3 مسوغات تشكك في القضاء على داعش في العراق وسوريا

داعش

3 مسوغات تشكك في القضاء على داعش في العراق وسوريا


03/03/2019

تجهد دوائر أمنية ضيقة، ومراكز دراسات مكافحة الإرهاب، وخلايا تفكير غربية وعربية، في طرح سيناريوهات حول شكل ومضمون الإرهاب القادم، والساحات والمناطق التي يمكن أن تنتقل إليها قيادة تنظيم داعش، ومركز فعله، بما يضمن توفير البيئة المناسبة للتدريب والتخطيط والتوجيه، بعد أن تمّ إنهاء وجوده في مركز انطلاقته بالعراق، وعاصمته الأولى في الموصل، والمؤشرات القوية على إنهاء وجوده وبناه التنظيمية في سوريا، وعاصمته الثانية في الرقة.

النجاحات التي تحققت بالعراق وسوريا تحت عنوان القضاء على الإرهاب وداعش، تقابل بشكوك واسعة بالمنطقة وبأوساط غربية

النجاحات التي تحققت في العراق وسوريا تحت عنوان القضاء على الإرهاب وداعش، تقابل بشكوك واسعة في المنطقة، وفي أوساط غربية، عبر تصريحات متوالية من مستويات عسكرية وأمنية، يصدر بعضها تقييماته من وحي خبرة في ميدان مواجهة داعش بالصحاري السورية والعراقية، وتسود في المنطقة قناعات بأنّ أقصى وصف يمكن إطلاقه على ما تمّ إنجازه في العراق وسوريا؛ هو تخفيض مستوى تهديد داعش بشكل واضح، وأنّه أصبح بحدوده الدنيا، ويبدو أنّ هذه الشكوك تستند إلى مسوغات تطرح بصيغة أسئلة معلقة متكررة، أبرزها:

اقرأ أيضاً: القوات الفرنسية تقتل قيادياً في تنظيم القاعدة.. تعرف إليه

أولاً: الشكوك العميقة بحقيقة ارتباطات داعش، وأنّها نتاج تنافس أو تعاون أجهزة استخبارية؛ عالمية وإقليمية، على رأسها الولايات المتحدة وإيران، وأنه تمّ توظيف داعش والإرهاب، بشكل مباشر أو غير مباشر، بما يضمن تحقيق أهداف سياسية لكلّ دولة، ويعزز هذه المقاربة الشكوك بانطلاقة داعش في العراق، وتسليمها أسلحة الجيش العراقي، من قبل حكومة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، المعروف بولائه لإيران، وهو ما أثبتته تحقيقات عراقية مع قادة القطاعات العسكرية لاحقاً، ثم الدخول الواسع لداعش ووصولها إلى سوريا، بـ "تسهيلات وتواطؤ" من قبل إيران، وانسحابات قطاعات عسكرية سورية، وترك أسلحتها لداعش.

ثانياً: الإعلانات المتتالية حول تحقيق النصر، وإعلان القضاء على داعش من قبل أمريكا وإيران وروسيا، بالتزامن مع إعلانات إلقاء القبض على زعيم داعش، البغدادي، أو محاصرته، أو تأكيد إصابته، وإعلانات إلقاء القبض على مساعديه ونوابه ووزرائه، والتي ثبت عدم صحتها، وأنّها كانت في إطار حروب إعلامية واستخبارية، لخدمة أهداف سياسية لكلّ طرف.

تسود بالمنطقة قناعات بأنّ أقصى وصف يمكن إطلاقه على ما تمّ إنجازه بالعراق وسوريا؛ تخفيض مستوى تهديد داعش بشكل واضح

ثالثاً: في كافة المعارك التي خاضتها كافة القوى، وأعلنت بعدها النصر على داعش، لم تقدم أية جهة، أمريكية أو روسية أو إيرانية، أو عبر وكلائها، أية أدلة على هذا النصر، باستثناء الدمار الشامل للمدن والأماكن التي قيل إنّ عناصر داعش كانوا يتحصنون فيها، ورغم ما تبثه الرسائل الإعلامية عادة "قبيل المعارك" حول أسلحة ثقيلة ومتنوعة وإلكترونية متطورة لدى داعش، إلا أنّ هذه الجهات لم تقدم صورة واحدة، لعربة محروقة أو رشاش معطوب، أو جثة لمقاتل، أو صورة لأسير من داعش.

اقرأ أيضاً: داعش والقاعدة... من الافتراق إلى الاندماج

كثيرة هي السيناريوهات المطروحة لما بعد داعش، بصيغتها التنظيمية التي عملت وفق محدداتها ومعاييرها، خلال الأعوام الماضية، في العراق وسوريا، ما بين انتقالها لمناطق أخرى، مثل: القرن الإفريقي، وغرب إفريقيا، وسيناء، وجنوب ليبيا، ومالي، أو ما يعرف بالصحراء الإفريقية، أو تشتت عناصر التنظيم، خاصة من غير العرب، وعودة بعضهم إلى القاعدة الأم، التي ما تزال فاعلة في سيناء وغرب إفريقيا، أو تشكيل تنظيمات موازية، إضافة إلى تحوّل كثير من عناصر وقيادات التنظيم إلى خلايا نائمة وذئاب منفردة أو "قطعانية".

اقرأ أيضاً: "الحوثي" و"داعش" و"القاعدة"... إرهاب ثلاثي يضرب اليمن بغطاء إيراني

وبالتزامن؛ تطرح تساؤلات في أوساط عربية وأوروبية، حول إذا ما كانت ستخضع لتحديات مواجهة ظاهرة "المقاتلين الجهاديين العائدين من سوريا" كما تعاملت دول عربية كثيرة مع ظاهرة "الأفغان العرب العائدين من أفغانستان" بعد وقف حرب المجاهدين الأفغان مع الاتحاد السوفييتي، في عقد الثمانينيات، خاصة في ظلّ ضغوطات أمريكية على الدول الأوروبية والعربية لتحمل مسؤولياتها تجاه المقاتلين الذين يحملون جنسياتها، بمعزل عن "التكييفات" القانونية الخاصة بالتعامل معهم، ومع نسائهم وأطفالهم.

في المعارك التي جرت وأعلن بعدها النصر على داعش لم تقدم أية جهة أية أدلة على هذا النصر

تتسع في المنطقة قناعات تراكمية تم إنتاجها عبر متابعة التعامل الأمريكي والإيراني مع القاعدة وداعش؛ "بأنّهما إضافة إلى كونهما إنتاجاً أمنياً لدوائر مخابراتية دولية وإقليمية، إلا أنّ أحد أسباب استمرارهما هو أنهما ورقة يتم استثمارها من قبل الجميع، ويتردد في المنطقة أنّ كافة القوى الدولية والإقليمية "تستثمر داعش وتوظفها لمصالحها"، ويستشهد كثيرون بالصفقات التي أبرمتها إيران ووكلاؤها (منهم حزب الله) مع القاعدة وداعش في العراق وسوريا، إضافة لصفقات أمريكية "بخروج مقاتلي داعش من الرقة"، وصفقات حالية في آخر جيوب داعش "الباغوز"، والعلاقات التركية مع القاعدة وداعش في سوريا.

أحد أسباب استمرارهما هو أنهما ورقة يتم استثمارها من قبل الجميع

يبدو أنّ انتقال داعش، أو الفعل الجهادي الأصولي، وتمركزه بين أفغانستان وباكستان، بما يضمن استهداف إيران، هو أحد الاحتمالات البارزة، التي توصف بكونها واقعية، استناداً إلى الاستهداف الأمريكي بالتضييق على إيران، بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، وحزمة العقوبات السياسية والاقتصادية على إيران ووكلائها في المنطقة، ودون أن يعني ذلك توقف الإرهاب في ساحات إفريقيا وأوروبا ومناطق أخرى، بما فيها الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً: "داعش" و"القاعدة" في الصومال.. من ينتصر؟

قد تتضرر إيران من هجمات إرهابية واسعة تستهدف قطاعاتها العسكرية، خاصة الحرس الثوري الإيراني (القوة الإيرانية الضاربة) في مناطق بلوشستان والأحواز، ومناطق الأكراد في شمال غرب إيران، إلا أنّ هناك محاذير يجب التوقف عندها ملياً، وفي مقدمتها العلاقات الوثيقة بين القيادة الإيرانية والقاعدة وداعش، إضافة إلى علاقات أخرى مع حركة طالبان، واختراقات أمنية لبعض أجنحتها، التي يفترض أن تقدم مظلة للقاعدة وداعش، ومن ناحية أخرى؛ فإنّ عمليات إرهابية تستهدف النظام الإيراني داخل إيران، ربما تكون مطلباً للقيادة الإيرانية في هذه المرحلة، للخروج من أزماتها الداخلية، المركبة والمعقدة، خاصّة أنّ هناك شكوكاً عميقة في غالبية العمليات التي نفذت ضدّ الحرس الثوري داخل إيران، وكيف تمّ استثمارها من قبل القيادة الإيرانية لقطع الطريق على الاحتجاجات الشعبية، على خلفية تداعيات الأزمات الاقتصادية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية