"جدة 2"... حماية المدنيين دون وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب السودانية

(جدة 2)... حماية المدنيين دون وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب السودانية

"جدة 2"... حماية المدنيين دون وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب السودانية


09/11/2023

أعلن ميسرو محادثات (جدة 2) بين طرفي الحرب السودانية، الثلاثاء 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس)، عن التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة.

وقالت كلٌّ من السعودية، والولايات المتحدة، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، بصفتها الاعتبارية وبكونها ممثلاً للاتحاد الأفريقي أيضاً، باعتبارهم الميسرين لمحادثات (جدة 2)، قالت إنّها ركزت على مواضيع محددة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتحقيق وقف إطلاق النار وغيره من إجراءات بناء الثقة تمهيداً للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

لم يصدر، على غير العادة، أيّ تعليق رسمي من قبل جماعة الإخوان على بيان المُيسرين، وعلى نتائج التفاوض التي توصل إليها الطرفان المتفاوضان، رغم رفض الجماعة المبدئي الذهاب إلى منبر جدة، ومحاولاتها الدؤوبة لإثناء البرهان عن الالتحاق به

بيد أنّ الجولة الأولى من المفاوضات فشلت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وقد عبّر الميسرون عن أسفهم لذلك، مؤكدين أنّه لا يوجد أيّ حل عسكري مقبول لهذا الصراع، وحثوا طرفيه لتقديم مصلحة الشعب السوداني أوّلاً، وإلقاء السلاح، والانخراط في المفاوضات لإنهائه.

خطوة صغيرة مهمة

وفي السياق، اعتبر مراقبون ومحللون قبول الطرفين السودانيين المتحاربين والتزامهما بتسهيل مرور الإغاثة والأعمال الإنسانية ذات الصلة، خطوة معتبرة ومتقدمة نحو تحقيق المزيد من الالتزامات والاتفاقات الأخرى التي تمهد الطريق للوصول إلى الهدف الرئيس من المفاوضات والمتمثل في وقف دائم لإطلاق النار؛ يعقبه انضمام أطراف أخرى إلى منبر جدة  للبحث في  حل سياسي شامل للأزمة السودانية.

جنود من الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وقد رحبت جهات سياسية ومهنية ونقابية بالبيان الصادر عن المُيسرين، على رأسها تجمع المهنيين السودانيين الذي أثنى على التطور الأخير، خصوصاً فيما يتعلق بإنشاء آلية مشتركة بين الطرفين المتنازعين بقيادة مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة لمعالجة معوقات وصول المساعدة الإنسانية وتحديد جهات اتصال لمرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات، لكنّه شدّد على أهمية تنفيذ إجراءات بناء الثقة بين الطرفين؛ المتمثلة، بجانب الآلية سالفة الذكر، في العمل على احتجاز الهاربين من السجون، وإيقاف التصعيد الإعلامي الداعي لمواصلة الحرب لكلا الطرفين، مع اتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة لخطاب الكراهية والتصعيد والمؤججة للصراع.

وصف مراقبون نتائج (جدة 2) بأنّها غير قابلة للتحقق على الأرض، طالما فشل المنبر في انتزاع توقيع الطرفين على وقف إطلاق النار ولو مؤقتاً أو في أوقات متقطعة، إذ لا يمكن استمرار العمل الإنساني وإيصال المساعدات الإغاثية إلى المستحقين في ظل استمرار القتال وانتشار السلاح والسيولة الأمنية

واعتبر التجمع أنّ ما تم التوصل إليه في (منبر جدة 2) بارقة أمل لتخفيف المعاناة الإنسانية ورفعها عن كاهل الشعب السوداني، وخطوة كبيرة نحو إيجاد حل لإيقاف القتال وإنهاء الحرب، ودعا الطرفان إلى مواصلة النقاش بصورة إيجابية تسهم في إنهاء الصراع وإحلال السلام، وحث المُيسرين والمجتمع الدولي على وضع آليات مع طرفي الحرب تضمن تطبيق كل ما تم الاتفاق عليه وتنفيذه على الأرض.

من جهته، قال عضو مجلس السيادة السابق، والقيادي في قوى الحرية والتغيير محمد الفكي سليمان، في تصريحات صحفية: إنّ الاهتمام بالملف الإنساني في مفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع خطوة متقدمة في الطريق الصحيح، وثمّن الفكي، وفقاً لموقع (سودان تربيون)،  الخطوة طالباً مواصلة الجهود من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

صمت الإخوان      

ولم يصدر ـ على غير العادة ـ أيّ تعليق رسمي من قبل جماعة الإخوان على بيان المُيسرين، وعلى نتائج التفاوض التي توصل إليها الطرفان المتفاوضان، رغم رفض الجماعة المبدئي الذهاب إلى منبر جدة، ومحاولاتها الدؤوبة لإثناء قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عن الالتحاق به، إلا أنّ الحزب المخلوع والمحصور الذي تشارك ميليشياته في القتال بجانب الجيش، والمتهم بإشعال الحرب وتوريط طرفيها فيها، لم ينبس ببنت شفة، حتى لحظة كتابة هذا التقرير، في التطورات التفاوضية الأخيرة التي أشارت إليه بطريقة لا لبس فيها تحت بند "احتجاز الهاربين من السجون"، وهؤلاء هم قادة النظام السابق الذين تم تهريبهم من سجن (كوبر) بالخرطوم بحري، وبينهم مطلوبون للمحاكم الدولية بصفتهم متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وبند "اتخاذ إجراءات حيال الأطراف المُثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع"، ومعلوم لدى الجميع أنّ من يفعل ذلك هو الطرف المستفيد من الحرب، ولا أحد يستفيد منها سوى جماعة الإخوان.

انتصار دبلوماسي

وقد عدّ مراقبون نتائج مفاوضات منبر (جدّة 2) المُعلن عنها في بيان المُيسرين انتصاراً دبلوماسياً لقوات الدعم السريع؛ يُضاف إلى انتصاراتها العسكرية الأخيرة، إذ تمكن وفدها المفاوض من تحقيق عدة أهداف ظل يطالب بها منذ إطلاق المنبر؛ على رأسها عدم التفاوض حول شرط الطرف الآخر المتمثل بخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمؤسسات العامة، لأنّها غير موجودة فيها بالأساس، وحتى إن كانت موجودة، فإنّ الانسحاب منها يأتي في سياق التفاوض نفسه، وليس شرطاً مسبقاً قبل الشروع فيه، وقد تم تحقيق ذلك، إذ لم ترد أيّ إشارة في البيان الصادر عن المُيسرين حول هذا الأمر، وقد تمكن فريق قوات الدعم السريع من الحصول على موافقة الطرف الآخر، بإعادة احتجاز "فلول الإخوان المسلمين" الذين تم تهربيهم من السجون، وينشطون الآن على التحريض على الحرب وصب مزيد من الزيت عليها.

اعتبر التجمع أنّ ما تم التوصل إليه في (منبر جدة 2) بارقة أمل لتخفيف المعاناة الإنسانية ورفعها عن كاهل الشعب السوداني

كما تمكّن فريق قوات الدعم السريع إلى منبر (جدة 2) من الحصول على الموافقة للانخراط كطرف أساسي في الآلية المشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإغاثية، ممّا يعني أنّ الجيش السوداني لن يكون الطرف الوحيد بعد الآن في هذا الصدد، حيث ظل كذلك منذ اندلاع الحرب، وقد وجهت إليه اتهامات عديدة بأنّه ترك أمر توصيل المساعدات وإدارتها لجماعة الإخوان التي حولتها لصالح ميليشياتها المقاتلة بجانب الجيش، وحرمت منها مستحقيها، وحالت دون وصولها إليهم.

العكس صحيح

لكنّ مراقبين آخرين وصفوا نتائج (جدة 2) بأنّها غير قابلة للتحقق على الأرض، طالما فشل المنبر في انتزاع توقيع الطرفين على وقف إطلاق النار ولو مؤقتاً أو في أوقات متقطعة، إذ لا يمكن استمرار العمل الإنساني وإيصال المساعدات الإغاثية إلى المستحقين في ظل استمرار القتال وانتشار السلاح والسيولة الأمنية؛ الأمر الذي قد يُعرّض قوافل المساعدات وطواقمها إلى الخطر، وأنّ الصحيح هو البدء بوقف إطلاق النار من أجل انسياب المساعدات، وليس العكس.

مواضيع ذات صلة:

بعد سيطرة قوات الدعم السريع ميدانياً.. كيف يفكر البرهان؟ وما خطط حلفائه "الإخوان"؟

ورطة الإخوان في الحرب السودانية... "لا بُدّ من جدة ولو طال السفر"

6 أشهر على الحرب السودانية... لا قائد في القيادة ولا بوادر في الأفق للحل




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية