حركة النهضة مجدداً تخلط الأوراق وتشوش على الرئيس وتقدم الولاء للإخوان

حركة النهضة مجدداً تخلط الأوراق وتشوش على الرئيس وتقدم الولاء للإخوان


28/06/2020

تتّجه الأوضاع داخل تونس إلى مزيد من التوترات، وسط أزمة سياسية تلوح في الأفق، في ظل إصرار حركة النهضة الإخوانية على خلط الأوراق، واستغلال نفوذها للاصطفاف خلف الحلف "التركي – القطري" ومصالحه في المنطقة.

ومن جهته، فإنّ الرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي أثبت خلال الفترة الماضية استقلالية قراره، وتصدّيه لمحاولات النهضة المستمرة للميل بالقرار التونسي صوب الإخوان، لا يبدو أنّه سيرضخ أمام مراوغات الحركة المستمرة، ما يعني أنّ مستقبل الصدام يتجه نحو التصعيد.

ويتمحور الصدام الرئيسي بين النهضة وسعيد في رغبة الأولى السير خلف الحلف التركي - القطري الإخواني الذي يدعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، فيما الرئيس التونسي، المخول له وفق الدستور رسم السياسات الخارجية، يؤكد موقف بلاده الحيادي صوب الأزمة الليلبية.

تصدى البرلمان لمحاولة النهضة توريط تونس بالأزمة الليبية بتهنئة السراج، ثم وجّه سعيّد ضربة لحلف تركيا من باريس

وحاولت النهضة من قبل توريط تونس في ليبيا، باتصال أجراه رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، بالسراج، لتهنئته بالسيطرة على قاعدة الوطية العسكرية، ذات الأهمية الاستراتيجية، لكنّ سعيد حذّر الغنوشي قائلاً: "إلزم حدودك"، في إشارة إلى حدود منصبه بصفته رئيساً للبرلمان، والتي ليس من ضمنها الدور الدبلوماسي أو الميل نحو كفة في نزاع تقف الدولة منه على الحياد.

كما دعم البرلمان سعيد حين تصدّى هو الآخر لمحاولات النهضة، وقد تعرّض رئيسها الغنوشي لمساءلة النواب، في موقف كان يمكن أن يتفاقم ليزيح بثقته، ورغم أنّه لم يصل إلى ذلك، غير أنّه كان بمثابة رسالة قوية للغنوشي والنهضة لعدم استغلال المنصب الرسمي في لعب أدوار ليست من صلاحياته.

اقرأ أيضاً: ما هي مهمة شركة سادات التركية في ليبيا؟ ومن وراءها؟ 

ولم تقف الأوضاع عند ذلك، حيث ردّ سعيد مجدّداً مؤكداً سلطاته، حين أعلن خلال زيارته الأخيرة إلى باريس الأسبوع الماضي، أنّ شرعية حكومة الوفاق مؤقتة، ولا يمكن أن تستمر ويجب أن تستبدل بشرعية أخرى تعبّر عن إرادة الشعب، في إشارة إلى ضرورة البدء في المسار السياسي الذي تعطله الوفاق وتركيا.

وقد كسب التصريح قوة إضافية لصدوره من فرنسا التي تتخذ موقفاً صلباً من التدخل التركي في ليبيا، وتصفه بـ"العدواني" و"اللعبة الخطيرة".

من جانبها، لم تتسرّع حركة النهضة في الردّ على تصريحات رئيس الدولة، وأثبتت أنها تجيد قراءة الرسائل، لكنها تملك أوراقاً للمراوغة أيضاً.

انتظرت النهضة انطلاق مجلس شورى الحركة، على مدار يومي السبت والأحد، لطرح الأوراق كلها على طاولة واحدة، في إطار حزبي، يحصّنها من الاتهامات باستغلال منصب رئيسها الغنوشي الرسمي كونه رئيساً للبرلمان، أو يعرّضها لاتهامات السطو على صلاحيات سعيد، وفي الوقت نفسه، تؤكد من خلالها استمرار موقفها الداعم للوفاق، وتلوّح بالورقة الأبرز "سحب الثقة من الحكومة".

لم تتسرع حركة النهضة في الرد على تصريحات رئيس الدولة، وأثبتت أنها تجيد قراءة الرسائل، لكنها تملك أوراقاً للمرواغة أيضاً

وسحب الثقة من حكومة الفخفاخ مطلب برلماني حرّكه حزب "قلب تونس"، المتحالف مع النهضة، بدعوى شبهات فساد وتربّح، بعدما نشر عدد من النواب وثائق قالوا إنها تثبت تورّط الفخفاخ في "فضيحة" تضارب مصالح وفساد، في وقت شكّل فيه البرلمان لجنة تحقيق في القضية، ينتظر أن تعلن نتائجها في الأيام القليلة القادمة، بحسب موقع "ميدل إيست أون لاين".

وتشير الوثائق، حسب الموقع ذاته، إلى أنّ إحدى شركات الفخفاخ حصلت على صفقات عمومية بمبلغ يناهز 40 مليون دينار (14 مليون دولار) بعد تولّيه مهامّه. في وقت ينفي فيه الفخفاخ ذلك، ويقول إنّ استثماراته في الشركة سبقت توليه المنصب، وتقتصر على 20% فقط؛ أي ليس له حق إداري، وأن تلك الملكية لا تتعارض مع قانون تضارب المصالح.

وطرحت حركة النهضة ملف سحب الثقة من الحكومة والموقف من ليبيا على طاولة واحدة، دفعة واحدة، فيما بدا أنه ابتزاز سياسي، يهدف إلى تراجع سعيد عن تصريحاته حول الوفاق، أو على الأقل عدم ميل تونس إلى المعسكر المعادي للتدخلات التركية، وترك مساحة أوسع للنهضة لإبداء رأيها في الأمر، وإلا أقدمت على سحب الثقة من الحكومة، وهي تملك ذلك.

وتُعدّ كتلة النهضة (54 نائباً) هي الأكبر بين الكتل السياسية، وانضمامها إلى كتلة قلب تونس (27 نائباً) والكتل الأخرى المؤيدة لسحب الثقة من الفخفاخ، يعني سحب الثقة دون عناء من رئيس الوزراء الذي شكّل الحكومة في شباط (فبراير) الماضي، بعدما رفض البرلمان منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي التي رشحتها النهضة، فانتقلت الكرة إلى ملعب الرئيس التونسي الذي اختار الفخفاخ، ونال ثقة البرلمان.

وارتفع الصدام بين النهضة وحكومة الفخفاخ، قبل أيام من تحريك ورقة "شبهة الفساد" داخل البرلمان، حيث طالبت النهضة (تشارك في الحكومة) الفخفاخ بتوسيع الائتلاف الحكومي لضمّ حزب "قلب تونس"، وسط رفض من الأخير، ما دفع النهضة إلى إصدار بيان ذكّرت فيه الفخفاخ بأنها هي من منحته الثقة.

الغنوشي قال في مؤتمر حزبي: إنّ الوفاق الحكومة الوحيدة صاحبة الشرعية في ليبيا مستنداً إلى ورقة "سحب الثقة من الفخفاخ"

لذا، فإنّ التصريحات التي خرج بها الغنوشي أمس حول ليبيا، والتي تعارض وتردّ بصورة فجّة على تصريحات الرئيس سعيد في باريس، لا يُعتقد أنّها خرجت عفوية، دون أن تكون ضمن مراوغة جديدة، أو مسنودة على ضغوطات من الحركة، حتى لو أسفر عنها تأزيم الوضع الاقتصادي، المتأزم بالفعل، في تونس.

وقد عمّق فيروس كورونا الأزمة الاقتصادية في تونس، حيث كشفت رسالة رسمية بعثها البنك المركزي التونسي لصندوق النقد الدولي، بحسب وكالة أنباء الأناضول، أنّ اقتصادها سينكمش بأكثر من 4.3% هذا العام، بسبب انهيار قطاع السياحة الحيوي، نتيجة تفشّي فيروس كورونا في العالم، وذلك في نيسان (إبريل) الماضي. كما وصفت الرسالة وضع الاقتصاد التونسي بأنه الأسوأ ركوداً منذ الاستقلال عام 1956، بسبب انهيار قطاع السياحة الحيوي المهدّد بخسارة عائدات تصل إلى 1.4 مليار دولار.

اقرأ أيضاً: تحالف فرنسي إيطالي ألماني يلجم أطماع أردوغان في ليبيا.. هذا ما دعا له

في غضون ذلك، قال راشد الغنوشي خلال مؤتمر مجلس الشورى السبت، بحسب ما أوردته روسيا اليوم، إنّ "الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا هي حكومة الوفاق". وتابع: إن مجلس شورى الحركة سينظر ضمن جدول أعماله في استمرارية الحكومة من عدمها، خاصة بعد الاتهامات الموجّهة إلى رئيسها إلياس الفخفاخ.

وسحب الثقة من الفخفاخ يعيد الكرة إلى ملعب البرلمان لاختيار رئيس حكومة جديد، ومن ثمّ للكتلة الأكبر فيه النهضة، علماً بأنّ الحركة تلقى معارضة برلمانية لافتة يتقدّمها الحزب الدستوري الحر، ما يعني إمكانية عدم حيازة الشخصية التي قد تطرحها الحركة الرضا، ويُدخل البلاد في دوّامة جديدة من الفراغ السياسي.

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية