لماذا يرفض الإخوان وقف الحرب في السودان؟ ألم يكفهم آلاف القتلى والمشردين؟

لماذا يرفض الإخوان وقف الحرب في السودان؟ ألم يكفهم آلاف القتلى والمشردين؟

لماذا يرفض الإخوان وقف الحرب في السودان؟ ألم يكفهم آلاف القتلى والمشردين؟


01/06/2025

في ظل الجهود الدولية لوقف الحرب في السودان بعد عام من الدمار، ومقتل عشرات الآلاف، وتشريد الملايين وخسائر اقتصادية بالمليارات، تقف جماعة الإخوان رافضة الجهود المبذولة لوقف الحرب، وتروّج عبر قنواتها الإعلامية والأشخاص المنتمين إليها لاستمرار الحرب وعدم توقفها. وفي تقرير قدمته (سكاي نيوز) حول أسباب رفض جماعة الإخوان للجهود المبذولة لوقف الحرب، جاء الطموح الإخواني للوصول إلى السلطة تحت حماية عسكرية وباتفاق مع الجيش أوّل الأسباب التي تجعلها ترفض وقف الحرب في السودان. 

الإخوان والسلطة 

نشأت جماعة الإخوان إثر حلّ الخلافة الإسلامية، وهو حدث سياسي له أهميته في المنطقة العربية، وكانت نشأتها ردًّا على هذا الحدث السياسي، ولها طرح سياسي يطمح إلى السلطة، ورغم ممارستها للسياسة بكافة أشكالها إلا أنّها تعلن أنّها لا ترغب في السلطة السياسية، رغم أنّ السلطة السياسية هي طموح العمل السياسي وهدفه الرئيس. وقد جاءت ممارساتها خلاف ما تزعمه، حيث إنّ سعيها للسلطة لم يمنعها من استهلاك كافة الأدوات المتاحة، وأوّل هذه الأدوات جاء الدين، لكلفته البسيطة وأثره القوي داخل المجتمعات، فأعلنت نفسها بوصفها جماعة الحق والحقيقة، وأنّها الجماعة الإسلامية التي تطبّق الإسلام. 

نشأت جماعة الإخوان إثر حلّ الخلافة الإسلامية

وقد سعت جماعة الإخوان إلى الحضور داخل المجتمعات وبناء شعبيتها من خلال سدّ الفراغات التي تغفل عنها الدولة، وذلك من خلال إنشاء الجمعيات الخيرية واستغلال حاجة الفقراء، وتقديم المعونات لهم لبناء شعبية لها، واستغلالهم في الانتخابات في العديد من الأحيان. وكرّست جماعة الإخوان صورة رجل التقوى المستغل لكافة أطياف المجتمع، الذي  يبرر مواقفه بصور ملتوية للشريعة، ولم تكن مواقف جماعة الإخوان مختلفة عن هذه الصورة، فهي تعلن حمايتها للمجتمع وللدين، ورغم ذلك تستغله لحضورها السياسي والوصول إلى السلطة. 

وفي السودان يختلف وضع جماعة الإخوان عمّا هو في العالم أجمع، فقد كان الوضع في السودان معكوسًا، حيث كانت جماعة الإخوان هي التي تقود الدولة، وتملك السلطة السياسية، لذلك كان الخروج عليها أمرًا مرفوضًا وغير مقبول، وساعدها الوجود في الحكم مدة (30) عامًا على امتلاك مفاصل الدولة والجيش، لذا لم يكن خروجها من السلطة سهلًا، ودفعت البلد نحو حرب داخلية لا تُحمد عقباها، ولا تنتبه إلى ما تسببه الحرب من ويلات وضحايا، فدخلت بدولة السودان هذا النفق الناري بهدف العودة مرة أخرى إلى السلطة. 

وكانت عدة جماعة الإخوان عادة تكفير السلطة القائمة وادّعاء عدم تطبيقها للشريعة، وتقديم نفسها بوصفها البديل الإسلامي لأشكال الحكم غير الإسلامية، ويقف طرح الإخوان عند رفض السلطة وتكفيرها، ولا يتجاوز نحو تقديم بديل يمكن أن يتم تطبيقه على أرض الواقع، وكانت تجربتهم في السلطة كارثية أدت إلى فشلهم السياسي والاجتماعي، في مصر وتونس والمغرب، وحجتهم في ذلك عدم امتلاك التجربة، دون الانتباه إلى دولة السودان التي ظلت تحت حكمهم (30) عامًا، ولم يتركوا السلطة بعد الثورة عليهم، بل سعوا نحو انقسام البلد وتفتيته في سبيل الوصول إلى الحُكم. 

 كانت جماعة الإخوان في السودان هي التي تقود الدولة، وتملك السلطة السياسية

رفض وقف الحرب

لم تكن حرب السودان سوى وسيلة لعودة الإخوان إلى السلطة من جديد، وهم من أشعلوا الحرب، ورفضوا وقفها، لأنّ وقف الحرب بدون عودة الإخوان إلى السلطة سيدفع بهم إلى المحاسبة على ما ارتكبوه من جرائم في حق المدنيين، وفضّ اعتصام الثوار في حزيران (يونيو) 2019، وغيرها من الجرائم التي سيحاسبهم عليها الشعب السوداني. 

وانتهاء الحرب بدون عودة الإخوان إلى السلطة في ظل رفض الإخوان سياسيًا على الصعيد العالمي، يعني إثبات فشلهم السياسي وفقدان آخر فرصة لهم للوصول إلى السلطة مرة أخرى، خاصة بعد حلّ جماعة الإخوان في الأردن. ووقوف الإخوان خلف الحرب السودانية يجعل عملية المفاوضات نذيرًا بنهاية الجناح السياسي للتنظيم (حزب المؤتمر الوطني)، حيث سيتم استبعاده من مائدة المفاوضات، وعدّه سببًا رئيسيًا للحرب. 

وكانت الحروب هي وسيلة تنظيم الإخوان لتحقيق أهدافه السياسية، وهذا ما قاله الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية والعضو السابق في مجلس السيادة السوداني في تصريح لـ (سكاي نيوز)، واستدلّ إدريس على ذلك باستمرار الحروب في السودان مدة (30) عامًا، التي كان الإخوان يحكمون فيها دولة السودان. ووفق آليات عمل الإخوان وخصّ نفسها بجماعة المؤمنين والمسلمين، فإنّ سعيها نحو انقسام المجتمع كان أداة رئيسية تعمل من خلالها لتثبت أنّها الجماعة المتماسكة من ناحية، وتضع نفسها في وضع رقابي على المجتمع من ناحية أخرى. 

رئيس الجبهة الثورية والعضو السابق في مجلس السيادة السوداني: الهادي إدريس

وقد حذّر المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيريللو من سعي تنظيم الإخوان للعودة إلى الواجهة مجددًا من خلال الحرب، وقال في تصريحاته التي قدّمها بعد جولة أفريقية وعربية في شباط (فبراير) الماضي: إنّ "جنرالات الحرب" وداعميهم من الإسلاميين المتشددين يذهبون بالسودان وسكانه إلى مصير "مروع" ستكون له تأثيرات بالغة الخطورة على المنطقة ككل. وأضاف: "نشهد عودة الفصائل الإسلامية المتشددة التي رأينا السودان يقضي وقتًا طويلًا في القضاء عليها لاستعادة نوع الديمقراطية التي أرادها الناس، وهذا ما يفعله التنظيم كي يكون حاضرًا ويستعيد نفسه من جديد. 

وأوضح الناطق الرسمي باسم التحالف الوطني الديمقراطي بكري لجاك في عدة لقاءات له تورط تنظيم الإخوان للتحكم في قرارات الجيش السوداني، وأنّ التنظيم يعتقد أنّ بإمكانه الاستمرار في الحكم عبر تصفية ثورة كانون الأول (ديسمبر) وتغذية الصراعات. وطالب بالامتثال للحلّ السلمي، وشدد في لقاء له مع (العين الإخبارية) على أنّ الانتصارات العسكرية تفضي إلى حرب أوسع، وانهيار أكبر، ويكون المسؤول عن كل ذلك التنظيم الإخواني الذي يتحكم في المفاصل العسكرية في دولة السودان. 

ويأتي رفض جماعة الإخوان لوقف الحرب السودانية لامتلاكها المفاصل العسكرية في الدولة، وحضورها داخل الصراع، وربما امتلاك زمام الحرب والصراع على السلطة، ممّا يجعل وقف الحرب خروج التنظيم من الصراع على السلطة، وذلك لوقوفه خلف هذه الحرب، فنهاية الحرب تعني نهاية الحضور الإخواني في العملية السياسية السودانية، وربما نهاية الحضور السياسي الإخواني بشكلٍ عام، ومن ثم لا يمانع التنظيم الإخواني أن يفنى الشعب السوداني عن آخره في مقابل نهاية الحرب قبل وصوله إلى السلطة. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية