الخبراء يفنّدون "مفاجأة" أردوغان: حقل "ظهر" المصري يفوق التركي 3 أضعاف

الخبراء يفنّدون "مفاجأة" أردوغان: حقل "ظهر" المصري يفوق التركي 3 أضعاف


23/08/2020

لا شيء يمكنه أن يفسّر الحالة المتخبطة التي يعيشها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلا إذغ جرى إخضاعه إلى سرير التحليل النفسي؛ فالرجل يعيش في متاهة تتسع رويداً رويداً، وكلما لجأ إلى الخداع أكثر اتسعت المتاهة.

الحقل التركي لن يكون موجوداً في قائمة أكبر 30 حقل غاز في العالم. فحقل "ظهر" المصري ترتيبه 20 عالمياً ، وتبلغ احتياطياته حوالي 3 أضعاف ما أعلنت عنها تركيا

وتتجسد في أردوغان كل صفات الديكتاتور الذي لا يقبل بالهزيمة، ولا يعترف بالأخطاء. والأخطر من ذلك هو الإنكار والمكابرة. فأمام كل تراجع سياسي أو تقهقر اقتصادي يلجأ كما يفعل الحاوي إلى إخراج شيء من جعبته الفارغة، بهدف إلهاء الناس، وحرف انتباه الرأي العام، وبناء ترسانة الأوهام التي راكمها أردوغان بسبب سياساته المتغطرسة التي تخلو من أية حكمة أو بعد نظر.

آخر ما أخرجه الرئيس "الحاوي" ما قال عنه إنه "مفاجأة"، حيث أعلن، بعد صلاة الجمعة، أنّ "تركيا اكتشفت أكبر مخزون للغاز الطبيعي في تاريخها في البحر الأسود، فقد اكتشفت سفينة فاتح مخزون غاز يقدر بـ320 مليار متر مكعب في البحر الأسود".

وأضاف أردوغان "منذ سنوات ننقب عن الطاقة بواسطة سفن صنعناها بأنفسنا، وفتح الله لنا طاقة خير كبيرة في مكان لم يكن بالحسبان. أجرينا 9 عمليات حفر في المياه العميقة في البحرين المتوسط والأسود عبر سفينتي (الفاتح) و(ياووز). بدأنا بسم الله من حقل صقاريا للغاز وبمشيئة الله سيكون هناك المزيد، وننتظر أنباء سارة مماثلة من البحر المتوسط".

وتابع "نفذنا كامل عملية التنقيب بإمكانات وطنية، وليس لدينا أدنى تبعية خارجية في أعمال البحث والتنقيب. انتقلنا إلى مصاف أبرز الدول في العالم من خلال سفينة الفاتح التي نعيش بفضلها فرحة اليوم وكذلك سفينتا ياووز والقانوني، ونهدف إلى أن يصل الغاز التركي المكتشف إلى المواطنين بحلول عام 2023".

وقال أردوغان في كلمته "نحن مصممون على حل مسألة الطاقة في بلادنا بشكل جذري، ولن نتوقف أو نرتاح حتى نكون دولة مصدّرة للطاقة".

تمنيات أردوغان لم تصمد طويلاً

لكنّ تمنيات أردوغان لم تصمد طويلاً، إذ سرعان ما تصدى الخبراء لتصريحاته "الحالمة" وفنّدوها، وبل وجعلوا "المفاجأة" ترتد على صاحبها بشكل سلبي، حيث سرعان ما ستعود أسواق البورصة إلى الانخفاض ويواصل سعر الليرة التركية ترنّحه.

اقرأ أيضاً: مغامرات تركيا في «المتوسط»

واعتبر رئيس شركة الاستشارات الإستراتيجية "Global Resources Corporation" صاحبة الاستثمارات في مشروعات الطاقة العالمية، محمد أويوتشو، إعلان الرئيس التركي، استخراج الغاز المكتشف في مياه البحر الأسود خلال ثلاث سنوات بأنه "غير منطقي".

خبير الطاقة التركي محمد أويوتشو، أكد، كما نقلت صحيفة "زمان" أنّ استخراج الغاز الطبيعي من الحقل المذكور قد يستغرق 7-8 سنوات على الأقل، موضحاً أنّ نجاح تركيا في استخراجه في عام 2023 فقط كما زعم أردوغان سيكون رقماً قياسياً عالمياً.

وأوضح أويوتشو أنّ الحقل ذا الـ 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي يعتبر مجرد بداية خير لتركيا، مشيراً إلى أنّ الكمية المكتشفة لن تحقق طموحات تركيا في التصدير للدول الأوربية، خاصة وأنّ استهلاك دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي 350 مليار متر مكعب سنوياً، بينما احتياطي الحقل 320 مليار متر مكعب فقط، أي أنه لن يكفي أوروبا إلا عاماً واحداً فقط، على حد تعبيره.

الحقل ليس ضخماً بالمقاييس العالمية

وأكد أويوتشو على ضرورة عدم إطلاق العنان للطموحات عالياً، مشيراً إلى أنّ "الكشف ليس ضخماً بالمقاييس العالمية"، كما يُروّج له من قبل الحكومة التركية أو من قبل الإعلام القطري أو الدائر في فلك جماعة الإخوان.

ونقلت "روسيا اليوم" تصريحات نشرتها صحيفة "زمان" لرئيس مجموعة دراسات الطاقة في غرفة مهندسي الماكينات في إسطنبول، أوغوز ترك يلماز، قوله إنّ "استخراج الغاز الطبيعي من الحقل الجديد المعلن اكتشافه، سيحتاج إلى ما بين 5 و10 سنوات على الأقل من أجل مد الأنابيب لنقل الغاز".

توقيت "المفاجأة" التي أعلن عنها أردوغان هو الذي جعل البعض يعتقدون أنّ الرئيس التركي يحاول أن يجد مخرجاً من مأزق شرق البحر المتوسط وليبيا، وكان هذه الفرصة المثالية

ويقع الكشف التركي الجديد على بعد نحو 100 ميل بحري (185.2 كيلو متر) إلى الشمال من الساحل التركي، إضافة إلى كونه في المياه العميقة (3500 متر من سطح البحر).

ورأى هذا الخبير أنّ تركيا تحتاج إلى 34 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، موضحاً أنّ ذلك يعني أنّ "الحقل الجديد يكفي احتياجات تركيا من الغاز لمدة 7-8 سنوات فقط".

وفي هذا السياق قال تُرك يلماز: "لا يمكننا استخراج الغاز مباشرة. يجب أولاً بدء أعمال الحفر، في حالة التمكن من حفر بئر واحد، فإنّ مرحلة الإنتاج تستمر 20-30 سنة. هذا يعني أنّ تركيا ستنتج 16 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، أي أنه يعادل 20-25% من احتياجات تركيا السنوية من الغاز الطبيعي".

اقرأ أيضاً: لماذا تجر تركيا قطر معها إلى ليبيا؟

خبير آخر في مجال الطاقة يدعى، أوزجور جوربوز، نقل عن رويترز إعلانها قبل عدة أيام، أنّ حجم احتياطي حقل الغاز في البحر الأسود، يتجاوز 800 مليار متر مكعب، وهو حجم ضخم فعلاً، لكنه لفت إلى أنّ "الرئيس أردوغان أعلن أنّ احتياطي الحقل 320 مليار متر مكعب" فقط.

آراء مشككة في الجدوى المعلنة للاكتشاف

وتابع الخبير رأيه المشكك في الجدوى المعلنة للاكتشاف الغازي الجديد، قائلاً إنه "حسب المعلن فإنّ استهلاك تركيا من الغاز في عام 2017 كان 53 مليار متر مكعب، وهذا يعني أنّ الاحتياطي المعلن رسمياً يكفي تركيا لنحو 6 سنوات فقط، بهذا الحجم لا يمكن لتركيا أن تكون دولة مصدّرة للغاز بأي شكل من الأشكال".

وأشار جوربوز كذلك إلى أنّ "الغاز المكتشف قد يكون غير مجد اقتصادياً، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، مقابل تراجع الأسعار عالمياً متأثرة بزيادة الإنتاج الأمريكي من الغاز".

وفي سياق متصل، تساءل المحلل أحمد صقر في موقع "الطاقة" هل تكفي الاحتياطيات المعلنة لجعل تركيا مصدّراً رئيساً للغاز؟

اقرأ أيضاً: تركيا وسلاح المياه

ويجيب: بحسبة بسيطة نجد أنّ ما يمكن إنتاجه من هذه الاحتياطيات لا تكفي إلا لحوالي 30% من إجمالي استهلاك تركيا من الغاز الطبيعي لمدة 20 سنة على الأقل، ومن ثمّ ليس هناك كميات كافية للتصدير. وحالياً تستورد تركيا أغلب الغاز الذي تستهلكه من روسيا وإيران وأذربيجان عبر أنابيب، ومن الولايات المتحدة وقطر على شكل غاز مسال، بقيمة 11 مليار يورو، وفقاً لهيئة تنظيم أسواق الطاقة.

اقرأ أيضاً: تركيا و التنقيب في المتوسط.. نهاية "الأردوغانية"

ورأى أوزغور أونلو حصارجكلي مدير مكتب معهد "جرمان مارشال فاند" الأمريكي في أنقرة، في تغريدة أنّ الاكتشاف "لا بأس به على الإطلاق، لكنّ ذلك لا يغير المعطيات أيضاً"، وفقا لفرنس برس.

وقال مكتب "كابيتال ايكونوميكس" في مذكرة إنه رغم أنّ حقل الغاز الجديد "متواضع نسبياً مقارنة بحقول غاز طبيعي أخرى في العالم، إلا أنه سيساعد تركيا في خفض فاتورتها في مجال الطاقة".

حقل "ظهر" المصري ترتيبه 20 عالمياً

ولكنّ هذا الحقل لا يعد من حقول الغاز العالمية العملاقة. فعلى افتراض أنّ ما يمكن استخراجه من هذا الحقل هو 320 مليار متر مكعب التي أعلن عنها أردوغان، فإنّ هذا الحقل لن يكون موجوداً في قائمة أكبر 30 حقل غاز في العالم. فحقل "ظهر" المصري ترتيبه 20 عالمياً في حقول الغاز غير المصاحب، وتبلغ احتياطياته حوالي ثلاثة أضعاف الاحتياطيات التي أعلنت عنها تركيا.

ولكن، لماذا يصر الرئيس التركي على أن يعلن الإكتشاف بنفسه بدلاً من أن تعلنه الشركة المكتشفة؟

وفقاً لما يقوله الدكتور أنس الحجي، مستشار التحرير في "الطاقة"، في سلسلة من التغريدات عبر موقع تويتر، فإنّ المشكلة تكمن في أنّ أردوغان يريد أن يتوسع أو يفرض إرادته في المنطقة، وروسيا وإيران ليس لديهما أي مشكلة في استخدام إمدادات الغاز كسلاح لتحجيم تركيا. وحصل هذا سابقاً عدة مرات.

اقرأ أيضاً: مليون سوري مهددون بالعطش .. والسبب تركيا!

ويضيف: "لهذا فإنّ موضوع اكتشاف الغاز بالنسبة لأردوغان هو موضوع التحرر من قبضة تحكم إيران وروسيا، وهذا قد يفسر إصراره على الإعلان عن الاكتشاف بنفسه".

وهل هناك ارتباط بين توقيت إعلان أردوغان عن الاكتشاف والإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا حيث حصلا في الوقت نفسه؟ 

يقول أحمد صقرلا يمكن بأي شكل تجاهل هذا التوقيت، خاصة أنّ الأخبار عن الاكتشاف تسربت قبل يومين من إعلانه. وهذا التوقيت هو الذي جعل البعض يعتقدون أنّ أردوغان يحاول أن يجد مخرجاً من مأزق شرق البحر المتوسط وليبيا، وكان هذه الفرصة المثالية له.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية