جماعات مسلحة ومليارات الدولارات .. تفاصيل دور إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط

جماعات مسلحة ومليارات الدولارات .. تفاصيل دور إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط


26/09/2020

سلط تقرير مفصل، أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، الضوء على الدور الذي لعبته إيران لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، منذ وصول رجال الدين إلى الحكم في عام 1979.

وتحدث الجزء الأول من التقرير، المكون من ثمانية فصول وحمل عنوان "نظام خارج عن القانون- سجل أنشطة إيران المدمرة"، بإسهاب عن الأفعال الإيرانية في دول المنطقة من اليمن إلى سوريا والعراق ولبنان والخليج والأراضي الفلسطينية.

ويقول التقرير إن النظام الإيراني ومنذ تأسيسه عام 1979، عمل كقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، من خلال التحريض على الصراع وإشعاله في محاولة لتأكيد نفسه على أنه القوة المهيمنة في المنطقة.

في العام الماضي وحده، أطلقت إيران هجوما من أراضيها على منشآت نفطية مدنية في السعودية واستخدمت صواريخها الباليستية ضد قاعدة عراقية تستضيف قوات أميركية وقوات التحالف على الخطوط الأمامية للقتال ضد داعش.

ولا تزال تشكل إيران تهديدا كبيرا لحرية الملاحة والأمن البحري، حيث أقدمت العام الماضي على تفجير ست سفن تجارية، وأسقطت طائرة أميركية بدون طيار كانت تحلق في الأجواء الدولية واحتجزت دون مبرر ناقلة بريطانية وطاقمها لأكثر من شهرين.

بالإضافة إلى هذه الإجراءات، استمر النظام الإيراني بممارسة طويلة الأمد تمثلت في إرسال الأسلحة والأفراد والتمويل إلى الشركاء والوكلاء في جميع أنحاء المنطقة، مما يؤدي إلى إطالة أمد النزاعات وتفاقمها دون داع من سوريا إلى اليمن.

ضربات صاروخية في السعودية والعراق

ويقول التقرير إنه في 14 سبتمبر 2019، أطلقت إيران من أراضيها 25 هجوما باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة لاستهداف منشآت نفطية سعودية، تسبب بإيقاف نصف إنتاج البلاد النفطي.

ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من أن الحوثيين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم في البداية، إلا أن لجنة خبراء أمميين رفضت هذه المزاعم، فيما كشف تحليل دقيق بوضوح أن الهجوم انطلق من إيران

مخلفات الهجوم على المنشآت السعودية أظهرت أنه انطلق من الشمال الغربي وليس من الجنوب، كما أن المسافة من اليمن الى هذه المنشآت تتجاوز نطاق الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون.

وفي السابع من يناير استخدمت إيران مجددا قوتها الصاروخية لإطلاق أكثر من عشرة صواريخ باليستية استهدفت القوات الأميركية وقوات التحالف المتمركزة في قاعدة عين الأسد الجوية في العراق.

وعلى الرغم من أن الضربة لم تسفر عن قتلى، إلا أنها تسببت في إصابة نحو 100 جندي بارتجاج في الدماغ.

وعلى عكس الهجوم على السعودية، تبنى الحرس الثوري الإيراني مسؤولية الهجوم على القاعدة العراقية.

الشركاء والوكلاء: إثارة الصراعات الإقليمية

يقول التقرير إن إيران وعبر الحرس الثوري، وفرت المستشارين والتدريب والتكنولوجيا والأسلحة لمجموعة متنوعة من الجماعات المسلحة التي تستخدم هذه القدرات لمهاجمة وتهديد شعوب المنطقة.

وشملت المساعدات "القاتلة" الإيرانية لهذه الجماعات، أسلحة وذخائر ومتفجرات وعبوات ناسفة خارقة للدروع ومركبات وصواريخ موجهة مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي محمولة ومدافع وصواريخ وطائرات مسيرة وصواريخ مضادة للسفن وصواريخ باليستية.

العراق

حافظت إيران على علاقات طويلة الأمد مع مجموعة متنوعة من الميليشيات المسلحة الشيعية التي تستخدم أسلحة إيرانية الصنع لشن هجمات ضد أفراد الجيش الأمريكي.

ومنذ خريف 2019، تعرضت القوات الأميركية وقوات التحالف المتمركزة في العراق لمحاربة تنظيم داعش لهجمات متعددة بالصواريخ، أسفرت اثنتان منها عن مقتل أميركيين.

ويقول التقرير إن الشريك الأكثر قدرة والأقرب لإيران، هو ميليشيا كتائب حزب الله، التي نفذت في 27 ديسمبر الماضي هجوما باستخدام أكثر من 30 صاروخا استهدف قاعدة عسكرية عراقية في كركوك، وأسفر عن مقتل متعاقد أميركي.

استمرت الهجمات التي تنفذها الميليشيات الموالية لطهران، وأطلقت مرة أخرى وابلا من الصواريخ في 11 مارس الماضي على معسكر التاجي شمال بغداد مما تسبب بمقتل جندي بريطاني واثنين من أفراد الخدمة الأميركية وإصابة 11 آخرين.

لبنان

كان الدعم الإيراني عنصرا أساسيا لظهور ميليشيا حزب الله منذ الثمانينيات باعتباره أول منظمة تلجأ للاستخدام المنظم للعمليات الانتحارية على نطاق واسع.

يوضح التقرير أن إيران وفرت ما يصل لـ 700 مليون دولار سنويا لدعم الميليشيا، بالإضافة لتقديم التكنولوجيا العسكرية لحزب الله من أجل تحويله لقوة عسكرية شبه تقليدية في خطوة تنتهك قرارات مجلس الأمن.

ويتابع أن إيران استمرت في دعم حزب الله لتطوير مرافق إنتاج الصواريخ، وامتلاك صواريخ موجهة بدقة.

ويشدد التقرير أن حزب الله يشكل تهديدا متزايدا للاستقرار اللبناني والإقليمي على حد سواء، كما ظهر ذلك واضحا في سبتمبر 2019 عندما استخدمت الميليشيا صواريخ موجهة مضادة للدبابات ضد قاعدة للجيش الإسرائيلي داخل الأراضي الإسرائيلية.

سوريا

 إيران كانت الشريك الأكثر موثوقية لنظام الأسد على مدار ما يقرب من عقد على مشاركتها في الصراع السوري، ودعم النظام وإمداده بما يقرب من 5 مليارات دولار عبر خطوط ائتمان وأكثر من 10 مليارات دولار كتمويل مباشر منذ عام 2012. 

يقول التقرير إن إيران نشرت الآلاف من عناصرها في سوريا، بما في ذلك قوات من الجيش النظامي والحرس الثوري، فضلا عن إداراتها لمجموعة مليشيات تقاتل في سوريا يصل تعداد أفرادها لنحو 10 آلاف عنصر من شيعة العراق وأفغانستان وباكستان.

كما دعمت إيران نظام الأسد خلال استخدامه للأسلحة الكيميائية والهجمات التي طالت المدنيين والبنية التحتية المدنية كالمستشفيات والمدارس.

بالإضافة إلى قواتها وميليشياتها في سوريا كان شريك إيران الأقدم في المنطقة والمتمثل بحزب الله اللبناني نشطا بشكل خاص في سوريا أثناء النزاع، حيث أرسل مقاتلين لدعم النظام ضد قوى المعارضة.

ويبين التقرير أن الصراع السوري، يوضح أن كل من داعش والميليشيات الشيعية التابعة لإيران يغذيان أحدهما الآخر مستغلين ظروف الصراع لتعزيز قبضتهم على المجتمعات المحلية.

ويشير التقرير إلى أن إيران استغلت القتال ضد داعش لتوسيع وتعميق نفوذها وتعزيز أهدافها العدائية والمهيمنة. 

اليمن

سعت إيران إلى إطالة أمد النزاع لتحدي السعودية منافستها الإقليمية الرئيسية، وأنفقت مئات الملايين من الدولارات لمساعدة الحوثيين، وقدمت طيفا واسعا من المساعدات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار وتكنولوجيا القوارب المتفجرة، في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يحظر توريد أو بيع الأسلحة والمواد ذات الصلة للحوثيين.

واعترضت القوات البحرية الأميركية شحنات متعددة من الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى الحوثيين في اليمن.

وكشفت أحدث عمليات الاعتراض في نوفمبر 2019 وفبراير 2020 عن أكثر من 150 صاروخا موجها مضادا للدبابات ومكونات قوارب متفجرة وصواريخ أرض جو والصواريخ الانسيابية ومكونات الطائرات بدون طيار، من بين أشكال أخرى من المساعدات المميتة التي تقدمها طهران.

وقوضت الهجمات الإيرانية المدعومة بالطائرات بدون طيار والهجمات الصاروخية من اليمن جهود السلام وهددت بتصعيد الصراع أكثر من ذلك.

وفي السنوات الأخيرة، شن الحوثيون، الذين ساعدهم مستشارو الحرس الثوري، عدة ضربات صاروخية بعيدة المدى وهجمات طائرات بدون طيار على كل من ميناء ينبع والرياض في السعودية باستخدام نسخ من صاروخ "قيام" الباليستي الإيراني.

وتعتبر بصمات إيران واضحة في هذه الهجمات الأخيرة، في بقايا الصواريخ التي تم استردادها من عدة هجمات تنفرد بها الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك مكونات مختومة بشعار يدل على الحروف " SBI"، التي تستخدمها شركة "شهيد باقري" للصناعات الإيرانية.

الأراضي الفلسطينية

قدمت إيران على مدى الأعوام الماضية ما يصل لـ 100 مليون دولار سنويا لدعم الجماعات الإرهابية الفلسطينية، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي.

وتقف هذه التنظيمات خلف العديد من الهجمات المميتة، التي كان مصدرها قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، من بينها هجمات استهدفت مدنيين إسرائيليين وقوات أمن مصرية في شبه جزيرة سيناء ومواطنين أميركيين.

يقول التقرير إن دعم إيران للجماعات الإرهابية الفلسطينية يخدم فقط مصالحها الاستراتيجية فهي تعطي الأولوية لتمويل تلك الجماعات ولا تكترث للشعب الفلسطيني.

وكمثال على ذلك، يكشف التقرير، أن حجم التبرعات الإيرانية لوكالة الأونروا بلغت خلال السنوات العشر الماضية 20 ألف دولار فقط، مقارنة بثلاثة مليارات دولار قدمتها الولايات المتحدة خلال الفترة ذاته، ونحو ملياري دولار من دول الاتحاد الأوروبي و600 مليون من السعودية.

الأمن الملاحي

تشكل إيران تهديدا كبيرا لممارسة الحقوق والحريات الملاحية والأمن البحري من الخليج إلى البحر الأحمر.

وهدد المسؤولون الإيرانيون، بمن فيهم قادة رفيعو المستوى في الحرس الثوري مرارا وتكرارا بإغلاق مضيق هرمز، الممر المائي الضيق بين الخليج الفارسي وبحر العرب الذي تمر عبره 20 في المئة من شحنات النفط العالمية.

وتقوم قوات الحرس الثوري بتشغيل مئات من الزوارق السريعة الصغيرة المسلحة عادة بصواريخ كروز مضادة للسفن والطوربيدات والألغام البحرية، مما يمثل تهديدا مستمرا لحرية الملاحة والأمن البحري.

وقد ظهر تهديد إيران للتدفق الحر للتجارة في مايو ويونيو من عام 2019، عندما قام أفراد الحرس الثوري بوضع وتفجير ألغام مغناطسية على ست سفن تجارية.

في 12 مايو، تضررت سفينتان سعوديتان وأخرى إماراتية وأخرى ترفع العلم النرويجي بعد انفجار ألغام مغناطسية عليها أثناء رسوها في المياه الإقليمية الإماراتية قبالة الفجيرة.

وفي 13 يونيو، قام أفراد الحرس الثوري الإيراني بوضع الألغام بسفينة يابانية وأخرى مملوكة للنرويج بينما كانت السفن تعبر خليج عمان. 

وعلى الرغم من أن إيران نفت شن هذه الهجمات، نشرت القوات المسلحة الأميركية في وقت لاحق شريط فيديو يظهر قاربا صغيرا للحرس الثوري يزيل لغما إيرانيا غير منفجر من جانب الناقلة اليابانية.

وبعد وقت قصير من الهجوم الثاني بالألغام المغناطسية، استخدم الحرس الثوري الإيراني في 19 يونيو صاروخ أرض جو لإسقاط طائرة أميركية بدون طيار كانت تعبر مضيق هرمز.

وسجلت البحرية الأميركية عشرات الحوادث الخطيرة مع سفن الحرس الثوري الإيراني في السنوات الأخيرة، كان آخرها في أبريل 2020، عندما عطل سرب من القوارب السريعة التابعة للحرس الثوري تدريبات روتينية لخمس سفن تابعة للبحرية الأميركية.

ومن خلال توفير الأسلحة والتدريب والمستشارين للحوثيين في اليمن، وسعت إيران نطاقها إلى ما وراء الخليج إلى البحر الأحمر. وبدعم إيراني، نفذ الحوثيون عددا من الهجمات على السفن التجارية والعسكرية، مما يهدد التدفق الحر للتجارة من خلال نقطة بحرية أخرى، هي مضيق باب المندب.

في أكتوبر 2016، أطلق الحوثيون صواريخ كروز مضادة للسفن على سفن حربية أميركية في المياه الدولية شمال باب المندب مباشرة. وجاءت الهجمات بعد أسبوع واحد فقط من ضرب المسلحين لسفينة سويفت، وهي سفينة نقل إماراتية وتعطيلها.

وفي يناير 2017، كان الحوثيون مسؤولين عن إطلاق سفينة تم تفجيرها عن بعد، وهاجمت فرقاطة "المدينة" التابعة للبحرية السعودية. وتوصلت البحرية الأميركية إلى أن الحرس الثوري قد وفر على الأرجح هذه السفينة.

ومنذ ذلك الحين، واصل الحوثيون التهديد بتنفيذ هجمات ضد السفن التجارية السعودية، بما في ذلك هجوم في يوليو 2018 على ناقلة سعودية في البحر الأحمر

كما وضع الحوثيون ألغاما بحرية بالقرب من طرق الشحن التجارية في البحر الأحمر، مما يهدد ممارسة حقوق الملاحة وحرية تدفق التجارة في المنطقة.

احتجاز غير مبرر للبحارة

منذ وصول النظام الإيراني الحالي للحكم، لجأت طهران مرارا وتكرارا إلى الاختطاف والاحتجاز غير المشروع لتحقيق مكاسب سياسية، وهو نمط من السلوك الذي اتبعته أيضا في البحر.

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك استيلاء بحرية الحرس الثوري الإيراني في 19 يوليو 2019 على ناقلة "ستينا إمبيرو" التي ترفع العلم البريطاني وتملكها السويد أثناء عبورها مضيق هرمز.

واحتجزت إيران السفينة "ستينا إمبيرو" لأكثر من شهرين، مستخدمة طاقم السفينة كوسيلة ضغط لضمان الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية "أدريان داريا"، التي احتجزتها سلطات جبل طارق في 4 يوليو من نفس العام بسبب شكوك موثوقة في أن السفينة كانت تنقل نفطا إيرانيا إلى سوريا في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

وبمجرد أن أفرجت سلطات جبل طارق عن السفينة الإيرانية، أبحرت السفينة على الفور إلى الساحل الغربي لسوريا، وسلمت بشكل غير قانوني أكثر من مليوني برميل من النفط الخام الإيراني مباشرة إلى نظام الأسد.

مثال آخر هو استيلاء الحرس الثوري الإيراني في يناير 2016 على قاربين نهريين تابعين للبحرية الأميركية، حيث تم احتجاز 10 بحارة أميركيين لمدة 15 ساعة بعد أن زعمت طهران أن القاربين دخلا بشكل غير قانوني للمياه الإيرانية بعد تعطل محركاتهما.

وخلص تحقيق أجرته وزارة الدفاع في وقت لاحق إلى أن إيران انتهكت القانون الدولي بعرقلة ممارسة القوارب لحق المرور البحري. 

كما تبين من التحقيق أن إيران انتهكت الحصانة السيادية لسفينة أميركية بالصعود إلى متن القوارب وتفتيشها والاستيلاء عليها، والتقاط صور فوتوغرافية وتسجيلات فيديو للطاقم.

عن "الحرة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية