كيف تحوّلت مواقف دول الخليج في 2021 إزاء الحوثيين وإيران وأمريكا والأمن الجماعي؟

كيف تحوّلت مواقف دول الخليج في 2021 إزاء الحوثيين وإيران وأمريكا والأمن الجماعي؟


23/12/2021

ما نزال لا نعرف كيف ستتطور محادثات فيينا النووية بين إيران ومجموعة (5+1). يبدو أنّ الصين أقلّ انخراطاً في المحادثات. وبدلاً من ذلك، يبدو أنّها منشغلة بتعزيز علاقاتها متعددة الطبقات مع دول الخليج العربي، دون الرغبة في خسارة حليفها الإيراني، الذي تلتزم معه باتفاق اقتصادي وأمني مدته 25 عاماً. في الولايات المتحدة، تبدو إدارة بايدن محرجة وقلقة، بين إصرارها على عقد صفقة مع الحكومة الإيرانية وبين إصرار إيران على رفع جميع العقوبات دفعة واحدة ورفض ضوابط إضافية على برنامجها النووي.

ويرى تحليل نشرته صحيفة "ذا ناشونال" أنه في غضون ذلك، تعمل دول الخليج العربية على نسج علاقات اقتصادية وأمنية وإستراتيجية أقوى فيما بينها بطرق متعددة: من خلال تنويع شراكاتها الدولية، وتعزيز الاتفاقات الأمنية، ومواجهة إيران سلمياً ولكن معاً، واتباع مواقف براغماتية من الأزمات الإقليمية، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.

تحوّل تجاه الحوثيين

وفيما يتعلق بقضية اليمن، فيرى تحليل الصحيفة أنه حدث تحوّل في المواقف الخليجية المتقاطعة مع جهود الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدولية. وترى الصحيفة أنّ دول الخليج مستعدة لقبول الحوثيين كطرف في التسوية السلمية في اليمن وضمن حكومة يمنية تنشأ عن المفاوضات. وتضيف الصحيفة أنّ إيران وحزب الله يقاومان هذا التحول؛ لأنه سيحرمهما من القدرة على تشكيل مصير اليمن من خلال الاستفادة من الحوثيين. لكن الحوثيين بدأوا يفكرون في فوائد الحل الدولي الذي يسمح لهم بالمشاركة في الحكومة، وتحويل المأساة الإنسانية في اليمن إلى مشروع إنقاذ وإنعاش وإعادة إعمار. التحول لا يزال في مهده، لكنه بدأ بشكل جدي بمشاركة القوى الكبرى ووسط تحول كبير في المواقف الخليجية، خاصة في السعودية.

 

"ذا ناشونال": تعمل دول الخليج العربية على نسج علاقات اقتصادية وأمنية وإستراتيجية أقوى فيما بينها بطرق متعددة: من خلال تنويع شراكاتها الدولية، وتعزيز الاتفاقات الأمنية، ومواجهة إيران سلمياً ولكن معاً

وتتابع الصحيفة: أسهم الموقف الأمريكي الاستقطابي والعاطفي من اليمن، لا سيما فيما يتعلق بالسعودية، في الارتباك المرير في اليمن. الموقف الأمريكي أعطى إشارات مضللة للحوثيين وإيران وحزب الله. حتى إنّ الإدارات الأمريكية المتعاقبة حجبت المعلومات الإستخباراتية عن التحالف الذي تقوده السعودية، والتي كان من الممكن أن تساعد في تقليل الخسائر والأخطاء العسكرية. حتى الآن، يعمل الاستقطاب الأمريكي الداخلي على إعاقة سياسة الولايات المتحدة العقلانية تجاه اليمن. إنها تقيد إدارة بايدن، التي راوغت بالفعل في سياساتها في العالم العربي، بحسب "ذا ناشونال"، التي تضيف بأن قرار إدارة بايدن المتسرع برفع العقوبات عن الحوثيين أدى إلى تشجيع المتمردين اليمنيين، مما منحهم دفعة للإفلات من العقاب والثقة بالنفس، إلى جانب الإمدادات العسكرية من إيران وحزب الله. نتيجة لذلك، استولى الحوثيون على أجزاء كبيرة من اليمن. وتُنبّه "ذا ناشونال" إلى أنه يجب على إدارة بايدن تمكين مبعوثها إلى اليمن، تيم ليندركينغ، والتوقف عن إعاقته بسبب مخاوف بشأن المحادثات النووية أو حتى مخاوف من إيران. وتوضح الصحيفة: لإنهاء الأزمة السياسية والإنسانية في اليمن، من المقرر أن يقدم مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، بالتنسيق مع المبعوث الأمريكي، خريطة طريق جديدة في أوائل العام المقبل.

تحليل: دول الخليج مستعدة لقبول الحوثيين كطرف في التسوية السلمية في اليمن وضمن حكومة يمنية تنشأ عن المفاوضات. غير أنّ إيران وحزب الله يقاومان هذا التحول

في الوقت نفسه، تناقش عُمان ودول الخليج العربي الأخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، خطة عمل مع الأطراف اليمنية، في محاولة لحشدهم وراء اقتراح جديد. وأساس هذا الاقتراح الجديد، وفقاً للصحيفة، هو التطور في المواقف الخليجية التي ترى أنه لا تسوية سلمية بدون الحوثيين. لذلك، فإنّ معادلة الهزيمة الكاملة لأي من الأطراف لم تعد مطروحة على الطاولة - لا للدول الداعمة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أو الحوثيين. وتتابع "ذا ناشونال": لقد وافق المجتمع الدولي على وقف إطلاق النار كنقطة انطلاق. قبلت دول الخليج العربي مشاركة الحوثيين في نظام جديد في اليمن من خلال الانتخابات. قبل وقت ليس ببعيد، كان الموقف العربي هو الإصرار على هزيمة الحوثيين ودعم ما يسمى بالحكومة الشرعية في اليمن حصرياً. اليوم، الحديث يدور حول تقاسم السلطة.

إقرأ أيضاً: ما أبرز ما حققته الإمارات في 2021؟

إحباط إيران وحزب الله في اليمن

التفكير الجديد خارج الصندوق يمكن أن يحبط إيران وحزب الله في اليمن، من خلال تحريك الأمور في اليمن نحو تقاسم السلطة والتسوية السياسية لإنهاء الحرب. والسؤال هنا: هل سيقطع الحوثيون مع حزب الله وإيران في ظل الالتزام الدولي والخليجي بخطة توقف الدمار وسفك الدماء وتضع خريطة طريق لتعافي اليمن؟ أم سيختارون إيران وحزب الله على اليمن؟ وسؤال آخر: هل ستكون هناك "جزرة" أو مكافأة لوقف الحرب من خلال المشاركة في الحكومة وضخ الأموال في اليمن؟ وهل ستكون هناك "عصا" من خلال فرض عقوبات على الحوثيين، في حال الفشل - مع ترك حزب الله وإيران يفهمان أنّ إدارة بايدن تبنّت سياسة واضحة، ومستعدة للمساءلة الحاسمة بعد محادثات فيينا؟

ترتيب الأمن الجماعي الخليجي

وتقول "ذا ناشونال" في تحليلها: دول الخليج العربي تتجه نحو إستراتيجية للخروج من الحرب في اليمن بشراكة دولية. في الوقت نفسه، يتبنون إجراءات عملية لإعادة ترتيب البيت الخليجي، بعد خلاف سابق بينهما. كان هذا واضحاً خلال قمة دول مجلس التعاون الخليجي الست في المملكة العربية السعودية منتصف هذا الشهر والبيان الختامي الذي صدرعنها. وصدرت بيانات مشتركة مهمة عقب زيارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان قبيل انعقاد القمة. ومن أهم نقاط البيان: إعلان أنّ أي هجوم على أي من دول مجلس التعاون الخليجي هو هجوم على جميع دول مجلس التعاون الخليجي. في الماضي، تفوقت السيادة الفردية على العمل الجماعي، ولكن اليوم، هناك استعداد لتعريف مرن للسيادة، لتحقيق عمل أمني جماعي يتطلب بعض التنازلات، ولكن ليس التنازل عن السيادة، بحسب الصحيفة.

إقرأ أيضاً: هل يمنع النفوذ الإيراني انسحاب القوات الأمريكية من العراق؟

أولويات جديدة حيال أمريكا وإيران

تدرك الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أنّ التحول في المواقف الأمريكية تجاه الخليج وإيران يتطلب منها حماية أمنها بشكل جماعي، في حالة وجود اتفاق أمريكي إيراني أو عدم اتفاق. في السنوات الأخيرة، تبنّت إيران أسلوب السعي لإجراء محادثات ثنائية مع دول الخليج، في محاولة لتعطيل عملهم المشترك ضدها. والآن هناك وعي في الخليج، بحسب "ذا ناشونال"، بضرورة التضامن وتوحيد المواقف ضد إيران. جاء ذلك نتيجة تزايد عدم الثقة بطهران، بسبب سياساتها الإقليمية التي تقوض أمن الخليج، من اليمن إلى لبنان. شهدت قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة تحديد قادة دول الخليج لأولوياتهم الجديدة التي تنبع من تبني القادة الشباب للتحديث والتكيف التكنولوجي. وفي الوقت نفسه، فإنّ مفهوم الأمن الإستراتيجي يتطلب التكامل. إنها تتطلب الابتعاد عن الاعتماد الحصري على الولايات المتحدة، سواء كانت عقيدة كارتر أو سياسات الرئيس الأمريكي جو بايدن. وقد دفعت هذه الإدراكات دول الخليج إلى الاعتماد الجماعي على الذات وتنويع الصداقات والشراكات لتشمل الصين والهند وأوروبا وغيرها.

وتختم الصحيفة تحليلها بالقول إنّ دول مجلس التعاون الخليجي قد رسمت لنفسها نطاق انخراطها في لبنان والعراق وسوريا واليمن، موضحة أنّ أولوياتها تكمن، أولاً وقبل كل شيء، في منطقة الخليج.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية