"إخوان" سوريا ماذا يفعلون؟

الإخوان المسلمون

"إخوان" سوريا ماذا يفعلون؟


30/05/2018

لفترة طويلة، وخلال كل سنوات الثورة السورية على نظام بشار الأسد، ظلت جماعة الإخوان المسلمين السورية خلف الأضواء، وتراجعت شكلياً تحت أسماء مستعارة، مفسحة الطريق للواء التوحيد، الذي تعاون مع جبهة النصرة، في الأثناء التي ظهرت "داعش" تنافس بشراسة على السيطرة على الأرض.

الأجنحة العسكرية للإخوان

في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 في إسطنبول، وبقوة دافعة تركية تم تأسيس المجلس الوطني السوري، وهو جماعة سياسية سورية تضم أغلب أطياف المعارضة منها جماعة الإخوان، التي يمثل أعضاؤها ربع المجلس، البالغ عددهم 310 أعضاء، بفضل الرافعات التركية وتعدد الهيئات التي أقامتها خارج سوريا.

حاول الإخوان إقامة أجنحة عسكرية لهم، ودعموا بشكل كامل جبهة النصرة، التي أصبحت فيما بعد (فتح الشام) وفق ما نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية في مقال حمل عنوان "الإخوان المسلمون يؤسّسون ميليشيا داخل سوريا".

في 2 تشرين الأول 2011 في إسطنبول تأسس المجلس الوطني السوري ويضم أغلب أطياف المعارضة منها الإخوان

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "الميليشيا التي يُطلق عليها اسم (الرجال المسلّحون للإخوان المسلمين)، تحدّث أحد قادتها ويدعى (أبو حمزة) عن أنها (تشكّلت بالتعاون مع أعضاء بالمجلس الوطني السوري) المعارض".

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" يوم 05‏/08‏/2012 أنّ "هذه الكتائب تابعة للجيش الحر وتتعاون وتنسق معه"، مشيرة إلى أنّ الإخوان يعملون لامتصاص نتائج دخول "داعش" على أرض الميدان السوري، ويسعون للاستفادة من هذا الوضع عبر تجنّب الدخول في المواجهات الجارية بين "داعش" والمجموعات والفصائل المعارضة المسلحة.

حاول الإخوان إقامة أجنحة عسكرية لهم، ودعموا بشكل كامل جبهة النصرة

في تقرير نقلته صفحة "كلنا شركاء" في هذا التوقيت أكدت أنّ الإخوان استقطبوا بعض المقاتلين، وأغروهم بالرواتب الوفيرة للانشقاق عن كتائبهم وألويتهم التابعة للجيش الحر والالتحاق بهم.

رافاييل لوفيفر، الباحث الزائر في مركز كارنيغي للشرق الأوسط ومؤلف كتاب (رماد حماة: الإخوان المسلمون في سوريا)، قال في مقال له بعنوان (الإخوان المسلمون في سورية وسؤال الميليشيات) في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 إنّ الإخوان من أجل ممارسة تأثير في النزاع بسوريا أنشأوا جناحاً مسلحاً، في مجهود قد يؤدي إلى "تعزيز موقع الجماعة في المدى القصير لكنه يحمل مخاطر كبيرة في المدى الأبعد".

ابحث عن تركيا

أدى مجهود الجماعة إلى أن يصبح لها في سوريا جناحان عسكريان أساسيان، هما: هيئة حماية المدنيين التي يرأسها نذير الحكيم ويديرها هيثم رحمة وأغلب تواجدها في حماة وحمص وريفهما، أما الجناح الآخر فهيئة دروع الثورة التي يرأسها العميد سامي أحمد حمزة ونائبه العقيد محمد حسين نعسان، وأغلب تواجدها في إدلب وحماة وحلب.

ففي ريف حماة كان للإخوان لواء درع شباب محمد، ولواء الحق المقاتل، ولواء درع الصديق، ولواء درع حماة، ولواء درع أفاميا، ولواء درع الإخلاص، وكتائب درع الحق، ولواء درع سرايا النصر.

دعمت تركيا جهود الجماعة العسكرية طوال الوقت لتبقى على تواصل مع مجريات الأمور داخل الفصائل والكتائب المسلحة

وفي ريف حمص لواء درع أحرار حمص، ودرع الوفاء، ولواء درع حلب الشهباء، ولواء درع الحرية.

وفي دمشق وريفها لواء درع الشام، ولواء درع العاصمة، ولواء درع العدالة، ودرع سرايا علماء الشام، وكتيبة دعم الفاروق. أما في درعا، فكان لها كتيبة بابا عمرو، وكتيبة المهام الخاصة، والكتيبة الخضراء، وكتيبة المصطفى.

دعمت تركيا جهود الجماعة طوال الوقت لتبقى عن طريق هذه الأجنحة العسكرية على تواصل مع مجريات الأمور داخل الفصائل والكتائب المسلحة، ولمعرفة ما يدور على الأرض، والبقاء على استعداد، للعمل المباشر عند وصول الأمور الى مرحلة التدخل.

بالجهود التركية أدار الإخوان جسماً كبيراً من الألوية المسلحة، وبناءً عليه ردت الجماعة الجميل داعمة كل جهود أنقرة، وفي يوم 25 /1/2018 أعلنت تأييدها قرار مشاركة الفصائل المسلحة في عملية "غصن الزيتون" التي بدأتها تركيا ضدّ الكرد في عفرين، مؤيدة "اتخاذها الخطوات اللازمة للدفاع عن أمنها القومي".

شاركت فصائل مقربة من الإخوان في اجتياح عفرين مثل "فيلق الشام"

وفي بيان لها، أشارت جماعة الإخوان المسلمين إلى أنّها ستدعم وتساند الجيش التركي "ضدّ التنظيمات الإرهابية ذات المشاريع الانفصالية في الشمال السوري"، داعية "الثوار" للوقوف إلى جانب إخوانهم في "الجيش الوطني السوري" لمواجهة هذه الحركات الانفصالية.

وشاركت فصائل، بعضها قريب من الإخوان، في اجتياح عفرين منها: فيلق الشام، الذي يعرف كذلك باسم فيلق حمص، وهو عبارة عن اتحاد 19 فصيلاً إسلاموياً مقرباً من جماعة الإخوان المسلمين السورية في حلب، وإدلب، وحمص، وحماة.

خريف الإخوان الممتد

عقب اجتياح تركيا لعفرين، وإعادة تموضعها في الملف السوري من جديد، أعادت واشنطن إنتاج الإخوان المسلمين في سوریا بما يلبي مصالحھا ويخدم سیاساتھا، من خلال إعادة العلاقات بین الدوحة من جھة، وموسكو وطھران من جھة أخرى، وإدخال الإخوان في العملیة السیاسیة؛ حيث أنقرة ھي الراعي الأكبر للجماعة.

يقول الدكتور جمیل م.شاھین من مركز "فیريل" للدراسات: إنّ واشنطن لديها دائماً خطط بديلة؛ حیث تعمل حالیاً على إنشاء مجموعات مسلحة تابعة لتركیا، لزجّها في إدلب، بحجة محاربة القاعدة و"داعش"، لیتم تسويق ھذه المليشيات وفرضها لاحقاً، كأمر واقع وقوة عسكرية لا يستھان بھا، مما يؤدي لتصنیفھا معارضة معتدلة، ستشارك مستقبلاً بالحكم السیاسي في سوريا، وهي من الإخوان المسلمین، وسیتم تسویقھا بهذه الصورة لاحقاً.

أعلن الإخوان القبول بمدنية الدولة وهو المدخل الذي يستخدمه الإسلاميون للخروج من انسداد الأفق السياسي أمامهم

أعلن الإخوان أنهم سيقبلون بمدنية الدولة السورية وإعادة الارتباط بالسوريين، وهو المدخل الذي تستخدمه الفصائل الإسلامية للخروج من ضيقها وانسداد الأفق السياسي أمامها.

وأطلق الإخوان بالفعل في 9 حزيران (يونيو) الماضي "ميثاقاً وطنياً لمواجهة تقسيم سوريا"، مؤلفاً من 12 بنداً، يشدّدون فيه على التمسك بالمجتمع المدني الموحد والدولة المدنية التعددية، المبنية على قواعد المواطنة المتساوية، بعيداً عن تصنيفات الأكثرية والأقلية، ويؤكدون فيه على مسألة العيش المشترك التي تجمع السوريين، وأنّ "المجموعات المتطرفة لا يمكنها أن تخطف التمثيل للمكونات المجتمعية الأصيلة".

تحاول الجماعة من خلال الميثاق العودة إلى أحضان المجتمع السوري، وهو ليس أمراً جديداً؛ فقد قدمت ما يشبهه في 11 أيلول (سبتمبر) من العام 2016 في رؤيتها عما آلت إليه الأوضاع ومحاربة الإرهاب ونظرة الجماعة إلى شكل الدولة السورية في المستقبل، لكنّ كليهما لم يأتيا نتاج تطور في قناعات الجماعة السياسية أو مراجعتها النقدية لتجربتها الفاشلة خلال الفترة الماضية، إنما حصل نتيجة المتغيرات الإقليمية والدولية التي دفعت الإخوان إلى تبني سياسة الانفتاح بكافة أطيافه وشرائحه.

عقب اجتياح تركيا لعفرين وإعادة تموضعها في الملف السوري أعادت واشنطن إنتاج الإخوان المسلمين في سوریا

ورغم ما تفعله الجماعة الآن إلا أنّه لن يكبح خريفها الممتد بسوريا لأسباب متعددة أولها، وفق الدكتور رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات بالقاهرة، وفق ما نقل عنه موقع بوابة فيتو بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2018، هو "رفع غطاء بعض دول الخليج عنها؛ الذي مثَّل ضربة سياسية ومالية شديدة التأثير على بُنية التنظيم الاقليمية؛ "ما ساهم في إدخال الإخوان في مرحلة الخريف السياسي؛ خاصة وأن هذه الدول الخليجية، ترى في "الإخوان" مصدراً لتهديد أمنها القومي، من خلال العلاقات المُمتدّة بين "الإخوان" في سوريا ومصر، والجماعات الدينية المُتشدّدة في تلك الدول".

ومن الأسباب، وفق رفعت، تخبط الجماعة في قراراتها، ولقد تجاوز الأمر سوريا وليبيا لتذهب أشكال التخبط وتتنوع في مناطق الاشتعال الطائفية والمذهبية والسياسية العربية، وتأتي العراق واليمن وليبيا على قمتها، "فإذا ما بحثنا عن دور للإخوان هناك سنجد مواقف مضطربة، وقرارات خاطئة ودائماً تقف في مواجهة الشعوب وحقوقها المشروعة ودائماً تنحاز إلى قوى إقليمية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية