ماذا يفعل أردوغان في القوقاز؟

ماذا يفعل أردوغان في القوقاز؟


01/10/2020

حسن مدن

يلاحظ أن المعارك الدائرة اليوم بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناجورنو كاراباخ أتت مباشرة بعد مناورات عسكرية تركية - أذربيجانية. العمليات العسكرية الدائرة في تلك المنطقة، يمكن أن تتحول إلى نزاع إقليمي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تشابك وتضارب المصالح هناك.
بمغامرته الجديدة في منطقة القوقاز، يضع أردوغان نفسه في مواجهة مع موسكو، الداعم الرئيسي لأرمينيا، وصاحبة الحضور العسكري الاستراتيجي فيها وفي المنطقة برمتها، كونها كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي، وظلّت بعده، في الدائرة الاستراتيجية للنفوذ الروسي الذي لا سبيل للتفريط فيه، من وجهة نظر موسكو.
محللة روسية قالت على إحدى الفضائيات قبل ليلتين ما مفاده أن موسكو اعتادت على مناورات أردوغان، وباتت تدرك غاياته، فهو يدفع بالأمور إلى حدها الأقصى، بغية الدخول في مساومات وانتزاع تنازلات، وهي تستبعد أن الأمور هناك ستخرج عن الخطوط الحمر الروسية التي يعرفها أردوغان جيداً، دون أن يحجب ذلك استياء «الكرملين» مما يفعله هناك.
خطر التصعيد الخطير يظلّ ماثلاً. وفي هذا تدخل عدة عوامل، فأطراف أخرى غير موسكو وأنقرة معنية بما يدور، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام المغامرة التركية هناك التي توظف نزاعاً موروثاً بين بلدين لخدمة مصالحها، عبر تفجير الوضع عسكرياً، وتمكين أذربيجان من السيطرة على مواقع استراتيجية في منطقة النزاع، كانت تحت سيطرة أرمينيا.
الذاكرة الأرمنية مثقلة بالذكرى الفاجعة لعملية الإبادة الجماعية للأرمن من الدولة العثمانية، التي ما زالت تركيا ترفض ليس فقط الاعتذار عنها، وإنما حتى مجرد الاعتراف بأنها حدثت. ويقول الأرمن إن تركيا استهدفت أسلافهم بشكل ممنهج، في عام 1915، إبان انهيار الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، بالقتل والاعتقال والتهجير.
ويعتبر المؤرخون ما حدث أول عملية إبادة جماعية في القرن العشرين، وأن من أصل نحو مليوني أرمني كانوا يعيشون في أراضي الدولة العثمانية مع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914، لم يبق مع حلول عام 1922، إلا نحو 400 ألف فقط، وحتى الآن اعترفت أكثر من 30 دولة بـ «الإبادة الأرمنية» من بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولتوانيا وبلغاريا وهولندا وسويسرا واليونان والأرجنتين وأوروجواي وروسيا وسلوفاكيا والنمسا.
على هذه الخلفية التاريخية الدامية، يورّط أردوغان تركيا في نزاع جديد، ضمن سياق مغامراته على أكثر من جبهة، غير آبه بانعكاسات ذلك على الاستقرار لا في الإقليم وحده، وإنما فيما هو أبعد. 

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية