الإخوان والقاعدة وداعش... ما الذي تخبرنا عنه أخوية الإسلام السياسي؟

الإخوان والقاعدة وداعش... ما الذي تخبرنا عنه أخوية الإسلام السياسي؟

الإخوان والقاعدة وداعش... ما الذي تخبرنا عنه أخوية الإسلام السياسي؟


13/03/2025

علاقة التخادم بين جماعة الإخوان وباقي التنظيمات المتشددة تبدو لافتة، ويمكن ملاحظتها على أكثر من مستوى. فالجماعة الأم للإسلام السياسي أسهمت بدور مؤثر في فضاء الإسلام السياسي عبر تغذية الأفكار والمقولات المؤسسة بخصوص قضايا السياسة والحكم، مثل دولة الخلافة، ومسائل التكفير المختلفة، فضلاً عن العداء للغرب والولايات المتحدة. ذلك لا ينفي التناقضات المؤقتة داخل هذا الفضاء المتنوع والتنافس والنزاع أحياناً بينهم، لكنّ الثابت هو وجود علاقات ترابطية وصلات عضوية، ومصالح مشتركة. 

ورغم محاولات جماعة الإخوان، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدد من البلدان العربية، إبعاد صفتي العنف والإرهاب عن تنظيمها، وأنّه لا توجد روابط فكرية مع تنظيمات جهادية ومسلحة مثل داعش والقاعدة المصنفتين عالميّاً على قوائم الإرهاب، إلا أنّ واقع الحال يكشف ما هو خلاف ذلك. فاللجان النوعية لجماعة الإخوان التي ظهرت في أعقاب ثورة 30 حزيران (يونيو) عام 2013، وتورطت في أعمال عنف ضد الدولة والمؤسسات المصرية، تؤشر إلى استراتيجية العنف باعتبارها أحد المرتكزات التي تتبنّاها القوى الإسلاموية. كما أنّ التحالف المشبوه بين عناصر من جماعة الإخوان وعناصر جهادية، وبعضهم من فلول تنظيم داعش في سوريا، ضمن ما يُعرف بـ "الجيش الوطني السوري"، يؤكد الروابط الفكرية المشتركة، فضلاً عن الصلات التنظيمية والحركية، وإمكانية تواجد قاعدة مشتركة من العمل بصفة مستمرة.

سمات مشتركة

تتشارك جماعة الإخوان وتنظيمات جهادية مثل داعش والقاعدة في مبدأ دولة الخلافة المزعومة، وضرورة استعادتها، وقد كان في رسالة المؤتمر الخامس للمرشد المؤسس حسن البنا أنّ "فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس منهاجهم"، أي في قمة منهاج جماعة الإخوان الإرهابية.

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا 

ويقول (بابكر فيصل) في مقال له بعنوان "الإخوان والحركات الجهادية": إنّ الفلسطيني عبد الله عزام المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين هو الأب الروحي لأسامة بن لادن، وهو الرجل الذي وضع الإطار الفكري لتنظيم (القاعدة) مستلهماً فكرة الطليعة المؤمنة التي تحدث عنها قطب حين نادى بإعدادها عبر (8) مراحل حتى تصبح "القاعدة الصلبة" للتغيير بحسب تعبيره الذي اتخذ منه التنظيم اسماً في مرحلة لاحقة.

ويردف: "لم تشترك جماعة الإخوان المسلمين مع تنظيم (داعش) وأخواتها في فكرة الخلافة والتغيير العنيف لأنظمة الحكم فحسب، بل شاركتهم كذلك في إضفاء المشروعية على ما يُعرف بالعمليات الانتحارية/ الاستشهادية التي صارت الأداة الأكثر فتكاً التي تستخدمها التنظيمات الجهادية ضد المسلمين وغيرهم. صحيح أنّ الإخوان المسلمين أفتوا بجواز استخدام هذه العمليات في حالات معينة مثل الحالة الفلسطينية كما قال بذلك الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الجهاد"، ولكن من الجلي أنّ مجرد الإقرار بمبدأ استخدام التفجير والنسف والتصفية والقتل يعني أنّ هناك آخرين سيوظفونه وفقاً لرؤاهم ومصالحهم، وسيجدون من النصوص والفتاوى ما يسمح لهم بتبرير ذلك. كذلك يشترك الإخوان مع تنظيم (داعش) وأخواتها في النظرة لمفهوم "الوطن"، والعلاقة مع الآخر غير المسلم، فجميعهم ينادون بأخوة العقيدة التي تتجاوز المواطنة، ويعتبرون أنّ وطن المسلم هو دينه".

وقد سبق لحسن البنا أن صرّح من دون مواربة وبوضوح ومباشرة بـ "كفر" من لا يصطف مع مبادئ الجماعة، وقال: "إننا نعلن في وضوح وصراحة أنّ كل مسلم لا يؤمن بهذا المنهج ولا يعمل لتحقيقه لا حظّ له في الإسلام".

الإخوان كمعبر نحو التطرف

دراسة حديثة لمركز (تريندز) تؤكد على أنّه لا يوجد فرق كبير بين الإخوان وسائر الجماعات السلفية الجهادية؛ حيث إنّ الفريق الأول يرى أنّ الأنظمة الرسمية ظالمة ومعتدية على حق الله تعالى، وترى "السلفية الجهادية" هذه الأنظمة كافرةً أو مرتدةً، ويؤدي كلا النهجين إلى نتيجة واحدة، تتجلى عادة في الرغبة في الإطاحة بالحكومة ومؤسسات الدولة. ويمثل الإخوان المسلمون السلف الإيديولوجي لجميع مؤسسي (القاعدة). وعلى الرغم من الاختلافات القائمة بين الإخوان والقاعدة في استراتيجيات المواجهة العامة، فإنّ أوجه التشابه تفوق بكثير الاختلافات بينهما؛ نظراً لاشتراكهما في الاستناد إلى إيديولوجية المُنظِّر الإخواني سيد قطب ونظرياته، في إقامة دولة إسلامية عالمية تحكمها الشريعة الإسلامية.

رئيس قسم نشر الدعوة في الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمون-آنذاك-: سيد قطب

ويُعدّ عمل الجماعة بمنزلة جسر يربط بين الإسلاميين الشباب، بصرف النظر عن اختلاف توجهاتهم الثانوية بين المتشدد والأكثر تشدداً في ما يتعلق بالعمل الجهادي؛ بدليل ما كتبه القرضاوي عن أنّ جماعة الإخوان المسلمين "ليست فقط أكبر حركة إسلامية، لكنّها أمّ كل الحركات الإسلامية". ولذلك فإنّ دور الجماعة كجسر للمنظمات الجهادية أكثر وضوحاً في علاقاتها بتنظيم القاعدة، وفق (تريندز).

وقد سبق لعضو الإخوان أن صرح في البرلمان المصري خلال عضويته عام 2009 بالقول: "في رأيي أنّ أسامة بن لادن أو الزرقاوي أو الظواهري ليسوا إرهابيين كما يظن أغلب الناس، أنا أؤيد كل نشاطاتهم وأعمالهم ما دامت ضد أعداء الإسلام؛ لأنّهم يشكلون إزعاجاً للأمريكيين والصهاينة. ولكن حين يقتلون المواطنين المسلمين، فلا ينبغي اعتبارهم جهاديين أو حتى إرهابيين، بل مجرمين". 

بالتالي، فإنّ "من الواضح أنّ الرابط الأهم والأوثق بين كل التنظيمات الإسلاموية العنيفة، خاصة بين الإخوان والقاعدة، هو وحدة الهدف فيما بينها، وأنّ جوهر المناقشة لا يدور حول الغايات، بل حول الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق الهدف الأعظم، المتمثل في الحكم الديني في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وعبر الاستخدام الأداتي للدين، تحت شعار العمل على استعادة ما تسميه تلك التنظيمات "دولة الخلافة". كما تشير الدراسة إلى أنّه فيما يتصل بعلاقة التنظيمين الإرهابيين التكوينية والتنظيمية، فإنّ جميع المؤسسين والجيل الأول من القاعدة كانوا ينتمون إلى الإخوان، بل إنّ علاقة قيادات القاعدة التنظيمية بالإخوان كانت قوية.

وتختتم: "فيما يتعلق باستخدام الوسائل لتحقيق هدفهما المنشود، فإنّ وحدة الهدف بينهما لا تمنع من وجود اختلافات في الاعتماد على الوسائل، وكيفية استخدام الدين للتنظير لإيديولوجيتَيهما، بحيث تتأثر تصرفات الإخوان بالقضايا المجتمعية على المستويين الفكري والعملي، وبخطط مجهولة، ومحاولات يائسة للتوفيق بين المتناقضات. أمّا القاعدة، مع اعتمادها على أفكار سيد قطب في نظرية الحاكمية الإلهية، فإنّها لا تؤمن بالخطط المزدوجة التي تتبعها جماعة الإخوان، ولا تمتنع عن أيّ عنف مباشر من أجل ما تسميه استعادة الخلافة الإسلامية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية