مَن سيثق بالحكومة والقضاء في تركيا بعد الآن؟

مَن سيثق بالحكومة والقضاء في تركيا بعد الآن؟


24/06/2021

هل فقدت الحكومة التركية ثقة الداخل والخارج بها بعد سلسلة الفضائح التي تكشّفت في الشهور القليلة الماضية بين مسؤولين كبار ورجال العصابات والمافيا؟ إلى أيّ حدّ يحظى القضاء في تركيا بثقة الشعب؟ وهل يتمتّع القضاء التركي بأية استقلالية أم أنّه أصبح سلاحاً بيد حكومة أردوغان؟

وفي محاولة منه لمقاربة هذه الأسئلة وأخرى مشابهة تثار في الشارع التركي، أشار الكاتب التركي محمّد أوجاكتان في مقال له في صحيفة قرار التركية اليوم الأربعاء إلى أنّ الاتراك جميعاً يعلمون أن الانحلال الأخلاقي والفساد الذي تشهده البلاد في الفترة الأخيرة يرجع إلى فقدان تركيا لمفهوم سيادة القانون. وقال: أنا متأكد من أن الفساد اليومي، والرشوة، وانهيار الاقتصاد، والعلاقات الخفية المظلمة بين سياسة العصابات والمافيا، وملايين الدولارات التي تطير في الهواء، والعلاقات السرية المعتمة بين الساسة وغاسلي الأموال، لا تفاجئ أيًا منا.

ولفت إلى أنّه لأن القضاء لا يرى كل هذه التلوثات التي تجرمها القوانين بشكل واضح، فمن الطبيعي أن يفقد الناس ثقتهم في القضاء تدريجياً. على سبيل المثال، يقول وزير الداخلية في البلاد إن سيدات بيكر، الذي يُعرف بأنه زعيم منظمة إجرامية، يعطي 10 آلاف دولار لسياسي كل شهر، لكن القضاء ليس موجودًا.

قال أوجاكتان إنّ البلاد اهتزّت بسبب الادعاء بأن صحفيًا يطالب بـ 10 ملايين يورو من سيرجين باران كوركماز، المطلوب بتهمة الحصول على "أموال سوداء" في تركيا والولايات المتحدة، لكن القضاء لا يشعر بالحاجة إلى السؤال عن أي "زمرة" وتسعى "جماعات الضغط" للحصول على هذه الأموال.

تحدّث الكاتب عن التخبّط الذي تعانيه الحكومة وتمرّ به، وقال إنّ المحكمة تتخذ أولاً احتياطياً على أصول رجل الأعمال نفسه، ثم ترفع الاحتياط بناءً على تقرير استقصائي، لتعود وتفرضه مرة أخرى. وقال المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري، فائق أوزتراك، "بناءً على تقرير غير موجود، كيف يمكن رفع الاحتياطات على أصول هذا الشخص والحظر المفروض على السفر إلى الخارج؟ ما هي الصلاحيات التي تجعل نائب وزير العدل نائبا للمدعي العام الذي يريد رفع التدبير على أصوله على الفور؟".

وقال أوجاكتان إنّ هذه الأسئلة تكشف بوضوح خطورة الموضوع، والأسوأ من ذلك أنه بينما يحدث كل هذا، يهرب رجل الأعمال هذا إلى الخارج، ولا تشعر السلطات بالحاجة إلى رؤية هذا الهروب.

واعتقل سيزجين باران كوركماز في النمسا بناء على طلب الولايات المتحدة، الآن تطالب واشنطن بإعادة الأموال المهربة من قبل كوركماز من الولايات المتّحدة، وذلك عبر المطالبة بمصادرة أصول كوركماز في تركيا.

ولفت الكاتب إلى أنّه عندما تطلب واشنطن ذلك، يتمّ التفكير فيه فجأة وتطالب بتسليم سيزجين باران كوركماز، الذي تجاهلت تركيا هروبه، وإذا كانت المزاعم صحيحة، كانت السلطة تشجع على هروبه. وأعاد السؤال: لكن من سيثق بهذا النظام القانوني في تركيا ولماذا وكيف؟

وأكّد أوجاكتان أنّه ربما بسبب هذه الصورة التي قدمتها تركيا للعالم، سواء من حيث الإدارة أو القضاء، لن يكون من الممكن تسليم سيزجين باران كوركماز لها، ويبدو أن كوركماز سيحاكم في محاكم أميركية.

وقال الكاتب كذلك: تخيل أن رجل الأعمال هذا شارك في نفس إطار الصورة مع العديد من الأشخاص من الأعلى إلى المستويات الدنيا من الولاية. وتساءل: من لم يستضفه في فندق باراماونت الذي يملكه من صحفيين وقضاة، ورؤساء محاكم، وسياسيين، وبيروقراطيين..!

وتأسّف الكاتب أنّ هذه صورة تركيا بحيث يستحيل ألا تؤذي ضمير الشعب. شريك كوركماز هو رجل الأعمال الأرميني ليفون تيرميندزهيان، هو مواطن تركي ويحمل اسم ليف أصلان ديرمان، حوكم بتهمة "غسيل الأموال" في الولايات المتحدة، وهو الآن في السجن، ومن غير المفهوم أن الشخص المتهم بارتكاب "غسيل الأموال" يمكن أن يكون مواطناً في جمهورية تركيا بهذه السهولة.

كما نوّه إلى أنّه لسوء الحظ، فإن تصور تركيا في العالم يقدم وجهة نظر تؤلم الأتراك جميعًا بشدة كأفراد يعيشون في بلدهم، لأن النظام الغريب الذي تمّ اختراعه على أيدي لحكومة دمر الآليات المسؤولة عن السيطرة على السلطات، وأضعف كل مؤسسات الدولة، والأهم من ذلك، فقد أهلية "دولة القانون" في تركيا.

قال أوجاكتان إنّ الصورة شديدة الوضوح، ونحن لا نعترف أو نطبق قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في المادة 90 من الدستور، وتعلن المحاكم الأدنى في البلاد صراحة أنها لن تمتثل لقرارات المحكمة الدستورية. ومع ذلك، فإن المادة 153 من الدستور واضحة للغاية، ويجب على المحاكم الأدنى والسلطة التنفيذية الامتثال لقرارات المحكمة الدستورية.

وختم مقاله بالدعوة إلى إدراك أنّه طالما هناك إصرار على مثل هذا النمط القانوني، لا يمكن أبدًا تحسين السمعة الدولية لهذا البلد ولا يمكن ضمان تسليم أي مجرم إلى الخارج.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية