أردوغان يعول على "الأصوات الخائفة" في الانتخابات المرتقبة

أردوغان يعول على "الأصوات الخائفة" في الانتخابات المرتقبة


20/06/2018

ياوز بيدار

فضلًا عن استخدام منهجية غير مناسبة، فإن سوء التقديرات في الانتخابات السابقة كان نتيجة تعديل النتائج وفقًا لتوقعات الأحزاب السياسية، وقد أدى هذا بدوره إلى تآكل مصداقية منظمي استطلاعات الرأي..”، كانت هذه كلمات البروفيسور أوزير شنكار، وهو أحد منظمي استطلاعات الرأي المتمرسين في تركيا ومالك مركز ميتروبول للأبحاث الاجتماعية والاستراتيجية.

وتصريحات شنكار صحيحة؛ فلفترة طويلة من الزمان، منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي تقريبًا، كانت استطلاعات الرأي في تركيا خارجة عن السيطرة، كما هو الوضع في مسائل عديدة، فقد أصبحت تشبه أسلوب الفرقة العسكرية التركية، كما أصبحت أداة لإرضاء طموحات الجماعات ذات المصلحة التي ترغب في التحايل على المجتمع والسيطرة عليه.

وفي هذه الأيام، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في 24 يونيو الجاري، نشهد ذروة مثل هذه الجهود؛ فهناك “تضخم واضح في استطلاعات الرأي”، حيث لا توجد شفافية، فجميع النتائج “التي تم التخطيط لها” أصبحت بطريقة ما حقيقة في عالم “تكون فيه الحقائق الموضوعية أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام من مخاطبة العاطفة والاعتقاد الشخصي”.

وعند السعي إلى الحصول على إجابة عن سؤال “من سيفوز؟” يمكننا -رغم ذلك- كشف بعض الحقائق المخفية داخل هذه الغابة المظلمة. وأرغب في أن أشارك القراء الاستنتاجات التي توصلت إليها بعد الحديث مع البعض من منظمي استطلاعات الرأي الموثوق بهم والمستقلين نسبيًا، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب السياسية، وبعض المراقبين.

آراء الناخبين
بخصوص رأي الناخبين في قانون الطوارئ فإن البيئة السياسية التي تعاني منها تركيا بسبب استشراء الخوف والقمع منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في شهر يوليو من عام 2016، تجعل شركات استطلاعات الرأي الأكثر خبرة حذرة في ما يتعلق بموثوقية تفضيلات الناخبين. لذلك فإن الإجابات التي يدلي بها الناخبون قد لا تعكس اختياراتهم الحقيقية.

الأصوات التي تحدد نتيجة الانتخابات تنتمي إلى حزب العدالة، وتحول الأصوات بين أحزاب المعارضة لا يؤثر على التوازن

وطبقا لمن ينظمون استطلاعات الرأي، فإن نسبة الناخبين المترددين الذين لم يتخذوا قرارًا بعد بشأن من سينتخبونه حتى هذه اللحظة تتراوح بين حوالي 10 و12 في المئة. وتعد هذه النسبة مرتفعة جدًا، فبسبب الخوف والاختلافات في الصورة العامة عن المرشحين والوعود الانتخابية الغامضة يحيط الشك بمدى مصداقية الانتخابات، ويعتقد الخبراء أن هذه النسبة ستتراجع بخمسة في المئة قبل الانتخابات بأربع وعشرين ساعة، وسيحسم خمسة في المئة من هؤلاء الناخبين قراراتهم في اللحظة الأخيرة. ويعد شباب الناخبين أكثر العوامل أهمية في التنافس الانتخابي المرتقب، فعدد أولئك الذين سيصوتون للمرة الأولى، أو الثانية، أو الثالثة (أي أولئك الذين صوتوا للمرة الأولى في الانتخابات التي أجريت في شهر نوفمبر من عام 2015) يبلغ حوالي عشرة ملايين شخص. وطبقا لتصريحات غير رسمية تتعلق بأهمية استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن هذه المجموعة ما زالت تميل إلى عدم الإدلاء بأصواتها.

حظوظ الأحزاب

لم نكتشف بعد ما الذي يفعله حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية لإقناع الناخبين الشباب من المتدينين والمحافظين بضرورة الإدلاء بأصواتهم. وعلى الرغم من ذلك يعتقد بعض منظمي استطلاعات الرأي أيضًا أن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي خامل تقريبًا في ما يتعلق بهذه المشكلة. ويقول من ينظمون استطلاعات الرأي إن أي حزب يهدف إلى الفوز بالانتخابات يجب عليه أن ينجح في جذب الطبقة الشابة أولا. وبسبب عزوف الشباب -وطبقا لإحصائيات دقيقة- لا يوجد إلا مليون صوت فقط، لا أكثر، يمكنها تحديد نتائج الانتخابات. وهو رقم خطير سيؤثر على المسار الانتخابي والحياة السياسية في تركيا.

وتقول شركات استطلاعات الرأي خلف الأبواب المغلقة إن الزيادة التي شهدها إقبال الناخبين من شأنها أن تعزز حظوظ حزب العدالة والتنمية. كيف؟ لأنه -وحتى الانتخابات التي أجريت في شهر نوفمبر من عام 2015- لم يهتم بعض ناخبي حزب العدالة والتنمية “الذين يشعرون بالاطمئنان” بالإدلاء بأصواتهم، معتقدين أن حزبهم سيفوز على أية حال. لكن عندما أدركوا في الانتخابات التي أجريت في شهر يونيو من العام نفسه أن فوز حزب العدالة والتنمية غير مضمون، تزايد إقبال الناخبين في الانتخابات المبكرة التي أجريت في نوفمبر. ومن ثم يعتقد الخبراء أن الناخبين إذا شعروا بأن أردوغان يخسر وتزايد الإقبال، فإن التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية سيرتفع، كما يؤكد تحليل الانتخابات السابقة أيضًا هذه الحجة.

وفي هذا الصدد يجب أن أضيف التصريح الذي أدلى به شنكار لإذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيله) والذي قال فيه “في تركيا تنتمي الأصوات التي يمكنها تحديد نتيجة الانتخابات إلى مجموعة حزب العدالة والتنمية، وتحول الأصوات بين أحزاب المعارضة لا يؤثر على التوازن؛ ففي هذه اللحظة يظل توازن 50-50 بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة سليمًا”.

الحزب الصالح: تتراجع الأصوات التي كانت ستصوت لصالح ميرال أكشينار، ومن غير المؤكد مدى وسرعة هذا التراجع، لكن هذه حقيقة تمت ملاحظتها في دراسات ميدانية.

حزب الشعب الجمهوري: على الرغم من الحماس ومشاهد التشجيع في الحشود الانتخابية، أظهرت دراسات محايدة أنه حتى الآن لم يتمكن محرم إينجه إلا من استعادة الناخبين الذين كانوا يميلون إلى الحزب الصالح في غرب البلاد ولا شيء أكثر من ذلك.

حزب الشعوب الديمقراطي: حتى هذه اللحظة، يبدو الحزب المؤيد للأكراد أنه بالكاد يتجاوز الحد الأدنى للانتخابات الذي تبلغ نسبته عشرة بالمئة، لكن من يقومون باستطلاعات الرأي يعتقدون أن هذه النسبة مستقرة؛ فالأصوات التي سيحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي ترتبط بصورة وثيقة بعوامل خارجية وهشة تمامًا. وتتفق التصريحات التي أدلى بها حقان بيرقش، مالك شركة سونار التي تجري استطلاعات رأي، لإذاعة صوت ألمانيا مع ما سمعته من مصادر مختلفة في الأيام الأخيرة. فقد قال “في هذه اللحظة، يبدو أن حزب الشعوب الديمقراطي سيحصل على عدد كافٍ من الأصوات لتجاوز الحد الأدنى للدخول إلى البرلمان. وعلى الرغم من ذلك، فإن الموقف خطير، وتذبذب أصواتهم وارد.

القيادة والتحالفات: لاحظ أحد منظمي استطلاعات الرأي، بعد مراجعة البيانات التي جمعها، أن التفكك الذي يشهده مرشحو حزب المعارضة يؤثر سلبًا على الناخبين، ويؤكد على أنه في النهاية ربما تساعد صورة فوتوغرافية مشتركة للمرشحين –من حزب الشعب الجمهوري، والحزب الصالح، وحزب السعادة- في قلب هذا الإدراك العام السلبي.

وستُجرى الانتخابات داخل تركيا في 24 يونيو الجاري، ويتنافس في الانتخابات الرئاسية 6 مرشحين، أبرزهم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إينجه ومرشحة حزب “إيي” ميرال اكشينار، بينما تتنافس 8 أحزاب في الانتخابات البرلمانية.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية