مرسوم قيس سعيد بما يتعلق بالتمويل الأجنبي للجمعيات... هل تكون حركة النهضة الخاسر الأكبر؟

مرسوم قيس سعيد بما يتعلق بالتمويل الأجنبي للجمعيات... هل تكون حركة النهضة الخاسر الأكبر؟


06/03/2022

أعاد مشروع المرسوم الرئاسي الذي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيد لتنقيح القوانين الخاصة بتمويل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، أعاد ملف تمويل حركة النهضة الإخوانية من قبل دول ومنظمات إلى الواجهة.

 وترى جهات داعمة لقرار الرئيس التونسي أنّ هذه الجمعيات ليست سوى غطاء لتمويل الأحزاب السياسية، وهي أذرع للوبيات ودول أجنبية تريد التدخل في القرار السيادي وفرض أجندات سياسية واجتماعية واقتصادية من خلال هذه الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

جهات داعمة لقرار سعيد تقول إنّ هذه الجمعيات ليست سوى غطاء لتمويل الأحزاب السياسية، وهي أذرع لدول أجنبية تريد التدخل في القرار السيادي وفرض أجندات

في السياق، قال رئيس حزب "التحالف من أجل تونس" سرحان الناصري، في حديثه مع "الجزيرة": إنّ مسألة التمويل الأجنبي للجمعيات سلاح ذو حدين، معتبراً أنّ هناك جمعيات أظهرت فعلياً انتماءها لجهات ممولة للإرهاب، وأخرى مرتبطة بلوبيات عربية وغربية تعمل على التدخل في القرار الوطني، في إشارة واضحة إلى حركة النهضة الإخوانية.

وشدد على أنّ بعض هذه الجمعيات شكّلت على مدى أعوام غطاءً لتمويل حملات انتخابية لأحزاب بعينها، بحكم أنّها ممنوعة بحكم القانون من التمويل الأجنبي، داعياً إلى ضرورة تنقيح مرسوم الأحزاب.

الناصري: جمعيات أظهرت فعلياً انتماءها لجهات مموّلة للإرهاب، وأخرى مرتبطة بلوبيات عربية وغربية تعمل على التدخل في القرار الوطني

بدورها، قالت رئيسة المركز الدولي للدراسات الأمنية والعسكرية بتونس بدرة قعلول: إنّ الرئيس التونسي بحديثه عن ضرورة مراجعة قانون تمويل الجمعيات أراد إثارة ملف بعض الجمعيات التي أنشأتها الأحزاب السياسية من أجل فرض توجهاتها الدينية والسياسية ومن أجل تبييض الأموال والاستقطاب، وهناك جمعيات يصل عددها إلى (100 أو 200) ذات تمويلات مشبوهة من الخارج، وتحديداً من التنظيم العالمي للإخوان، الذي يضخ الأموال الطائلة للجمعيات لارتكاب جرائم مختلفة."

وأضافت قعلول في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أنّ "حركة النهضة الإخوانية كانت أكثر الأحزاب المتورطة في استغلال التمويلات المتأتية من الخارج، والتي تذهب في الظاهر إلى الجمعيات والمنظمات، ولكنّها في الواقع ليست سوى غطاء لإخفاء الشبهات والجرائم المتعددة في مجال غسيل الأموال وتسفير الشباب أو ارتكاب أعمال إرهابية."

وتعليقاً على المرسوم الجديد لقيس سعيد، قال عضو مرصد مدنية الدولة منير الشرفي  في تصريح صحفي: إنّ تنقيح بعض فصول المرسوم عدد (88) لعام 2011 المنظم لقانون الجمعيات الهدف الأساسي منه هو مراقبة الأموال الأجنبية المشبوهة التي تمول الجمعيات المرتبطة بالإرهاب والتطرف الديني، ولكن وراء ذلك هناك الكثير من المخاوف بخصوص الهيمنة المحتملة للسلطات على الجمعيات المدنية، خصوصاً أنّ بعض فقرات مشروع القانون تتضمن إشارة إلى الهيمنة الحكومية على المجتمع المدني بشكل عام."

وقال الشرفي: "هناك العديد من التنقيحات الواردة في المشروع تتعارض مع روح الدستور، لكن ينبغي أن تكون المراقبة على أساس تعقب الأموال المشبوهة فقط، لا أن يساهم القانون الجديد في المساس بالديمقراطية والحقوق الدستوربة.

قعلول: هناك جمعيات يصل عددها إلى (100 أو 200) ذات تمويلات مشبوهة من الخارج، وتحديداً من التنظيم العالمي للإخوان الذي يضخ الأموال الطائلة

يُذكر أنّ تقارير مختلفة كشفت سابقاً أنّ الكثير من الجمعيات في تونس تحولت إلى فروع خارجية وخفية للأحزاب السياسية، حيث يتعاظم نشاطها خلال الحملات الانتخابية، كما أنّ بعضها كان بمثابة المطية التي تستغلها دول أجنبية لتمرير أجنداتها الخاصة في تونس، إذ أثبتت تحريات قضائية سابقة أنّ جمعيات موالية بالخصوص لحركة النهضة الإخوانية في تونس تورطت في عمليات التسفير وإرسال الشبان إلى بؤر التوتر في العالم منذ 2011.

وكان قيس سعيد قد صرّح  بأنّه سيحظر تلقي منظمات المجتمع المدني أيّ تمويل أجنبي، وذلك في إطار مساعيه لإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، وهو ما اعتبره كثيرون ضربة قاصمة للأحزاب السياسية التي أثرت بفضل إمدادات مالية مشبوهة من الخارج، ومن بينها حركة النهضة.

وقال سعيد في اجتماع بأعضاء الحكومة: "يجب منع الجمعيات غير الحكومية من التمويلات الخارجية، وسنقوم بذلك، هم في الظاهر جمعيات ولكنّهم امتداد لقوى خارجية، لن نسمح بأن تأتي الأموال من الخارج للعبث بالبلاد، ولا مجال لأن يتدخل أحد في اختياراتنا تحت أيّ ضغط أو تأثير"، وفق ما نقلت وكالة (وات).

وينصّ مشروع المرسوم الجديد الذي من المنتظر أن ينشر قريباً على أنّه لا يمكن للجمعيات تلقي المساعدات والتبرعات والهبات من دول أجنبية لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية، كما أنّ هذه الجمعيات مدعوة للحصول على ترخيص من لجنة التحاليل المالية قبل تلقي أيّ تمويل أجنبي.

وينصّ المشروع على صيغة جديدة لحلّ الجمعيات، وهي الحلّ الآلي بقرار صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة، وهي صيغة تضاف إلى صيغة إصدار حكم قضائي لحلها.

وجاءت تصريحات الرئيس التونسي بضرورة تغيير قوانين الجمعيات والمنظمات غير الحكومية لتؤكد الشبهات التي تلاحق عدداً لا يستهان به من الجمعيات المدنية الناشطة تحت غطاء السياسة، إذ تشير أرقام رسمية في تونس إلى أنّ النسيج الجمعياتي شهد منذ 2011 الماضية طفرة واضحة في عدد الجمعيات الذي تجاوز خلال العام الحالي (24) ألف جمعية، تنشط في قطاعات مختلفة؛ منها الاجتماعي والسياسي والحقوقي والثقافي والصحي والديني وغيرها، وأغلب هذه الهياكل يتمّ تمويل جزء كبير من مواردها من قبل جهات أجنبية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية