هل انتهت فعلياً العلاقة بين الإخوان والبرهان؟

هل انتهت فعلياً العلاقة بين الإخوان والبرهان؟

هل انتهت فعلياً العلاقة بين الإخوان والبرهان؟


01/12/2024

حمل الهجوم اللاذع غير المسبوق الذي شنه أبرز رجال الدين في الحركة الإسلامية السودانية (جماعة الإخوان المسلمين)، وأحد الداعمين لنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، عبد الحي يوسف، على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حمل إشارات مهمة إلى أبعاد الصراع، خاصة عندما كشف عن خبايا الحرب وما قبلها، ووصف البرهان بأوصاف شديدة السوء، وحمّله مسؤولية اشتعال الحرب وتطورها.

ومثّل موقف المفتي عبد الحي يوسف المقيم في تركيا انقلاباً مفاجئاً في موقف الحركة الإسلامية من قائد الجيش السوداني، الذي كانت تسانده منذ بداية الحرب، ويتبنّى مواقفها الرافضة للتفاوض مع قوات الدعم السريع، دون الاعتراف بوجودها في المشهد السياسي.

وكان عبد الحي يوسف يتحدث في محاضرة نظمها مركز (مقاربات للتنمية السياسية) بمدينة إسطنبول التركية، وجرى تداول حديثه على نطاق واسع داخل السودان.

ووصف عبد الحي يوسف قائد الجيش السوداني بأنّه "شخص غير محترم ولا دين له، وأنّ الحركة الإسلامية لا تثق به، لأنّه خائن لله ورسوله"، وفق ما نقلت صحيفة (سودانايل).

وقال عبد الحي: إنّ "البرهان أعجز من أن يقضي على الحركة الإسلامية؛ لأنّ الإسلاميين يتواجدون حتى داخل مكتبه".

وحمّل عبد الحي يوسف قائد الجيش السوداني مسؤولية الأزمة السودانية والحرب الدائرة حالياً، وقال: إنّ "البرهان يتفق معك على شيء ولا يفي بوعده، بل يفعل نقيضه".

وجرّد عبد الحي يوسف الجيش السوداني من أيّ انتصار في الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، قائلاً: إنّ كل الانتصارات يعود فضلها إلى "المجاهدين" الإسلاميين الذين يقاتلون تحت مسمّى "المقاومة الشعبية".

ووجد حديث عبد الحي يوسف، ردود أفعال واسعة وسط السودانيين، الذين اعتبروه "تأكيداً متأخراً على ما ظلت تردده القوى السياسية السودانية بأنّ الإسلاميين من أنصار نظام البشير السابق هم من أشعلوا هذه الحرب لأجل العودة إلى السلطة".

المفتي عبد الحي يوسف

وقال الناشط السياسي هشام عباس عبر منصة (إكس): إنّ "شيخ الإرهابيين أعلنها واضحة بأنّ هذه الحرب لا فضل فيها للجيش، بل لميليشيات الحركة الإسلامية، هذا بالنسبة إلى المغفلين الذين يحدثونك عن وجود جيش".

وأضاف: "طبعاً هم من أشعلوا هذه الحرب، وهم من غدروا بقوات الدعم السريع، وهم من خططوا لهذه الكارثة".

ومن جهته، رأى الصحفي محمد علي كيلاني، في تصريح نقله موقع (إرم)، أنّ أخطر جزئية في كلام عبد الحي يوسف، هي "أنّ هناك وفداً من اتحاد علماء المسلمين التابع للكيزان التقى وزير الخارجية التركي للتوسط لبيع سلاح للسودان".

وتابع: "أين وزارة الدفاع، وأين هيئة الإمداد، وأين الملحقية العسكرية، ماذا يفعل هؤلاء حينما يتدخل الإسلاميون من خارج السودان في صفقات السلاح؟".

وأضاف أنّ "خروج مفتي الإخوان المسلمين في السودان الشيخ عبد الحي يوسف في هذه الأوقات، ليتهم البرهان بالخيانة والكذب ويوضح دور الحركة الإسلامية في الحرب ويمتدح دور المقاومة الشعبية، له دلالات متعددة".

وبدوره، اعتبر خالد عمر يوسف عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم)، أنّه "يوماً بعد يوم تنجلي سحب التضليل والخديعة حول طبيعة هذه الحرب الإجرامية".

وقال في تدوينة على منصة (إكس): إنّ "هذه حرب سلطة تنشط فيها جماعة مجرمة قسمت البلاد وقتلت الناس، ولم ترتوِ من دمائهم بعد".

البرهان ينفي وجود أيّ قتال بدوافع سياسية أو انتماءات غير وطنية، ويؤكد أنّ من يعتقد أنّ هناك جهة تقاتل لصالحها، فليأتِ ويأخذ من يقاتل باسمها.

ومن جهته، اعتبر القيادي بحزب (الأمة) القومي عروة الصادق أنّ حديث عبد الحي يوسف "بمثابة فتوى لتكفير البرهان، تمهيداً لاغتياله".

وعلّق الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان على حديث مفتي الحركة الإسلامية، قائلاً: إنّ حديث الرجل "يكشف زيف شعارات هذه الحرب، ويؤكد أنّ من أشعلها يسعى لاستعادة سلطته على جماجم السودانيين".

وأضاف أنّ "عبد الحي، الذي نهب ملايين الدولارات من قوت الفقراء والجوعى، يقول إنّ البرهان لن يستطيع إزاحة الإسلاميين لأنّهم متغلغلون حتى داخل مكتبه، وأنّ الانتصارات ليست بفضل الجيش، وإنّما بفضل كتائب المجاهدين".

من جانبه، قال الكاتب الصحفي السوداني بابكر فيصل في مقالة عبر صحيفة (التغيير): لم تأتِ التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عبد الحي يوسف بأيّ معلومة جديدة، بل جاء كلامه تأكيداً لما ظلت تقوله القوى السياسية والمدنية منذ ما قبل اندلاع الحرب حتى اليوم، وهو التالي: في سعيها للعودة للسلطة التي سلبتها منها ثورة كانون الأول (ديسمبر)، فإنّ الحركة الإسلامية لن تتورع عن تدمير السودان وتقسيمه.

هذا، وأصدرت الحركة الإسلامية السودانية أمس بياناً خجولاً، اختتمته بجزئية صغيرة نفت فيها وجود علاقة تنظيمية تجمعها بعبد الحي يوسف.

وبحسب موقع (الراكوبة)، فإنّه يبدو أنّ البيان لم يكن الغرض منه نفي العلاقة بعبد الحي، بل محاولة معالجة كشفه للمستور بينها وبين قائد الجيش، وفضحه لعملية سنّ السكاكين التي تدور في الخفاء، فأكدت في بيانها دعمها للقوات المسلحة

لكنّ محللين اعتبروا البيان محاولة لتخفيف الضرر، مشيرين إلى أنّ العلاقة بين الإخوان والبرهان انتهت فعلياً.

قائد الجيش السوداني: الفريق عبد الفتاح البرهان

بالمقابل، شدد رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، على رفضه التشكيك في دوافع الجيش للقتال ضد قوات الدعم السريع، أو الهيمنة عليه لصالح جهة محددة، وانتقد الأصوات التي تشكك في استقلاليته، وأكد عزمه القضاء على عدوه.

وقال البرهان ردّاً على تصريحات عبد الحي خلال مخاطبته حشداً من منسوبي الجيش بمدينة أم درمان أمس: إنّ القوات المسلحة تقاتل من أجل الوطن دون أيّ وصاية.

ونفى وجود أيّ قتال بدوافع سياسية أو انتماءات غير وطنية، وأضاف: "من يعتقد أنّ هناك جهة تقاتل لصالحها، فليأتِ ويأخذ من يقاتل باسمها"، وشدد على أنّه جيش السودان.

وقال البرهان: إنّ أيّ شخص يشكك في هذا الأمر "نقول له تعالَ لكي ترى بعينيك"، وأشار إلى أنّه "أمس كان هناك تكفيري يقول إنّه لا يوجد جيش".

وأكد البرهان خلال خطابه بأم درمان أنّ "القوات المسلحة عازمة على تسليم الشعب السوداني وطناً خالياً من الميليشيات الإرهابية وأعوانها"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وقال: إنّ القوات المسلحة وجميع القوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمستنفرين والمقاومة الشعبية "يعملون معاً يداً واحدة من أجل القضاء على التمرد".

وتجيء تصريحات البرهان رداً على حديث الداعية الإسلامي عبد الحي يوسف، الذي هاجم البرهان، ووصفه بأنّه شخصية غير محترمة، وليس له دين، مؤكداً أنّه أعجز من القضاء على الإسلاميين.

وعُرف عبد الحي يوسف بموالاة العسكريين في الحكم منذ حقبة الرئيس المعزول عمر البشير، وقد ناصر فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش على يد العسكريين فضلاً عن تأييد انقلاب البرهان وحميدتي على الحكومة الانتقالية في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وفق موقع (سودان تربيون) المحلي.

وظل عبد الحي يعمل من أجل هذه الحرب منذ بداية الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة حمدوك، وهو الذي قاد منذ بداية الحرب، وما يزال يقود، الحرب الإعلامية وحملات التضليل وإضفاء صبغة دينية على حربهم التي أشعلوها من أجل العودة إلى السلطة، وذلك عبر قناته التلفزيونية (قناة طيبة) التي تبث من تركيا. كما أنّه يقود جميع حملات الدعم المادي والعيني وسط أعضاء الحركة الإسلامية السودانية المقيمين في تركيا لصالح المجاهدين الذين يحاربون على الأرض.

ومنذ بداية الحرب في السودان في 15 نيسان (أبريل) 2023، ظلت القوى السياسية السودانية المناهضة للحرب تؤكد أنّ هذه الحرب أشعلتها وتقودها الحركة الإسلامية السودانية، التي تعرف في السودان بـ "الكيزان"، وجناحها السياسي حزب المؤتمر الوطني، من أجل استعادة السلطة التي فقدتها بعد الثورة الشعبية في 2019.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية