماعة تميل إلى المشاركة مع الآخرين

الحقيقة الرابعة: جماعة الإخوان تؤمن بالعنف المسلّح: لم يكن من الممكن أن يستمرّ الإخوان في هدم مؤسسات الدولة، ولم يسمح الشعب أن يمارس أعضاء الجماعة سلطات رئيس الدولة عليهم، فقاموا بثورة 30 حزيران (يونيو) لعزل مرسي ورفض سياساته، هنا تكشّف للناس الوجه الحقيقي للإخوان بأنهم جماعة تمارس العنف، ولم يكن تهديدهم بحرق مصر سقطة لسان، بل عقيدة تملّكتهم، لذلك ردّوا على مظاهرات الشعب بارتكاب كلّ المحرّمات التي زعموا أنهم تابوا عنها؛ اعتدوا على المتظاهرين، وحرقوا أقسام الشرطة، وهاجموا الكنائس، وحرقوا مقرّات الحكم في العديد من المحافظات، فضلاً عن قطع الطرق، بل قاموا بقتل واغتيال معارضيهم، وفجّروا ونسفوا محطات الكهرباء ومولدات الطاقة، وحاولوا نسف القطارات ومحطات السكك الحديدية... إلخ، فأيقن المصريون أنّ الإخوان مجرمون بطبعهم، وأنّ محاولات تبرئتهم جريمة في حدّ ذاتها، وأيقنوا أنّ الإخوان إذا أُتيحت لهم الفرصة، فسيعيدون الكرّة ثانية.

وعلى سبيل المثال لجرائم الإخوان؛ في أوّل ردّ فعل على التظاهر ضدّ مرسي اشتبكوا في الثاني من تموز (يوليو) عام 2013م مع الأهالي في منطقة بين السرايات، وقد أسفر الاشتباك عن 23 قتيلاً، وإصابة 220، وفي 5 تموز (يوليو) من العام نفسه اعتدوا على أهالي منطقة سيدي جابر في الإسكندرية بالأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف، وقتلوا 12مواطناً، ومنهم من رمى أطفالاً من أعلى أحد المباني، وأصابوا 18، وفي نهاية تموز (يوليو) 2013 قاموا بأعمال إرهابية متنوّعة، تمثّلت في إطلاق النار على المتظاهرين الرافضين لاستمرار بقاء التنظيم الإرهابي في حكم مصر، ومن أعلى مكتب الإرشاد بالمقطم أطلق الإخوان النيران على المتظاهرين في جريمة أسفرت عن مقتل 12 شخصاً، وإصابة 48، وقد وثقت فضائية "إكسترا نيوز" هذه الجرائم في فيلم تسجيلي قصير.

الحقيقة الخامسة: الإخوان هم عملاء الغرب: كشفت ثورة 30 حزيران (يونيو) وجه الإخوان الإرهابي، فقد قرّروا الاعتصام في ميداني النهضة ورابعة، ومن على المنصّة ظهرت عمالة الإخوان للغرب بشقّيه؛ الأوروبي والأمريكي، وظهر عداؤهم لمصر، ومطالبتهم بتدخل الولايات المتحدة في الشأن المصري عبر رسالتهم الموجّهة إلى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالتدخل، وتمثلت مطالبهم وقتها في وقف الدعم العسكري بالكامل عن مصر، ومطالبة الجيش المصري بالعودة تحت قيادة المعزول، دون الاستجابة لرغبة الشعب، وطالبوا أيضاً الجيش المصري بالإفراج عن أعضاء الجماعة الإرهابية الذين قاموا بعمليات القتل والتفجير.

أثبتت جماعة الإخوان أنّها لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالرأي الآخر

أخيراً، أدرك  المصريون أنّ الإخوان جماعة غير وطنية، فبعد فضّ اعتصام رابعة المسلّح هرب كثير من قيادات الجماعة والقيادات الوسطى إلى تركيا وقطر وبعض البلدان الأوروبية، وبدأ فصل جديد في حياة الإخوان عنوانه الشتات والتيه خارج مصر، وفي التيه قاموا بالتحريض على الدولة المصرية ونشر الشائعات، وكلّما حققت الحكومة عملاً إيجابياً، زاد الإخوان في هجومهم والتشويش على الإنجازات، وإذا وقعت الحكومة في أخطاء إدارية، أو تعرّضت لصعوبات، هاج وماج عناصر الإخوان، بالتشكيك تارة وبالشماتة تارة أخرى، ولم يسلم عموم الشعب من إهانات الإخوان، فقد وصفوهم بأنهم عبيد للبيادة "الحذاء العسكري"، وأنهم البهائم، وعبيد يرضون بالمذلة، لا لشيء إلّا لرفض الشعب المصري للإخوان وحكمهم. 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية