خالد الحجازي لـ (حفريات): ليبيا عند مفترق طرق... تحديات عميقة وسيناريوهات عديدة

خالد الحجازي لـ (حفريات): ليبيا عند مفترق طرق... تحديات عميقة وسيناريوهات عديدة

خالد الحجازي لـ (حفريات): ليبيا عند مفترق طرق... تحديات عميقة وسيناريوهات عديدة


09/02/2025

أجرى الحوار: رامي شفيق

تعيش ليبيا مرحلة دقيقة ومفصلية، حيث يتجه المشهد السياسي نحو سيناريوهات متعددة تتعلق بتشكيل حكومة موحدة وتوحيد المناصب السيادية. ويأتي ذلك في ظل استمرار الانقسام السياسي بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب، ممّا يطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل البلاد وفرص تحقيق الاستقرار.

التقت (حفريات) بالمحلل السياسي الليبي دكتور خالد محمد الحجازي للحديث عن أبرز التحديات التي تواجه ليبيا، بدءاً من مسار توحيد الحكومة، ومروراً بتأثير الجماعات الإسلامية والتنظيمات المسلحة على مستقبل ليبيا، وكذا دور المصالحة الوطنية في تعزيز السلم الأهلي.

وقد حذّر الحجازي من خطر تنظيمات الإسلام السياسي وخطاب التحريض على مستقبل ليبيا، وشدد على أنّ خطاب تلك التنظيمات شرعن بشكل كبير العنف ضد الخصوم السياسيين ممّا يعزز من مسار الفوضى في البلاد.

المحلل السياسي الليبي: دكتور خالد محمد الحجازي

وأكد الحجازي صحة التقارير التي أشارت إلى نجاح عدد من أنصار الدكتور سيف الإسلام القذافي في الانتخابات البلدية التي أجريت مؤخراً.

نص الحوار:

  • يمضي المشهد العام في ليبيا نحو لحظة تحمل الكثير من السيناريوهات الخاصة بمسألة اختيار حكومة تنفيذية موحدة وتوحيد المناصب... كيف تنظر إلى ذلك؟

ـ ربما أهم تلك السيناريوهات هي ما تتعلق بسيناريوهات اختيار حكومة تنفيذية موحدة، وكذا توحيد المناصب السيادية، وذلك على خلفية أنّ المشهد الليبي يتسم بعدم الاستقرار السياسي والأمني، حيث ما تزال البلاد تعاني من الانقسام بين الحكومتين المتنافستين في الشرق والغرب، مع استمرار النزاعات المسلحة والتجاذبات الدولية والإقليمية. فرغم محاولات تحقيق الاستقرار عبر الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة، إلا أنّ الانقسامات الداخلية والمصالح المتضاربة بين الأطراف المحلية والخارجية تعيق الوصول إلى حل نهائي.

أمّا السيناريوهات المحتملة لتوحيد الحكومة في ليبيا، فإنّ المسار السياسي في ليبيا يمر بمرحلة دقيقة، حيث تمثل مسألة اختيار حكومة موحدة وتوحيد المناصب تحدياً جوهرياً في ظل الانقسام القائم، ممّا يجعل، في تقديري، أنّ السيناريوهات المحتملة تشمل التصورات التالية:

١. نجاح المسار التوافقي: في حال تمكنت الأطراف المتنازعة من الوصول إلى توافق برعاية أممية وإقليمية، فإنّ ذلك سيفتح الباب أمام استقرار نسبي يمهّد للانتخابات.

2. استمرار الانقسام: في حال فشلت جهود التوحيد، فإنّ الوضع الحالي سيستمر، ممّا يعني حكومة في طرابلس وأخرى في الشرق، مع استمرار الجمود السياسي.

3. التدخل الخارجي الحاسم: بعض القوى الدولية قد تضغط لإجبار الأطراف على الاتفاق، سواء عبر عقوبات أو حوافز سياسية واقتصادية.

  • هناك خطورة من جماعات الإسلام السياسي عموماً ودار الإفتاء تحديداً، خاصة في التحريض والانفلات حيث إنّ الكثير من الممارسات التي تدفع نحو الانفلات والسيولة والتحريض.... إلى أيّ حدٍّ ترى ذلك يمثل خطراً على واقع ومستقبل البلاد؟

ـ جماعات الإسلام السياسي، وخاصة المفتي الصادق الغرياني، لعبت دوراً بارزاً في تصعيد التوترات، من خلال خطاب تحريضي يُؤثر على الأمن والسلم الاجتماعي، وهذا الأمر خطير لعدة أسباب:

تعزيز الاستقطاب الإيديولوجي: يؤدي إلى تعميق الانقسامات بين الليبيين ويُضعف فرص المصالحة الوطنية.

دعم المجموعات المسلحة: بعض الفتاوى والخطابات ساهمت في شرعنة العنف ضد الخصوم السياسيين، ممّا يعزز الفوضى.

إضعاف مؤسسات الدولة: عبر التشكيك المستمر في شرعية الحكومات غير المتماشية مع رؤيتهم، وهذا يُعيق توحيد السلطة.

  • ماذا عن التحالف بين الإسلام السياسي والتنظيمات المسلحة في العاصمة ومدن الغرب؟ وإلى أيّ حدٍّ يهدد ذلك السلم الأهلي؟

يقيناً التحالف بين جماعات الإسلام السياسي والمجموعات المسلحة يُشكل تهديداً كبيراً للأمن والاستقرار في ليبيا، خاصة في الغرب. وتستطيع القول إنّ هذا التحالف يؤدي إلى نتائج كارثية؛ من أبرزها: استمرار الفوضى الأمنية حيث تستخدم هذه الجماعات القوة لحماية نفوذها، وعرقلة بناء الدولة إذ ترفض الجماعات المسلحة الخضوع لمؤسسات الدولة الشرعية، وتهديد الانتخابات من خلال فرض الأمر الواقع بالقوة ومنع المنافسين السياسيين من العمل بحرّية.

  • وماذا عن مسارات المصالحة الوطنية ودور ممثل سيف الإسلام القذافي؟

ـ مشاركة ممثلين عن الدكتور سيف الإسلام القذافي في مؤتمر المصالحة يُعدّ تطوراً مهمّاً، فهي تُشير إلى رغبة بعض الأطراف في إعادة إشراك أنصار النظام السابق  أنصار الدكتور سيف الإسلام في المشهد السياسي، ومن أهم النقاط وشروط الممثلين كانت التالي:  

الإفراج عن الأسرى والمعتقلين. 

تسليم جثامين الزعيم معمر القذافي ورفاقه.

جبر الضرر لضحايا جرائم شباط (فبراير). 

عودة المهجرين وضمانات بعدم المساس بهم. 

إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة. 

الدكتور سيف الإسلام القذافي

ولا بدّ أن تكون جميع الأطراف تُعامل على المستوى نفسه، لا يوجد خاسر أو رابح على طاولة مستديرة، بدون دلالات على شباط (فبراير)، أو تمييز مثل العلم والنشيد، والذي هو أحد أسباب الخلاف حتى الآن. 

وأن يكون واضحاً وجلياً أنّ الدكتور سيف الإسلام القذافي هو ممثل أنصار الزعيم معمر القذافي بما أنّه ولي دم. 

  • وما أهمّ المخرجات المتوقعة؟

ـ إعادة دمج أنصار الدكتور سيف الإسلام وأنصار النظام السابق  في العملية السياسية.

وفتح قنوات تواصل بين القوى التقليدية وقوى ما بعد 2011.

ومشاركة أنصار سيف الإسلام في الانتخابات البلدية.

وتمهيد الطريق أمام مشاركة الدكتور سيف الإسلام مستقبلاً في الانتخابات.

  • مع وجود ممثلي سيف الإسلام في الانتخابات البلدية والتعاون مع الأجهزة التنفيذية... ما أهمّ المخرجات والخطوات القادمة تأسيساً على ذلك؟

ـ بالنسبة إلى التقارير عن مشاركة ممثلي سيف الإسلام في الانتخابات البلدية فهي صحيحة، ويدل هذا على محاولتهم العودة إلى المشهد تدريجياً عبر القنوات الرسمية. وبالنسبة إلى التعاون مع الأجهزة التنفيذية في الحكومة فسيكون معقداً، لكنّه ممكن إذا تم بطريقة غير تصادمية، من خلال إيجاد تفاهمات مع القوى المحلية المسيطرة، والعمل عبر الأطر القانونية والدستورية، وتجنب المواجهة المباشرة مع التيارات الرافضة لعودة رموز النظام السابق. وعلى أيّ حال كل هذا يدفعني للحديث عن كون ذلك يعني أنّه تمهيد الطريق أمام مشاركة الدكتور سيف الإسلام مستقبلاً في الانتخابات. 

  • وماذا عن تحركات البعثة الأممية وتشكيل اللجنة الاستشارية؟ وما مآلات وتبعات تدخل البعثة الأممية والقوى الفاعلة؟

ـ تدخّل البعثة الأممية عبر تشكيل اللجنة الاستشارية قد يؤدي إلى أحد السيناريوهات التالية:

1. إعادة إحياء المسار السياسي: إذا نجحت في التوفيق بين الأطراف، فقد تمهد لاتفاق جديد حول الانتخابات والحكومة.

2. زيادة التعقيد: إذا فشلت جهودها، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة في العملية الأممية وتصاعد التدخلات الخارجية المباشرة.

3. تعزيز النفوذ الدولي: القوى الفاعلة مثل الولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا، وفرنسا، ستستغل الموقف لتعزيز نفوذها في ليبيا.

ربما عليّ القول في ختام هذا الحديث: إنّ ليبيا الآن، وفي هذه اللحظة الدقيقة، تقف عند مفترق طرق حاسم، ويتوقف مستقبلها على مدى نجاح الجهود السياسية في توحيد السلطة، وكبح جماح القوى المتطرفة، وإدارة المصالحة الوطنية بشكل شامل، وهذا كله لن يحدث إلا بعد أن تكون هناك حكومة موحدة من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابي ورئيس موحد يستطيع أن يقوم بإخراج القوات الأجنبية وإلغاء الاتفاقيات السابقة التي أسهمت في الانقسام، وهذه ستكون أول خطوة لإجراء الانتخابات حرة. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية