هل تتحوّل المنطقة الخضراء في العراق إلى حمراء؟

هل تتحوّل المنطقة الخضراء في العراق إلى حمراء؟


08/08/2022

تحرّكات، مثيرة ولافتة، تتجه جميعها نحو التصعيد في العراق، إثر اقتحام أنصار التيار الصدري مبنى البرلمان العراقي، فضلاً عن دخول المنطقة الخضراء، التي تضمّ مؤسسات الحكومة العراقية، وكذا مبنى البعثات الأجنبية وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي قوبل باحتجاجات مماثلة من جانب قوى "الإطار التنسيقي"، التي تضمّ الأحزاب السياسية الشيعية، المدعومة من إيران، ووصلت حدّ صدام الأخيرة مع الأمن العراقي.

عزل المالكي.. ما القصة؟

وبينما أعلن زعيم التيار الصدري رفضه للحوار مع قوى "الإطار"؛ فإنّ ثمّة معلومات مسرّبة أفادت بوجود تفاهمات سرّية تجري بين الطرفين، وفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، والتي نقلت عن قيادي كردي قوله: "نعرف أنّ الصدر يريد عزل تيار المالكي وحلفائه من العملية السياسية (...)، هذه حركة جريئة، وإن تمكّن من إتمامها حتى النهاية، فسنشهد خريطة شيعية مختلفة".

وحملت تصريحات زعيم التيار الصدري دعوة صريحة ومباشرة بضرورة حلّ البرلمان العراقي، ثم إجراء انتخابات مبكرة، كما طالب الصدر المعتصمين بالبقاء حتى تحقيق المطالب كافة، بينما ثمّن الدور الذي تقوم به القوات الأمنية ودعمها لـ "الثورة"، على حدّ تعبيره.

الباحث العراقي عادل الخزاعي: الكفة راجحة لصالح التيار الصدري

ووجّه الصدر جملة اتهامات طاولت القضاء العراقي باعتباره يتيح حماية للمتورطين في قضايا الفساد من خلال تبرئة بعضهم، بحسب زعمه، إضافة إلى اتّهام رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، والذي يتزعم "ائتلاف دولة القانون"، دون تسميته، بالوقوف وراء محاولة قتله.

وقال الصدر: "ما بدأت الإصلاح إلا من داخل التيار الصدري، ولسنا فوق الشبهات، والثورة في العراق بدأت صدرية.. والتصرفات الكيدية أعاقتنا رغم نيلنا الأغلبية البرلمانية".

احتلال البرلمان.. متغيرات جديدة في العراق

إذاً؛ دخول قواعد التيار الصدري إلى مبنى البرلمان العراقي، والاعتصام داخله، ينطوي على مؤشرات أساسية ينبغي التوقف عندها، وهي أنّ "تلك التطورات كانت بمثابة إعلان واقعي عن تتويج التيار الصدري باعتباره أكبر قوة سياسية في البلاد، والأكثر تأثيراً"، حسبما يوضح الباحث العراقي بالمرصد العراقي للحقوق والحريات، عادل الخزاعي.

وسيترتب على هذا التتويج تغييرات جوهرية في توازنات العملية السياسية، وفق الخزاعي، في حديثه لـ "حفريات"، والذي يرى أنّه بعد "استعراض القوة" من قبل طرفي الصراع (التيار الصدري والإطار التنسيقي)، متمثلاً في دخول مبنى البرلمان، والاعتصام به، من جانب قواعد التيار الصدري، إضافة إلى التظاهرات التي قام بها أنصار الإطار التنسيقي عند الجسر المعلّق ببغداد، تبين أنّ "الكفة راجحة" لصالح التيار الصدري الذي "سيتحكّم بالمشهد السياسي المقبل بالمقدار الذي يغيّر توازنات العملية السياسية القديمة (المعتمدة منذ عام 2003)، بشكل جوهري، دون الإخلال الكلي ببعض التوازنات المحلية والشروط الدولية والإقليمية".

حملت تصريحات زعيم التيار الصدري دعوة صريحة ومباشرة بضرورة حلّ البرلمان العراقي، ثم إجراء انتخابات مبكرة، كما طالب الصدر المعتصمين بالبقاء حتى تحقيق المطالب كافة

وإلى ذلك، أعلن رئيس تحالف السيادة العراقي، خميس الخنجر، نهاية الأسبوع، دعمه لما ورد في خطاب الصدر، الذي دعا لإجراء انتخابات مبكرة. وفي تغريدة عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال الخنجر إنّه يدعم "الجهود المخلصة لإنقاذ العراق ومعالجة حالة الجمود السياسي التي عطّلت الدولة ومصالح الشعب".

وأردف: "نعلن دعمنا لمضامين خطاب مقتدى الصدر نحو انتخابات مبكرة، ووفق معايير جديدة وقوانين عادلة تسمح بمنافسة حقيقية".

الحوار الوطني

كما شدّد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، خلال لقاء مع السفيرة الأمريكية في بغداد، ألينا رومانوسكي، على ضرورة العمل من أجل تهيئة الظروف لحوار وطني، بينما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن الأعرجي قوله: "نعمل على تهيئة ظروف حوار وطني ضمن وفاق عراقي يحقن الدم العراقي ويحافظ على العراق الموحّد".

مستشار الأمن القومي العراقي: "العراقيون قادرون على حلّ مشكلاتهم السياسية كونها شأناً داخلياً"

وتابع مستشار الأمن القومي العراقي: "العراقيون قادرون على حلّ مشكلاتهم السياسية كونها شأناً داخلياً".

ونسبت الوكالة للسفيرة الأمريكية القول؛ إنّ الولايات المتحدة "لن تتدخل في اختيار الشعب العراقي وإنّ ذلك يعود للعراقيين وحدهم".

ومن جهته، ناقش الرئيس العراقي، برهم صالح، مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، جينين هينيس بلاسخارت، إمكانيات الحل السياسي، وكذا إنهاء الانسداد السياسي بالعراق، وإيجاد ضمانات واقعية للاستقرار والأمن، وقالت الرئاسة العراقية، في بيان، إنّ اللقاء ناقش "تأمين الحوار والتلاقي بين الجميع لإيجاد حلول ناجعة تحقق تطلعات المواطنين".

ووصف الرئيس العراقي الظروف السياسية بالعراق؛ بأنّها تستدعي التزام التهدئة والدخول في "حوار صادق.. يتناول الوضع السياسي للوصول إلى خريطة طريق واضحة المعالم".

المحلل السياسي المختص بالشأن العراقي، ميار شحادة لـ"حفريات": منذ مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، لم تستطع إيران ضبط إيقاع ميليشياتها في العراق

وقال بيان الرئاسة العراقية إنّ بلاسخارت أكّدت دعم البعثة الأممية للحوار وتأييده بين سائر الأطراف والوصول إلى "مسارات تؤمن حماية الأمن والاستقرار وتلبّي متطلبات العراقيين".

وفي حديثه لــ "حفريات"، يرى المحلل السياسي المختص بالشأن العراقي، ميار شحادة، أنّه منذ مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، لم تستطع إيران ضبط إيقاع ميليشياتها في العراق، الأمر الذي يظهر على عدة مستويات من خلال السيولة السياسية التي تقع تحت وطأتها المجموعات الولائية، فضلاً عن الهزيمة السياسية والانتخابية المدوية.

ووفق شحادة، في حديثه لـ "حفريات"؛ فإنّ إسماعيل قاآني، الذي جاء بعد سليماني، يفتقد للكثير من الصفات الشخصية والمهنية التي تجعله على مسافة بعيدة من الجنرال السابق من حيث التأثير في الميليشيات المسلّحة والعسكرية المدعومة من إيران، وقد لعب (الجنرال سليماني) الدور الأساسي في هندستها وصناعتها.

ويتابع: "الصدر لا يملك شعبية أو أغلبية تمكّنه من الوقوف في مواجهة إيران بالعراق، كما أنّ زعيم التيار الصدري ليس ذلك الشخص الذي من الممكن أن تعتمد عليه الدول العربية رغم أنّها تستخدمه أحياناً كورقة ضغط".

مع ظهور الانشقاقات والنزاعات بين قادة الفصائل الشيعية، تسرّب شعور للمالكي بأنّ الأمور تنفلت من قبضته مع وجود شخصيات أخرى بارزة تنافسه؛ لذلك تنازل، نوعاً ما، لقادة الإطار التنسيقي عن حلم منصب رئيس الوزراء في محاولة منه للضغط لترشيح رئيس وزراء من مجموعته، بحسب المحلل السياسي المختص بالشأن العراقي.

وهنا رأى الكاظمي، وفق تقدير المصدر ذاته، إمكانية أن "يستغل الفرصة لتوظيف الصدر والمستقلّين للانقلاب على الإطار التنسيقي برمّته، واستخدم مؤسسات وأجهزة الدولة القوية، حتى يستطيع إكمال مشروعه ويبقى في المشهد لأطول فترة ممكنة، مع الوضع في الاعتبار أنّ حزب الله (اللبناني) يعاني بشدّة، ولم يعد قادراً على التدخّل أو التعاون مع الفصائل العراقية المسلحة كما في السابق".

ويختتم: "الكاظمي أيضاً يريد كسب الأكراد لصفوفه، بينما يعمد التيار الصدري إلى استقطاب وجذب قطاعات من جمهور الإطار التنسيقي بواسطة الهتافات والدعاية السياسية المضادة لأمريكا".

 

مواضيع ذات صلة:

وسط مناشدات ودعوات للتهدئة.. أنصار الصدر يواصلون اعتصامهم المفتوح في البرلمان العراقي

تسريبات المالكي.. إلى أين تقود المشهد السياسي المرتبك في العراق؟

انسحاب التيار الصدري في العراق: مناورة أم علامة على انسداد سياسي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية