هل تضحي تركيا بحماس ثمناً للتقارب مع إسرائيل؟

هل تضحي تركيا بحماس ثمناً للتقارب مع إسرائيل؟


16/03/2022

يثير التقارب الأخير في العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا الذي وصفه البلدان بأنه "نقطة تحوّل" في العلاقة بينهما، قلق حركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة وفق ما يرى محللون سياسيون.

وتسود مخاوف لدى حماس من أن تقدم تركيا مصالحها على دعمها للجماعة الإسلامية المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين في المنطقة خاصة وأن أنقرة تكابد للخروج من أزمة مالية طاحنة وتتخوف كذلك من عزلة إقليمية ودولية وهي بحاجة لترميم الشروخ في علاقاتها الخارجية خاصة مع شركائها التجاريين ومن مضمنهم إسرائيل.

وكانت الحركة الإسلامية الفلسطينية التي تتلقى دعما من تركيا قد انتقدت إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي زيارة الرئيس الإسرائيلي لكل من أبوظبي وأنقرة.

وتعتبر حركة حماس الدولة التركية حليفا استراتيجيا لها ويقيم في تركيا منذ عقد عدد من قادة حماس أبرزهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري. ويتردّد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ورئيسها في الخارج خالد مشعل بانتظام على اسطنبول. كما تتفاخر الحركة بمواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يقدّم نفسه على أنه مناصر بقوة للقضية الفلسطينية.

وتوترت العلاقة بين أنقرة وتل أبيب منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية 2008، وبلغ التوتر ذروته إثر مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي على سفينة "مرمرة" التي كانت تنقل مساعدات للقطاع في عام 2010.

لكن تقاربا يسجل بين إسرائيل وتركيا منذ فترة  وقد تُرجم هذا التقارب بزيارة قام بها الأسبوع الماضي الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ إلى أنقرة وقد تحدث الرئيسان عن "منعطف" في العلاقات بين البلدين.

وانتقدت حركة حماس زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، لكنها لم تأت على ذكر الدولة التركية أو رئيسها أردوغان. ودعت في بيان إلى "عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها".

ويرى محللون أن تعزيز العلاقات التركية الإسرائيلية قد ينعكس سلبا على العلاقة بين أنقرة وحماس.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبوسعدة إن تركيا "ستفضل مصالحها الاقتصادية مع إسرائيل في ظل تدهور سعر الليرة التركية وتراجع اقتصادها"، على علاقتها مع حماس، مضيفا أن "حماس قلقة".

كما توقع "أن تحصل ضغوط إسرائيلية أكبر على السلطات التركية، فتغادر قيادات حمساوية تركيا ربما إلى إيران أو بيروت".

كما يرجح أبوسعدة أن يؤدي تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية إلى قيود على حماس وعناصرها المقيمين في تركيا وبينهم العناصر الذين أطلقت إٍسرائيل سراحهم في صفقة الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط الذي كان محتجزا لدى حماس في 2011.

ويستبعد أستاذ التاريخ والعلوم السياسية ناجي شراب من جهته أن "تتخذ تركيا قرارا بإغلاق مكاتب حماس أو ترحيل أي من قادتها. هذا مستبعد في المدى المنظور، ربما تلجأ تركيا مع إسرائيل لسياسة احتواء حماس بإبقاء تواجدها في الأراضي التركية بدون نشاط سياسي أو إعلامي أو مالي ملموس"، مرجحا أن تلعب تركيا "دورا متوازنا مع حماس".

لكن مصدرا قريبا من حركة حماس متواجد في تركيا أقرّ بأن مسؤولين أتراك ناقشوا مع قيادة حركة حماس وضع عناصر ومسؤولين فيها في الأراضي التركية.

وقال "ناقش مسؤولون أتراك مع قيادة الحركة مؤخرا إيجاد آلية لاستمرار أو مغادرة آمنة لبعض القادة ذوي الصفة العسكرية بحماس، لكن لا تغيير بالنسبة للأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية أيضا" التي تقوم بها الحركة في تركيا.

وتابع "لدينا ثقة بأن تركيا أردوغان لن تتخلى عن دورها الرائد لدعم القضايا الفلسطينية والقدس ورفع الحصار الظالم عن غزة".

ورغم القلق، تتمسك حماس بالثقة بأن أردوغان لن يتخلى عن مواقفه الداعمة للفلسطينيين. وقال قيادي كبير في الحركة فضّل عدم الكشف عن هويته "لا أتوقع أن تخضع تركيا لأي ابتزاز أو ضغط إسرائيلي لطرد أو التضييق على أي فلسطيني، بما في ذلك أبناء حماس".

واستدرك بالقول "لا مقرات لحماس في تركيا، لكن الفلسطينيين موجودون في كل مكان"، مؤكدا أن "معركتنا مع الاحتلال داخل أرض فلسطين".

ويشدد على أن "حماس لا تتدخل في العلاقات الداخلية لأي دولة. نريد الحفاظ على علاقة طيبة ومسافة واحدة من كل الدول العربية والإسلامية خصوصا تركيا".

ويرى شراب بدوره أن اللغة التي اعتمدتها حركة حماس في تعليقها على زيارة هرتسوغ عكست موقفا معتدلا، مضيفا "حماس أعطت إشارات إلى أنها حركة لن تضحي بعلاقاتها مع تركيا لأنها حليف وتمثل قاعدة سياسية ومالية لها".

ويبيّن أن الحركة الإسلامية "قد تستفيد من هذا التقارب باعتبار تركيا تشكل قناة فاعلة ذات ثقة للضغط على إسرائيل لرفع الحصار ووقف العدوان وتعزيز تفاهمات التهدئة".

أما المحلل السياسي المختص في شؤون الحركات الإسلامية حسام الدجني فيقلّل من تأثير التقارب التركي الإسرائيلي على حماس قائلا "من مصلحة تركيا وإسرائيل أن تبقى العلاقة مع حماس على قاعدة ألا تتجاوز حدود العلاقات السياسية والاقتصادية وأن يكون هناك دور تركي داعم للدور المصري لأجل الاستقرار على حدود غزة".

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية