كيف ستؤثر تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر على أمن الخليج وأوروبا؟

كيف ستؤثر تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر على أمن الخليج وأوروبا؟

كيف ستؤثر تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر على أمن الخليج وأوروبا؟


07/04/2025

تصاعدت هجمات جماعة الحوثيين في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر منذ تشرين الثاني / نوفمبر 2023، مما أدى إلى تأثيرات سلبية على التجارة العالمية وأمن الملاحة البحرية، فيما زاد التعاون الإيراني الاستخباري والعسكري مع جماعة الحوثيين الأوضاع الاقتصادية تعقيدا. 

وقد انعكس ذلك سلبا على الاستقرار الإقليمي والدولي، برغم الجهود الدولية لمواجهة التهديدات الحوثية، مثل الضربات الأمريكية في آذار / مارس 2025 والمهمة الأوروبية في البحر الأحمر، وذلك بحسب ما ذكرته دراسة حديثة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

ما هي مراحل الهجمات الحوثية في البحر الأحمر؟

الدراسة استندت إلى تقرير صدر في تشرين الثاني / نوفمبر 2024، يفيد بأن ألحوثيين نفذوا حملة تجنيد، مكَّنت من حشد قوة قوامها (350) ألف مقاتل، مقارنة بـ(220) ألفا في عام 2022. 

ويسيطر الحوثيون على المناطق الشمالية الغربية من اليمن، بما في ذلك صنعاء. وقد أنشأوا خنادق ومخابئ جديدة لتجنب استهدافهم من قبل الولايات المتحدة. وتُمثل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون أكثر من (60%) من اليمن.

أي انقطاع طويل الأمد لحركة الملاحة عبر البحر الأحمر على أسعار الطاقة وخاصةً على المستهلكين في أوروبا

واستهدفت الهجمات الأميركية المواقع التي أنشئت حديثا وأجبرت قيادة الحوثيين على الاختباء، وقد قام القادة بإغلاق هواتفهم المحمولة أو التخلص منها لتجنب اكتشافهم، مما أدى إلى قطع الاتصالات. فيما شنّ الحوثيون أكثر من (100) هجوم على سفن الشحن منذ تشرين الثاني / نوفمبر 2023، وقسم الحوثيون هجماتهم البحرية في البحر الأحمر إلى خمس مراحل.

تتمثل المرحلة الأولى في هجمات تركز على الصواريخ التي تطلق على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر اعتبارًا من تشرين الثاني / نوفمبر 2023.

وفي المرحلة الثانية توسّعت الهجمات لتشمل جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية. كما أصبحت السفن التي لها صلات مباشرة أو غير مباشرة بإسرائيل أهدافًا، بالإضافة إلى السفن التي زارت الموانئ الإسرائيلية.

يسيطر الحوثيون على المناطق الشمالية الغربية من اليمن، بما في ذلك صنعاء

ثم لاحقا في المرحلة الثالثة، استهدفت هجمات الحوثيين السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، وفي المرحلة التالية، توسعت الهجمات لتشمل السفن التي يمتلكها مالكوها/مشغلوها سفنًا تزور الموانئ الإسرائيلية.

أما المرحلة الأخيرة، فقد تم الإعلان عنها عقب إطلاق الحوثيين طائرة “يافا” المسيرة على تل أبيب في 19 يوليو2024، تأتي استكمالاً للمراحل السابقة.

حجم التأثير الاقتصادي الدولي والإقليمي لهجمات الحوثيين

ووفق ما ورد بالدراسة فقد ارتفعت أسعار النفط الخام في 17 آذار / مارس 2025 عقب الضربات العسكرية الأمريكية على الحوثيين، ردًا على هجمات الجماعة على سفن تجارية في البحر الأحمر.

 ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر تدهور التوقعات الاقتصادية في الضغط على أسعار النفط، في حال إغلاق البحر الأحمر على المدى الطويل، وستتحمل أوروبا والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط ​​العبء الأكبر. 

كما لفتت الدراسة إلى أن أي انقطاع طويل الأمد لحركة الملاحة عبر البحر الأحمر على أسعار الطاقة، وخاصةً على المستهلكين في أوروبا.

وقد انخفض متوسط ​​حركة المرور بباب المندب وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي حتى 22 كانون الثاني / يناير 2024، إلى (46%) مقارنةً بالفترة نفسها من العام 2023. وبلغت حركة مرور قناة السويس (63%) مقارنةً بالعام 2023، بينما ارتفعت حركة مرور رأس الرجاء الصالح بنسبة (70%) ويؤدي ازدياد تحويلات السفن إلى زيادة تكاليف الوقود والعمالة، مع انخفاض متوسط ​​كمية حركة البضائع التي تصل إلى وجهتها.

من أين يحصل الحوثيون على المعلومات لاستهداف السفن؟

لا يمتلك الحوثيون تقنية الرادار اللازمة لاستهداف السفن لذلك إنهم بحاجة إلى مساعدة من إيران، يستغل الحوثيون المعلومات الاستخباراتية البحرية المتاحة تجاريًا لتحديد مواقع السفن في البحر الأحمر ومهاجمتها.

بالإضافة تقديم القادة ومستشارو الحرس الثوري الإيراني المعلومات والبيانات والدعم الاستخباراتي لتحديد أي من العشرات من السفن التي تمر عبر البحر الأحمر وتشكل أهدافا للحوثيين.

يستغل الحوثيون المعلومات الاستخباراتية البحرية المتاحة تجاريًا لتحديد مواقع السفن في البحر الأحمر ومهاجمتها

فضلًا عن المعلومات الاستخباراتية يتم جمعها بواسطة سفن إيرانية في البحر الأحمر ثم نقلها إلى الحوثيين.

في الشأن، يقول “نيكوس جورجوبولوس” خبير الأمن البحري في ديابلوس “بالطبع، أثبت الحوثيون أنهم يستخدمون معلومات بحرية أساسية وعامة مثل نظام التعريف التلقائي”، ولكن لشن هجماتهم بنجاح، فإنهم بحاجة إلى المزيد”. لديهم أيضا إمكانية الوصول إلى معلومات ليست سرية، لكن يصعب الحصول عليها. ولا بد من خبرة في مجال الاستخبارات البحرية لمعرفتها”.

تداعيات الهجمات الأمريكية على جماعة الحوثي

الدراسة لفتت أيضا إلى أن قياديين في جماعة الحوثي في ​​اليمن قد فروا من العاصمة صنعاء التي يسيطرون عليها إلى المناطق الريفية، عقب الغارات الجوية الأميركية. وصدرت تعليمات لأعضاء رفيعي المستوى بمغادرة منازلهم بسبب التهديد بمزيد من الضربات الجوية الأميركية. ويتجنب الأعضاء داخل الجماعة الأماكن العامة. وعدم الكشف عن أماكن تواجد كبار المسؤولين الحوثيين.

وتعتقد “أبريل لونجلي ألي” الباحثة في معهد السلام الأمريكي “إن الحوثيين من المرجح أن يكونوا متشككين في استخدام تكنولوجيا الإرسال، خاصة بعد أن استخدمت إسرائيل أجهزة الاتصالات لمهاجمة حزب الله في سبتمبر 2024، ففجرت أولاً آلاف أجهزة النداء المزورة ثم مئات أجهزة الاتصال اللاسلكية المزورة التي سلمتها سراً إلى الجماعة اللبنانية.

ما تأثير التصعيد الأخير على المنطقة ومواقف دول الخليج؟

وفي 15 آذار / مارس 2025 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن شن ضربات جوية على معاقل الحوثيين في اليمن، في محاولة  إلى ردع الحوثيين من خلال تنفيذ ضربات جوية مكثفة تستهدف مواقعهم في اليمن، وذلك ردًا على هجماتهم المتكررة على السفن في البحر الأحمر. هذه الاستراتيجية تختلف عن نهج دول الخليج، حيث تهدف واشنطن إلى تعطيل قدرات الحوثيين وتقويض قيادتهم.

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 15 آذار / مارس 2025 عن شن ضربات جوية على معاقل الحوثيين في اليمن

هذا التصعيد يحمل، بحسب الدراسة، تداعيات متعددة على المنطقة ومواقف دول الخليج؛ على غرار زيادة التوترات الإقليمية، حيث من المتوقع أن تؤدي الهجمات الأمريكية إلى تصعيد التوترات في منطقة البحر الأحمر، خاصة مع استمرار الحوثيين في استهداف السفن التجارية، مما يهدد أمن الملاحة البحرية ويؤثر على الاقتصاد العالمي.

كما يمكن أن ينجر عنه تعقيد الصراع اليمني، حيث اعتبرت الدراسة أن التدخل الأمريكي المباشر قد يزيد من تعقيد الصراع في اليمن، مع احتمال تورط أطراف إقليمية ودولية أخرى، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.

حتى الآن، التزمت دول الخليج، باستثناء البحرين، الحذر ولم تشارك بشكل مباشر في التحالف الأمريكي لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، مفضلة مراقبة التطورات عن كثب.  

هذا وتخشى دول الخليج من أن يؤدي التصعيد الحالي إلى زعزعة استقرار المنطقة، خاصة مع احتمال توسع نطاق الهجمات ليشمل منشآت حيوية في دولهم. 

وتسعى بعض دول الخليج إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق قد تؤثر سلبًا على أمنها ومصالحها الاقتصادية. يعكس التصعيد الحالي تحديات معقدة تتطلب تنسيقًا دوليًا وإقليميًا للتعامل مع تهديدات الحوثيين وضمان استقرار المنطقة.

كيف تواجه أوروبا ودول الخليج تهديدات الحوثيين؟  

بإعلان الولايات المتحدة عن تشكيل قوة “حارس الازدهار” في 18 ديسمبر 2023، حرصت بعض دول أوروبا على المشاركة بشكل محدود في هذه القوة، حتى لا تحل محل قواتها المتواجدة في سواحل المنطقة، وشاركت “بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وهولندا” في هذه القوة لحماية أمن البحر الأحمر ومواجهة تهديدات الحوثين لحركة الملاحة.

تسعى بعض دول الخليج إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة وتجنب الانزلاق إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق

ورغم أن الاتحاد الأوروبي لا يعتمد سياسة فرض العقوبات على الحوثيين، إلا أنه في 16 آذار / مارس 2022، قرر إدراج الحوثيين على القائمة السوداء. وفي 31 أيار / مايو 2023، فرض عقوبات على وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني والحرس الثوري، ردا على إرسال إيران صواريخ للحوثيين. وتنص العقوبات على تجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي وحظر التأشيرات، وأيضا يُحظر دفع أموال وموارد من الاتحاد لهذه الكيانات والأفراد المستهدفين.

بالمقابل، تتبع دول الخليج سياسة دبلوماسية مع تهديدات الحوثيين، وظهر هذا الأمر واضحاً عندما شن الحوثيون هجمات ضد بنية تحتية مدنية في أبوظبي في يناير 2022، حيث أصدرت الإمارات إدانات شديدة للهجمات، مطالبة بتعاون دولي لمواجهة تهديدات الحوثي. وشددت الإمارات من الإجراءات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع حلفائها، واتخذت إجراءات استباقية بنشر أنظمة مراقبة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

ووفق ما أوردته الدراسة، لم تشارك دول الخليج في قوة “حارس الازدهار”، تحسباً لتداعيات الحشد العسكري في المنطقة والتصعيد من جانب الحوثيين، وحذرت قطر الغرب من التركيز على هجمات الحوثيين، وإغفال السبب الرئيسي وراء هذا التطور، وهو الحرب الإسرائيلية على غزة. وأبدت سلطنة عمان تحفظها على التعامل مع الوضع بشكل عسكري. وأبدت الكويت قلقها من التصعيد بالبحر الأحمر. وأكدت الإمارات على أهمية الحفاظ على الأمن في خليج عدن والبحر الأحمر، وفضلت السعودية تجنب التصعيد في المنطقة رداً على تحركات الحوثيين.

موقف دول الخليج وفي مقدمتهم الإمارات والسعودية، يعود، بحسب الدراسة، إلى التزامهم بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ودورهم في حل الأزمات الدولية، وتعزيز البنية التحتية الأمنية لدول المنطقة. وتنظر دول الخليج إلى أن إيجاد حلول طويلة الأمد، ومعالجة الأسباب الجذرية وراء تهديدات الحوثيين، هي الاستراتيجية الأنسب للحفاظ على الأمن بالبحر الأحمر.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية