لماذا تصمت الأمم المتّحدة والاتحاد الأوروبي عن انتهاكات إيران؟

لماذا تصمت الأمم المتّحدة والاتحاد الأوروبي عن انتهاكات إيران؟


كاتب ومترجم جزائري
31/10/2020

بقلم: ماجد رافي زاده 

ترجمة: مدني قصري

في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي حكمت المحكمة العليا الإيرانية، مرتين، بالإعدام(1) على بطل المصارعة نافيد أفكاري، وبحسب قناة "إيران إنترناشيونال" الإخبارية الناطقة بالفارسية؛ فإنّ الحكم المزدوج تضمّن الحكم بالسجن ستة أعوام ونصف العام و74 جلدة، كما تمّ اعتقال شقيقَيه؛ وحيد أفكاري وحبيب أفكاري، وحُكم عليهما بالسجن 54 عاماً و74 جلدة، و27 عاماً و74 جلدة.

"لمدّة 50 يوماً، عانيتُ من أفظع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، كانوا يربطون رقبتي بكيس بلاستيكي، ويعذبونني حتى الاختناق، كما سكبوا الكحول في أنفي" - رسالة نافيد أفكاري، بطل المصارعة الإيراني.

هل دان الاتحاد الأوروبي، أو الأمم المتحدة، وحشية الملالي الذين يحكمون إيران؟ هاتان المؤسستان فضّلتا مكافأة النظام، في 14 آب (أغسطس)، أمر مجلس الأمن الدولي بإنهاء حظر الأسلحة المفروض منذ 13 عاماً، اعتباراً من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، يمكن للملالي الحاكمين في إيران الآن شراء أو تصدير الأسلحة التقليدية بقدر ما يريدون.

بحسب بعض التقارير الصحفية، تعرض البطل الرياضي الإيراني أفكاري، وشقيقاه، للتعذيب، لإجبارهما على الشهادة ضدّ بعضهم، وانتزاع "اعترافات" يمكن بعد ذلك بثّها على شاشات التلفزيون

 

لدى الملالي الآن كمية كافية من اليورانيوم المخصب لتصنيع قنبلة نووية، يمكن تنقية حوالي 1000 كغ من اليورانيوم المخصّب، بنسبة 5 ٪، فقط للسماح بإنشاء قنبلة نووية.

رغم القسوة المفرطة في انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، فإنّ منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يدعوان إلى حقوق الإنسان، يغضّان الطرف عن انتهاكات النظام الإيراني.

إقرأ أيضاً: أسرار صمت نظام الملالي عن اغتصاب 41 فتاة في إيران

اتّهم تقرير لمنظمة العفو الدولية، صدر في 2 أيلول (سبتمبر)، القضاء الإيراني، وقوات الأمن، ووزارة الاستخبارات الإيرانية بارتكاب سلسلة جرائم وانتهاكات جماعية.

الشرطة والمخابرات

وفيما يتعلّق بالسجناء، ورد في التقرير:

"الشرطة والمخابرات وأجهزة الأمن وسلطات السجون، بتواطؤ مع القضاة والمدّعين العامين، هم مصدر سجل مروّع لانتهاكات حقوق الإنسان، بدءاً بالاحتجاز التعسفي والاختفاءات المنظمة والتعذيب، وغيرها من ضروب سوء المعاملة".

وكشف التقرير أنّ الأطفال، حتى سنّ العاشرة، هم ضحايا لألوان التعذيب، كما يستهدف النظام بشكل منهجي الأشخاص الذين يشاركون في الاحتجاجات، في نهاية شهر أيلول (سبتمبر)، على سبيل المثال، أصدرت المحكمة العليا للنظام الإيراني حكمين بالإعدام ضدّ بطل المصارعة، نافيد أفكاري، وبحسب قناة "إيران إنترناشونال" الإخبارية، الناطقة بالفارسية، تضمّنت هذه الأحكام الحكم بالسجن لـ 6 أعوام ونصف، و74 جلدة، كما قُبض على شقيقَي نافيد أفكاري؛ وحيد أفكاري وحبيب أفكاري، وحُكم عليهما على التوالي، بالسجن 54 عاماً و 74 جلدة، و27 عاماً و 74 جلدة.

لِكسرِ الصمت مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ناشدت دانا وايت، رئيسة بطولة القتال النهائي "UFC" (وهي منظمة أمريكية للفنون القتالية)، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، القادة الإيرانيين، عدم إعدام بطل المصارعة نافيد افكاري، وقد غرّد الرئيس ترامب:

"علمت أنّ إيران تسعى لإعدام نجم مصارعة كبير وشعبي، نافيد أفكاراي، 27 عاماً(2)، والذي كان عمله الوحيد المناهض للحكومة هو التظاهر في الشوارع، كانت الجموع تحتجّ على تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد والتضخم...".

إقرأ أيضاً: الانتهاكات الحقوقية في إيران تعكس خوف السلطة وفزعها

"... أتحدّث إلى القيادة الإيرانية وآمل أن تنجو حياة هذا الشاب وألا يُعدم.. شكراً لك !"

كتبت رئيسة رئيسة بطولة القتال النهائيUFC" دانا وايت:

"أودّ فقط أن أقول إنني أيضاً، بكل احترام وتواضع، أطلب من مسؤولي الحكومة الإيرانية عدم إعدام هذا الرجل، وإنقاذ حياته".

الاعتقالات وفق تقدير محكمة الثورة

في إيران، تتمّ الاعتقالات العديدة وفق تقدير القضاء أو محكمة الثورة الإسلامية، اتهامات غامضة أساساً: "نشر الفساد في الأرض" (المحاربة)، "إعلان الحرب على الله"، أو "تعريض الأمن القومي للخطر"، ويقع عدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وابتزاز الاعترافات عن طريق التعذيب الجسدي، أو النفسي، في صميم العملية التي تدفع المتهم إلى حبل المشنقة.

وبحسب بعض التقارير الصحفية، فقد تعرض البطل الرياضي، أفكاري، وشقيقاه، للتعذيب، لإجبارهما على الشهادة ضدّ بعضهم، وانتزاع "اعترافات" يمكن بعد ذلك بثّها على شاشات التلفزيون.

تقرير لمنظمة العفو الدولية: الشرطة والمخابرات وأجهزة الأمن وسلطات السجون، بتواطؤ مع القضاة والمدّعين العامين، هم مصدر سجل مروّع لانتهاكات حقوق الإنسان وسوء المعاملة

 

وكتب أفكاري في رسالة: "لمدة 50 يوماً، كان عليّ أن أتحمّل أبشع أشكال التعذيب الجسدي والنفسي".

"ضربوني بالعصيّ والهراوات على ذراعَيَّ ورجلَيَّ وبطني وظهري، ربطوا رقبتي بكيس بلاستيكي وعذبوني حتى اختنقت، كما سكبوا الكحول في أنفي. "

لإرهاب المعارضين المحتملين، لجأ النظام الإيراني، منذ عقود، إلى التعذيب، وعقوبة الإعدام؛ فالشخص الذي يتمّ القبض عليه وبحوزته القنّب، على سبيل المثال، يمكن أن يتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي. وبحسب منظمة العفو الدولية:

"أظهرت تحقيقاتنا أنّ الضحايا كانوا في كثير من الأحيان معصوبي الأعين، أو مقنَّعين، وقد ضُربوا بالقبضات والركلات والسياط، وتعرّضوا للضرب بالعصي والخراطيم المطاطية والسكاكين، والهراوات والأسلاك، وتمّ تعليقهم، أو إجبارهم على الوقوف في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، وقد حُرموا من الطعام ومياه الشرب؛ وُضِعوا في الحبس الانفرادي المطوّل، أحيانًا لأسابيع أو حتى لشهور، ولم يُسمح بأيّ علاج طبي للإصابات التي تلقوها أثناء المظاهرات أو نتيجة التعذيب".

إقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يصدر بياناً عن الانتهاكات الإنسانية في إيران... ماذا جاء فيه؟

هل دان الاتحاد الأوروبي، أو الأمم المتحدة، مرة واحدة على الأقل، وحشية الملالي؟ بل في الواقع، تمّت مكافأة النظام إلى حدّ ما؛ في 14 آب (أغسطس)، صوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إنهاء حظر دام 13 عاماً على مبيعات الأسلحة وشرائها، واعتباراً من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، سيُسمح للملالي بشراء وتصدير أكبر عدد ممكن من الأسلحة التقليدية.

عارض الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إدانة الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA)، وهو الاتفاق الذي لم توقعه إيران قط، ويؤيدان رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضدّ إيران، رغم انتهاكات إيران للاتفاق ذاته.

في 4 أيلول (سبتمبر) 2020، على سبيل المثال، كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ إيران خزنت 2105 كغ من اليورانيوم، أي ما يقرب من 10 أضعاف كمية اليورانيوم المخصّب المسموح به، الحكام الملالي لديهم الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصّب لصنع قنبلة نووية.

مساهمة واشنطن في الأمم المتحدة

في آب (أغسطس)؛ رفض رئيس مجلس الأمن، السفير الإندونيسي لدى الأمم المتحدة، ديان تريانسياه دجاني، الاقتراح الأمريكي الداعي إلى إعادة فرض جميع العقوبات المخططة ضدّ إيران، قبل اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، ربّما حان الوقت لأن تتوقف الولايات المتحدة عن المساهمة في الأمم المتحدة، أو على الأقل، "تدفع فقط وفق الأهداف التي نُحدّدها".

رغم "عقود عديدة من الإصلاحات، لم يتغيّر شيء، أو القليل جداً في ثقافة الأمم المتحدة، بدءاً من مستوى فعاليتها، تموّل الولايات المتحدة حصّة غير متكافئة من إنفاق الأمم المتحدة، لكنّ حصصها ومقترحاتها مصيرها "الإحراق"، العزاء الوحيد، حتى الآن، هو أنّ رابطة الفضائل العالمية هذه لم تخطط بعدُ لإرسال السفير الأمريكي إلى "المحرقة"، في هذا الشأن يحاول منبرٌ نُشر في صحيفة "وُولْ ستريت جورنال" (Wall Street )، عام 2017، تقديم تفسير لذلك:

"لماذا تتسامح الولايات المتحدة مع هذا؟ التملّص من تصويتات مُحرِجة يعني قبول نفقات أعلى بشكل متزايد".

"يجب على الولايات المتحدة أن ترفض هذا النظام الضريبي الدولي، وتقديم مساهمات طوعية بدلاً من ذلك، إنّ الأمر يتعلق بتحفيز الأداء الذي لا يسمح به النظام الحالي لتقدير الضرائب.

"لا تُظهر المجالس الاقتصادية والاجتماعية الإقليمية الخمسة التابعة للأمم المتحدة أيّ سجل ملموس، ولا تستحق تمويلاً من الولايات المتحدة؛ فإذا كانت الأمم تعتقد وتقدّر أن هذه المنظمات الإقليمية تستحق الاستمرار في الوجود، وهو اقتراح لا يمكن لأحد أن يدعمه؛ فهي حرّة حرية كاملة في تمويلها، أمّا أن تشعر أمريكا بأنها مضطرة لدعمهما فهذا أمر غير مفهوم".

"وبعد ذلك، سيكون من الممكن خفض ميزانيات أقسام كبيرة من بيروقراطية الأمم المتحدة، دون التسبّب في أيّ ضرر، يمكن أن نبدأ بمكتب شؤون نزع السلاح، ومواصلة العملية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويمكن تحقيق وفورات مالية كبيرة بقطع التمويل عن مكاتب أخرى في الأمم المتحدة هي في الغالب غير آمنة".

 يمكن بسهولة دمج "الأونروا" (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) بمكتب مفوّض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين.

يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي محاسبة الزعماء الإيرانيين، أو إقصائهما، لعدم الكفاءة، وهي الفئة التي يبدو أنهما ينتميان إليها.

 

الهوامش:

* الدكتور ماجد رافي زاده، إستراتيجي واستشاري أعمال، خريج جامعة هارفارد، وعالم سياسي، وعضو مجلس إدارة "هارفارد إنترناشونال ريفيو"، ورئيس المجلس الدولي الأمريكي للشرق الأوسط، له عدة كتب عن الإسلام والسياسة الخارجية الأمريكية.

(1) رغم حشد الرياضيين من جميع أنحاء العالم، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، واللجنة الأولمبية الدولية، أعلنت إيران، يوم السبت 12 أيلول (سبتمبر)، أنّها أعدمت المصارع الشاب نافيد أفكاري، المحكوم عليه بالإعدام لقتله مسؤولاً، خلال الاحتجاجات ضد الحكومة عام 2018، على الرغم من دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الخارج لإطلاق سراحه.

(2) من جنازة نافيد أفكاري الليلية، لم يظهر سوى شريط فيديو مدته 30 ثانية، بتاريخ 12 أيلول (سبتمبر)، تحت ضوء الهواتف المحمولة، ووسط صرخات المحنة، شوهد جسد مغطى بقطعة قماش بيضاء ينزلق بين أيدي عشرات الرجال قبل أن يوضع في قبره. تمّ إعدام المصارع نافيد أفكاري البالغ من العمر 27 عاماً شنقاً بتهمة قتله موظفاً حكومياً في شيراز (جنوب البلاد)، خلال احتجاجات في تلك المدينة، عام 2018، ضدّ الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد. نفى نافيد أفكاري وعائلته الاتهام دائماً، مؤكدين أنّه أُجبِر على الاعتراف تحت التعذيب، وأنّه ضحية سيناريو تخيّلته الاستخبارات الإيرانية.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

https://fr.gatestoneinstitute.org/16595/iran-violations-droits-homme

الصفحة الرئيسية