مهاجمة القيادة السابقة ورقة الإخوان لاستعادة ثقة الليبيين

مهاجمة القيادة السابقة ورقة الإخوان لاستعادة ثقة الليبيين


15/07/2021

شنّ رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا المنتخب حديثا عماد البناني، هجوما حادا على الرئيس السابق للحزب محمد صوان بشأن “فساد داخل الحزب” في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة لاستعادة ثقة الليبيين.

وفي حوار له مع قناة “ليبيا الأحرار” التلفزيونية التي تُبث من تركيا اتهم البناني القيادة السابقة للحزب بالفساد، مشيرا إلى أنها تتعنّت بالتشبث بعدم تسليمه الوثائق الخاصة بتمويل الحزب.

ومن شأن هذه الاتهامات أن تُفاقم الانقسامات داخل تيار الإسلام السياسي في ليبيا خاصة أن نزيف الاستقالات في حزب العدالة والبناء لم يتوقف بانتخاب البناني رئيسا جديدا له.

وفي يونيو الماضي تم انتخاب البناني رئيسا لحزب العدالة والبناء ليمسك بذلك قيادة الحزب لعهدة تمتد لأربع سنوات حيث صوّت له 231 قياديا من مجموع 399 شاركوا في التصويت.

لكن ذلك لم يضع حدا للانقسامات الداخلية التي تتربّص بالحزب حيث أعلنت مجموعة من القيادات انسحابها، وهو ما ستكون له تداعيات وفقا لمراقبين على حظوظه في الانتخابات المقبلة حيث أعلنت سميرة العزابي الناطقة الرسمية باسم الحزب ونائبة رئيسه المكلفة بشؤون المرأة والشباب استقالتها بسبب خلافات مع القيادة الجديدة.

اتهامات للإدارة السابقة

سلّط ظهور البناني الإعلامي في قناة “ليبيا الأحرار” الضوء على الانقسام الذي يعصف بإخوان ليبيا، لكن أيضا كشف حجم الفساد في بيتهم الداخلي، حيث قال البناني “لا أعلم ما هي مصادر تمويل الحزب، وليس لدي معلومات كافية في هذا الشأن، لأن اللجنة الخاصة بالتسليم لم تقدّم لنا الوثائق الخاصة بالحزب بشكل كامل”.

وأكد رئيس حزب العدالة والبناء أن “الإدارة القديمة (التي كان على رأسها محمد صوان)، لم تصفح عن مواد تمويل الحزب بشكل كامل، ولم يسلموا لنا إلا مقر الحزب فقط”، مشدّدا على أن الأمور غير واضحة داخل الحزب.

وأشار إلى أنهم سلموا لهم رواتب شهر ونصف فقط لإدارة الحزب، ولمؤسسة بانوراما الموالية للإخوان، مطالبا بضرورة تسليمه الملفات السياسية والمصادر المالية كاملة، خصوصا الملفات ذات البعد السياسي.

ولم ينف البناني في الحوار ذاته وجود علاقة بين حزبه وجماعة الإخوان الليبية التي تحولت سابقا إلى جمعية “الإحياء والتجديد” قائلا في إجابة على سؤال بشأن تأثير الجماعة على القرار داخل حزبه، إن “المؤتمر الذي تم انتخابي فيه كان الأعضاء فيه تقريبا 500 مندوب عن الفروع، وهؤلاء كان منهم في حدود الـ150 من الإخوان المسلمين (الجماعة)”.

وأوضح “حسب علمي لم يكن هناك تدخل مباشر للإخوان في انتخابات الحزب إنما ربما كانت هناك تأثيرات على أعضاء المؤتمر ممن لهم ارتباط بجمعية الإحياء والتجديد”، مستدركا “لكن هذا التأثير يحمل بعدا معنويا وهو ذو تأثير على الأرض”.

وتابع “السؤال الذي يطرح هنا هو كيفية تنظيم العلاقة بين كتلة أو حزب سياسي مع حلفائه، ومؤسسة الإحياء والتجديد حليفتنا بل كانت من مؤسسي الحزب لكنه منفصل عنها، وسأعمل كرئيس للحزب، لن أسمح لأي طرف بالتدخل المباشر في حزبنا لا تنظيميا ولا إداريا ولا ماليا”.

ويرى مراقبون أن تصريحات البناني تندرج في سياق مناورات إخوان ليبيا لتلميع صورتهم قبل الانتخابات العامة المقبلة المقرر تنظيمها في الـ24 من ديسمبر المقبل خاصة أن رئيس حزب العدالة والبناء حاول التخفيف من نبرته تجاه من يعتبرهم حزبه خصومه.

ونفى البناني وجود علاقة بين الحزب وبين سيف الإسلام القذافي، مؤكدا في الوقت ذاته عدم وجود أي علاقة بينه وبين نجل معمر القذافي على المستوى الشخصي.

وقال إنه كان له تواصل مع سيف الإسلام القذافي قبل الثورة لكن منذ الثورة لم يحدث أي تواصل.

وحول ترشح سيف الإسلام للانتخابات أكد البناني أنه في النهاية هو مواطن ليبي، ويمكنه أن يترشح إذا وصل إلى تسوية وتمت تبرئته من قبل القضاء، مؤكدا أنه إذا دخل إلى المعادلة السياسية، فالشعب الليبي هو من سيختار.

انقسامات حادة

لم ينه وصول البناني إلى رئاسة حزب العدالة والبناء الانقسامات الداخلية حيث قدم العديد من القيادات استقالاتهم في وقت سابق، وهو ما جعل البناني يقرّ بتلك الانقسامات رغم أنه قلّل من تداعياتها على تماسكه وتيار الإسلام السياسي في البلاد.

وقال البناني إن المنشقين يتجهون لتشكيل حزب سياسي جديد لكنهم “جميعا أبناء تيار واحد هو الإخوان”.

ودعا إلى عدم تشكيل أجسام حزبية مستقلة وتوزيع الأدوار داخل الحزب الحالي، لكنه قلّل من تبعات هذه الانشقاقات مؤكدا أنهم لا يزيدون عن 15 شخصا حسب زعمه.

وترى أوساط سياسية ليبية أن الإخوان غارقون في انقساماتهم قبيل الانتخابات العامة وذلك بالرغم من تحركاتهم التي تستهدف ترميم صورتهم لدى الشارع وتوحيد الصف داخليا.

وقال النائب البرلماني علي التكبالي إن “هناك شقاقا كبيرا داخل تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا، هناك أطراف تحاول أن تجمع أكبر عدد من القيادات الحزبية والسياسية التي تؤيد الإخوان”.

وأوضح التكبالي في تصريح لـ”العرب”، أن “الشقاق حقيقي والعراك في ما بين الإخوان حقيقي ووجود سرقات وفساد حقيقي رغم أن هذا الفساد ليس حكرا على الإخوان، فكل الأحزاب في ليبيا غارقة في هذا المستنقع إلا تلك الناشئة التي ليس لديها لا نفوذ ولا سلطة ولا مال”.

وأردف أن “كلام البناني صحيح لأن محمد صوان لم يكن يدير الحزب بطريقة محترفة، بل كان يديره من خلال جمع الأحباب والأقرباء والإغداق عليهم، وعليه الآن إذا كان يريد تفنيد ما جاء على لسان البناني أن يسلمه وثائق الحزب خاصة في ما يتعلق بالتمويل”.

وكان إخوان ليبيا قد اتخذوا أكثر من إجراء في محاولة للظهور بثوب جديد أمام الشارع من أجل استمالة الناخبين في استحقاق ديسمبر المقبل والذي يحاولون بالتوازي مع ذلك عرقلته عبر اختلاق العديد من الذرائع على غرار ضرورة إجراء الاستفتاء على الدستور.

وكانت جماعة الإخوان قد قررت حل نفسها والتحول إلى جمعية “الإحياء والتجديد”، مشيرة إلى أن ذلك يأتي ”إحياء بالدعوة إلى التمسك بمنهج الإسلام الوسطي وتعاليمه”.

ولا يُتوقع أن تساهم تلك الإجراءات في استعادة الإخوان لشعبيتهم في ليبيا، حيث أصبح هؤلاء منبوذين حتى من قبل الموالين لهم الذين يرون أن مواقف حزب العدالة والبناء لم تكن في مستوى تطلعاتهم.

وفشل إخوان ليبيا طيلة السنوات الماضية التي تلت ثورة فبراير 2011 التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في اكتساب قاعدة شعبية، حيث لم ينجح هؤلاء في اكتساح الاستحقاقات التي انتظمت بعد الثورة خاصة انتخابات المؤتمر العام في 2012 وانتخابات 2014.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية