السياسات الأيديولوجية للعدالة والتنمية والسير في طريق الهاوية

السياسات الأيديولوجية للعدالة والتنمية والسير في طريق الهاوية


20/09/2021

أشار الكاتب التركي طه آكيول إلى أنّ حزب العدالة والتنمية يتمتع بفترتين مختلفتين من السلطة: الأولى هي السياسات الناجحة في عملية الاتحاد الأوروبي.. والثانية هي السياسات الأيديولوجية التي تحول إليها خطوة بخطوة بعد عام 2011.

ولفت في مقال له في صحيفة قرار التركية أنّه في الفترة الأولى، غالبًا ما يُنظر إلى خطاب "القانون العالمي، المعايير الأوروبية، التحديث، المال ليس له دين" في خطاب أردوغان.

وذكر أنّ الكادر الحاكم بالطبع كان من المتدينين لكنهم لم يظهروا ذلك في ذلك الوقت. بالطبع، سوف يدافعون عن حرية الدين والضمير، لكنهم سيستندون في ذلك إلى المفهوم الحديث لـ "حقوق الإنسان"..

ونوّه آكيول إلى أنّه في عام 2011، أدى الفوز في الانتخابات والربيع العربي إلى تفجير الثقة بالنفس. تطور موقف الحزب من الاحتكار وضغط الفائدة على البنك المركزي ورد الفعل على انتقاد الغرب للسلطوية بكلمات مثل "التحالف الصليبي" خطوة بخطوة. وبلغ هذا الاتجاه ذروته بإقرار النظام الرئاسي.

وقال المحلل التركي إنّه في الفترة الأولى، كان أهم تنظيم قانوني تجاه المعايير الغربية هو إضافة بند إلى الدستور في عام 2004، بدعم من المعارضة: إن المرجع الرئيسي للحقوق والحريات في تركيا الآن هو "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".

وأضاف إنّ هذا هو أحد التطورات القليلة الأكثر قيمة في تاريخنا القانوني... مثل إصلاحات التنظيمات، قانون الحريات - المؤرخ في 2 فبراير 1922.  كما وصف رئيس الوزراء أردوغان عملية الاتحاد الأوروبي بأنها "أكبر خطوة تحديث بعد تأسيس الجمهورية". (6 يوليو 2011)

ولفت الكاتب إلى أنّه في بيئة الثقة القانونية والسياسية هذه، سيأتي 220 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا. وبعد عام ونصف... خلال أيام الربيع العربي، تظهر الكلمات التالية لأردوغان، وهو يتحدث أمام جمهور كبير في جامعة القاهرة، كيف بدأت المرجعية تتغير: "الحرية هي جوهر حضارتنا.. لسنا أممًا تحتاج إلى البحث عن نماذج من أي مكان. يمنحنا تاريخنا وحضارتنا الدروس الضرورية والخبرة اللازمة حول الحرية وثقافة العيش معًا واحترام الاختلافات والعدالة ". (17 نوفمبر 2012)

شدّد الكاتب آكيول على أنّ خطاب "الفائدة هي السبب..." في مجال الاقتصاد هو أحد رموز هذه الفترة. وهنا نتذكر المعارك التي بدأت مع البنك المركزي في عام 2014.. والمقصود أن أرقام الحكومة نفسها هي كالتالي: في عام 2019، كانت مصروفات الفوائد في الموازنة 99.9 مليار ليرة، وفي عام 2021، 178.5 مليار ليرة، وفي عام 2023 سترتفع إلى 218 مليار ليرة! (6 سبتمبر 2021)

وأكّد أنّه مع ذلك، فإن الأموال المخصصة للفوائد في الميزانية كانت 45 مليار ليرة في عام 2011، لكنها ارتفعت بشكل كبير في السنوات الثلاث الماضية. هل ترى فاتورة نظام النظام الرئاسي؟ قد تتذكر أيضًا العبارات المثيرة مثل "نحن قوى أجنبية مكتفية ذاتيًا، مفتاح الأزمة هو الاقتصاد الإسلامي".

استشهد آكيول بما قاله الخبير الاقتصادي سومرو أوز عن حالة الدولار: "بعد أن انخفضت دولرة الودائع إلى 29 في المئة بفضل السياسات الاقتصادية الصحيحة التي تم تنفيذها بعد أزمة عام 2001، زادت مرة أخرى في عام 2011 ووصلت إلى 57 في المئة في منتصف عام 2021". أيهما أكثر وطنية: تخفيض معدل الدولرة إلى 29 بالمئة أم لا؟ الفرق الهائل بين الكلمات والواقع في الفائدة والعملات الأجنبية!

أما عن الإسلام والقومية فقال الكاتب إنّ الدخل القومي ارتفع إلى 12.000 دولار بفضل السياسات الأولى. وبسبب هذه السياسات الأيديولوجية انخفض إلى 9 آلاف دولار!

وأكّد الكاتب على أنّإن استخدام جرعات متزايدة من المفاهيم الإسلامية والقومية للاحتفاظ بالناخبين لا يوفر حلاً ويخلق مشكلتين أخريين: الأولى هي تآكل هذه القيم في الاستخدام السياسي. يجب على أصحاب الحساسيات الإسلامية والقومية أن يروا هذه الحقيقة المرة. هذه القيم، التي يمكن أن تؤدي وظيفتها في رفع المعايير الأخلاقية والثقافية، تم تقليصها إلى مستوى السياسة اليومية. الاستمرار في هذا المسار، والاعتقاد بأنه "يخدم القضية"، سيزيد من إضعاف هذه القيم.

وذكر أنّ المشكلة الأخرى هي فقدان الثقة في عقلانية الإدارة بسبب العداء. إذا كان المواطن يضع 57 في المئة من ودائعه بالعملة الأجنبية، فذلك لأن الحكومة لا تثق في عقلانية واستقلالية البنك المركزي. إنه يبحث عن حل بالعملة الأجنبية ضد التضخم.

وختم مقاله بالقول إنّه لا خيار أمامنا سوى العودة إلى السياسات العقلانية، وسيادة القانون، والقضاء المستقل، والحقوق والحريات العالمية.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية