عنف وقتل ومخاوف من الإقصاء برغم التطمينات.. ما هو مصير الأقليات في سوريا؟

عنف وقتل ومخاوف من الإقصاء برغم التطمينات.. ما هو مصير الأقليات في سوريا؟

عنف وقتل ومخاوف من الإقصاء برغم التطمينات.. ما هو مصير الأقليات في سوريا؟


18/03/2025

تحد جدي تواجهه الإدارة السورية الجديدة يتمثل في تبديد المخاوف التي تخيم على الأقليات، خصوصا أن البلد يتميز بمزيج طائفي وديني حساس، وسط هواجس من أن يفرض الرئيس أحمد الشرع حكما إسلاميا صارما، أو يستبعد بعض الطوائف من مواقع السلطة، نظرا لما تضمنه الإعلان الدستوري من نقاط خلافية.

وكان الشرع، الذي قاد مقاتلوه هجوما أطاح بحكم عائلة الأسد في ديسمبر/كانون الأول، قد قال إنه سيؤسس مجتمعا يشتمل كافة الطوائف، وأكد أن "الثورة لم تكن ضد الأقليات"، مشددا على ضرورة حماية جميع الطوائف والمكونات السورية من الاعتداءات، غير أن طبيعة المرحلة الحالية وحساسيتها تطرح تحديات كبيرة أمام تحقيق هذا الهدف.

عنف ضد الأقليات

والأسبوع الماضي، تصاعد العنف بعد أن أعلنت السلطات السورية أن قواتها الأمنية تعرضت لهجوم على يد مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد الذي تعود أصول عائلته العلوية إلى المنطقة الساحلية. وراجت على منصات التواصل الاجتماعي مئات المقاطع التي توثق الجرائم البشعة التي ارتكبها المسلحون، من إعدامات جماعية للمدنيين العزّل إلى عمليات تعذيب علنية.

وكرد فعل على الهجوم جرى استهداف العلويين بعمليات قتل واسعة النطاق في أسوأ أعمال العنف منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر الماضي.

ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 1383 مدنيا علويا منذ 6 مارس على يد قوات الأمن السورية وجماعات متحالفة معها.

وقد أكد جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، أن واشنطن لن ترسل قوات عسكرية إلى سوريا لحماية المسيحيين وبقية الأقليات في أعقاب موجة العنف التي شهدتها منطقة الساحل وراح ضحيها مئات المدنيين من الطائفة العلوية.

نائب الرئيس الأميركي: جي دي فانس

وشدد فانس في مقابلة صحفية مع شبكة فوكس نيوز يوم الجمعة على أن الولايات المتحدة قادرة على اتخاذ العديد من الإجراءات الأخرى لتأمين هذه الحماية.

ووصف الوضع في سوريا بأنه "سيء جدًا"، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تحقق في هذه الانتهاكات لمعرفة ما إذا كانت مجرد "حوادث فردية أو جرائم إبادة جماعية".

وأضاف أن كل مرة يسيطر فيها "الإسلام الراديكالي" على الحكم، تدفع الأقليات، وبخاصة المسيحيين، الثمن، ويتعرضون للتدمير.

ونظم عدد من النشطاء ومنظمات المجتمع المدني السورية، السبت، تظاهرة في العاصمة الأميركية واشنطن للتعبير عن رفضهم للأحداث التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخرا واستهدفت الأقلية العلوية.

وحمل المتظاهرون صورا للضحايا ورفعوا شعارات تطالب بوقف ما يجري في الساحل السوري وإنصاف الضحايا.

مجلس الأمن على الخط

من جانبه، ندَّد مجلس الأمن، بشدة، بـ"عمليات القتل الجماعي" للمدنيين في سوريا، داعياً السلطات الانتقالية إلى "حماية جميع السوريين، بصرف النظر عن عِرقهم أو دينهم"، فضلاً عن "الوقف الفوري" لأعمال العنف، وإلى إجراء "تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة ونزيهة وشاملة" لتقديم جميع الجناة إلى العدالة.

جاء هذا الموقف في وقتٍ ندد فيه وزراء خارجية مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى بمقتل مدنيين في المناطق الساحلية السورية، وطالبوا بمحاسبة الجناة. وأوردت مسوَّدة البيان الختامي أن وزراء الخارجية "ندَّدوا بشدة بتصعيد العنف، في الآونة الأخيرة، بالمناطق الساحلية السورية"، و"طالبوا بحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الفظائع".

وحضَّ السلطات السورية على اتخاذ "تدابير حاسمة للتصدي للتهديد الذي يُشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب"، مشدداً على "التزامات سوريا بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، ولا سيما القرارات 1267 لعام 1999، و1989 لعام 2011، و2178 لعام 2014، و2253 لعام 2015، و2396 لعام 2017، المتعلقة بالوضع في سوريا".

هواجس من أن يفرض الرئيس أحمد الشرع حكما إسلاميا صارما أو يستبعد بعض الطوائف من مواقع السلطة

أبرز الطوائف التي تعيش في سوريا

وتعيش في سوريا العديد من الأقليات الإثنية والطوائف الدينية على غرار طوائف مسيحية واسماعيلية والطوائف الشيعية، والأكراد والأرمن، والشركس، والأشوريون، وغيرهم.

ووفقا لـ"تقديرات" أميركية رسمية تعود إلى عام 2023 يبلغ عدد سكان سوريا حوالي 24مليون نسمة، بينما نزح أكثر من نصف سكان البلاد مقارنة مع عددهم قبل الحرب، مشيرة إلى أن استمرار النزوح أدى إلى عدم يقين في تقديرات التحليلات الديموغرافية.

وبلغ عدد المسجلين السوريين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في البلدان المجاورة أقل من ستة ملايين لاجئ، ناهيك عن تسجيل نزوح 6.8 مليون شخص في الداخل السوري، بحسب ما رصدته شبكة "الحرة".

وتشير التقديرات إلى أن 74 في المئة من سكان سوريا هم من المسلمين السنة، وعرقيا "عرب وأكراد وشركس وشيشان، وبعض التركمان، وفقا لتقديرات الحكومة الأميركية.

أما المجموعات المسلمة الأخرى، تضم العلويين والإسماعيليين والشيعة، تشكل مجتمعة 13 في المئة من السكان، بحسب التقديرات الأميركية.

وترجح تقديرات أخرى أن الشيعة، ويتركز العلويون منهم في اللاذقية، يشكلون نحو عشر سكان البلاد الذين بلغ عددهم 23 مليون نسمة قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2011، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وبشأن مكان تواجدهم، تقول "الحرة"، إن المسلمين السنة يتوزعون في جميع أنحاء سوريا، بينما يقطن غالبية المسلمين الشيعة في المناطق الريفية، لا سيما في محافظتي إدلب وحلب، أما الشيعة "الاثني عشرية" يعيشون في دمشق وحلب وحمص وما حولها.

ويتواجد أعلى تركيز للمسلمين الإسماعيليين في مدينة السلمية، بمحافظة حماة، فيما يشكل الدروز 3 في المئة من إجمالي السكان.

ويقطن الكثير من الدروز منطقة جبل العرب "جبل الدروز" في محافظة السويداء، الواقعة في جنوب البلد، حيث يشكلون غالبية السكان المحليين هناك.

وتشير تقديرات الحكومة الأميركية إلى أن حوالي 10 في المئة من السكان مسيحيين، منوهة إلى وجود تقارير تشير إلى أن العدد أقل من ذلك بكثير ولا يتجاوز الـ 2.5 في المئة.

ومن بين 2.2 مليون مسيحي عاشوا في سوريا قبل الحرب، يقدر أن ما يقرب من ثلثهم فقط، أي حوالي 579 ألف شخصا لم يغادروا البلاد.

وينتمي المسيحيون في سوريا إلى الكنائس الأرثوذكسية المستقلة، أو إلى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، أو إلى كنيسة المشرق الآشورية وغيرها من الكنائس النسطورية المستقلة المنتسبة إليها.

ينتمي المسيحيون في سوريا إلى الكنائس الأرثوذكسية المستقلة، أو إلى الكنائس الكاثوليكية الشرقية، أو إلى كنيسة المشرق الآشورية وغيرها من الكنائس النسطورية المستقلة المنتسبة إليها

ولا يزال معظمهم يقطنون مدن دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية والمناطق المحيطة بها، أو في محافظة الحسكة.

وكان هناك سكان إيزيديون في سوريا بلغ عددهم حوالي 80 ألف شخصا قبل الحرب الأهلية، وتوزعوا في مدن الحسكة وقراها وحلب وريفها وكذلك عفرين.

وعاش الإيزيديون سابقا في حلب، لكنهم الآن في مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يقودها الأكراد.

و"قسد" التي تسيطر على بعض أكبر حقول النفط في سوريا، هي الفصيل الرئيسي في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش الإرهابي. وتقودها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعة تعدها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض قتالا ضد الدولة التركية لمدة 40 عاما وتحظره أنقرة.

هل تستطيع الإدارة الانتقالية فرض سيطرتها 

وقد سلطت الزيارة الأخيرة لمبعوث وزارة الخارجية الأميركية إلى دمشق، دانيال روبنشتاين، الضوء على مخاوف واشنطن بشأن التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات وعنف ضد الأقليات.

ورغم تأكيد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على معارضة العنف ضد الأقليات، إلا أن هذه التقارير تشير إلى وجود جماعات مسلحة تعمل خارج نطاق السيطرة، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول قدرة الإدارة الانتقالية على فرض سيطرتها وضمان أمن الجميع.

وقال الشرع في مقابلة مع رويترز الاثنين إن بعض الجماعات المسلحة دخلت المنطقة دون تنسيق مسبق مع وزارة الدفاع. وأضاف أنه لا يستطيع حتى الآن القول ما إذا كانت قوات من وزارة الدفاع السورية، التي ضمت فصائل معارضة سابقة تحت هيكل واحد، متورطة في عمليات القتل الطائفية.

ورغم أن الرئيس السوري سعى إلى التغطية على ما جرى في الساحل السوري من خلال إبرام اتفاق مع الأكراد، وربما اتفاق آخر مع وجهاء السويداء في الساعات القليلة القادمة، إلا أن الموضوع لن يمر بسهولة وسيظل عنصر ضغط على الإدارة الجديدة في دمشق، وسيحتاج الشرع، بحسب صحيف "العرب" اللندنية"، إلى الوقت لإثبات أن ما جرى ناجم عن انفلات “وتجاوزات” أو العكس بتأكيد أن المشكلة تكمن في الفكر الذي يقود هذه الإدارة التي ما زالت تحتفظ بهويتها الأولى، أي هيئة تحرير الشام كفصيل معبر عن تنظيم القاعدة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية