الجولة الخامسة من محادثات فيينا: طهران تهدد بالرئيس المتشدد القادم

الجولة الخامسة من محادثات فيينا: طهران تهدد بالرئيس المتشدد القادم


01/06/2021

ما تزال إيران تماطل في محادثات فيينا، والتي تستهدف إحياء الاتفاق النووي؛ إذ عاودت الحديث، مجدداً، عن ضرورة "رفع العقوبات أولاً"، كما أنّها توصلت إلى تفاهم "مؤقت" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بخصوص تمديد، أو السماح، لمفتشي الوكالة بمتابعة أنشطة إيران النووية، وذلك لمدة شهر إضافي، حسبما أوضح مدير عام الوكالة، رافائيل غروسي، الذي أشار إلى أنّ "المعدات ستبقى وعملية التحقق وأنشطة المراقبة التي اتفقنا عليها على حالها لمدة شهر، حتى 24 حزيران (يونيو) 2021، فالمعدّات ما تزال تحت إشراف الوكالة، والمعطيات إذاً لن تمحَى، وهذا جانب مهم".

محاولات إيران إبداء حسن النوايا

ومع الجولة الخامسة لمحادثات فيينا، التي بدأت الأسبوع الماضي، تبادل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، الحديث بخصوص أولوية "رفع العقوبات" والتي وصفها الأخير بأنّها "واجب أخلاقي"، بينما أشار الأول إلى أنّ المسألة غير خاضعة لـ "التفاوض"، وتابع بلينكن: " لم نخضع لهذا الأمر في عهد ترامب، ولن تفعل ذلك الآن"، وذلك في نفي قاطع لأيّة محاولة تستهدف الربط بين التفاوض ورفع العقوبات؛ إذ سبق وصرح، أنّ المفاوضات الجارية هي اختبار لمدى جدية طهران في الوصول لحلّ، وأردف: "ولم نرَ، حتى الآن، ما إذا كانت إيران مستعدة وراغبة في اتّخاذ قرار بفعل ما يتعين عليها فعله في سبيل رفع العقوبات. هذا هو الاختبار ولم نرَ الإجابة بعد".

وعقّب وزير الخارجية الإيراني، في تغريدة عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" على تصريحات بلينكن؛ بأنّ "رفع عقوبات ترامب هو واجب قانوني وأخلاقي، وليس وسيلة ضغط تفاوضية"، وتابع: "لم ينجح ذلك مع ترامب، ولن ينجح معكم"، كما قال عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين، إنّ "أمريكا هي من انسحب من الاتفاق وعليها أن ترفع العقوبات بطريقة قابلة للتحقق".

لا تفاوض على "رفع العقوبات"

الناطق الرسمي بلسان الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أبدى تفاؤلاً بما تحقق في الجولات السابقة لمحادثات فيينا، بينما طالب واشنطن بـ "قرار سياسي" للوصول لنتائج نهائية في أزمة الاتفاق النووي، وقال: "حققنا تقدماً مهماً جداً، وما نزال نعتقد أنّ التوصل إلى  اتفاق هو أمر في متناول اليد"، مضيفاً أنّ المباحثات "يمكن بسهولة أن تفضي إلى نتائج في حال اتخذ قرار سياسي في واشنطن"، كما ألمح إلى احتمالية طول مدة المفاوضات في الجولة الخامسة، وذلك بخلاف ما هو متوقع، في حال اعتمد الفريق الأمريكي المفاوض الاعتماد على "الإرث الفاشل لإدارة دونالد ترامب".

طهران تعطي مزيداً من الوقت بتمديد التعاون مع وكالة الطاقة، لكنها ستتمسك بمعطياتها، خاصة أنّها تعلم أنّ الانتخابات الرئاسية الإيرانية قادرة على قلب الطاولة

ولذلك؛ يرى الدكتور هاني سليمان قربة، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، أنّ "هناك اعتبارَين لاقتراح تمديد إيران عمل مفتشي الوكالة الدولية؛ الأول، أنّ إيران، وعلى عكس ما تروج ظاهرياً، تحتاج للتوصل إلى اتفاق، خاصة في ظلّ العقوبات الاقتصادية الصعبة التي أرهقتها ونالت منها بشكل كبير"، مضيفاً لـ "حفريات": "هذا الإجراء المرن نوعاً ما، يعكس استشعار طهران أنّ المفاوضات تجري على نحو يخدم مصالحها، خاصة مع تصريحات عباس عراقجي؛ بأنّ هناك تقدماً في المفاوضات وهناك توافق على رفع العديد من العقوبات، وهو ما جاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني أيضاً".

مدير المركز العربي للبحوث والدراسات الدكتور هاني سليمان قربة

ورغم تعنّت طهران وموقفها المتشدّد، إلا أنّها اعتبرت الإيحاء بإبداء مرونة هو بمثابة خدمة للمسار التفاوضي، لا سيما أنّ الرئيس الإيراني يضغط بشدة على الجناح المتشدد لإنقاذ إنجازه الأهم في فترة رئاسته، بحسب سليمان قربة، الذي يردف: "طهران تحاول تصدير حالة للمجتمع الدولي بأنّها قدمت تطمينات وأبدت تعاوناً لإنقاذ الاتفاق حتى تعزز موقفها وصورتها، في حين أنّها تريد انتزاع اتفاق بلا ضمانات وبلا تنازلات".

ما احتمالات العودة للاتفاق؟    

وفيما يتّصل بالاعتبار الثاني، يلفت مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، إلى أنّ هذه المدة قد لا تكون كافية للتوصل لاتفاق في ظلّ ملفات كبيرة خلافية، وهو الأمر الذي لن يؤثر على الخطط الإيرانية؛ فلو حدث اتفاق كما تريد طهران فهو أمر جيد، وإن لم يحدث، فتلك الفترة الضيقة لن تؤثر على خططها وموقفها المتصلب، وخاصة أنّ هناك موانع كبيرة تقف في الطريق، ويتضح ذلك من تصريحات أنتوني بلينكن الذي قال إنّه من الصعب حدوث اختراق في الاتفاق النووي في الوقت القريب.

اقرأ أيضاً: الكاظمي و"دويلة إيران" في العراق

وبالتزامن مع جولة المحادثات في فيينا، غرد روبرت مالي، المبعوث الأمريكي الخاص الجديد إلى إيران: "نأمل العودة المتبادلة إلى الامتثال للاتفاق النووي، كانت الجولة الأخيرة من المحادثات بنّاءة وشهدت تقدّماً ملموساً، لكن ما يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به".

وقال مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كاظم غريب آبادي: "أوصي بأن ينتهزوا هذه الفرصة التي قدمتها إيران بحسن نية، وأن يرفعوا جميع العقوبات بطريقة عملية ويمكن التحقق منها".

كما قال مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، إنّ طهران "ستواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، و20 في المئة، و5 في المئة على حد سواء"، منوهاً إلى أنّ "مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، بات 90 كيلوغراماً، وامتلاكها خمسة أطنان من اليورانيوم بنسبة 5 في المئة، بينما أنتجت 2.5 كيلوغراماً من اليورانيوم بنسبة 60 في المئة".

كما أوضح مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أنّه لم "يصدِر بياناً مشتركاً مع الوكالة الدولية، وإنّما أبلغت قرار النظام، ونأمل أن تتوصل المفاوضات إلى نتيجة خلال الفرصة التي تم منحها".

الباحث هاني سليمان قربة لـ"حفريات": "طهران تحاول تصدير حالة للمجتمع الدولي بأنّها قدمت تطمينات وأبدت تعاوناً لإنقاذ الاتفاق حتى تعزز موقفها وصورتها

كما أنّ البيان الأوروبي أوضح وجود العديد من الملفات الخلافية التي تحتاج لمزيد من الوقت، إضافة إلى وجود فجوة كبيرة في منظور كلّ من الولايات المتحدة وإيران؛ حيث إنّ غياب "الإرادة السياسية" من جانب طهران، جعل بايدن يقول إنّه "إذا توافرت إرادة سياسية من جانب إيران، فيمكن التوصل لاتفاق خلال أسابيع".

إذاً، المواقف "غير محسومة"، حتى الآن، بحسب الدكتور هاني سليمان قربة، الذي يرى أنّه لا توجد "ضمانات بخصوص التوصل لاتفاق، فهو أمر تظلّ أسهمه كبيرة، لكنه ليس سهلاً، بالتالي، طهران تعطي مزيداً من الوقت بتمديد التعاون مع الوكالة، لكنها ستتمسك بمعطياتها، خاصة أنّها تعلم أنّ الانتخابات الرئاسية قادرة على قلب الطاولة في ظلّ احتمالات شبه مؤكدة بوصول رئيس من المتشددين، وهي ورقة تضغط بها على واشنطن بشدة لتعجيل الاتفاق وتقديم واشنطن لتنازلات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية