تحديات تتطلبها المرحلة الانتقالية في سوريا.. هل ينجح الشرع بالاختبار؟

تحديات تتطلبها المرحلة الانتقالية في سوريا.. هل ينجح الشرع بالاختبار؟

تحديات تتطلبها المرحلة الانتقالية في سوريا.. هل ينجح الشرع بالاختبار؟


04/02/2025

دخلت سوريا مرحلة غير واضحة المعالم تشوبها تحديات كثيرة، منذ سقوط بشار الأسد نزاعا داميا وعقودا من الحكم بقبضة من حديد، واستحواذ أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية حاليا، بكل السلطات.

ورغم الخطوات الإيجابية التي اتخذها الشرع في بداية المرحلة الانتقالية، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة الفصائل المسلحة، وتحقيق الأمن والاستقرار، وصياغة دستور جديد يحظى بقبول جميع الأطراف، في ظل استمرار الضغوط المحلية والدولية.

وعُرف الشرع بأبي محمد الجولاني وتزعّم هيئة تحرير الشام الإسلامية التوجه. وبعدما قاد على رأس الهيئة تحالف الفصائل التي أطاحت بالأسد، انتقل سريعا من الميدان الى السياسة، وبات يستخدم اسمه الحقيقي واستعاض عن الزي العسكري ببزّة رسمية وربطة عنق.

وبدأ سريعا تثبيت موقعه، معززا بدعم دول تتقدمّها تركيا وقطر والسعودية. وحتى قبل تعيينه رسميا، استضاف في القصر الرئاسي وفودا أجنبية ومسؤولين رفيعين من دول عدة.

تعهدات الشرع

وفي أول مقابلة له عقب توليه المنصب مع تلفزيون "سوريا" قال أحمد الشرع إنه يحاول "تجنيب سوريا حالة المحاصصة في المناصب"، مشددا على أن "الكفاءة ستكون هي المعيار في ذلك"، وأضاف أن "الجميع يؤكد على وحدة سوريا ويرفض انقسام أو انفصال أي جزء منها وهناك مفاوضات مع قسد لحل ملف شمال شرق سوريا".

رئيس الجمهورية العربيَّة السوريَّة للمرحلة الانتقالية: أحمد الشرع

وأكد أن "قوات سوريا الديمقراطية أبدت استعدادها لحصر السلاح بيد الدولة لكن هناك اختلاف على بعض الجزئيات"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد قانون حتى الآن يضبط عملية الأحزاب السياسية وحالياً نعتمد على الكفاءات الفردية وستكون الكفاءات العالية حاضرة في الحكومة الجديدة".

وكشف الشرع أن "مدة الوصول إلى انتخابات رئاسية تحتاج ما بين 4 و5 سنوات". وتابع: "وصلنا إلى بر الأمان على مستوى السلم الأهلي والدولة السورية تشكل ضمانة لكل الطوائف والحوادث الفردية في الحد الأدنى، وأولوياتنا ضبط السلاح وحصره بيد الدولة".

وفيما يخص الاقتصاد، لفت رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا إلى أنه "يجري تشكيل فريق اقتصادي من خبرات عالية لوضع سياسة اقتصادية لسوريا، سنعيد هيكلة الاقتصاد في سوريا ونتخلص من الفساد الذي أثر عليه".

وتابع: "السوق الحر وتسهيل الاستثمار في سوريا يوفر فرص عمل كثيرة ولهذا يجب توفير المقومات اللازمة لذلك من بيئة استثمارية صالحة وقوانين".

تلبية تطلعات الشعب السوري

في السياق، يرى رئيس مركز استراتيجي للدراسات، فراس النائب، أن التحدي الأكبر يكمن في مدى قدرة المرحلة الانتقالية على تلبية تطلعات الشعب السوري، إذ أبدى بعض السوريين تأييدهم لهذه الخطوات، بينما شعر آخرون بالخذلان نتيجة عدم تقديم رؤية واضحة لإدارة البلاد.

وأشار إلى أن "الشعب السوري لا يريد فقط تغييرات سياسية، بل يتطلع إلى دولة تحترم الدستور والقانون وتضمن حقوق الإنسان".

عاد إلى الواجهة الحديث عن تجدد نشاط تنظيم داعش في سوريا على وقع التطورات التي غيّرت الواقع الميداني وخريطة السيطرة في البلاد

ويؤكد النائب لشبكة "سكاي نيوز عربية"، أن سوريا تواجه تحديات تتعلق بالانفلات الأمني، والاقتصاد المتدهور، وخطر التقسيم، وهو ما يستوجب وضع إطار قانوني واضح لمنع تكرار سيناريوهات الفوضى في دول أخرى.

كما يرى أن الحل يكمن في الحوار مع مختلف القوى السياسية، وعدم تركيز السلطات بيد جهة واحدة دون رقابة.

تجديد العلاقات الدبلوماسية

والأحد، قام الشرع بزيارة إلى السعودية هي الأولى له إلى الخارج وتأتي بعد أيام من ترؤسه اجتماعا لقادة الفصائل أرسى معالم مرحلة التخلص من رواسب العهد السابق الذي اعتاد ترهيب السوريين والزجّ بهم في السجون وقمع المعارضة.

كما تأتي بعد أيام من لقاء جمعه بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ما يؤكد توجه سوريا الجديدة نحو فتح صفحة جديدة مع دول الخليج.

الزيارة إلى الرياض، تمثل، بحسب بي بي سي، خطوة ملموسة نحو تعزيز العلاقات وإعادة بناء الثقة بين الطرفين، إذ تسعى سوريا جاهدة للانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة البناء، وطيّ صفحة العزلة التي فرضها حكم الأسد لعقود، والانخراط مجدداً في العمل العربي المشترك.

ويرى الدكتور سمير التقي، الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، لبي بي سي إن السعودية اليوم هي "العمود الأساسي للعرب"، وتعدّ زيارة الشرع لها بمثابة خطوة نحو تعزيز العلاقات السورية الخليجية في ظل التحديات التي تواجهها سوريا بعد حكم الأسد.

وفيما يتعلق بالتوقعات المرجوّة من الزيارة، يوضّح التقي، وهو باحث سوري، أن اللقاء مع أمير قطر كان أمراً متوقعاً، إلا أن الترقب الأكبر كان لزيارة السعودية بسبب الأبعاد السياسية الكبرى التي تحملها، وتابع: "العلاقة مع الرياض كانت دوماً محورية بالنسبة لسوريا في محيطها العربي"، بحسب التقي.

تحديات أمنية

وقد عاد إلى الواجهة الحديث عن تجدد نشاط تنظيم داعش في سوريا، على وقع التطورات التي غيّرت الواقع الميداني وخريطة السيطرة في البلاد، الثابتة منذ بداية عام 2020.

فمع انهيار قوات نظام الأسد بالكامل أمام تمدد فصائل الثورة في المحافظات السورية، وانحسار سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن بعض مناطق نفوذها، حذّر مظلوم عبدي قائد قسد، في كانون الأول / ديسمبر الماضي، من ظهور نشاط التنظيم للعلن بعد أن كان مخفيا.

وأشار إلى أن تنظيم الدولة بات يدخل إلى مناطق سيطرة قواته، ولم يعد يقتصر نشاطه على البادية، مستغلا التطورات الميدانية في سوريا وزوال سيطرة نظام بشار الأسد.

وأعلن البنتاغون أنّ طائراته أغارت على أكثر من 75 هدفا لتنظيم داعش في سوريا، بهدف منع التنظيم من تنفيذ عمليات خارجية وضمان عدم سعيه للاستفادة من الوضع الحالي لإعادة تشكيل نفسه.

أعلن البنتاغون أنّ طائراته أغارت على أكثر من 75 هدفا لتنظيم داعش في سوريا

تخوف آخر يشغل بال السوريين، "بحسب بي بي سي"، وهو ملاحقة ما باتوا يعرفون بـ"فلول نظام الأسد" بعدما أصبحوا يمثلون تهديدًا للأمن العام. وقد أطلقت إدارة العمليات العسكرية السورية عمليات ملاحقة في الفترة الأخيرة وتم اعتقال عشرات من عناصر النظام السابق.

تحديات إقليمية

من منظور إقليمي، يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، حسن المومني، أن الاستقرار في سوريا لا يزال هشًا، وأن نجاح العملية الانتقالية يعتمد على التفاهمات الإقليمية والدولية.

ويقول المومني: "يجب النظر إلى المشهد السوري من منظور واقعي، وليس مثالي، حيث أن الوضع في سوريا يختلف عن حالات مثل العراق واليمن، إذ لم يكن هناك توافق إقليمي على مستقبل البلاد".

وأضاف أن "الشرع يسعى إلى تحقيق شرعية سياسية، لكن ذلك سيستغرق وقتًا طويلاً، خاصة أن المرحلة الانتقالية تتطلب دعمًا دوليًا وإقليميًا لضمان نجاحها". كما حذر من خطورة سيطرة جماعات مسلحة على الحكم دون تحقيق عملية سياسية شاملة، وهو ما قد يؤدي إلى استمرار الفوضى بدلاً من تحقيق الاستقرار المطلوب.

يُذكر أن سوريا تتعرض لضغوط شديدة من عدة دول إقليمية، "فأكثر من دولة لديها جنود على الأرض، وكل منها لها أجندة، والأجندات تتضارب".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية