التنظيم الدولي للإخوان المسلمين: شبكة متشددة عابرة للحدود

التنظيم الدولي للإخوان المسلمين: شبكة متشددة عابرة للحدود

التنظيم الدولي للإخوان المسلمين: شبكة متشددة عابرة للحدود


07/04/2025

يُعد *التنظيم الدولي للإخوان المسلمين* من بين أكثر الشبكات الإسلامية العالمية المتشددة تأثيرًا وأوسعها انتشارًا، حيث يمتد تأثيره إلى عدة قارات، ويشمل العديد من الدول العربية والغربية. تأسس هذا التنظيم ليكون بمثابة الإطار الجامع لجماعة الإخوان المسلمين في مختلف الدول، ليتولى التنسيق بين الفروع المختلفة وتوجيه الأنشطة بما يخدم الأهداف العامة للجماعة. رغم أن التنظيم يعاني من ضغوط كبيرة في بعض الدول، إلا أنه يظل أحد أبرز اللاعبين على الساحة السياسية والفكرية في العالم الإسلامي.

بدأت فكرة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في وقت مبكر من تاريخ الجماعة. بعد تأسيسها في مصر عام 1928 على يد *حسن البنا*، سعى الإخوان المسلمون إلى نشر أفكارهم خارج الحدود المصرية، خاصة بعد أن أصبحت الجماعة قوة سياسية ودينية في الداخل. 

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا

في الستينيات من القرن الماضي، ومع تصاعد التشدد في مصر ضد الإخوان، انتقل عدد من قادة الجماعة إلى الخارج، مما دفع نحو *تأسيس التنظيم الدولي* في أوائل السبعينيات، بهدف توحيد جهود الفروع المختلفة التي انتشرت في عدة دول عربية وإسلامية، بالإضافة إلى أوروبا وأمريكا. كان الهدف من هذا التنظيم هو *التنسيق بين الفروع المحلية*، والعمل على توحيد الخطاب السياسي والدعوي للجماعة على مستوى العالم.

يتميز التنظيم الدولي للإخوان بهيكله الهرمي المعقد، الذي يضم مستويات متعددة من القيادة والتوجيه. على رأس التنظيم يوجد *مكتب الإرشاد العالمي*، وهو بمثابة السلطة العليا التي تضع الاستراتيجيات والسياسات العامة للجماعة على مستوى العالم. يتكون مكتب الإرشاد من أعضاء يمثلون الفروع الإخوانية في الدول المختلفة، ويُنتخبون من قبل هذه الفروع.

تُعد *اللجنة التنفيذية، التي تُشرف على الأنشطة اليومية للتنظيم، هي الذراع العملية للتنظيم الدولي. وتقوم هذه اللجنة بمتابعة الفروع والتأكد من تنفيذها للتوجيهات الصادرة من القيادة المركزية. بالإضافة إلى ذلك، هناك **مكاتب إقليمية* تهدف إلى التنسيق بين الدول القريبة جغرافيًا، مثل مكتب الإخوان في أوروبا وآسيا.

يمتد وجود الإخوان المسلمين إلى أكثر من *70 دولة* حول العالم، حيث تمتلك الجماعة فروعًا وحركات متحالفة في معظم الدول العربية، بالإضافة إلى وجود قوي في *أوروبا* و*الولايات المتحدة*. ومن بين أبرز الفروع إضافة إلى موقع الجماعة الأم في مصر : 

- *الأردن*: يُعتبر حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للإخوان في الأردن، وقد كان لهم تأثير كبير في الساحة السياسية الأردنية لعقود.

يُعتبر حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للإخوان في الأردن، وقد كان لهم تأثير كبير في الساحة السياسية الأردنية لعقود
  
- *تونس: مثل **حركة النهضة* الذراع السياسي للإخوان في تونس، حيث كان له دور محوري بعد الثورة التونسية في عام 2011. إلا أن الحزب واجه انتقادات بسبب أدائه في السلطة.

- *فلسطين: تُعتبر حركة **حماس* أحد أبرز الفروع الإخوانية في العالم العربي، وتلعب دورًا رئيسيًا في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكنها تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب ارتباطها بالتنظيم الدولي.

- *الكويت والمغرب*: تتمتع الحركات الإخوانية في هاتين الدولتين بحضور قوي في المجالس التشريعية والبرلمانات، عبر تحالفات سياسية وأحزاب معتدلة.

- *أوروبا: للإخوان حضور واسع في أوروبا، حيث يمتلكون **مراكز إسلامية* وجمعيات تربط الجاليات المسلمة. في دول مثل *ألمانيا* و*بريطانيا*، يمتلك التنظيم تأثيرًا من خلال الجمعيات الخيرية والدعوية.

- *الولايات المتحدة: تعمل الجماعة في أمريكا تحت غطاء مؤسسات دعوية واجتماعية، مثل **مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)* الذي يُعد من أبرز المؤسسات المتأثرة بفكر الإخوان.
- كما تنتشر الجماعة في باكستان وبنغلاديش وماليزيا وإندونيسيا والسودان والعراق وسوريا وتركيا والجزائر ودول كثيرة مع اختلاف تأثيرها وحجمها.

تُعتبر قضية *تمويل التنظيم الدولي للإخوان* إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل. يُعتقد أن التنظيم يعتمد على شبكة واسعة من المؤسسات الاقتصادية والجمعيات الخيرية التي توفر الدعم المالي لأنشطته. من بين أبرز هذه المؤسسات:

- *المنظمات الخيرية*: تعتمد الجماعة على العديد من المنظمات الخيرية لجمع الأموال، حيث تقوم بتنظيم حملات تبرعات واسعة النطاق في العالم الإسلامي والغربي لدعم مشاريعها الدعوية والخيرية.

- *التبرعات الفردية*: تلعب التبرعات الفردية من قبل الأعضاء والداعمين للجماعة دورًا كبيرًا في تمويل أنشطتها. غالبًا ما تكون هذه التبرعات موجهة لتمويل الأنشطة الدعوية أو التعليمية أو الاجتماعية.

- *الاستثمارات الاقتصادية*: يمتلك التنظيم الدولي للإخوان استثمارات اقتصادية في عدة مجالات، منها العقارات والشركات الصغيرة، حيث يتم توجيه الأرباح لدعم الأنشطة السياسية والاجتماعية للجماعة.

- *الدعم الحكومي: في بعض الأحيان، حصلت الجماعة على دعم مالي من حكومات كانت ترى في الإخوان حليفًا في مواجهة التحديات الداخلية أو الإقليمية. من أبرز الأمثلة **قطر*، التي قدمت دعمًا ماليًا كبيرًا لحركة الإخوان وللعديد من الفروع المتحالفة معها.

على الرغم من الانتشار الكبير للتنظيم الدولي، إلا أن الجماعة واجهت العديد من *الأزمات الداخلية* و*الانشقاقات*. في عدة دول، شهدت الجماعة خلافات داخلية تتعلق بالقيادة أو المنهجية. من أبرز الأمثلة على هذه الأزمات:

- *مصر: بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر في عام 2013، تعرضت الجماعة لأزمة كبيرة داخلية. البعض رأى أن القيادة فشلت في التكيف مع التحولات السياسية، مما أدى إلى خسارة كبيرة. أدت هذه الأزمة إلى انشقاقات داخلية، حيث ظهرت **حركات معارضة* داخل الجماعة، بعضها يدعو إلى تبني أساليب أكثر عنفًا، بينما يدعو آخرون إلى المصالحة مع الدولة.

- *الأردن: شهد الإخوان في الأردن عدة انشقاقات داخلية، خاصة بعد اختلافات حول كيفية التعامل مع الحكومة والانتخابات. تأسست **جمعية الإخوان المسلمين* كبديل للجماعة الأصلية بدعم حكومي، مما أدى إلى مزيد من الانقسامات.

- *فلسطين: تعرضت حركة **حماس* للانتقادات الداخلية والخارجية بسبب تحالفاتها الإقليمية، خاصة بعد تورطها في الحرب الأهلية السورية إلى جانب النظام السوري، مما أثار استياء الجماعات الإسلامية الأخرى وخصوصا من إخوان سوريا.

تُعتبر *الازدواجية بين العمل الدعوي والسياسي* من السمات الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين. على الرغم من أن الجماعة تأسست كحركة دعوية تهدف إلى نشر الإسلام في المجتمع، إلا أنها تحولت تدريجيًا إلى قوة سياسية تسعى للوصول إلى السلطة. هذا التوجه السياسي أثار الكثير من الجدل حول نوايا الجماعة الحقيقية، وهل هي حركة إصلاحية أم أنها تسعى إلى الهيمنة على الحكم.

في عدة دول، دخل الإخوان في تحالفات سياسية مع أحزاب وحركات أخرى، وشاركوا في الانتخابات، مثل *تونس* و*المغرب* و*الأردن. ومع ذلك، تعرضت الجماعة للانتقادات بسبب ما يُعتبر **انتهازية سياسية*، حيث يُعتقد أنها تستخدم الدعوة الدينية كوسيلة لجذب التأييد الشعبي للوصول إلى الحكم.

التنظيم الدولي للإخوان واجه العديد من الانتقادات من الحكومات في الدول العربية والغربية. تتهم العديد من الدول،الإخوان بالتورط في أعمال *عنف* ومحاولات *انقلابية* تهدف إلى زعزعة استقرار الأنظمة السياسية القائمة. في المقابل، تدافع الجماعة عن نفسها بأنها حركة سلمية تسعى لتحقيق أهداف سياسية مشروعة.

على المستوى الدولي، وضعت العديد من الدول *قيودًا* على أنشطة الجماعة، وتم تصنيفها كمنظمة إرهابية في بعض الدول، بما في ذلك مصر والسعودية والإمارات. وفي الدول الغربية، ورغم أن الجماعة لا تُعتبر منظمة إرهابية رسميًا، إلا أن العديد من الحكومات الأوروبية والأمريكية بدأت تُراقب أنشطتها بشكل أكبر بسبب *علاقتها بالجماعات المتطرفة*.

رغم الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها *التنظيم الدولي للإخوان المسلمين*، إلا أنه يظل شبكة عالمية قوية تمتلك قدرات تنظيمية واستراتيجية تؤهلها للبقاء لاعبًا رئيسيًا في الساحة الإسلامية والدولية. مع ذلك، تواجه الجماعة

 تحديات كبيرة تتعلق بالتغييرات السياسية في العالم العربي، والضغوط الدولية المتزايدة. السؤال الرئيسي الذي يواجه التنظيم اليوم هو: هل سيتمكن من التكيف مع التحولات الجيوسياسية، أم أنه سيظل عالقًا في أزماته الداخلية والخارجية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية