"اتفاق مؤقت" لإنقاذ مفاوضات فيينا: إيران تشتري الوقت وتخصّب

"اتفاق مؤقت" لإنقاذ مفاوضات فيينا: إيران تشتري الوقت وتخصّب

"اتفاق مؤقت" لإنقاذ مفاوضات فيينا: إيران تشتري الوقت وتخصّب


16/04/2023

رغم الكشف عن "الاتفاق المؤقت" المحتمل بين إيران والقوى الدولية لإنقاذ الاتفاق النووي، ومحاولة إنهاء الانسداد السياسي الذي شهدته مفاوضات فيينا منذ قرابة سبعة أشهر، إلا أنّ إيران ما تزال تؤكد على ضرورة إحياء اتفاق 2015، وترفض الفكرة المتداولة في الأوساط الأمريكية والغربية بشأن تجميد جزء من العقوبات الأمريكية في مقابل تجميد النظام الإيراني أجزاء من المشروع النووي، ومنها وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة.

اتفاق مؤقت.. ما الجديد؟

المعلومات التي كشف عنها موقع "أكسيوس" الأمريكي، مؤخراً، وصفها الإعلام الإيراني المقرب من الجناح الأصولي المتشدد بأنّها "أسوأ مقترح" تم تقديمه، حتى الآن، بخصوص الاتفاق النووي. ووفق وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم"، فإنّ الأنباء المتداولة بخصوص المقترح الأمريكي هي محاولة لتفادي الضغوط الداخلية، وقالت إنّه "لا اتفاق ولا أزمة".

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إنّه "بالطبع موضوع الاتفاق المؤقت ليس قضية جديدة، وقد أثارها الأمريكيون عدة مرات خلال عدة جولات من المفاوضات لرفع العقوبات في فيينا، وفي كل مرة واجهوا رد إيران السلبي. في ذلك الوقت، كان من المفترض أن يكون "الاتفاق المؤقت" الخطوة الأولى في عملية متعددة الخطوات للعودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي من كلا الجانبين".

بل إنّ "تسنيم" اعتبرت "الاتفاق المؤقت" "هذه المرة لن يساعد حتى في العودة إلى سياسة خطوة بخطوة للتنفيذ الكامل للاتفاق النووي" موضحة أنّه "العقيدة الجديدة للبيت الأبيض تجاه إيران والذي أطلق عليه الخبراء المقربون من حكومة بايدن اسم "لا اتفاق ولا أزمة"".

إيران ما تزال تؤكد على ضرورة إحياء اتفاق 2015، وترفض تجميد جزء من العقوبات الأمريكية في مقابل تجميد النظام الإيراني أجزاء من المشروع النووي

ووفق الكاتب الحقوقي‌ والخبیر في‌ الشأن الإيراني، نظام مير محمدي، فإنّ مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ومنها "الاتفاق المؤقت" بين إيران ودول الغرب لا تفي بمتطلبات الشعب الإيراني، كما أنّها لا تضمن سلامة المنطقة والأمن الدولي. وتابع في حديثه لـ"حفريات" أنّ هذا الاتفاق يعتبر "محاولة أخرى للنظام الإيراني للتملص من مسؤولياته والحفاظ على برنامجه النووي الخطير الذي يشكل تهديداً كبيراً للمنطقة والعالم".

وأكد محمدي على ضرورة أن يكون أيّ اتفاق مع إيران مستنداً إلى معايير دقيقة، تضمن التزامها الكامل بعدم امتلاك أو تطوير أسلحة نووية، وسحب كل القوات الإيرانية المسلحة والميليشيات المرتبطة بها من الدول الأخرى في المنطقة.

ضرورة امتثال طهران للمعايير الدولية

كما شدد الكاتب الحقوقي‌ والخبیر في‌ الشأن الإيراني على ضرورة أن يتعامل المجتمع الدولي بـ"حزم" مع النظام الإيراني "المتسلط والمتهم بانتهاكات حقوق الإنسان في إیران، ودعم الإرهاب في‌ المنطقة والعالم، فضلاً عن ضرورة دعم حقوق الشعب الإيراني في الحرية والديمقراطية والعدالة". ودعا مير محمدي إلى ضرورة ضغط المجتمع الدولي على النظام الإيراني للامتثال للمعايير الدولية والتوقف عن تهديد السلم والأمن الدوليين.

نظام مير محمدي: طهران تستخدم مفاوضات النووي كوسيلة للتشدد

وأردف: "يواصل النظام الإيراني استخدام مفاوضات النووي كوسيلة لشراء الوقت، وذلك في ضوء الأزمات الداخلية الكبيرة التي يواجهها بعد مرور أكثر من ستة أشهر على الانتفاضة الشعبية. حيث يبدو أنّ النظام الإيراني يستخدم مفاوضات النووي كوسيلة للتملص من مسؤولياته الدولية والتشدد في مواقفه، بهدف الحفاظ على برنامجه النووي الخطير وسط تنامي الضغوط الداخلية والدولية عليه".

نهاية الشهر الماضي، التقى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في موسكو، بنظيره الروسي سيرغي لافروف، بينما ناقش الطرفان عدة قضايا، منها إحياء الاتفاق النووي، وكذا استئناف المفاوضات في فيينا. وبالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو، انخرط كبير المفاوضين الإيرانيين في المباحثات النووية، علي باقري كني، في مفاوضات مع أطراف سياسية من ثلاث دول (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) مشاركة بمفاوضات إحياء "خطة العمل المشتركة". وتؤشر هذه التحركات إلى محاولات إيران التوصل لتفاهمات نهائية بخصوص الاتفاق النووي من خلال وسطاء ليس من بينهم واشنطن، لا سيّما بعد الضغط الأوروبي المتمثل في إلغاء آلية "انستكس" التجارية لتسهيل الانشطة التجارية بينها وبين طهران في حال انهيار اتفاق 2015.

وبالعودة إلى الموقع الأمريكي، فقد لمّح إلى أنّ "الاتفاق المؤقت" يعكس ارتياب واشنطن في تطورات البرنامج النووي الإيراني. ونقل "أكسيوس" عن ناطق بلسان البيت الأبيض قوله إنّ إدارة بايدن "ملتزمة كلياً بالتأكد من عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، ولا تزال تؤمن أن الدبلوماسية هي أفضل طريق لتحقيق هذا الهدف". وتابع: "لن يعلق على إشاعات منقولة حول المحادثات الدبلوماسية، ما عدا التأكيد على أنّ كل الإشاعات مثل هذه تقريباً زائفة".

الخبیر في‌ الشأن الإيراني، نظام مير محمدي لـ"حفريات": مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، ومنها الاتفاق المؤقت" بين طهران ودول الغرب لا تفي بمتطلبات الشعب الإيراني

وفي جلسة انعقدت في النصف الثاني من الشهر الماضي بالكونغرس، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، مارك ميلي، إنّ "إيران، وفي حال اتخذت القرار، يمكنها أن تنتج مواد انشطارية لصنع قنبلة نووية في أقل من أسبوعين". وتابع: "إنتاج سلاح نووي حقيقي لن يستغرق سوى عدة أشهر أخرى".

نظام الملالي يواصل تهديد النظام العالمي

في هذا السياق، أكد مير محمدي أنّ سلوك نظام الملالي برفع نسبة تخصيب اليورانيوم أكثر من 80٪ يعد "تهديداً حقيقياً للمنطقة والعالم. إذ يزيد ذلك من قلق المجتمع الدولي بشأن نوايا إيران الحقيقية في ما يتعلق ببرنامجها النووي ويعرض الأمن الدولي للخطر. فاليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 80٪ يمكن أن يستخدم في إنتاج أسلحة نووية عالية القوة، مما يشكل تهديداً جدياً لاستقرار المنطقة والعالم".

واختتم میر محمدي حديثه قائلاً إنّ "الأزمات الداخلية التي يواجهها النظام الإيراني قد تزيد من احتمالية تفاقم الوضع وحدوث انفجار جديد، حيث يواجه النظام تنديداً شديداً من قبل قوى المعارضة في الداخل والخارج بسبب التدهور الاقتصادي والاحتجاجات الشديدة على التمييز والفساد والقمع. وربما يلجأ النظام الإيراني إلى استخدام المفاوضات النووية كوسيلة لتهدئة الضغوط الداخلية، وكسب الوقت للتصدي للأزمات التي يواجهها داخلياً".

وفي سياق متصل، يوضح الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلاح القصاص، أنّ "الاتفاق المؤقت" لا يختلف عن مساعي واشنطن "الدبلوماسية" لإنهاء أزمة نووي طهران، موضحاً لـ"حفريات" أنّ "محاولات بايدن المتكررة في هذا الشأن بعد إعلانه عدم أولوية الملف النووي في سياسات أمريكا الراهنة، تعكس الضغوط والأزمات الدولية العنيفة، سواء موقف إسرائيل المتشدد، أو الحرب في أوكرانيا، والأخيرة تكشف عن هشاشة الموقف الأمريكي، سياسياً ودبلوماسياً، أمام تقدم الموقف الروسي والصيني والذي شرع في ملء فراغات الولايات المتحدة، بل إنّ بكين التي نجحت في بلورة اتفاق إقليمي بين السعودية وإيران تتبعها على نفس الخطى موسكو وهي تحاول ترميم العلاقة بين سوريا وتركيا، بينما تصنع مناورات معقدة على تخوم التنافس مع طهران في ظل سماحها أو بالأحرى تنسيقها مع تل أبيب لتنفيذ ضربات على موقع نفوذ الحرس الثوري في دمشق"

مواضيع ذات صلة:

بعد بلوغها مرحلة حاسمة... مفاوضات النووي الإيراني تتعثر بعد هذا المطلب الروسي

بعد الكشف عن برنامجها الصاروخي...هل تنجح السعودية في تحقيق توازن عسكري بالمنطقة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية